.

"المهمة مستحيلة" زيارة لودريان لن تكون حاسمة ولا تحمل مبادرة معينة 

تركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الخميس (22 حزيران/ يونيو 2023) على حدثين بارزين تمثلا بالتطورات المتصاعدة في الضفة الغربية المحتلة وزيارة المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، وما حمله إلى القيادات اللبنانية في جعبته من طروحات في شأن ملف الرئاسة اللبنانية.

البناء
لم تهدأ الضفة بل زادت اشتعالاً مع هجوم المستوطنين على بلدة ترمسعيا، وتصدّي الأهالي للمهاجمين وصدّهم، لكن الجولان زاد اشتعالاً على خلفية مشهد الضفة ونهوض فلسطين ومحور المقاومة، متصدياً لمحاولة مصادرة الأراضي، وسقط عشرات الجرحى، بعضهم جروحه خطيرة، لكن انتفاضة الجولان التي أكدت وحدة الساحات والجبهات، حيث تحرّكت مسيرات شعبية حاشدة في لبنان وسورية نحو الحدود وأصدرت شخصيّات روحية وسياسية تقدّمتها مشيختا العقل في سورية ولبنان وقيادات سياسية أعلنت التضامن مع انتفاضة الجولان، وحذّرت من مخاطر استمرار العدوان الإسرائيلي، في ظل اتصالات في الجليل للتحرك تضامناً مع الجولان، بينما جاءت الوقائع المتلاحقة في الأيام الماضية تظهر الاتجاه نحو انفجار شعبيّ ومقاوم بوجه الاحتلال، في ظل استعداد قوى المقاومة في غزة وخارج فلسطين للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وأهالي الجولان وجنوب لبنان، خصوصاً أن الفئات الشعبية المتحركة في لبنان وسورية والجولان وفلسطين، ليس بينها مَن ينتمي للطائفة التي يقال إنها تبني هلالاً لها تحت اسم المقاومة، ما يؤكد الطابع الوجودي للصراع الدائر بين شعوب المنطقة بكل ألوان طيفها وطوائفها، وهذا الكيان العدواني الغاصب.

وقبيل منتصف الليل أعلنت سرايا القدس – كتيبة جنين عن عمليات اغتيال نفّذتها طائرة مسيّرة لجيش الاحتلال، نتج عنها استشهاد ثلاثة مقاومين، وتوعّدت السرايا بالعقاب، ما يعني إضافة الى التوترات الناجمة عن مشهد الجولان، وغليان الضفة، صعود احتمال عودة المواجهة من جبهة غزة أو ظهور عمليات نوعية في عمق الكيان في استعادة لعمليات تل أبيب والقدس قبل أسابيع، وكان لافتاً ما نقلته وسائل إعلام الكيان عن أن العملية نفذت بقرار من وزير الدفاع يؤاف غالانت وموافقة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في ظل معارضة الجيش تحسباً لمخاطر اندلاع جولات مواجهة جديدة مع غزة بسببها.

في لبنان، بدأت جولات المبعوث الرئاسي الفرنسي الوزير السابق جان ايف لودريان بزيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي قال إنه أقام حواراً صريحاً وإيجابياً جيداً مع لودريان، الذي وصفت صحيفة لوموند مهمته المستحيلة بسبب ما وصفته لا مسؤولية الطبقة السياسية وفسادها، في ظل ما بدا أنه غيظ أميركي من فشل مشروع الانقلاب الدستوري الذي كان مصمماً لجلسة 14 حزيران عبر تأمين 65 صوتاً للمرشح جهاد أزعور، عبّر من منصة اللوموند للضغط على المبعوث الرئاسي الفرنسي ومهمته، حيث تتساوى الطبقة السياسية اللبنانية مع نظيرتها الفرنسية التي يجري الحديث عن رؤسائها بلغة أشدّ قسوة من اللغة التي وصفته بها اللوموند الطبقة اللبنانية.

لبنانياً أيضاً انعقدت الحكومة، وسط صخب سياسي عالي الوتيرة عبرت عنه بيانات التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، في تقاطع على اعتبار الحكومة تتجاوز حدود تصريف الأعمال، وكان أبرز ما أقرّته الجلسة الحكومية، إلغاء شهادة البريفيه، وفتح ملف بدلات الأملاك البحرية مع شركة سوليدير، وفك الاشتباك بين وزرائها حول اسكبو قطر.
وخطفت زيارة المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي جان إيف لودريان، الأضواء المحلية، وانشغلت المراجع والقيادات السياسية باستقباله وانتظار ما سيفرغ ما في جعبته من طروحات أو مبادرات يناقشها مع كافة الأطراف.
واستهلّ المبعوث الفرنسي جولته من عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري بحضور السفيرة الفرنسية لدى لبنان آن غريو، حيث جرى عرض للأوضاع العامة لا سيما استحقاق رئاسة الجمهورية، واستمر اللقاء لأكثر من ساعة غادر بعده لودريان من دون الإدلاء بتصريح.
بدوره، اكتفى بري بعد اللقاء بالقول: «اللقاء كان صريحاً وجيداً».

واستبقت السفارة الفرنسية زيارة لودريان ببيان أكد أن السفارة لم تعد لائحة مواعيد استقبالات للوزير الفرنسي، وأن الأخير لن يعقد مؤتمراً صحافياً بعد نهاية جولته.
وأفادت مصادر إعلامية بأن لودريان سيخرج بخلاصات سيناقشها مع الجانب السعودي وأفرقاء اللقاء الخماسي حول لبنان. وأوضحت أن «لودريان يزور لبنان حاملاً ورقة بيضاء ليستطلع مواقف القوى من الأزمة ومقاربة حلها بعد توازنات الجلسة الأخيرة».
ولفتت المعلومات الى أن «زيارة لودريان الحالية ستتبعها زيارة أخرى في شهر تموز لاستكمال المسعى الفرنسي بالتنسيق مع الأطراف الدولية».

وعكست أجواء عين التينة ارتياحاً للزيارة وتؤكد على أن فرنسا لا تزال معنية ومهتمة بالملف اللبناني ولعب الدور الأساسي في تسهيل التوصل الى تسوية سياسية على انتخاب رئيس للجمهورية بأقرب وقت، مشيرة إلى أن وصف بري اللقاء مع لودريان أنه واضح وصريح يعني أن الضيف الفرنسي لم يكن مستمعاً فقط بل كان هناك نقاش وتبادل بالآراء.

ولفت مصدر سياسي مواكب للحراك الفرنسي والخارجي لـ«البناء» الى أن «زيارة لودريان لن تكون حاسمة ولن تحمل مبادرة معينة، بل تأتي ضمن خريطة طريق وضعتها فرنسا تتضمن خطوات متلاحقة لإنهاء الأزمة الرئاسية، وتهدف الزيارة لاستمزاج آراء القوى السياسية ومناقشة كل الخيارات والاقتراحات ليكون لدى الوزير الفرنسي الصورة الكاملة عن مواقف كافة الأطراف وواقعية ومقبولية كل خيار ويتم رفع تقرير للإدارة الفرنسية لجوجلة الخيارات تمهيداً لجولة مشاورات جديدة مع القوى الفاعلة في لبنان أي اللقاء الخماسي تمهيداً لزيارات أخرى للوزير الفرنسي أو مسؤولين عرب قطريين وسعوديين لرسم صورة جديدة للحل»، لكن المصدر أكد بأن «صورة الحل لن تتضح بهذه الزيارة ولن تزيل التعقيدات الماثلة أمام أي تسوية رئاسية مقبولة من الجميع، فكل طرح يضع فيتو على مرشح الطرف الآخر ما يدخل الملف الرئاسي في دوامة خطيرة قد تحتاج إلى أمرين: إما تسوية تفرض من الخارج على الجميع لم تتبلور بعد، أو تطوّرات أمنية واسعة في الداخل تدفع أطرافاً داخلية الى طلب تدخل خارجي، وفي كلتا الحالتين الخارج ستكون له اليد الطولى والكلمة الفصل بالحل الرئاسي في لبنان».

ويستكمل لودريان اليوم جولته بزيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي ورئيسَ حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. وسيجتمع الى رؤساء الكتل ونواب مستقلين غداً على مائدة غداء. ومن غير المستبعد أن يجتمع الى سفراء الخماسي الدولي قبيل مغادرته لبنان الجمعة أو السبت.

ويقيم السفير السعودي في بيروت وليد البخاري مأدبة غداء غداً تحت عنوان «الدبلوماسية المستدامة»، والذي دعا إليه عدداً من سفراء الدول العربية والإسلامية، من ضمنهم السفير الإيراني مجتبى أماني والقائم بأعمال السفارة السورية علي دغمان، خاصة أن هذه المناسبة قد تسمح بمناقشة الملف الرئاسي اللبناني.

وكان السفير الإيراني قال دعا من الغبيري في ذكرى استشهاد مصطفى شمران، إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وفق الأسس المعروفة على الساحة اللبنانية، بمعزل عن التسميات المختلفة فهذا شأن لبناني، ولبنان لا يتحمل أن تطول هذه الأزمة». وأضاف: «نسأل الله أن يكون انتخاب الرئيس بداية حل الأزمة اللبنانية المختلفة، ونحن واثقون بأن الشعب اللبناني بقدراته الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وعلى رأسها المقاومة سيفتحون هذا الباب لدخول لبنان مرحلة جديدة».
ومن المتوقع أن يلتقي الوزير الفرنسي ممثلين عن حزب الله، مرجح أن يكون رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، للبحث في الملف الرئاسي وفرص نجاح المبادرة الفرنسية بدعم ترشيح رئيس المردة سليمان فرنجية مقابل رئيس حكومة محسوب على الفريق الآخر مثل نواف سلام أو تمام سلام.
وكرّرت مصادر الثنائي لـ”البناء” رفضها الانتقال الى “الخطة ب” لكون فرص وحظوظ سليمان فرنجية لم تنعدم أو تتراجع بل تقدّمت بعد جلسة انتخاب الرئيس الأخيرة والتي فاقت نتائجها التصور، وكرست فرنجية رقماً صعباً هزم التقاطعات سياسياً. ولفتت المصادر الى أنه من المبكر لأوانه الغوص في نقاش مع الفرنسيين أو مع غيرهم بأسماء أخرى كقائد الجيش أو الوزير السابق زياد بارود، طالما فرنجية لا يزال مرشحاً جدياً، لكن المصادر أعادت التأكيد على استعداد الثنائي للحوار على كافة الخيارات من ضمنها خيار فرنجية ومن دون شروط.
وفي سياق ذلك، قال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم: “رغم تمسُّكنا بترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية نحن ندعو إلى الحوار، لماذا؟ لنسأل بعضنا بعضًا وليُجب بعضنا بعضًا، ونحصر نقاط الخلاف ونبحث عن حلٍّ لها، أمَّا أن يقول البعض نحن لا نريد النقاش ما دام الوزير فرنجية مرشحًا، هذا أمر مرفوض. لا تستطيعون فرض إرادتكم على شريحة واسعة من اللبنانيين. الطريقة التي اعتمدها الطرف الآخر بالتحدِّي لم تنفع ولن تنفع، فلا نحن قادرون على أن ننجز الاستحقاق وحدنا، ولا أنتم قادرون على إنجاز الاستحقاق وحدكم، فما هو الحل؟ العناد ليس حلَّاً، الحل بالحوار والتلاقي والتفاهم”.
في المقابل، رأت الهيئة السياسية للتيار الوطني الحر بعد اجتماعها الدوري برئاسة النائب جبران باسيل «أن الجلسة الأخيرة لانتخاب رئيس الجمهورية انجلت عن معادلة واضحة تقضي بأن تتواصل الدعوات لجلسات انتخاب لإنتاج رئيس عبر التصويت أو يقتنع الفريق الداعم للمرشح سليمان فرنجية أن طريق الوصول مسدود، وبالتالي تنتقل القوى النيابية الى مرحلة جديدة لإنتاج رئيس بالتوافق على الاسم وعلى الخطوط العريضة لبرنامج العهد وسبل تأمين النجاح له».

الأخبار
ورأت صحيفة “الأخبار” أن زيارة الموفد الفرنسي الخاص جان إيف لودريان لبيروت، أمس، احتلّت صدارة الاهتمامات السياسية، لما قد تحمله من تطورات على صعيد الأزمة الرئاسية. وكان لافتاً استباق صحيفة «لوموند» الفرنسية الزيارة بتقديرات سلبية، معتبرة أن «المهمة تبدو مستحيلة»، مشيرة إلى أن «الثنائي الشيعي يعمل بشكل حثيث لكي يؤول المنصب المخصّص تقليدياً للمسيحيين الموارنة إلى زعيم تيار المردة سليمان فرنجية، الذي يُعتبر حليفاً للثنائي منذ فترة طويلة، وصديقاً مقرّباً من الرئيس السوري بشار الأسد». ونقلت عن دبلوماسي الفرنسي أن «لودريان ليس هنا لدفع خيار معين، ولا لحث الجميع على الانضمام إلى فرنجية، ولا لتمهيد الطريق أمام خيار ثالث، بل في محاولة لجلب الجميع إلى الحوار والخروج من المواجهة»، مشيراً إلى أن «العقوبات واردة وكل الخيارات مفتوحة». ولفتت الصحيفة إلى أنه بدا من لقاء القمة الذي جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الجمعة الماضي، أن الأخير «غير مستعد لدعم لبنان كما في الماضي رغم انخراطه في حملة دبلوماسية شاملة في الشرق الأوسط منذ اقتراب بلاده من إيران في آذار الماضي».

وقالت “الأخبار”: القوى السياسية أصبحت في جو أن الزيارة لن تحمِل جديداً في الموقف الفرنسي، وأنها شبيهة بالزيارة الأولى للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت، لجهة اللقاءات مع مختلف القوى السياسية لحثها على الحوار من أجل الخروج من الأزمة. واستهلّ الموفد الفرنسي زيارته بلقاء استغرق ساعة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، غادر لودريان بعده من دون الإدلاء بتصريح. فيما اكتفى بري بوصف اللقاء بأنه كان «جيداً وصريحاً». ونقلت مصادر مطّلعة أن لودريان «لم يكن مجرد مستمع. صحيح أنه لم يقدّم طرحاً أو مبادرة، لكنه تبادل النقاش مع رئيس المجلس، وتطرّق إلى التطورات الأخيرة ولا سيما جلسة الانتخاب الأخيرة» في 14 حزيران الجاري. كما أنه «لم يتطرق إلى المبادرة الفرنسية، بل تحدث عن ضرورة التوافق والحوار بين اللبنانيين». ولفتت المصادر إلى أن الموفد الفرنسي سيعود إلى بيروت الشهر المقبل، بعد أن يرفع تقريره إلى الإليزيه ويناقش حصيلة الزيارة مع الجانب السعودي وممثلي دول اللقاء الخماسي (أميركا، السعودية، مصر وقطر)، ما يشير إلى أن لا آمال كبيرة بحلول سريعة للمأزق الرئاسي.

ورغم إصدار المكتب الإعلامي للسفارة الفرنسية بياناً أكّد أنه «لن يتم توزيع جدول لبرنامج زيارة وزير الخارجية السابق»، عُلم أنه سيلتقي في قصر الصنوبر اليوم سفراء دول اللقاء الخماسي (تغيب السفيرة الأميركية دوروثي شيا لوجودها في واشنطن ويمثلها القائم بالأعمال)، لوضعهم في أجواء القمة الفرنسية – السعودية والموقف الفرنسي وإطلاعهم على تفاصيل مهمته. وإلى المسؤولين السياسيين ورؤساء الكتل النيابية ونواب مستقلين، ستكون للموفد الفرنسي لقاءات مع مجموعات من المجتمع المدني، ومن المفترض أن يزور البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي غداً ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

الجمهورية
بدورها عرضت صحيفة “الجمهورية” لمواقف القيادات اللبنانية حول الملف الرئاسي، ومهمة الموفد الفرنسي في بيروت، ونقلت عن مصادر ديبلوماسية في باريس قولهها إن الفرنسيين يعلّقون أملاً كبيراً على المسعى الذي يقوده لودريان، حيث يريدون له أن يؤسّس الى نهاية وشيكة للأزمة في لبنان، تقوم على حلّ متكامل رئاسي وحكومي في آن معاً. وهي بالتالي تنتظر ما سيحققه لودريان في بيروت للانتقال الى الخطوة التالية.

ولفتت المصادر، الى انّ هذا المسعى المتجدّد منسّق مع دول اللقاء الخماسي في باريس (الولايات المتحدة الاميركية، وفرنسا، والسعودية، ومصر، وقطر)، والغاية الأساس منه إحياء فرصة جديدة للقادة في لبنان لأن يتفاعلوا ايجاباً مع جهود أصدقائهم لإنضاج حل سريع لأزمة بلدهم، قبل فوات الأوان، ذلك أنّ لبنان بوضعه الراهن سياسياً واقتصادياً، لم يعد يحتمل ترف تضييع الوقت، وإهدار فرص إنقاذه. في وقت تتعاظم فيه المخاوف أكثر فأكثر من ان يتعمّق الانهيار في لبنان أكثر، بما قد يلقي به في مهبّ تطوّرات دراماتيكية تهدّد أمنه واستقراره.

ورداً على سؤال عمّا يحمله لودريان معه، وهل ثمة أسماء معيّنة لرئاسة الجمهورية، قالت المصادر: «كما يعلم الجميع، فإنّ الاسماء محدودة جداً، ولكل من تلك الاسماء مواصفات وميّزات. والموفد الرئاسي ذاهب الى لبنان لبلورة حلّ، والنقاشات التي سيجريها لودريان مع القادة اللبنانيين مفتوحة على التداول والبحث في كل الأمور».

أما في الجانب اللبناني، فمهمّة لودريان، وأياً كان ما يحمله في جعبته، تبدو بحسب “الجمهورية” مصطدمة بواقع أفرز حتى الآن 12 فشلاً في انتخاب رئيس للجمهورية، واستبق وصول الموفد الفرنسي بإعادة ترسيم حدوده ضمن نقاط الانقسام والافتراق ذاتها، وخلف خيارات رئاسية مختلفة.
فثنائي حركة «امل» و«حزب الله»، وحلفاؤهما، وعلى ما تؤكّد أوساط «الثنائي» لـ«الجمهورية»، «ثابتون على دعم رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية. وهذا يقطع الطريق على اي خيار آخر، سواء أكان مرشح تقاطعات مؤقتة كما حاولوا مع جهاد ازعور، او اي شخصية اخرى يُشترط لدخولها إلى نادي المرشحين لرئاسة الجمهورية إجراء تعديل دستوري، وهو أمر ليس متاحاً، وخصوصاً أنّ تعديل الدستور يفترض وجود حكومة كاملة الصلاحيات والمواصفات، وليس حكومة تصريف اعمال التي تمارس مهامها في أضيق حدودها».

وفي هذا الإطار، كان قال نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم: «رغم تمسُّكنا بترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية نحن ندعو إلى الحوار، لماذا؟ لنسأل بعضنا بعضًا وليُجب بعضنا بعضًا، ونحصر نقاط الخلاف ونبحث عن حلٍّ لها، أمَّا أن يقول البعض نحن لا نريد النقاش ما دام الوزير فرنجية مرشحًا، هذا أمر مرفوض. لا تستطيعون فرض إرادتكم على شريحة واسعة من اللبنانيين. الطريقة التي اعتمدها الطرف الآخر بالتحدِّي لم تنفع ولن تنفع، فلا نحن قادرون على أن ننجز الاستحقاق لوحدنا، ولا أنتم قادرون على إنجاز الاستحقاق لوحدكم، فما هو الحل؟ العناد ليس حلَّاً، الحل بالحوار والتلاقي والتفاهم».

وأما «القوات اللبنانية» فما زالت تتقاطع، مع بعض الكتل الحزبية والنيابية الصغيرة ونواب تغييريين، على رفض وصول فرنجية الى رئاسة الجمهورية، وتتمسك بترشيح أزعور. إلّا انّ هذه المجموعة على استعداد لأن تقبل خيارات اخرى، إذا ما نحت تطورات الملف الرئاسي في هذا الاتجاه، ولا مانع لديها في هذه الحالة، حتّى ولو تطلب ذلك تعديل الدستور لمصلحة أحد المرشحين المفترضين.

وعلى ما بات جلياً، فإنّ «التيار الوطني الحر»، يتقاطع مع «القوات» وحلفائها في قطع الطريق على فرنجية، الّا انّه في الوقت نفسه، أصبح بعد جلسة الفشل الثاني عشر، خارج خط التقاطعات على جهاد ازعور، حاسماً خياره النهائي بالتوجّه نحو خيار جديد، او ما يسمّيه رئيسه جبران باسيل، رئيساً ببرنامج، وهذا لا ينطبق على ما سبق لباسيل ان رفض وصولهما إلى رئاسة الجمهورية اي سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون.

وبين هذه التوجّهات يتموضع «الحزب التقدمي الاشتراكي»، الذي سبق ان ادّى قسطه مع ميشال معوض أوّلاً، ومع جهاد ازعور ثانياً، وبالتالي اتخذ مكانه خارج تلك الاصطفافات، رافضاً الشراكة في إيصال من يُنظر اليه على انّه «رئيس تحدٍ»، إلى رئاسة الجمهورية. ووليد جنبلاط كان سبّاقاً في هذا المجال، في طرح اسماء «حمائمية» مثل شبلي الملاط ومي الريحاني.

وخلصت “الجمهورية” إلى ما تقوله مصادر سياسيّة مسؤولة لها بأنّ مهمّة لودريان في لبنان في طريق وعرة، يقف فيها على مفترق بين تقاطعات حاسمة في افتراقها عن بعضها البعض، ورفضها حتى تبادل لغة الكلام والحوار في ما بينها. وتبعاً لذلك، يُخشى من ان تكون هذه المهمّة محكومة بالفشل المسبق.

الّا انّ المصادر عينها تستدرك قائلة: «لن يكون في مقدور لودريان ان يعبر هذا الطريق الوحيد الاّ في حالة وحيدة، وهي ان تكون مهمّته مجهّزة بكاسحة ألغام ومطبات وتعقيدات، تشق الطريق نحو حلّ ملزم، الّا انّ هذا الحل ليكون ملزماً، يجب ان يكون مرتكزاً على قواعد أميركية وفرنسية وسعودية وإيرانية، تتشارك مجتمعة بإلزام أصدقائها، او بمعنى ادق، إلزام «متفرعاتها الداخلية» بهذا الحل، ومن دون ذلك محال خروج لبنان من دوامة الأزمة.

وبكلام أكثر وضوحاً، تلفت المصادر إلى أنّ الحل اللبناني معلّق على «كلمة سرّ» خارجية لم تتبلور بعد، وحتى ذلك الحين فإنّ هذا الانسداد في واقع داخلي متفجّر سياسياً ورئاسياً واقتصادياً، سيبقى رهناً بالظروف والتطورات التي قد تستجد في الداخل اللبناني، فتعجّل، اما ببلورة «كلمة السرّ» تلك، او بفرض امر واقع جديد يصبح فيه الحديث عن رئاسة الجمهورية تفصيلاً ثانوياً امام تفاصيل اخرى مرتبطة بالتركيبة الداخلية والطائف وأصل النظام، وهذا ما قد يرتب أثماناً هائلة على اللبنانيين».

النهار
من جهتها رأت صحيفة “النهار” أن “التقنين الإعلامي” من الجانب الفرنسي ساهم في تكثيف الغموض الذي يحيط بمهمة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الذي شرع في لقاءاته بدءًا من عين التينة عقب وصوله عصر أمس الى بيروت، في مهمته التي تشمل جولة بانورامية على سائر المسؤولين والقادة السياسيين والحزبيين ورؤساء الكتل النيابية والنواب المستقلين كما بكركي والمرشحين للرئاسة وسفراء المجموعة الخماسية.

وكان المكتب الاعلامي للسفارة الفرنسية اعلن انه لن يتم توزيع جدول لبرنامج زيارة لودريان ولن يكون هناك أي مؤتمر صحافي له الامر الذي كرس الطابع الشديد التحفظ إعلاميا لانطلاقة المهمة، والذي قرأه المراقبون على انه يؤشر واقعيا الى الحساسية والدقة العاليتين اللتين يحيط بهما الجانب الفرنسي مهمة لودريان تحسبا للمراحل المقبلة التي ستلي جولته الأولية في بيروت. وإذ بات شبه مؤكد ان لودريان سيجمع كل الاتجاهات والاراء والمواقف للقوى اللبنانية مما آلت اليه الازمة الرئاسية وما تنتظره من الدور الفرنسي في هذا السياق، لم تستبعد المعطيات التي واكبت انطلاقة لقاءات لودريان بان تلي زيارته الراهنة زيارة أخرى اذا أدت الجولة الاولى الى بلورة خريطة طريق جديدة قد يضعها المبعوث الفرنسي بعد تقديمه تقريرا الى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن الزيارة وخلاصاتها وما قد تفتحه من افق لدور فرنسي “متجدد”.

صحية “النهار” وبعد عرض للقاءات التي أجراها لودريان في بيروت، لم تستبعد أن يجتمع إلى سفراء وممثلي المجموعة الخماسية، الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر قبيل مغادرته لبنان الجمعة علما ان الأنظار ستتجه أيضا الى العشاء الذي سيقيمه مساء اليوم السفير السعودي في بيروت وليد بخاري تحت عنوان “الديبلوماسية المستدامة”، والذي دعا إليه عدداً من سفراء الدول العربية والإسلامية، من ضمنهم السفير الايراني مجتبى أماني والقائم بأعمال السفارة السورية علي دغمان، وسط توقعات بان تتيح هذه المناسبة مناقشة الملف الرئاسي اللبناني.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى