.

بعد انتهاء 30 سنة في الحاكمية.. شللُ المواقع الرسمية يبلغ ذروته

لطيفة الحسيني

 

فراغٌ جديدٌ يطال الموقع الأكثر حساسية في الدولة: مصرف لبنان. في 31 تموز لن يكون رياض سلامة في مكتبه بعد احتلاله لـ30 عامًا. لا خيارات واسعة، بل تكريس لـ”نهج” الشغور المؤسّساتي من رئاسة الجمهورية الى الحكومة والبنك المركزي ولاحقًا قيادة الجيش.

صحيحٌ أن المادة 25 من قانون النقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي توضح ببساطة آلية إشغال منصب الحاكم في حالة انتهاء ولايته من قبَل نائبه الأوّل الى حين تعيين خلف له، إلّا أن تعقيدات وتشعّبات الوضع في لبنان تُبيّن أن الفراغ القادم لن يكون سهلًا وقد يطول الى حين الاتفاق على سلّة حلول تطال كلّ المواقع والقضايا العالقة.

الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي يصف المرحلة التي ستعقب مغادرة سلامة لمنصبه بـ”الإمضاءات”، جازمًا بأنها ستكون عبارة عن تواقيع حصرًا بهدف تسيير هذا المرفق العام الأساسي.

بحسب يشوعي، لا إجماع أو توافق على تعيين بسبب عدم انتخاب رئيس للجمهورية، والحكومة ليس لديها أسماء لامعة تتمتّع بكفّ نظيف لتملأ هذا المنصب.

ويعتبر يشوعي أن رحيل سلامة “ثقيل” ولا سيّما أن ودائع الناس البالغة قرابة الـ 18 مليار دولار فُقدت.

يؤكد يشوعي أنه كان حريًا بنواب الحاكم الأربعة بما أنهم أعضاء في المجلس المركزي للمصرف، أن يعبّروا عن هواجسهم في المرحلة السابقة وليس الآن، بعد أن وقعت المسؤولية على أكتافهم، ويُشير الى أن هؤلاء النواب الأربعة كانوا يستطيعون الاعتراض على تعاميم البنك المركزي والتفريط بودائع الناس وشطبها، وكانوا قادرين فعليًا على تعطيل قرارات سلامة لعدّة أيام وحمله على إعادة النظر فيها والعدول عنها.

ويقول “نواب الحاكم تأخّروا كثيرًا، وقلّلوا من قيمتهم بالهلع الظاهر في سلوكيّاتهم وتحرّكاتهم”، ويوضح أنهم سيُسيّرون الحدّ الأدنى من المسؤوليات المُلقاة على عاتقهم.

من وجهة نظر يشوعي، النواب الأربعة اذا استقالوا من مناصبهم فهم يستهدفون بالدرجة الأولى بهذه الخطوة حماية أنفسهم من أيّة محاسبة قضائية لاحقًا.

هناك من يسأل عمّا اذا كانت صلاحيات نواب الحاكم في ظلّ الشغور بهذا الموقع مُطلقَة أم مُقيّدة؟ يشوعي يُجيب “لا يستطيعون أخذ أيّ قرار، بل عملهم سيكون عبارة عن روتين إداري وتواقيع ليس إلّا”.

ماذا عن سعر الصرف؟ يجزم يشوعي بأنه سيتأثّر حُكمًا في أيلول بعد انتهاء فترة الصيف وتراجع حركة المُغتربين وإنفاق الدولارات، ويتوّقع أن يرتفع كثيرًا، ويقول “أيْ تدهور جديد بالليرة سيضرب الرسوم والضرائب”، ويضيف “لا يمكن مُعالجة التضخّم بالكتلة النقدية بمزيد من التضخّم، والإنفاق بلا حساب سيوصل الى الاستدانة يمينًا وشمالًا”.

وعليه، يرى المتحدّث أن مفتاح الأزمة الاقتصادية والمالية يكون بإعادة ثقة الناس بالبنك المركزي عبر تعيينِ طاقم نزيه يوحي بالطمأنينة لتُعاد الأموال التي هُرّبت من لبنان.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى