.

جريمة كييف بتفجير سد كاخوفسكايا.. الأهداف والعواقب

تعرّض سد محطة كاخوفسكايا لتوليد الطاقة الكهرومائية الضخم والواقع في مدينة نوفا كاخوفكا بمقاطعة خيرسون، فجر اليوم الثلاثاء (6 حزيران 2023)، للقصف، ما أدّى إلى تدمير أجزاء منه وتدفق المياه بكميات ضخمة تهدد المناطق الواقعة عند مجرى المياه.

وبالرغم من وقوع السدّ الضخم في مقاطعة خيرسون، فإنّ السلطات الأوكرانية سارعت إلى التبرؤ من استهداف السد وإلقاء التهمة على القوات الروسية في حين أكّد رئيس إدارة مدينة نوفا كاخوفكا فلاديمير ليونيف أن القوات الأوكرانية هي التي قصفت السد.

وأدّى القصف إلى أضرار كبيرة في البنى التحتية، وارتفاع في منسوب نهر دنيبر في المنطقة، فيما يُنتظر انكشاف أضرار أخرى أكثر خطرًا وتأثيرًا على المنطقة المنكوبة. وعليه، يبقى السؤال الأساس: ما الكوارث التي يهدّد بها انهيار هذا السد؟

سد كاخوفسكايا يبلغ طوله الإجمالي أكثر من 3.8 كيلومترات، ويحتوي على خزان كاخوفكا بحجم 18.2 كم٢، وهو أكبر خزان على نهر الدنيبر، ويمثل في الوقت نفسه المصدر الرئيسي لإمدادات المياه للجنوب بأكمله.

ووفقًا لوسائل الإعلام الروسية، يسعى الجيش الأوكراني من خلال تنفيذ هذا التفجير إلى عدة أهداف في وقت واحد، لعل أبرزها هو التدمير الفعلي ومقتل مئات الآلاف من السكان المدنيين الذين أعربوا عن رغبتهم في الانضمام إلى الأراضي الروسية، من خلال الاستفتاء على انضمام منطقتي خيرسون وزابوروجيه إلى روسيا. فقد أصبحت منطقة نهر الدنيبر الآن جزءًا من الأراضي الروسية، وبالتالي أصبح موقف “القوميين الأوكرانيين” تجاه تلك المنطقة وشعوبها عدائيًّا.

وتسعى كييف إلى فصل الضفة اليمنى من النهر، من أجل أن تسيطر أوكرانيا على الضفة اليسرى التي تسيطر عليها روسيا، ومنع إقامة أي معابر عائمة أو أي معابر أخرى، لا سيما بعد تدمير كافة الجسور التي تربط بين الضفتين خلال الأشهر الماضية.

وتحدثت وسائل الإعلام الروسية عن وجود معلومات أولية حول استعدادات سابقة لنظام كييف لهجوم صاروخي ضخم على محطة كاخوفسكايا لتوليد الطاقة الكهرومائية في 18 آب/أكتوبر الماضي، حيث صرّح حينها قائد القوات الروسية في منطقة العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا الجنرال سيرغي سوروفيكين قائلًا: “تلك الأعمال يمكن أن تؤدي إلى تدمير البنية التحتية للمراكز الصناعية الكبيرة، وإلى خسائر فادحة في صفوف المدنيين”.

وتعتبر محطة الطاقة الكهرومائية “هدفًا جيّدًا” من أجل استهدافها من قبل القوات المسلحة الأوكرانية، بعد أن دمرت الصواريخ والقذائف التي تطلقها السكك الحديدية وجسور الطرق على السد منذ عام مضى.

وتقع المحطة ضمن نطاق قذائف المدفعية والصواريخ الموجهة من طراز هيمارس الأميركية الصنع، وفي حال تدمير جزء من السد، فسوف تنطلق المياه بكميات ضخمة بضغط هائل لتجرف الموجة منطقة “غولايا بريستان” بأكملها، وسترتفع المياه ما ينذر بكارثة صحية، وسيتعين على السلطات المحلية إما إجلاء ما يصل إلى عشرات الآلاف من السكان المحليين أو مكافحة العدوى وغيرها، ناهيك عن الصعوبات التي يمكن أن تظهر في فصل الشتاء.

وتنتظر العواقب الأسرع والأكثر كارثية سكان المناطق الواقعة أسفل مجرى النهر، حيث سيؤدي التدفق السريع للمياه إلى كسر حواجز المياه على طول القرى، ولن تتمكن خدمات الطوارئ من التعامل بسرعة مع عواقب الكارثة في ظروف الأعمال العسكرية، وإذا انحسرت المياه في اتجاه مجرى نهر الدنيبر، لن يعود مستوى المياه في الخزان إلى المستوى القديم لسنوات، حتى لو تمت استعادة السد على الفور.

ويسبب التفجير عدة مشكلات صحية، كما هناك مخاطر فنية كبيرة، حيث أن نظام التبريد في محطة زابوروجيه للطاقة النووية يعتمد على مياه الخزان، والحاجة هنا كبيرة للغاية، بحيث لا يمكن للآبار المحفورة على الفور حل المشكلة. إضافة إلى أن الحفر لا بد وأن يكون أعمق من المعتاد، حيث سينخفض مستوى مياه الآبار مع انخفاض مستوى المياه في الخزان. وتجدر الإشارة إلى ما يمكن أن يمثله ارتفاع درجة حرارة المفاعلات النووية لأكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، والتي تضم داخلها 6 مفاعلات نووية، وهو ما يمكن أن يمثل حادثًا أخطر بكثير من عواقب الضربة النووية.

ويتم تغذية قناة شمال القرم من خزان كاخوفكا، وهي القناة التي كانت أوكرانيا قد أغلقتها حتى لا يحصل أهالي القرم على المياه، وفتحتها مجددًا القوات الروسية، ويعني خفض منسوب المياه بمقدار 5-8 أمتار ترك عدة ملايين من الأشخاص بدون مياه عذبة.

وحول عواقب الجفاف في الإقليم، فإن الجنوب يعتمد بشكل كبير على الري من مياه خزان كاخوفكا، وهو المكان الذي تعيش عليه الزراعة في منطقة قاحلة بشكل أساسي. وتنبع قناة كاخوفكا التي يبلغ طولها 130 كيلومترًا من الخزان، وهي مفتاح نظام الري في جنوب منطقة خيرسون. وبالنتيجة، سيشعر مئات الآلاف من الناس بالتأثير السلبي للجفاف.

ويؤدي تدمير السد والانخفاض اللاحق في منسوب الخزان إلى كارثة إنسانية حتى في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة كييف. على سبيل المثال، تنبع قناة كريفوي روغ من هذا الخزان أيضًا، وهذا موطن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي الذي يبلغ عدد سكانه 600 ألف نسمة. وحتى لو لم تكن تلك القناة هي المصدر الرئيسي للمياه في المدينة، فإن نقص المياه قد يتسبب في هجرة سكان المدينة، كذلك ستصبح مآخذ المياه في تجمع نيكوبول الذي يزيد عدد سكانه عن 300 ألف نسمة، والواقع على الضفة اليسرى للخزان، ضحلة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى