من الخصائص الانسانية الانسانية للبعثة النبوية الشريفة
بقلم
الشيخ توفيق حسن علوية
كانب وباحث من لبنان
كل خير وجمال ومنفعة تجده في القران المجيد ، وتجده في اصول وفروع البعثة النبوية الشريفة التي جعلها الله المتعال على يد الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله وسلم ، ويأخذ القران المجيد تشريعا بيد الانسان بقيادة محمد وال محمد عليهم الصلاة والسلام للعيش في كل خير وجمال .
ان القران المجيد هو المصدر الاساسي للاسلام ، وكل شيء في الاسلام مرجعه الى القران المجيد ، ورسالة الاسلام النابعة من القران المجبد والتي ينطق عنها محمد وال محمد عليهم الصلاة والسلام هي رسالة سمحاء سهلة متوافقة مع الفطرة والعقل والعلم والحياء وهي تتمتع بميز عديدة ومنها اصالة الرحمة ، فكل هذا الوجود مغمور بالرحمة الالهية من لباس الوجود مرورا بلباس الجود وصولا الى لباس الخلود ، فهذه الالبسة الثلاثة – إن صح التعبير – تدل على اصالة الرحمة الالهية التي يعتبرها الاسلام اصلا اصيلا وركنا ركينا وعمادا ثابتا ومدماكا راسخا في صلب الرسالة الاسلامية .
ان الله المتعال البسنا لباس الوجود بعدما كنا في كتم العدم من باب الرحمة والتفضل ، ولو كان امر الايجاد بيد غيرنا لأبقونا في كتم العدم ولبخلوا علينا بهذه النعمة الكبرى ، ومن مظاهر الرحمة الاخرى بعد نعمة الوجود هناك نعمة الجود ، فللانسان في الاسلام حق الطعام والشراب واللباس والدفء والزواج وقضاء الشهوات المحللة والسكن والعمل والاستشفاء والاستقلال والامن والرفاه والعلم والراحة والاستقرار وحرية التنقل وغيرها ، وكل هذه الامور هي من الجود الالهي الذي ينبغي وصوله الى كل احد ، وما نراه عكس ذلك الان انما هو بسبب السرقة والاحتكار والنصب والاحتيال والربا والغش والغداع والبطش واستخدام القوة والاغتصاب والاستكبار والاستعمار والعنصرية ، ومن مظاهر الرحمة ايضا نعمة الخلود ، فالانسان متى حاز على نعمة الوجود صار من الخالدين والموت انما هو عملية انتقال الى عالم اخر ، قد يقول قائل ماذا تقول ان كان الخلود في النار ؟ وللجواب نقول : ان الاصل هو الخلود في الجنة . وانما الخلود في النار هو بسبب شقاء العبد وخروجه من ربقة الانسانية الى ظلمة اللاانسانية . بل ان النار مطهرة للذنوب والمعاصي .
ان كل شيء بنظارة الاسلام تشمله الرحمة الالهية ، الرزق والصحة والامان وحب الابوين لولديهما وحب الطيور والحيوانات لصغارها والطعام والشراب والاشجار والثمار والاراضي والماء والهواء والعبادات ووو… كل هذا رحمة من الله . وكل شيء غير هذا انما هو بسبب سوء اختيار الناس وبسبب سوء استخدامهم لهذه النعم .
ومن هذه المميزات اصالة الانسانية ، فنحن عندما نصف النبي صلى الله عليه واله وسلم بالوصف العالي نقول : الانسان الكامل ، فالانسانية ينبغي لحظها ومراعاتها في الاسلام بسائر الوضعيات والظروف ، فمثلا كل انسان له حق الهداية ، وكل كبد له حق الطعام والشراب فإن ( الاكباد حرى ) . لاحظوا الاحاديث عن الكبد الحرى مختلفة الالفاظ ! كل كبد له حق في الاسلام حتى لو لم يكن انسانا ، وممنوع في الاسلام مواجهة الفطرة الانسانية والتضاد معها ، وممنوع في الاسلام تحميل اي احد اي مسؤولية الا مع العلم ، وممنوع تكليف الناس بما لا يطاق ، وحرمة الدم والمال والعرض مصانة ، وتبقى الاصول الانسانية محفوظة حتى في حالات الحرب ، فعدم الاجهاز على جريح من المسلمات ، وإطعام الاسير من المسلمات ، فمن الامثلة مثلا عدم قبول الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم بالتفريق بين احد الاسرى مع اخر للرحم الجامعة بينهما ، وامير المؤمنين عليه السلام امر باطعام قاتله قبل استشهاده ، وهكذا رفض الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم تسميم المياه للاعداء ، والامام السجاد عليه السلام اجار وآوى عائلة مروان بن الحكم بالرغم من غدره بامير المؤمنين عليه السلام وطلبه من والي المدينة بقتل الحسين عليه السلام ، وشماتته بقتل الحسين عليه السلام ، وهكذا . ومن المميزات اصالة الحرية ، ففي الاسلام الحرية اصل اصيل ، فمن يقول ان الانسان ممنوع ان يكون عبدا طالما ان امه ولدته حرا هو مخطئ جدا ، لان هذا القول يفسح المجال للقول بأن امه مستعبدة فولدها من العبيد وليس حرا ، والصحيح ان الله المتعال خلقه حرا فلا استعباد للام من رأس ، واصالة الحرية في الاسلام تعني كل الحريات ، وهي حريات مطلقة وغير مقيدة البتة ، ومن يضع قيودا للحرية هو يقصد تبدل مفهوم الحرية الى مفهوم اخر هو الفساد ، فهنا صار فسادا ولم يعد حرية .
ان الحرية في الاسلام قيمة وليست حقا ، والقيمة لا تقبل الاسقاط كما الحق ، فأنت لديك مال وهو حقك من الممكن ان تعطيه لغيرك من باب الإسقاط ، بينما هذا ليس مسموحا بالمطلق في الاسلام بالنسبة للحرية فلا يحق لك اعطاء حريتك لاحد .
ومن المميزات اصالة العزة ، فمن غير المسموح جعل النفس في دائرة الذل في الاسلام ، والعزة قيمة من القيم كالحرية وممنوع التنازل عن هذه القيمة ، وكلمات الحسين عليه السلام تطرق اسماعنا دائما بإزاء الموقف من الذل .
ومن المميزات أصالة السلم ، فالسلم هو الاصل في الاسلام والجهاد في سبيل الله المتعال انما هو لافشاء السلام والمحبة . وبتعبير علمي : الجهاد انما هو لازالة الموانع . فهناك من يريد قتل الحياة والجهاد وظيفته ازالة مانع القتل ، وهناك من يريد اغتصاب الارض والجهاد وظيفته ازالة مانع الاغتصاب ، وهناك من يريد انتهاك العرض والجهاد وظيفته ازالة هذا المانع ، وهناك من يريد منع نور الاسلام من الدخول الى عقول وقلوب الناس والجهاد وظيفته ازالة هذا المانع من الهداية ، وهكذا .
وهناك مميزات كثيرة منها افشاء السلام ، وتعميم الحب ، ونشر البر والاحسان ، وتقوية المشاعر والعواطق وترسيخها ، وخدمة الناس وقضاء حوائجهم ، وتعاهد الجيران ، ونصرة المظلوم والوقوف بوجه الظلم ، والاهذ باسباب العلم وطرد الجهل ، وغير ذلك ، وإن شئت قلت : العبادة لله المتعال تارة تكون عامودية من قبيل الصلاة ، وتارة اخرى تكون افقية من قبيل الصدقات والهبات والاانفاق وقضاء حوائج الناس ، والرسالة الاسلامية السمحاء تجمع بينهما وتطالب بكليهما لتحقيق اقصى مظاهر الرحمة الالهية المتمثلة بالبعثة النبوية الشريفة ، والتي منها السلام والعدل والانسانية والحب والحرية والامان والاطمئنان والرزق والاستقرار والصحة والرفاهية والفرح والاخلاق الحسنة وما اشبه وناظر .