.

داعمو فرنجية يثبّتونه وأوساط جنبلاط «تنعى» أزعور.. «المتقاطعون» فشلوا في امتحان الـ65

تركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الخميس (15 حزيران 2023) ومقالاتها الرئيسية على مجريات الجلسة الـ12 لمجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وما حملته من مفاجآت وخيبة أمل لفريق “التقاطع” الذي لم يصل بمرشحه مجتمعًا ورغم كل حشده إلى حدّ توقعاته.
البناء: بري يتحدى العقوبات ويربح عليها جولة سيادة… ويفاجئ بمهارة إدارته معركة فرنجية 

في السياق رأت “البناء” أنه لم تكتمل فرحة نواب القوات اللبنانية وتهليلهم للتلويح بالعقوبات الأميركية على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، التي نسبوا إليها دعوة الرئيس بري الجلسة الانتخابية، بعدما تسرّب عن التلويح بالعقوبات إذا لم تنعقد الدورة الثانية بسبب تعطيل النصاب ومشاركة كتلة التنمية والتحرير في تعطيله، فتحدّى بري التلويح بالعقوبات بموقف سيادي وربح الجولة، بينما سجلت له مصادر سياسية ودبلوماسية نجاحه في ظروف التجاذب القاسي الذي سبق ورافق الجلسة الانتخابية مهارته في هندسة التصويت لصالح المرشح سليمان فرنجية من جهة، ومهارته في تجاوز المطبات التي كانت الجلسة معرضة للوقوع فيها من جهة موازية، بينما حلّ التوتر على نواب الفريق المتقاطع على التصويت لصالح أزعور بعد الحديث عن بلوغ الـ 67 صوتاً في بوانتاج الأمس، والضغوط التي مورست على النواب بذريعة أن الفوز قريب والأمر يتوقف على صوت، فجاءت النتيجة المخيّبة تشعل الغيظ والغضب، ويجري الحديث عن تحقيقات يُجريها أركان التقاطع لمعرفة مصدر الخيبة.

في حصيلة نتائج الجلسة الانتخابية تحدثت مصادر نيابية عن مجموعة أرقام قالتها الجلسة، الأولى أنه لو بقي النائب السابق وليد جنبلاط على موقفه المحايد، لنال فرنجية الرقم ذاته الذي ناله أزعور أي 51 لكل منهما، ولو بقي على التزامه الضمني السابق بالتصويت لفرنجية لكانت انقلبت النتيجة 59 فرنجية و51 أزعور، أما لو بقي التيار الوطني الحر على تموضعه الأصلي الذي يضمّ حزب الله وحلفاءه ومنهم فرنجية لكانت النتيجة لصالح فرنجية 75 صوتاً، إذا احتسبت أصوات جنبلاط، أما إذا أضيفت أصوات لبنان الجديد التي يمكن أن تصوّت لصالح فرنجية بمجرد تبلور ظرف إقليمي مساعد، فترتفع حظوظ فرنجية الى رقم الـ 83، ما يعني أنه دون تصويت التيار لصالحه يبقى بأصوات جنبلاط والاعتدال قادراً على الفوز بـ 67 صوتاً.

في الحصيلة أيضاً وفقًا لـ”البناء” أن الـ 51 صوتاً لصالح فرنجية جاءت نتيجة تصويت 27 نائباً شيعياً، ما يعني نيل فرنجية 24 صوتاً من النواب السنة والمسيحيين، ويظهر احتساب توزّع أصوات السنة أنه نال منهم 12 صوتاً، بينما نال منافسه أزعور 6 أصوات فقط، منها ثلاثة فقط بالأصالة هي أصوات وضاح الصادق وأشرف ريفي وفؤاد مخزومي، بينما تضاف إليها أصوات بلال عبدالله الاشتراكي، والنائبين ياسين ياسين وإبراهيم منيمنة اللذين وصفا التصويت له بتجرّع السم، وبقي تسعة نواب سنّة خارج الاصطفاف ستة منهم في التصويت للبنان الجديد وثلاثة منهم صوّتوا لصالح زياد بارود، وهكذا يكون فرنجية نال 39 صوتاً من السنة والشيعة مقابل ستة فقط لصالح أزعور منهم اثنان صرّحا أنهما تجرّعا السم. وهذا يكشف ان الشحن الطائفي الذي مورس بوجه فرنجية تحت عنوان الاستنهاض المسيحي لم ينجح بحرمانه من تأييد 12 صوتاً مسيحياً، لكنه وفّر له دعم 12 نائباً سنياً إضافة للـ 27 صوتاً شيعياً، فيما الموقف الاشتراكي والدرزي ضمنه يبقيان على غير اصطفاف تصادمي، رغم تصويتهما لصالح أزعور.

وأشارت الصحيفة إلى أن الجلسة الثانية عشرة التحقت بالجلسات الإحدى عشرة التي سبقتها من دون انتخاب رئيس للجمهورية، ولم يستطع فريق المعارضة والحزب الاشتراكي والتيار الوطني الحر مع كل الحشد الإعلامي والسياسي والتهويل والدعم الخارجي والضغوط السياسية والمالية على مجموعة من النواب، تأمين 65 صوتاً لانتخاب الوزير السابق جهاد أزعور. وإن مرّت الجلسة بسلاسة من دون سجالات وإشكالات باستثناء غموض «الصوت الضائع» الذي تبين أنه مغلّف فارغ، لكنها حملت مفاجآت لم تكن في حسبان فريق المعارضة و»التيار»، لجهة تقلص الفارق بعدد الأصوات بين أزعور الذي نال 59 صوتاً فقط، مقابل 51 صوتاً لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية بعدما توقعت المعارضة أن ينال 43 صوتاً، الأمر الذي يخرج أزعور من السباق الرئاسي رغم ادعاء فريق المعارضة بقدرتهم على تأمين أكثرية الـ 65 لانتخابه رئيساً في الدورة الثانية. فيما أثبت الثنائي وفريقه السياسي امتلاكه ثلث المجلس النيابي وقدرته على تعطيل جلسة الانتخاب وبالتالي عجز الفريق الآخر على انتخاب رئيس من دونه في أي جلسة مقبلة.

ووفق معلومات «البناء» فإن الضغوط السياسية والمالية على عدد من النواب المستقلين استمرّت حتى فجر الأربعاء للتصويت لأزعور.
وتساءلت مصادر الفريق الداعم لفرنجية: لماذا لم يستطيعوا تأمين 65 صوتاً لأزعور في الدورة الأولى طالما يدّعون قدرتهم على ذلك في الدورة الثانية؟ ولفتت المصادر لـ«البناء» الى أن «النتائج أثبتت بأن فريق «التقاطعات» فشل فشلاً ذريعاً بإسقاط فرنجية أولاً بتقليص عدد أصواته الى حدود الـ40، ورفع عداد أزعور الى ما فوق الـ60 ليكون هذا الفارق الكبير الذريعة للتصعيد وفرض أزعور وإحراج الثنائي وإخراج مرشحهم من السباق، لكن الذي حصل هو العكس تم تثبيت حضور وقوة فرنجية وأنه يحظى بكتلة نيابية ثابتة وصلبة مع تزايد احتمال زيادة هذا العدد بانضمام كتل معينة صوتت لأزعور أو نواب من الاعتدال الوطني والمستقلين ليصل الى الـ 65 صوتاً، في المقابل الرقم الذي ناله أزعور هو السقف الأعلى فضلاً عن أن أزعور هو المرشح الوحيد الممكن التقاطع عليه بين أطراف المعارضة والاشتراكي والتيار والتغييريين». وتساءلت المصادر: «هل يستطيع أزعور الصمود الى الجلسة المقبلة المرجح أن يطول أمدها؟».

وفق معلومات «البناء» فإن المهلة الممنوحة لأزعور من إدارة صندوق النقد الدولي بتعليق عمله في الصندوق ونيل اجازته السنوية، ليست مفتوحة، ولذلك سيكون هناك موقف لأزعور خلال أيام من هذا الأمر.
وأشار رئيس المجلس إلى أن «بعد جلسة اليوم كفى رمياً بكرة المسؤولية على هذا الطرف أو ذاك في إطالة أمد الفراغ ولنعترف جميعاً بأن الإمعان بهذا السلوك والدوران في هذه الحلقة المفرغة وانتهاج سياسة الإنكار لن نصل الى النتيجة المرجوة التي يتطلع اليها اللبنانيون والأشقاء العرب والأصدقاء في كل أنحاء العالم، الذين ينتظرون منا أداءً وسلوكاً يليق بلبنان وبمستوى التحديات والمخاطر التي تهدّده وأن بداية البدايات لذلك هو الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، وذلك لن يتحقق الا بالتوافق وبسلوك طريق الحوار… ثم الحوار… ثم الحوار. نعم حوارٌ بدون شروط لا يلغي حق أحدٍ بالترشح». وأضاف «حوار تتقاطع فيه إرادات الجميع حول رؤيا مشتركة لكيفية إنجاز هذا الاستحقاق دون إقصاء أو عزل أو تحدّ أو تخوين. حوار تحت سقف الدستور يحافظ على الميثاقية والشراكة». وختم «آن الاوان لكي يمتلك الجميع الجرأة والشجاعة من أجل لبنان بسلوك هذا الطريق، فهل نحن فاعلون؟».

وبحسب “البناء” فقد ظهرت الصدمة على وجوه نواب المعارضة داخل المجلس وخارجه، وساد التوتر والقلق والغضب في صفوفهم بعد إعلان النتائج، وقد ظهر ذلك في مواقفهم التصعيدية والاتهامية ضد فريق الثنائي ورئيس مجلس النواب نبيه بري لم يسلم منها فرنجية.
وخلال الجلسة غرّد رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية عبر على «تويتر»: كل الشكر للنواب الذين انتخبوني وللرئيس نبيه بري وثقتهم أمانة، كما نحترم رأي النواب الذين لم ينتخبوني وهذا دافع لحوار بنّاء مع الجميع».
ولفت عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله الى أن «كل ما قاموا به على مدى أسبوعين لن يوصلهم إلى نتيجة، بل يزيدون من تعقيد الأزمة وإطالة أمد الفراغ، إن من لديه الحرص على موقع الرئاسة يبحث عن الفرص الحقيقية، وليس عقد التقاطعات الظرفية، للحؤول دون وصول مرشح طبيعي. نحن سنمارس حقنا الدستوري في انتخاب من رأينا فيه المواصفات التي يحتاجها البلد». وأشار الى ان «مرشح التحدي والاستفزاز والفريق الواحد أياً تكن حوله التقاطعات، لا يملك أي فرصة جدية خصوصاً في ظل توازنات المجلس والبلد». وقال: «نحترم رأي كل الفئات اللبنانية ولا نفرض رأينا على أحد ولا نقبل أن يفرض الآخرون رأيهم علينا والحل سيبقى بالحوار غير المشروط والتفاهمات الوطنية، لأن بلدنا محكوم بمنطق الشراكة الوطنية وبصيغة العيش المشترك المكرسة في مقدمة الدستور».

وعلّق رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على ما حصل في جلسة اليوم، في تغريدة على حسابه عبر تويتر، وقال: «جلسة اليوم أثبتت كما قلنا أمس، إن لا أحد يستطيع تخطّي المكوّن المسيحي في رئاسة الجمهورية وإن لا فرض للرئيس من أحد على أحد، وإن التيار ملتزم ويتبع قناعاته فقط…. كل عناد سيقابله عناد آخر فلا حلّ إلا بالتوافق على البرنامج وعلى الرئيس من دون إقصاء أو تشاطر، ولا نجاح لأي رئيس بلا برنامج متفق عليه. أسقطوا الشروط المسبقة فهذا ليس حوار، وأقلعوا عن نظريات الفرض والتحدّي فهذا ليس لبنان، ولاقونا إلى ورقة الأولويات الرئاسية والأسماء التي تتناسب مع البرنامج السيادي الإصلاحي الخلاصي».
بدوره قال رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع، عبر «تويتر» «لو جرت الدورة الثانية اليوم كما كان طبيعياً أن يحصل لكان لدينا الآن رئيس للجمهوريّة. ما جرى في مجلس النواب، وبعيداً من التفاصيل، هو تعطيل حقيقي وفعلي ليس لجلسة اليوم فقط لا غير، وإنما لانتخابات رئاسة الجمهوريّة ككل».

إلا أن النائب طوني فرنجية ردّ على جعجع بالقول: «حكيم، لو عقدنا 10 دورات متتالية لما أنتجنا رئيساً! والسبب ببساطة ان من اختار التقاطع على الوزير السابق جهاد أزعور يدرك جيداً ان لا حظوظ له». ورأى فرنجية، عبر حسابه على مواقع التواصل الإجتماعي، أن «كل الغاية من التقاطع على أزعور كانت قطع الطريق على سليمان فرنجية وإقصاءه من السباق، وهذا ما لم ولن يحصل».

وتتجه الأنظار الى ما بعد جلسة الانتخاب التي أظهرت أحجام القوى السياسية وأعطت للقوى الدولية والإقليمية صورة عن موازين القوى النيابية قبل الحراك الدولي المرتقب باتجاه لبنان.
الى ذلك نقلت جهات سياسية لبنانية عن مصدر ديبلوماسي رفيع لـ«البناء» عن ضغوط دولية كبيرة على لبنان لانتخاب رئيس للجمهورية، كاشفة أن الملف اللبناني سيكون من ضمن الملفات التي سيبحثها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان غداً الجمعة في فرنسا، لافتة الى أن وزير الخارجية الفرنسي السابق سيزور لبنان بعد لقاء بن سلمان – ماكرون وبتفويض من اللقاء الخماسي وسيطرح أكثر من حل على الأطراف اللبنانية.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن الفرنسيين لم يتراجعوا عن مبادرتهم التي طرحوها أي فرنجية – نواف سلام، وسيعيدون إحياء هذه المبادرة بصيغة أخرى وسيحاول لودريان إقناع أطراف داخلية ومسيحية تحديداً بهذا الطرح، لكنه سيعمل في التوازي على تقريب وجهات النظر بين الأطراف للاتفاق على حل توافقي قد يكون مرشحاً ثالثاً.
وسجلت سلسلة مواقف خارجية تعليقاً على الجلسة، فقد أعلنت الخارجية الأميركية في بيان، بأن «واشنطن منزعجة لمغادرة أعضاء بالبرلمان اللبناني القاعة لمنع التصويت على انتخاب الرئيس».
وأشار وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية اللورد طارق أحمد في تصريح له، الى اننا «نشعر بالإحباط لعدم تمكُّن مجلس النواب اللبناني من انتخاب رئيس جديد، وعرقلة التصويت تؤخر حل الأزمة الاقتصادية في لبنان».

وغرّدت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا عبر حسابها على «تويتر» كاتبة «جلسة انتخاب رئاسية أخرى غير حاسمة اليوم في مجلس النواب. يحتاج قادة لبنان وأعضاء البرلمان إلى اتخاذ خطوات عاجلة لضمان انتخاب رئيس للبلاد لصالح بلدهم وشعبهم. الفراغ المطول يقوّض الممارسات الديمقراطية في لبنان ويزيد من تأخير الإصلاحات والحلول اللازمة التي طال انتظارها لإعادة البلاد إلى مسار التعافي».

الأخبار: داعمو فرنجية يثبّتونه وأوساط جنبلاط «تنعى» أزعور… وانفجار «التغييريين»: «المتقاطعون» فشلوا في امتحان الـ 65
128 نائباً جلسوا أمس مُقابل «الصندوقة» الزجاجية تحت أعين نائبين (آلان عون وهادي أبو الحسن) أوكِلت إليهما مراقبة عملية إسقاط المغلّفات التي تحتوي على أوراق الاقتراع السري. ومن فوق، مقاعِد خُصّصت لسفراء دول غابوا ما عدا سفيرَيْ بلجيكا والاتحاد الأوروبي. بينما كانت وسائل إعلام محلية وعربية ودولية على الموعد مع جلسة أرادتها القوى السياسية «استطلاع أرقام» بين طرفَي الصراع.

وقالت “الأخبار” إن «المنازلة» دارت بين فريق داعم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وآخر متقاطِع ظرفياً حول وزير المال السابق جهاد أزعور. جلسة لم تتطلّب أكثر من ساعة لانعقاد دورتها الأولى التي انتهت إلى توازن سلبي في الحسابات الرقمية، إذ لم ينَل أيّ من المرشحين الـ 86 صوتاً المطلوبة لإعلانه رئيساً. أما في الحسابات السياسية فكانَ كلامٌ آخر.

سقطَ «استعراض القوة»، وطارَ أزعور رغمَ كل الزخم الخارجي والداخلي وعمليات التهويل وحتى الترغيب، ولم ينجح داعموه في تحصيل 65 صوتاً له كما روّجوا منذ اليوم الأول. فيما ثبّت الفريق الآخر مرشحه حاصداً له أكثر مما توقّع الجميع.
تعامل المغالون مع جلسة أمس باعتبارها يوم «الملحمة الرئاسية» في وجه المرشح المدعوم من المقاومة. دخل هؤلاء القاعة، وسبقتهم سجالات وبيانات عالية السقف وتوقّعات أعلى، وممارسة ترهيب على النواب، تحديداً المستقلين والتغييرين. أما داخلها، وقبلَ الاقتراع، فلم يجِد النائب طوني فرنجية مكاناً له في كل القاعة، وجلس محاطاً بزملائه من التيار، أسعد درغام وشربل مارون وجيمي جبور. كانَ الأخير حريصاً على التقاط «سيلفي» مع «صديقه» الزغرتاوي، لكن ليسَ أحرص من النائب جبران باسيل الذي «دردش» طويلاً مع «ابن ابن المنظومة ومرشح منطق الفرض والعنجهية»، وفي الوقت نفسه «أجلسَ» إلى جانبه إبراهيم كنعان وسيمون أبي رميا، في مشهد فسّره كثيرون بأنّه للتثبت من التزامهم بالتصويت لأزعور.

ومن مفارقات الجلسة أيضاً، سلامات مباغتة بين نواب «الأضداد». جميل السيد وأشرف ريفي، باسيل مع نواب من حزب الله، تمتمات بين وضاح الصادق وحسن مراد، مصافحة حارة بين فرنجية الابن ونعمة أفرام وهمس مطوّل بينَ الأخير وعدد من نواب حزب الله وحركة أمل.

في الشكل بدأت الجلسة بضحكات متبادلة بينَ الجميع، قبلَ أن تعود وتنتهي على تجدّد الخصام إثر النتيجة المفاجئة. وبعدَ عملية الفرز التي تولّاها الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر، بمشاركة أمينَي السر والمفوّضين الثلاثة، حصد فرنجية 51 صوتاً، وأزعور 59 صوتاً وتوزّعت الأصوات الأخرى بين 6 للوزير السابق زياد بارود، و8 أصوات حملت شعار «لبنان الجديد»، إضافة إلى صوت لقائد الجيش جوزيف عون، وآخر لجهاد العرب (ملغى) وورقة بيضاء وصوت ضائع. احتدم الجو السياسي مجدّداً وحاولَ فريق أزعور التستّر على صدمته من الحصيلة النهائية، بالتفجّع على «عدم دستورية الجلسة» بسبب عدم فرز الأصوات مجدّداً بعد اكتشاف أن عدد الذين صوّتوا هم 127 نائباً، وقد صرّح ضاهر عقب الجلسة أن الصوت الضائع هو مغلّف فارغ لنائب وضعه من دون أن يصوّت.

ورأت “الأخبار” أن نتيجة الأمس، تشكّل بداية لجولة جديدة ستدور رحاها خارج أروقة ساحة النجمة، على المستويين الخارجي والداخلي. وفي انتظار لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان غداً الجمعة في باريس، وما سيحمله معه المبعوث الفرنسي الجديد إلى لبنان جان إيف لودريان، يُمكن الإشارة إلى عدة نقاط:
– تجدّد الجدال البيزنطي حول حق تطيير النصاب.
– تكريس المعادلة السلبية التي تمنع انتخاب رئيس، بسبب امتلاك كل من الأطراف سلاح تعطيل. فالفريقان يملكان سلاح النصاب، وقد استخدمه داعمو فرنجية أمس لمنع انعقاد الدورة الثانية، تماماً كما استخدمه بعض خصومهم سابقاً. بينما القوى التي تقف في النصف (حتى الكتل التي صوّتت لأزعور قد تتراجع لاحقاً، مثل كتلة اللقاء الديمقراطي) تملك سلاح الثلثين في الدورة الأولى والنصف زائداً واحداً في الدورة الثانية.
– سقوط «استعراض القوة» لفريق أزعور، وفشله في دفع الطرف الآخر إلى التنازل والذهاب نحو خيار ثالث.
– اهتزاز التقاطع الظرفي بين التيار الوطني الحر وبقية فريق «التقاطع» وسط ترجيحات بعودة الخلاف على أي اسم جديد بعدما بات متعذّراً الإكمال بأزعور، كما قال نواب من كتلة وليد جنبلاط.
– تثبّت الاهتزاز داخل التيار الوطني الحر، وسط شكوك بأن نواباً من الكتلة صوّتوا لفرنجية، وهو موضوع سيكون محل نقاش داخل قيادة التيار في الأيام المقبلة.
– أعلن فريق فرنجية أنه أكثر تمسكاً بمرشحه، خاصة بعدَ أن وجدَ أن أي منافس له لن يحظى مع كل الزخم والدعم المسخّر له أكثر مما ناله أزعور. بينما سيبقى لفرنجية بلوك من 51 صوتاً مرجّح للارتفاع مع تبدّل الظروف الخارجية.

وفي ردود الفعل على نتائج الجلسة، كانت لافتة دعوة رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الفريق الآخر إلى «ملاقاتنا في منتصف الطريق» من خلال «سحب مرشحه الحالي وطرح اسم آخر»، فيما دعا رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى الحوار ووقف العناد الذي يجرّ العناد. بينما ركّزت القوات على «لا دستورية الجلسة»، في مقابل «وجوه قاتمة لعدد كبير من النواب التغييريين». وقال أحد النواب إن ما جرى «يكفي لإعادة النظر في كل التحالف القائم بين أعضاء الكتلة، لأن الفوارق باتت كبيرة». وأشار إلى «وجود مضبطة اتهام بحق الفريق الذي قادته النائبة بولا يعقوبيان في ممارسة أشكال غير مسبوقة من الضغوط على أعضاء الكتلة لإجبارهم على التصويت لأزعور».
خارجياً، انتقدت الولايات المتحدة «تطيير النصاب» ودعت إلى انتخاب رئيس في أسرع وقت، فيما نُقل عن مصادر دبلوماسية فرنسية أن باريس ستستغلّ نتائج جلسة الأمس لإطلاق جولة جديدة من الاتصالات في لبنان وخارجه للوصول إلى تسوية سريعاً.

