إن استئناف العلاقات بين طهران والرياض من وجهة نظري المتواضعة حول هذا التطور التاريخي يجسد مجموعة من النقاط وابينها متتالية :
• الاتفاق مع السعودية انتصار ثالث للقوة العقلانية والناعمة للنظام ودبلوماسیته الذكية بعد قرار العفو القضائي الواسع عن المعتقلين في احداث الشغب والاتفاق مع الوكالة الدولیة للطاقة الذریة.
• الایمان بالعلاج السیاسي للازمات الاقتصادية .
• تمسك الجمهورية الاسلامية بشعار لاشرقية ولاغربية .
• النضج السياسي للصين واعتماد الهيمنة السياسية بدلا من الهيمنة الاقتصادية البحتة.
• ادراك القوتين الاقليميتين الكبيرتين، ايران والسعودية هذه الحقيقة وهي أنه لا يمكن لأي منهما بمفرده زعامة المنطقة والعالم الإسلامي واحلال الامن والسلم فيها.
• يأس السعودية نسبيا من أمريكا بسبب استغنائها عن نفط الشرق الأوسط والتحول إلى وجهات وأهداف جديدة وانکماش هیمنتها فی المنطقة ومواجهة محور المقاومة.
• في النهاية ، لا أعتقد شخصيًا أن هذا التطور حصل من دون تجاوب أمريكي ومن دون ضوء أخضر امريكي للسعودية.
• لا أعتبر هذا الحدث في صالح روسيا ، وأعتقد أن الأمريكيين اختاروا عزل موسكو بدلا من طهران .
• ومع ذلك ، فإن تطبيع العلاقات مع السعودية يعد خطوة مهمة في اتجاه تطویق أزمات المنطقة لكن بشرط ان تستتبعها خطوات أخرى مثل حل الخلافات بين ايران والغرب حول قضايا مختلفة واسئناف المفاوضات النووية وانجاح خطة العمل المشتركة والشاملة .
ماالذي دفع بالسعودیة لهذا الاتفاق مع ایران؟ :
اولا: تحول الحرب في اليمن الى حرب استنزافية والى مستنقع لها تحت الموقف الايراني الداعم لحرکة أنصار الله.
ثانيا: نیة أمريكا الابتعاد عن منطقة الخليج الفارسي بسبب استغنائها عن النفط نظرا لعمليات الاستخراج الكبيرة للنفط بتقنية الاستخراج من مناجم شیل الصخرية.على عكس الولايات المتحدة ، التي تفضل احتياطيات النفط الصخري الجديدة واصبحت في غنى عن توريد النفط من الشرق الأوسط ، أصبح الصينيون أيضًا مصدرًا رئيسيًا ، فهم بحاجة إلى مصادر الطاقة يومًا بعد يوم بسبب النمو الصناعي ، و بالتأكيد لا يوجد مكان آخر غير الخليج الفارسي هو الحل على المدى الطويل فكلما قل الصراع بين عملاقي الطاقة في هذه المنطقة ، زاد أمن نقل الطاقة.
ثالثا: تعرض مضيق باب المندب ومضیق هرمز للخطر باعتبارهما الممر الرئيسي والحلقوم الاقتصادي للسعوديين.
رابعا : وجود عشرة في المئة من السكان الشيعة في المملكة العربية السعودية وتقاربهم القوي مع الإيرانيين بسبب الانتماء المذهبي .وينسحب هذا على العراق أيضا ولكن على مقياس أكبر.
خامسا: التقارب الطفيف للسعودية من روسيا وربما ان سبب عدم وجود دعم رسمي سعودي لأوكرانيا هو من أجل التسوية مع الروس لعدة أسباب منها سوق الطاقة والمواجهة الناعمة مع أمريكا.
سادسا : قرار السعودية التقرب من سوريا بعد استقرار واستمرا حكومة الرئيس الأسد.
سابعا : خلافًا للاعتقاد السائد ، يعتقد السعوديون أن لديهم أسلحة متطورة جدًا ، لكن الغربيين لم يعطوهم أسلحة استراتيجية مثل الصواريخ بعيدة المدى لسنوات عديدة بسبب قضايا حقوق الإنسان والأمن ، وصواريخهم القليلة طويلة المدى مصنوعة في الصين قبل سنوات والآن السعوديون يطلبون أسلحة غير تقليدية من الصين .. الصينيون يؤكدون للإيرانيين أن هذه الأسلحة لن تستخدم ضد إيران. من المستبعد ألا يكون الاتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاتفاقية الجديدة مع السعودية مصحوبة بضوء أخضر من الأمريكيين. يبدو أن الأمريكيين يفضلون إيران الأخلاقية على روسيا المتحاربة بعد يأسهم التام من بوتين واقتناعهم باصراره علی مواصلة الحرب ضد أوكرانيا.
• وعلى الجانب الإيراني ، هناك أسباب عديدة ترتبط بمشاکل ومصالح الطرفین السعودی والایرانی ، قد تكون مبنية على تكهناتي الخاصة يمكن حصرها فیما يلي :
أولاً: قبول حقيقة استنزافیة الحرب بالوكالة وعواقبها الاقتصادية والسياسية الضارة.
ثانيا: عدم الانخراط في عدة جبهات مفتوحة بشكل خاص واهمها جبهة اسرائيل وجمهورية باكو في شمال غرب إيران.
ثالثا: قبول حقيقة طاعة العديد من الدول العربية وخاصة في الخليج الفارسي للسعودية ، واعتقادها أن السعودية هي المحور الديني للعالم السني وأم القرى.
رابعا: مشاكل اقتصادية واجتماعية خطيرة وتأجيج جزء من الاحتجاجات في الأشهر القليلة الماضية من قبل شبكة اینترناشیونال ولابد من كبحها بعد تحسين العلاقات.
خامسا : فتح سوق العملة والسلع للخليج الفارسي والتحرر من ضائقة العقوبات وتحسین العملة الوطنیة.
سادسا : ضبط واحتواء الأحزاب والجماعات الانفصالية والتکفیریة والعرقية في جنوب شرق إيران
سابعا : الاطلاع على فتور وبرود العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة للأسباب المذكورة أعلاه
ثامنا : السيطرة والاحتواء الذكي للعلاقات المتنامية بين السعودية وإسرائيل .
