في ندوة للمستشارية الثقافية الايرانية الاباتي ضو إبتعاد البشر المعاصر عن الله سبب إنتشار فيروس کورونا

أکد الأمين العام للجنة الأسقفية للحوار الإسلامي المسيحي في لبنان، “الأب أنطوان ضو”، أن ضعف الإیمان بالله هو سبب تفشي فیروس کورونا المستجد، مؤكداً أن إبتعاد البشر المعاصر عن الله هو سبب إنتشار هذا المرض.

وقال “الأب أنطوان ضو” لدی مشارکته في الندوة الإلکترونیة حول موضوع “کورونا: جدلية العقل والإیمان” ان سبب تفشی فیروس کورونا لیس الله سبحانه وتعالی إنما هو البشر الذي إبتعد عن الله.
وأقیمت هذه الندوة العلمية الإلکترونیة فی العاصمة اللبنانیة بیروت برعایة المستشاریة الثقافیة الإیرانیة لدی لبنان، وذلك لمناقشة فیروس کورونا من منظور فکری وتأثیر هذا الفیروس علی الإیمان والعقل والدین.
وشارك فی الندوة کل من المستشار الثقافی الإیرانی لدی لبنان “عباس خامه یار”، ورئیس معهد “المعارف الحكمية” للدراسات الفلسفیة والدینیة الشیخ “شفیق جرادي”، والمدرس فی الحوزة العلمیة في قم المقدسة الشیخ “أحمد مبلغي”، و الأمين العام للجنة الأسقفية للحوار الإسلامي المسيحي في لبنان، “الأب أنطوان ضو”، ومدير عام الأوقاف في دار الافتاء اللبنانية سابقاً “الشيخ هشام خليفه”، المنسق العام لجبهة العمل الإسلامي في لبنان سماحة الشيخ الدكتور زهير عثمان الجعيد، و منسق حوار الأديان في لبنان وعضو الأكاديمية الحَبرية المريمية العالمية سماحة السيد علي السيد قاسم، والباحث والمفكر المغربي “ادريس هاني”، والباحث الفلسطيني “مصطفى يوسف اللداوي”، عدد آخر من المفکرین والعلماء.

وأكد المشاركون في الندوة أن الإيمان علاقة روحية للعبد بربّه، وعلى الإنسان أمام هذا الوباء الذي أصاب أكثر من مليوني شخص بحسب آخر التقديرات، أن يؤمن بيقين وعقيدة في مواجهة هذا الفيروس.
وطرحت الندوة التي شارك فيها أكثر من 50 شخصاً من الباحثين والمفكرين، عبر تطبيق زوم للمحادثة عن بعد، تساؤلات حول كورونا، إن كانت ستجعل العالم يقبل على قيم وأنظمة مغايرة، أو ربما يتوجه العالم إلى إعادة قراءة الفكر العقلاني والحداثة الغربية، ومن كان يتصور أن يتخبط الغرب السياسي أمام هذا الفيروس.
وقال عباس خامه یار خلال الكلمة التي ألقاها في هذه الندوة ان النزاع بین العقل والإیمان بدأ منذ فجر التأریخ وکان فی جمیع الأعصار.
وقال ان فلاسفة العقل لا یقبلون بالأدلة المنطقیة والمعتقدات الدینیة أو الإیمانیة دون إستنادات عقلیة وبالمقابل أتباع الطبیعة یثبتون ویرفضون الإیمان بالإستقراء أو الإستدلال.

وأضاف خامه یار ان العالم منذ فترة إنقسم فی مناقشة موضوع العقل والإیمان متسائلا ما هی النتیجة؟ وهل العلاقة بین العلم والإیمان علاقة بین شیئین منفصلین؟وأکد المستشار الثقافی الإیرانی لدی بیروت ان الإنسان أضعف من أن یتخلی عن إیمانه وعقیدته مستندا الی قول “شلایر ماخر” ان الحیاة دون إیمان تصبح فارغة من أي فحوی.
وبدوره سماحة الشيخ أحمد مبلغي الأستاذ في الحوزة العلمية في مدينة قم، اقترح وانطلاقاً من أهمية العقل العبودي، تشكيل يوم عالمي للدعاء من قبل جميع الأديان المختلفة، وقد وعدت المستشارية الثقافية الإيرانية في بيروت بتبني طرح هذه الدعوة.
الشيخ مبلغي أضاف إنه في هذه الكارثة المَرَضيّة التي يعاني منها العالم كله، لوحظ عدة مرات، أن أتباع بعض الديانات المختلفة جاءوا وصلوا وتضرعوا أمام ربهم، في مجموعات وبشكل جماعي.
وعليه، يجب اعتبار هذه الظاهرة مهمة جداً. يجب على علماء الأديان المختلفة، التفاعل بشكل إيجابي وفعال مع هذه الظاهرة.
الشيخ مبلغي شدد على أنه حتى لو كان من الممكن لجميع علماء الأديان المختلفة، الإتفاق على جعل يوم واحد في العالم للصلاة بحضور إله هذا العالم وإله الأديان، لزوال هذا البلاء العام والعالمي، والإعلان للعالم كله، فإن مثل هذا اليوم يوم للصلاة أمام الله سبحانه، ففي المنطق الديني، هذا الدعاء ثمين جداً، وهذا التنشيط لعقل العبودية قيم جداً، خصوصاً إذا حدث بشكل مشترك بين جميع الأديان.
وختم كلامه بالتأكيد على ضرورة تشجيع جميع المتدينين من مختلف الديانات، وخاصة علماء الدين أتباع الديانات على تشكيل برنامج صلاة عالمية متناغمة عالمياً أمام الله تعالى في هذا اليوم لزوال هذا البلاء، وأنه إذا حدث هذا الدعاء الجَماعي والأدياني بشكل متناغم في العالم، فسيكون له تأثير أكبر على تعزيز الروحانية في العالم، وستظهر وستنزل رحمة إله هذا العالم على هذا العالم، وتنتهي الأزمة بلطفه، وهذا بالضبط ما يحبه الله تعالى من عباده.
وتحدث فی هذا الحوار، الأمين العام للجنة الأسقفية للحوار الإسلامي المسيحي في لبنان، “الأب أنطوان ضو” قائلاً: ان فیروس کورونا لایزال مجهولاً ولا نعرف ما اذا کان مصدره بشریاً أو حیوانیاً ولیس ذلك مهم أصلاً لأن المشکلة تکمن فی ضعف إیمان البشر.
وأردف قائلاً: ان ما یجب التأکید علیه هنا أن هذا الفیروس لیس غضباً إلهیاً کما یزعم البعض لأن الله سبحانه وتعالی لایؤذی عباده إنما یرحمهم وینجیهم وبالتالی فإن الله سبحانه وتعالی لیس منزل هذا الفیروس إنما السبب وراء هذا الفیروس هو الإنسان الذي ضعف إیمانه.
وإستطرد قائلاً: اننا نعیش حضارة تبعد البشر من الله سبحانه وتعالی ومن القیم. وعلینا العودة الی الله سبحانه وتعالی والوقوف علی أن الحیاة دون العودة الله لیست ممکنة وأن الإنسان هو خلیفة الله فی أرضه.
وختم كلامه بالقول: الآن هذه الكارثة تحلّ بالبشرية كلها وبالعالم كلّه ولم تستثن أحداً. الموضوع الآن كيف نعيد البناء بهذا الطاقم السياسي العالمي، الذي يصنع الحروب ويصنع الويلات ويجوّع الناس ولا يحترم العدل والعدالة، نحن نريد أولاً إعادة البناء بأشخاص متنزهين بقيم هي قيم ثابتة لا يمكن أن نتخلّى عنها، قيم الدين، قيم الله تعالى الذي أمرنا بها، وقيم الإنسانية وقيم الأخلاق. بهذا نستطيع أن نتغلب على الكورونا، وإلاّ إذا بقينا على ما نحن عليه فإن كورونا وأخواتها سيأتون إلينا ويدمروننا أكثر فأكثر.
وبدوره، هنأ ورئیس معهد “المعارف الحكمية” للدراسات الفلسفیة والدینیة الشیخ “شفیق جرادي” المسلمين بمناسبة حلول شهر رمضان والمسيحيين بمناسبة حلول عيد الفصح، قائلاً: إن الأحداث التي حدثت تثير التفكير بشدة، مشيراً الى أن الوباء الذي اجتاح العالم اليوم وأطلق عليه اسم “كورونا”، قد وضع الكثير من الضغط على العالم لدرجة أنه تحدى جميع الأنظمة التي تحكم العالم وقوانينه وجميع القوى العالمية وكل ما لديها.

فاعتبر «أننا اليوم أمام حالة جديدة، عنوانها، الخروج عن الأجوبة التي تحمل طابعاً شكلياً. على سبيل المثال، لو أردنا أن ندرس التيارات الفكرية التي تقدم نفسها في هذا العالم، للأسف الشديد، خاصة في العالم الثالث عالمنا العربي، أكثر ما نهتم به هو أسماء هذه المدارس وأسماء هذه التيارات، دون أن ندخل إلى العمق فيها، وإن كانت تشبهني أقبلها، وإن لم تشبهني من حيث الشكل فإني أرفضها، وتنتهي المسألة عند هذا المصطلح .

أضاف جعيد «وبدأنا نرى على مواقع التواصل الإجتماعي كيفية الإستهداف، هذا الفريق يستهدف الفريق الآخر وهذه الدولة تستهدف الدولة الأخرى، وبدأت تصفية الحسابات السياسية، من خلال هذا المرض، بدلاً أن يكون دعوة للتوحد ودعوة للتوافق ودعوة للتناصر والوقوف إلى جنب بعضنا البعض، لأن هذه الجائحة كانت تجتاح العالم ككل، واليوم بعد كل هذا نجد أن المرض يضرب في كل مكان، وفي كل زاوية من هذا العالم كل العالم».

أضاف اللداوي «حديثنا في هذه الندوة هو عن العقل والايمان ، العقل الذي ينسجم مع الفطرة ، ينسجم مع المعرفة، ينسجم مع الثقافة ، الكلّ في هذه الازمة بلا شك قد لجأ الى الروح، قد لجأ الى الايمان، قد لجأ الى الله سبحانه وتعالى، الى الخالق كي يخرج من هذه المحنة، لانّه ادرك أنه مصاب بها لامحالة، هذه المحنة تطال الجميع، ولهذا لجأ الكلّ الى الله سبحانه وتعالى، لكن هذا اللجوء قد اختلف، نحن نتحدث عن الدين، أيّ دين هذا، أنا لأدعو ولا أبخسّ بدين بلا شك، لكنني أقول أن الدين الذي يخاطب العقل وينسجم معه ويحافظ على الإنسان وحياة الإنسان، هو الذي يجب أن نتبعه».

وتقدم سماحة السيد قاسم باقتراح يتضمن تكريس خطاب سماحة السيد القائد الامام الخامنئي دام ظله الشريف في حديثه عن جائحة كورونا ، وجناب قداسة بابا الفاتيكان الذي ادلى به في عيد الفصح المجيد ، هو لنجعل من هذين الخطابين دروسا وعبر في مواجهة هذه الجائحة ، ومنها ما تفضل به قداسة الفاتيكان في خصوص الغاء الديون عن المديونيين والشعوب المستضعفة ، والغاء بعض التفاصيل المتعلقة علد مستوى العقوبات ، منها العقوبات التي تقف في وجه الجمهورية الإسلامية.

وأضاف هاني « المشكلة التي حصلت قبل كورونا بفعل الطغيان والاستكبار والحصر المعرفي، اننا اضعنا الكثرة والوحدة حقيقة، واضعنا الموجود ودخلنا في طور اوفي نسيان الوجود. وبالتالي كنا في وضعية معلقة، هنا يأتي مكر الطبيعة، لكي يربك كل أشكال المكر ألاخرى،و سماحة الشيخ تحدث عن قضية التاريخ والمكر ومن هذا القبيل ، انا اقول بان الرأسمالية التي تؤطر هذه المرحلة وصلت إلى الباب المسدودة وتعاند، وهي في إطار القصور الذاتي ويفترض ان تسقط منذ زمن، ولكن كونها لم تسقط، لانها تعاند وهي في الحقيقة لا تشكل نمطا تاريخيا اليوم، انتهت وظيفتها، العالم االن يتمخض لميلاد نمط جديد، فليكن تركيبي لا يهم، المهم ان الاستكبار والظلم انتهى، سيوجد نسق آخر، قد لايكون مثاليا جدا جدا، ولكن نسق دورة أخرى من الحياة».