الجمهورية: الفشل الـ12 يُسقط أزعور ويُحبط التقاطعات.. باريس لتسوية عاجلة.. بري: للحوار
أما صحيفة “الجمهورية” فلفتت إلى أنه كما كان متوقّعاً، لم تنجح التقاطعات السياسية المتناقضة في أن توصل مرشّحها جهاد أزعور إلى رئاسة الجمهورية. وبالتالي خرجت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بالفشل الثاني عشر.

هذا الفشل، قدّم إثباتاً اضافياً بأنّ أياً من مكونات في لبنان ومهما بلغت قوته وامتداداته، لا يملك أحادية التحكّم بهذا البلد، او القدرة على نسف الموازين الداخلية وفرض واقع سياسي او رئاسي بمعزل عن المكونات الأخرى. وهذا ما بدا جلياً في جلسة مجلس النواب. وأما العراضات والبهورات والتقاطعات من هنا وهناك، التي طفت على سطح المشهد الرئاسي، فما هي الّا لهو عبثي في الوقت الضائع.

وبمعزل عن النتائج الرقميّة التي انتهت اليها الجلسة، فإنّ نتيجتها الأكيدة، أنّها أعادت خلط الأوراق الرئاسية، وردّت الملف الرئاسي إلى حيث كان قبل ما سُمّيت مرحلة التقاطعات على جهاد أزعور، وأحيت السباق من جديد بين إرادة التوتير والتعطيل التي تحكم بعض العقليات الداخلية، وبين الجهود الرامية إلى ضبط أزمة الرئاسة على إيقاع تسوية تنهيها، يتصدّر الفرنسيون الحراك في اتجاهها.

وعلى الرغم من أنّ المناخ الداخلي بتقاطعاته ومكوناته المتناقضة ينذر بمرحلة متوترة مفتوحة على مديات زمنية طويلة، إلّا أنّ مصادر سياسية معنية بالملف الرئاسي اكّدت لـ”الجمهورية”، انّها ترى ضوءًا في النفق الرئاسي، يعزز الأمل بحصول انفراج رئاسي في المدى المنظور، وثمة معطيات حول الجهود الصديقة والشقيقة، تدفع إلى اعتبار انّ الملف الرئاسي بات امام اسابيع قليلة حاسمة.
ولفتت المصادر، الى انّها تعوّل في هذا السياق على الحراك المنتظر بعد ايام قليلة للممثل الشخصي للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، فالفرنسيون وعلى ما بات مؤكّداً يشدّون في اتجاه صياغة “تسوية عاجلة” للملف اللبناني، سبق لباريس أن رسمت خطوطها. وعلى ما تؤكّد مصادر ديبلوماسية لـ”الجمهورية”، فإنّ الأجواء الفرنسية السائدة قبل اللقاء المرتقب بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، تشي بتوجّه لدى الايليزيه لأن يشكّل هذا اللقاء قوة دفع كبيرة لإتمام هذه التسوية.

تسوية ملزمة
وإذا كانت جلسة الأمس قد تمخّضت عمّا كان متوقعاً لها بعدم تمكّن أي من المرشحين من الحصول على الأكثرية النيابية التي تؤمّن وصوله إلى رئاسة الجمهورية، إلّا أنّها بهذه النتيجة، أكّدت بما لا يقبل أدنى شك أنّ انتخاب رئيس للجمهورية في هذا الجو الانقسامي العميق بين المكوّنات السياسيّة مستحيل. وأمام هذه الاستحالة حقيقة وحيدة ثابتة، خلاصتها أن لا انفراج رئاسياً في المدى المنظور في انتظار لحظة ما، او ظروف ما قد تستجد، تسوق التناقضات الداخلية نحو “تسوية ملزمة” تُخرج رئاسة الجمهورية من مغارة الفراغ.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى