.

الجمعية الخيرية الاسلامية العاملية احتفلت بمرور مئة عام على تأسيسها في الثانوية العاملية – رأس النبع برعاية بري ممثلا بوزير الثقافة

وطنية – أقامت الجمعية الخيرية الاسلامية العاملية، احتفالاً لمناسبة مرور مئة عام على تأسيسها في مقر الثانوية العاملية رأس النبع برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلاً بوزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى، وحضور رئيس الحكومةnbsp;نجيب ميقاتي ممثلاً بوزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال القاضي بسام مولوي، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، ممثل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي المونسنيور عبدو أبو كسم، ممثل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الشيخ صلاح الدين فخري، ممثل شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى الشيخ القاضي غاندي مكارم، الرئيس تمام سلام،nbsp;وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال القاضي عباس الحلبي، ممثل وزير الدفاع موريس سليم العميد منير شحادة، رئيس الجمعية العاملية الفخري الوزير والنائب السابق محمد يوسف بيضون، الوزيرة والنائبة السابقة بهية الحريريnbsp;ومحافظ بيروت القاضي مروان عبود.

كما حضر الاحتفال النواب: محمد رعد، امين شري، عناية عز الدين، ادغار طرابلسي، فؤاد المخزومي، ميشال معوض وعبد الرحمن البزري. ممثل قائد الجيش العقيد احمد سعادة، ممثل المدير العام لقوى الامن الداخلي العميد حسين خشفة، ممثل المدير العام للامن العام المقدم ابراهيم الطقش، السيدة رباب الصدر، السفير العراقي أمين عبد الإله نصراوي، ممثل السفير الايراني المستشار السياسي في السفارة الايرانية مهدي نبيوني، وزراء ونواب سابقون، قضاة ورؤساء وممثلوnbsp;بعثات دبلوماسية وجامعات ومؤسسات تربوية وإعلامية وصحافية وفعاليات روحية واجتماعية وتربوية وثقافية.

بدايةً النشيد الوطني عزفته الفرقة الموسيقية لقوى الأمن الداخلي. وألقى الوزير المرتضى كلمة جاء فيها:quot; في مطالع تشرين الثاني من العام المنصرم، خلال أحد اللقاءات معه، بادَرَني دولةُ الرئيس نبيه بري من خارج سياقِ حديثِنا حينذاك، بهذا السؤال المفاجئ: رشيد بيضون إلامَ سيستمرُّ غيابُه عن المشهديات الرسمية التي تقيمُها الحكومةُ سنويًّا في ذكرى الاستقلال؟ واضاف: هذا الرجلُ، وسِتَّةٌ من زملائه، حين كان جنود الانتداب يحاصرونهم داخل مبنى البرلمان، رسموا العلم اللبناني الجديد ووقعوا عليه نيابةً عن الشعب كلِّه، فكان رصاصُ قلمِهم أمضى من رصاص البنادق، وكان لهم الفضلُ العمليُّ الأولُ في تحقيق واحدٍ من أهم عناوين الاستقلال، فلماذا هم دائمًا مغيَّبون؟ ثم أردف: لا تشيخُ أمةٌ ولو بلغت أجيالُها من العصورِ عِتِيًّا، إن وَهَنَ الشيخوخةِ يدركُها عندما تبدأ بنسيان تاريخ وإنّ من النسيان ما هو أبشعُ أثراً من الجحود.nbsp;كانَ هذا الكلامُ فاتحةَ مسارٍ أفضى بنا إلى يومنا الحاضر.quot;

واضاف المرتضى: quot;ذلك أن الثقافةَ تؤمن بأنَّ الزمنَ المحفورةَ ملامحُه على قسماتِ الوطن، متى استُرْجِعَ على حقيقته بكاملِ جلالِ معانيه وصِدقِ مراميه، فإنَّ من شأنه تجديدَ الوعي الوطني حول أحداثِ التاريخ الذي استوطنَ بلادَنا منذ ولادتِه، وتركَ فيها وفي أبنائها، على مرِّ عمرِه وأعمارِهم، آثارًا لا تزال مستمرةَ الفعلِ إلى اليوم. وكان من إرهاصاتِ هذا المسار أنَّ رشيد بيضون لم يغبْ السنة الماضيةَ عن احتفاليات عيد الاستقلال، ولن يغيب أبدًا في الأعياد الآتية؛ ومنها أيضًا أن تمثالًا له تمَّ نحتُه اعترافًا بفضله وتخليدًا لذكراه، على يد الفنان المبدع واللبناني الأصيل الصديق رودي رحمة.quot;

وتابع: quot;ومنها كذلك أننا اليوم ههنا لنتوّجَ الوفاءَ له وللمؤسسة التربوية التي أنشأها منذ تسعين سنة، بحفلٍ خطابي يتناول الراحلَ وإنجازاتِه، والكليَّةَ العاملية ومآثرَها، وفي ختامه نزيحُ الستارة عن تمثاله الجديد المنصوبِ خارجًا، مؤكدين مقولةً نردِّدُها بلا انقطاع: نحن أمّةٌ لن تنسى تاريخَها، فهي إذًا لن تشيخَ ولن تموت.nbsp;هذا المسارُ في ظلِّ الأوضاع الراهنة القاسية، يفرض على اللبنانيين أن يسألوا فيه أنفسَهم سؤالَ المتنبي: quot;أطويلٌ طريقُنا أم يطولُ؟quot;،nbsp;مشيرًا الى ان quot;ما بدأ مع رشيد بيضون لا بدَّ أن يُستكمَلَ، بصوَرٍ من الوفاءِ أخرى، تكريمًا للأربعة الباقين من زملائه الذين تتغافلُ عنهم ذكرى الاستقلال: سعدي المنلا ومحمد الفضل ومارون كنعان وهنري فرعون، الذين وضعوا تواقيعهم، إلى جانب تواقيع صبري حمادة وصائب سلام ورشيد بيضون؛ فإن هؤلاء جميعًا، بما فعلوه، اتخذوا سبيلهم في ذاكرةِ الوطن سَرَبًا، عندما سلكوا الخطوة الأولى على درب التنفيذ الفعلي للتعديلات الدستورية التي كانت أُقِرّت، وبخاصةٍ منها ما يتعلق بشكل العلم اللبناني الجديد، حتى لَيصِحُّ القول: إن فجرَ الاستقلال انبثقَ ضؤهnbsp;من بين أناملهم. quot;

وأردف: quot;بعيدًا من وطأة المشاعر التي تسيطر عادةً على خطابات المناسبات الوطنية، تكشفُ لنا قراءةُ ما فعلوه حينذاك عن معانٍ بليغةِ المقاصد. أولُها أن عددًا قليلًا من النواب، ولو مختلَّ التوازن الطائفي، يمكنه أن يصبحَ في موقف الحقِّ وقرار السيادة، مُعبرًا عن السلطاتِ كلّها، بل عن الشعب اللبنانيّ بأسره، متى تعلّق الأمرُ بالمصلحة الوطنية العليا، وبكرامة الدولة والمواطنين، وخصوصًا بمقاومة الاحتلال.quot;

وقال: quot;فهؤلاء النوابُ، عند ممارستهم الموجب الطبيعيَّ والإنسانيَّ والأخلاقيَّ في إعلانهم حقَّ وطنهم بالحرية، وفي مطالبتِهم بالتخلّص من مظاهر الحكم الأجنبي، لم يقفوا على تعدادٍ من أيِّ نوعٍ كان، ولا على موالاةٍ أو معارضة، بل تصرّفوا كأنّهم الأمَّةُ كلُّها، التي احتشدت بالفعلِ معهم، من قبلُ ومن بعدُ، شعبًا وسلطات. ذلك حصلَ يومذاك تجاهَ الدولة الفرنسية التي كانت وما زالت صديقةً للبنان، بالرغم من شوائب الانتداب وفوائده، فكيف بنا تجاه عدوِّنا الأوحدِ إسرائيل الذي لا يريد بنا إلا الشرَّ كلَّه محْضًا خالصًا؟ ومن هذه المعاني أيضًا أن المجلس النيابي، يجبُ ألّا يستوقفَه شيءٌ عن ممارسة دوره، وحتمًا في حالات الضرورة والظروفِ الطارئة، لأنه المحرِّكُ الأساسي لمسيرة الدولة والمحفِّزُ الأول والمراقبُ الأخيرُ على تحقيق الخير العامِّ للناس أجمعين .هكذا يكون التاريخُ عظةً حسنةً تُلقى على منبر الحاضر ليسمعَها من له أذنانِ للسمع، وإكسيرًا حقيقيًّا به يتجددُ شبابُ الشعوبquot;.

وتطرق المرتضى الى موضوع الاستحقاق الرئاسي حيث قال: quot;وفي مناسبة الحديث عن التاريخ والحاضر والسّمعِ والأذنَيْن، نقول لمن يأخذ على الوزير سليمان فرنجيه أنّه ليس صاحب اختصاص جامعي، إنّ شهادات التخصّص مهمّةٌ لكنّ الأهمّ هو ما يتمتّعُ به الرجلُ من فضائلَ وميزاتٍ يشهد له بها الخصومُ قبل الأصدقاء؛ ومنها فائضُ تألّقِ شعوره الوطني، وقدرتُه على طمأنة جميع الشركاء في الوطن وأعني بالأخص المسلمين، وفي الآن عينِه حرصُه على حفظ الحضور الفاعل للمسيحيين، وتمتُّعُه بنفسٍ أبيّة لا تبيع ولا تَشتري مكّنَت له فضيلة الصفحِ وتجاوزِ الجراحِ الشخصية ووطَّدَت له زعامةً وطنيةً قادرةً على بثّ روح التلاقي بين مختلف مكوّنات هذا الوطن، وعلى صونِ الصيغة اللبنانية، التي أساسها عيش المعيّة على قاعدة التنوّع ضمن الوحدة. ومنها كذلك تشبثُه بنفَسٍ عروبيٍّ واضحِ الانتماء، معادٍ لإسرائيل، مقتنعٍ بخطرها الوجودي على لبنان الكيان؛ وقدرتُه على إحياء الأمل وشَحْذِ العزائم للعملِ من أجلِ الإنقاذ والتعافي وحمايةِ هويتِنا وصون مقدّراتنا، ورفضُه القاطعُ لأجندات بث الشقاق والشرذمة ورفع المتاريس النفسية وغير النفسية بين اللبنانيين، وإصرارُه المطلَقُ على الإنفتاح والتعاون مع العالم، كلِّ العالم، إلاّ أعداءَ الإنسانية. هذه الفضائلُ الشخصيةُ والوطنيةُ التي يتمتّع بها، وبأكثرَ منها الوزير فرنجية، تغنيه عن شهادات التخصّص، بل تؤهّله ليكون الجامعةَ العُليا التي تمنَحُ الشهادات في التلاقي والوطنية، فليأتوا لنا فليأتوا لنا بمن يضاهيه لكنهم لن يجدوا ولو جهدوا.quot;

واستطرد وزير الثقافة قائلًا:quot;ورشيد بيضون لم يكن أيضًا صاحب اختصاصٍ في القانون الدستوري ولا في علم الاقتصاد، ولم تكن لديه شهادةُ اختصاصٍ في رسم الأعلام الوطنية، ولا في أي علمٍ آخر، إلا في تألّق الشعور الوطني الذي استحوذَ على نبضاتِ قلبِه كلِّها، وعلى صنائع فكره ويديه من دون استثناء. إنَّ شعوره بالانتماء إلى قيم المواطنة العليا دفعه إلى quot;اختطافِquot; الأطفالِ من شوارع بيروت، ليتوسّلوا الحرفَ في المدارس بدلًا من احترافِ التسوُّل بين المارّة؛ وأنشأ الكلية العاملية منارةَ علمٍ وتربية، فاجتمع حبُّ الوطن عندَه بالعملِ اليومي على بناء النفوس، فسيرتُه من هذا الباب أيضًا، موعظةٌ بليغةٌ ساطعةُ الحضور أمام جميع اللبنانيين المدعوين إلى التشبّث بالقيم الوطنية والإنسانية التي جسَّدَها واقعًا ملموسًا، والنظرِ إليه من خلالِها والاقتداء به في مثلِها.

quot;أطويلٌ طريقُنا أم يطولُ؟quot; سؤالٌ جوابه الوحيد أنَّ الطرق كلَّها تصبحُ قصيرةً عندما نضع العلامات المضيئةَ في ماضينا هَدْيًا نقتفي نورَه نحو المستقبل، بدلًا من التماسِ العتمة في زوايا الانغلاق ورفضِ الحوارquot;.nbsp;

وتابع: quot; أولاني دولة الرئيس نبيه بري تمثيلَه في ذكرى تأسيس الكلية العاملية، فأكسبني فضلَين لا يُنكَران: أن أتحدَّثَ باسمه، وأن أشاركَ في إقامة الذكرى، فإذا الفضلان متماهيان في واحدٍ، تماهيَ المؤسسِ رشيد بيضون بالمؤسسة التي أنشأها، فما حادَتْ في مسيرتِها الباقيةِ بإذن الله، عمّا رسم لها صاحبُها منذ غُرَّةِ عمرِها من مسؤوليةِ نشرِ العلم وبثِّ التوعية والإرشادِ إلى سبل الخير والنجاح. كان فردًا فصارَ جمعًا كثيرًا. كان علمُه بمقدارٍ، فأنبتت كليتُه علماءَ لهم مقادير وازنةٌ في دنيا الوطن والاغتراب، ذلك أنه كان صاحب رؤيةٍ واضحة وقرار ثابتٍ وعزمٍ لا يلين، وهي فضائلُ تتزيَّنُ بها العلومُ وتزدانُ الشَّهادات، فلم يمِلْ مع الريح حيث تميل، ولا ثناه صَعْبٌ عن إدراكِ ما أراد. وعلى نهجِه أضحت العامليةُ، كاسْمِ جبلِها، رسوخًا هازئًا بالعواصف. هكذا مرةً أخرى ينبغي للحاضرِ أن يأتمَّ بالتاريخ المضيء، ليكون مهدًا يحتضن غدَ الوطن.quot;

nbsp;وختم المرتضى :quot;سلامٌ لروح رشيد بيضون وصحبِه أبطالِ الاستقلال. سلام لكلِّ من يعملُ على حفظِ معاني استقلالنا الجديد، وعلى حماية مصادر قوتنا المعنوية والمادية. سلام على وطني لبنان، بأبنائه ومناطقه كافةً، بأرضه المحرّرة وتلك التي تنتظرُ موعدَها الآتي، حتى يصيرَ الوطنُ كله على الدوام وطنَ الانتصار والعزة والسماحة والحريّة والإباء.quot;

كركي

قدم للاحتفال عريف المناسبة أمين السر العام للجمعية نزيه حسن كركي، حيث قال: quot;أهلا بكم في عرس الجمعية التي بلغت سنابلها مائة حبّة فحان موعد الحصاد تمهيداً لمئوية ثانية بإذن الله. هي العاملية بأبهى صورها نزفّها إلى صروح العلم عروساً أنيقة الجلباب، شريفة النّسب، عريقة في تاريخها وأصالتها. والعامليّة كمثيلاتها من الجمعيات التربوية الوطنية نذرت نفسها لمحاربة الجهل ونشر ثقافة العلم وإرساء أسس المجتمع المعافى من الأدران المقيتة، دأبها أنّ العلم شرف وخير ميراث هو الأدب، والغنى غنى العقل والفقر هو الجهل، فطوبى لكلّ صرح نهد متصدّياً للجهل والتخلّف،nbsp;هنيئا للعامليّة بعيدها المائة وهنيئا للبنان بالعامليّةquot;.

بيضون

وتحدث رئيس مجلس أمناء الجمعية يوسف محمد بيضون، فقال: quot;على ضفّتي نهر الغربة الجنوبية والبقاعية في عشرينيات القرن الماضي، تقاطر عدد من أبناء الجنوب والبقاع نزوحا من قرى جبل عامل وغيرها نحو العاصمة بيروت طلبا للرزق وكفاية عيش كريم، وسعيا لتعليم أبنائهم في حين كان العلم والتعلّم وقفا على الميسورين.nbsp;وفي العاصمة بيروت آنذاك كان بعض أبناء الطائفة الإسلامية الشيعية قد استقرّوا فيها وعملوا على تحسين أوضاعهم الاقتصادية من خلال التجارة والأعمال الحرّة وكانوا خير ملاذ لأبناء الجنوب والبقاع القادمين إلى العاصمة،nbsp;فتنادى هؤلاء الكرام وقرّروا تأسيس جمعية خيرية ترعى أوضاعهم وتساعدهم على محاربة الفقر والمرض والجهل. فأسّسوا الجمعية الخيرية الإسلامية العامليةquot;.nbsp;

أضاف: quot;نحتفل اليوم بذكرى مرور مائة عام على تأسيس الجمعية الخيرية الإسلامية العاملية ونستذكر المؤسسين الأوائل رحمة الله عليهم وطيّب ثراهم لأنهم نذروا أنفسهم وتفانوا في إنجاح مشروعهم. لعمري لقد أحسنوا الاستثمار في خدمة الخير العام في المجتمع ومحاربة الجهل في تعليم أبناء الفقراء واحتضانهم بانتشالهم من بؤر العوز وهم أطفال صغار دفعت الحاجة أهلهم لإرسالهم إلى الأسواق والطرقات باعة متجوّلين في ظروف صعبة، من أجدادنا المؤسسين لهذا الصرح نستلهم الهمم العالية، نراكم فوق إرثهم هذا العطاء نحو التطور والحداثة، من أفكارهم نقتبس رؤانا المستقبلية نحدّثها نوائم بينها وبين التقنيات المتطورة ونعصرنها دون أن ننسى سالف عطاءاتهم التي أوصلت هذا الصرح إلى النجاح والاستمرار وحصّنته بهمم الرجال الرجال. من الرشيد إلى المحسن إلى الوالد أطال الله عمره سنبقى على النهج نتابع المسيرة لتبقى العاملية نبراسا مضيئا يهدي للتي هي أقومquot;.

وتابع: quot;وإذا كانت الجمعية قد اهتمّت بأبناء الطائفة الإسلامية الشيعية في بدء تأسيسها إلاّ أنّها التفتت إلى أبناء بيروت من مختلف الطوائف والمذاهب إيمانا منها أنّ أبناء الوطن هم عائلة واحدة وحرمان البعض من التعليم أمر لا يجوز ففتحت أبواب مدارسها للقاصي والداني من جميع المحافظات، بل أكثر من ذلك فتحت عدّة مدارس لها في الجنوب والبقاع وجبل لبنان وتعهّدت على نفقتها تأمين معلّمين واستئجار الأبنية ومستلزمات عملية التدريس. وفي بداية الأربعينيات انتقل الإشراف والرعاية لتلك المدارس إلى وزارة المعارف آنذاك.nbsp;من كلمة للمؤسس الراحل رشيد يوسف بيضون موجّهة إلى التلامذة في 19 تشرين الثاني 1956 أقتبس الفقرة التالية: quot;إنّ الغاية التي من أجلها أنشئت الجمعية الخيرية الإسلامية العاملية، هي نشر الثقافة في الربوع الغالية بصورة خاصة، واللبنانية بصورة عامة، ومحاربة الجهل محاربة شديدة، من أجل تكوين جيل جديد، يتفهّم معنى الحياة ومعنى الحرية. ما الكلية العاملية سوى الإدارة الفعّالة لتحقيق هذه الأهداف والمساهمة في بناء مجتمع صالح، يعمل لخير الأمة العربية والوطن اللبناني.quot; ونحن بإذن الله مستمرونquot;.

وختم: quot;ولا تفوتني الإشادة بالنّحات الشاعر اللّبناني المبدع الأستاذ رودي رحمة الذي أنجز التمثال النصفيّ للراحل رشيد يوسف بيضون الذي نحن بصدد إزاحة الستار عنه بعد قليل، والشكر والتقدير لأنامله الرشيقة وعقله المبدع، والشكر موصول إلى معالي وزير الثقافة ومعالي الوزراء وسعادة النواب الحاليين والسابقين ورئيس مجلس بلدية بيروت المهندس جمال عيتاني وأعضاء المجلس البلديّ الذين كانت لهم مساهمة كبيرة في إنجاز حديقة الراحل رشيد يوسف بيضون بالتعاون مع سعادة المحافظ، كما أشكر جميع زملائي أعضاء مجلس الأمناء، وأخصّ بالشكر أيضا مدير مكتب الجمعية الأستاذ محمد موسى حمادة على توثيق وإعداد كتـــاب (تاريخ الجمعية الخيرية الإسلامية العاملية) الذي سيوزّع عليكم عند انتهاء الاحتفال، والشكر أيضا لأمين السر العام للجمعية الأستاذ نزيه كركي على تعاونه لإصدار هذا الكتاب، وإلى الموظفين الإداريين لدى الجمعية وإدارات المدارس العاملية وأفراد الهيئة التعليمية والقادة الكشفيين وكلّ من ساهم وساعد في إنجاح هذا الاحتفالquot;.nbsp;

الخطيب

بدوره، ألقى الخطيب كلمة قال فيها: quot;لمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الجمعية الاسلامية العاملية، نستذكر بفخر واعتزاز دور المرحوم رشيد بيضون في تطوير وتقدم هذه الجمعية الخيرية الإسلامية.nbsp;رشيد بيضون كان شخصية استثنائية وبطلاً حقيقياً في مسيرة العمل الخيري والإنساني في لبنان. إننا نستذكر بفخر إرث المرحوم رشيد بيضون وعطاءه الذي أثرى حياة العديد من الأفراد، وساهم في بناء وحدة لبنان واستقلاله ورقيهquot;.

أضاف: quot;المرحوم رشيد بيضون، بتفانيه وتفكيره الريادي من خلال الجمعية العاملية، وتوسيع نطاق تأثيرها الإيجابي في المجتمع اللبناني، ومن خلال دوره الوطني في الميادين السياسية والاجتماعية والتربوية، رحمه الله وطيّب ثراه. ولا تزال تلعب دورًا فاعلاً ومهمًا في المجتمع اللبناني حتى اليوم، فهي عضو مؤسس في اتحاد المؤسسات التعليمية الخاصة في لبنان، وتعمل على متابعة قضايا المعلمين والمعلمات، على الرغم من الأزمة الحالية التي يعاني منها لبنان، حيثُ تظل ملتزمة بمهمتها الرئيسية في تقديم التعليم وخدمة أبناء المجتمع اللبنانيquot;.

وتابع: quot;إن الذكرى المئوية لتأسيس الجمعية العاملية تمثل فرصةً لنا للتفكير في تاريخنا وموروثنا الثقافي، وللتوجه نحو المستقبل بتطلعات أكبر لخدمة المجتمع وتحقيق التنمية الحقيقية، والعدالة الاجتماعية، والاستقلال الجاد الذي يعني تحرر الوطن والناس من التبعية بكل أشكالِها، والوصول إلى القرار الحر في الميادين الوطنية جميعها، التي منها الاقتصاد والإنتاج والاستثمار والتعليم والصحة والاستشفاء وتحرير الأرض من رجس الاحتلال. لقد كان رشيد بيضون واحدا من الشخصيات الوطنية الذين عملوا بإخلاص لبناء لبنان، على اسس متينة بعد الاستقلال عن الانتداب الفرنسي، ولأن العلم والمعرفة والثقافة الوطنية تشكل اللبنة والقاعدة المتينة للاستقلال ودوام اي أمة واي وطن، شغل هذا الاهتمامُ بالَ رشيد بيضون وغيره من الشخصيات الوطنية الواعية والمخلصة، ودفعهم إلى تأسيس الصروح العلمية والتربوية، وكانت البرامج التربوية والبرامج التعلمية تسير جنبا إلى جنب لان العلم حيادي، ويُحتاج للاستفادة منه بالاتجاه الذي يخدم الأهداف الوطنية، وعلى رأسها وحدة القيم الوطنية الضرورية التي تشكل الضمانة لقيام واستمرار اي امة واي وطن، ولأن الصروح العلمية وحدها قاصرة عن تلبية هذا الهدف، كانت الحاجة اكثر من ضرورة الى وجود برامج تربوية تقوم بمهمة توجيه النشءnbsp;وتربيته على القيم الوطنية والاخلاقية المشتركة.nbsp;ولأن لبنان متعدد الاديان ومتنوع الطوائف، ويشكل الانتماء للإسلام والمسيحية الغالبية من اللبنانيين، كان من اليسير ايجاد سياسة تربوية وطنية واحدة تحكم الجميع، وتوحيد المنهاج التربوي وتضمينه القيم الاخلاقية الاسلامية والمسيحية التي لا تتنافى مع القيم الوطنية بل تعززها وتدعمها بدل البناء على قيم بديلة وهجينة وتابعة تأخذ قيم المجتمع الاجنبي النموذج، وتفصله عن ثقافته الاصيلة، وتصورها بانها ثقافة متخلفة تتعارض مع اهداف المجتمع المعاصر، وتحول بينه وبين التقدم والحداثة في كذبة انطلت على الكثيرين، أودت بالمجتمع اللبناني والعربي والشرقي بشكل عام الى نتيجة معاكسة من التخلف والتبعية، والى الانحدار إلى مستوى الجرأة الى الدعوة إلى تشريع الشذوذ الجنسي والتفلّت الاخلاقي، وإلى تجاوز القانون والاعراف واستخدام الاعلام والاعلان لنشر ثقافة الانحطاطquot;.nbsp;

وقال: quot;وهنا نشير الى انه يبقى المخزون الثقافي والقيمي الأخلاقي والديني لدى الاغلبية المطلقة من الشعب اللبناني السد المنيع أمام هذه المحاولة، التي تهدفُ إلى تشويه صورة المجتمع اللبناني وإسقاطه اخلاقياً والمطلوب من المرجعيات الدينية تفعيل اللقاء الوطني لصون الأسرة حتى يؤدي دوره المطلوب في هذا المجال وهي المعني الأول بهذا الواجب الوطني والإنساني الذي يمسّ بالقيم الأخلاقية والاجتماعية والوطنية والدينية. اما العديد من القوى السياسية فيبدو اما انها مشجعة لهذا الانحراف، أو انه أمر لا يهمها، ومنشغلة في المواجهات السياسية على مغانم السلطة ومكاسبها، واما السلطات السياسية والقضائية فلا يبدو أن حماية المجتمع وقيمه وتطبيق القانون يشكل لها همًا، كما انها عَجَّزت نفسها عن تطبيق القانون، هذا إن كان لديها الارادة لتطبيق القانون ومنع الاخلال بالأخلاق العامة وقيم المجتمع، لأن الخلل يكمنُ في الثقافة السياسية والبناء السياسي للنظام، الذي يتسبب في إنتاج المشكلات السياسية وتكرارها والعجز الذاتي عن إنتاج الحلول المستدامة، ويُبقي الحاجة للتسويات وإلى تدخل العنصر الخارجي للخروج من الازمات في ما العلة معروفة وهي في اساس النظام الطائفي الذي تعترف الاغلبية بها، ولا تعمل على التخلص منها اما لأن مصالح القوى الطائفية مرتبطة بها، أو لأنه لا يسمح لها بذلك من قبل الجهات المرتبطة بها. وإذا كانت الجهات الخارجية المتدخلة في الشأن اللبناني تريد مساعدة لبنان في الخروج من محنته، فإن المساعدة الحقيقية هي في مساعدة اللبنانيين على إنتاج نظام ديموقراطي مدني دولة المواطنة، كما هو حال الانظمة الديمقراطية في العالم وليس تسوية لأن التسويات تبقى مؤقتة، فهي ليست حلا نهائيا للمشكلة اللبنانية، لا على أساس طائفي، فما ان يعود الوسيط الخارجي إلى بلاده حتى تظهر مشاكل اخرى لا تنتهي، وتبقي اللبنانيين في نفس الدائرة، مع علمنا ان هذا في نهاية المطاف يعود إلى قناعة اللبنانيين أنفسهم، الذين صدق بعضهم الكذبة بأن النظام الطائفي يحميهم من الوهم المخترع. ومع قناعتنا بأن هذا الحل، وهو الخروج من النظام الطائفي الى كنف دولة المواطنة، يحتاج الى وقت وجدية في العمل عليه من قبل المخلصين للبنان، فالمطلوب الان التوافق بين القوى السياسية على رئيس للجمهورية، يكون قادرًا على جمع اللبنانيين على طاولة الحوار للقيام بالإصلاح الشامل لبنية النظام السياسي، على صورة لبنان الجمال لا لبنان المشوّهquot;.

nbsp;

وأضاف: quot;وسواء كانت لدى القوى السياسية النية والارادة والقدرة على القيام بهذا الواجب ام لا، يبقى الأمل بالتغيير معلقاً على النخب الثقافية والاجتماعية الواعية، التي يجب ان تأخذ دورها في تكوين الرأي العام والظروف اللازمة لتحقيق هذا الهدف الإنساني والاخلاقي والسياسي، المتمثل بالعمل على إنتاج دولة المواطنة، التي تساوي بين مواطنيها في الحقوق والواجبات بشكل كامل. ومن المناسب جدا أن يتولى هؤلاء المثقفون مهامهم في رسم سياسات الدولة الحديثة، دولة المواطنة، وذلك بالتقدم بمشاريع قوانين إلى مجلس النواب لإصدار القوانين المناسبة، والى الحكومة اللبنانية لإصدار المراسيم المناسبة أيضاًquot;.

وختم مباركا للجمعية الاسلامية العاملية الذكرى المئوية لتأسيسها، سائلاً الله لها وبرئاسة الاستاذ يوسف بيضون مزيدا من التوفيق للاستمرار في العطاء والتقدم في خدمة مجتمعها.

الحلبيnbsp;

وألقى الوزير الحلبي كلمة قال فيها: quot;ليس هذا الجمع في مئوية الجمعية الخيرية الإسلامية العاملية، مجرد مناسبة عابرة، إنما هو احتفال يستعيد ذاكرة لبنان. تحتفل الجمعية في ذكرى مئة عام على تأسيسها فيما مئوية لبنان الكبير سبقتها بثلاث سنوات، وهذا يعنى أنها واكبت مع مؤسسها الراحل رشيد بيضون كل التاريخ اللبناني منذ ما قبل الاستقلال ومرحلة الانتداب وصولاً الى الاستقلال، مع سلسلة من المدارس خرجت الآلاف من تلامذتنا، وكانت خير شاهد على الكفاءات اللبنانية التي تالقت في البلد وفي دول الاغترابquot;.

أضاف: quot;في هذا اللقاء لا يسعني من على منبر الثانوية العاملية، هذا الصرح التربوي العريق إلا أن أحيي الدور التاريخي لهذه المؤسسة ومدارسها ومتخرجيها، وهي تشكل فخراً لنا لما فتحته من أفاق تعليمية لأجيال تعاقبوا عليها حملوا راية هذا الصرح والتعليم اللبناني وأدوا ادواراً مهمة في تاريخ لبنان الحديث. تنتسب العاملية للبنان الذي عرفناه قبل الحرب في مدارسها ومن هذه الثانوية بالذات أكدت انتماءها الوطني قبل أن تصبح المؤسسات التعليمية جزءاً من الموزاييك الطائفي اللبناني الذي ترسخ بعد الحرب الاهلية. يعود الفضل في انتساب الجمعية للبنان الكبير لمؤسسها رشید بيضون الذي كان يمتلك الجرأة لخوض غمار التحدي من خلال نشر التعليم وبناء المدارس، إذ لم يقتصر ذلك على أبناء الطائفة الشيعية الكريمة انما كان انتماؤه للبنان هو الاساس، وهو الذي ساهم من مواقعه التربوية والسياسية والنيابية في نهضة لبنان وفي رفع مستوى العلم لدى اللبنانيين مركزاً على المهمشين منهم والمحرومين عندما كانت الدولة لا تمنح الرعاية لجميع أبنائهاquot;.

أضاف: quot;في مئوية الجمعية لا يمكن الحديث عنها وعن تاريخها الا بالعلاقة مع تاريخ الكيان اللبناني والتعايش بين طوائفه. فتأسيس الجمعية وما لحقها من انشاء شبكة مدارس تمتد من بيروت وجبل لبنان إلى الجنوب والبقاع لم يكن لإثبات الوجود بل لقناعة راسخة بالانتماء إلى الوطن كجزء من المكونات التي شكلت الصيغة اللبنانية والمنفتحة على الحوار والتسويات وتنظيم الخلافات بين الجماعات الأهلية والطائفية وصولاً إلى بناء الدولة العادلة. الشواهد كثيرة على الدور والموقع الذي مثلته العاملية في لبنان، وإن كانت الحرب أخذت من رصيدها كما من رصيد الوطن. يشهد على دورها اختيار الإمام موسى الصدر الكلية العاملية معتصماً لإيقاف الحرب الأهلية ومن مسجد الصفا في الكلية ألقى خطباً تسجل في تاريخنا لما تحمله من بلاغة واستدراكاً للخطر الذي يتهدد لبنان في تلك المرحلة، ومواقف راسخة ضد العنف. قال بصوت مرتفع حين ابتلي بلدنا بمصيبة كبرى: علينا أن نبتعد عن العنف، نريد أن نتغلب على الغلبة لا على الطرف الآخر. نريد أن نقوى على القوة، نريد أن نسيطر على العنف نفسه. بلدنا يأبى أن يكون الحق فيه للقوةquot;.

وتابع الحلبي: quot;هذا هو لبنان الذي نريده، بلد بلا عنف يكون فيه الحوار أساساً لتنظيم الخلاف والوفاق ضمانة للاختلاف، والتربية هي التي تحصن هذا المسار. وعلى هذا كانت العاملية جزءاً من هذا الخط بدءاً من مؤسسها رشيد بيضون الذي اختار أن يؤسس مدارس تكون التبعية فيها للعلم والمعرفة لا للإقطاع والجهل فقبل مئة عام عُرف أنه منقذ الاطفال من الشوارع عندما جمعهم في عشرينات القرن الماضي لكي يلتحقوا بالمدرسة. جرت الحادثة قبل سنة من تأسيس الكلية العاملية عام ۱۹۲۳، تلاها افتتاح مدارس بين الجنوب والبقاع وجبل لبنان. وعُرف أيضا أنه رجل استقلالي مساهمnbsp;من موقعه في انعتاق لبنان من الانتدابquot;.

واشار الى ان quot;نشر العلم والمعرفة بين كل الفئات الاجتماعية هو خيار المؤمنين بالدولة وهو رسالة اخلاقية تعبر عن مدى الالتزام بقضايا الناس وتأمين مقومات صمودهم. ولا شك في أن أي مؤسسة مهما كانت تملك من رصيد تمر بمراحل صعبة، فالنجاحات توازي الاخفاقات أحياناً، ولهذا أسباب عديدة لا تتعلق فقط بالامكانات بل بالتغيرات التي يشهدها البلد ومن بينها الأزمات التي نعيش أخطرها اليوم بفعل الانهيار المستمر منذ أربع سنوات. كل مؤسسة بحاجة لإعادة هيكلة وتقييم للتمكن من الاستمرار والمنافسة وليس لدي شك ابداً أن العاملية ليست غريبة عن هذا المسار وفي تأدية الدور والمسؤولية من روح هذا الصرح العريق وحمل الرسالة التربوية والإنسانية في بلدنا الذي عصفت به الأزمات وأطاحت أو كادت تطيح بموقعه المتميز في مختلف القطاعات خصوصاً التعليم وهو ما يضعنا أمام تحديات كبرى حول تطوير النظام التربوي الذي يحتاج بالدرجة الأولى إلى الاستقرار واستعادة الدولة لمؤسساتهاquot;.

وقال: quot;بالأمس أطلقنا خريطة طريق الاصلاح التربوي، ونحن حريصون على أن تشمل كل قطاع التعليم في لبنان. إن بناء النظام التربوي يتطلب إعادة تقويم ووضع معايير تعزز التربية على الديموقراطية والاستفادة من تجارب الآخرين لتحديد المشكلات عبر خطط عمل تتضمن آليات وحلولا في التصدي للأزمات. ولا شك في أن تجربة العاملية التعليمية تستند إلى إرث عريق، فالتعليم يجب أن يكون سبيلاً وحيداً للنهوض وللتقدم وبناء المجتمعات وأيضاً السعي لأن تكون التربية من الأولويات، وتدفع بها نحو التطور والتحول الرقمي وتعزيز المهارات والكفايات وترسيخ بناها لمواجهة الأزماتquot;.

واضاف: quot;من على هذا المنبر أجدد التصميم على حماية التعليم وتأمين مقومات صموده. التعليم الخاص يعاني كما الرسمي من أزمات حرصنا على معالجتها وتأمين مقومات استمراره مع تشديدنا على معالجة ملف الأقساط والعمل على تعديل مناسب للقانون ٥١٥. ونحن نعتبر أن التعليم يرتبط بالعدالة أولاً وأخيراً. إننا نعتبر المدرسة الخاصة ركناً أساسياً في التعليم ويهمنا التأكيد على حمايتها أيضاً إلى جانب التعليم الرسمي، فالقطاعان العام والخاص في التربية يكملان بعضهما البعض، وأي خلل في قطاع سينعكس حكماً على الثاني ويتسبب في مشکلات نحن في غنى عنهاquot;.

وختم مؤكداnbsp;أن quot;لبنان سيبقى رائداً في التربية وعلينا أن نستعيد دوره المتميز. ولا شك أننا نستند إلى ممارسات مترسخة وتاريخية في التعليم، تشكل اساساً لوضع الخطط من أجل الاصلاح والتطوير. ويبقى الرهان دائماً على أجيالنا في مقاعد الدراسة أن تحمل الراية وتستعيد دور لبنان التعليمي والثقافي. فتحية إلى مؤسسي العاملية وإلى إدارتها اليوم التي تسعى جاهدة للنهوض والتقدمquot;.

الحريريnbsp; nbsp;nbsp;

nbsp; واعتبرت الحريري ان quot;الراحلnbsp;الكبير رشيد بيضونnbsp;واحد من كبار quot;لبنان الكبيرquot; .. الذين عرفوا أنّ جوهر الشّراكة الوطنية هو العلم والمعرفة والتنور والانفتاح،nbsp;وأنّ نجاح وازدهار واستقرار هذه التجربة يجب أن يقوم على مواءمة الأهداف مع المنطلقات،nbsp;فكان لكبار quot;لبنان الكبيرquot; مناراتهم المعرفية التربوية التي تعبر عن إرادتهم الصّلبة،nbsp;وإيمانهم العميقnbsp;بقوة وثبات الهوية الوطنية الجامعةnbsp;التي تجسّدت في بيروت،nbsp;المدينة الحاضنةnbsp;لكلّ أبناء لبنان،nbsp;بكلّ كرم وكبر وإباء،nbsp;وفي بيروت المدينة تلاقت الإرادات الطيبة بين عموم أبناء المناطق اللبنانيةnbsp;على مدى مئات الأعوامnbsp;ونجحوا في تكوين النّسيج الوطني الفريدnbsp;والذي شكّل جسر تواصل بين الشرق والغرب،nbsp;والإنفتاح على العلوم والثّقافات والحضارات واللّغات،nbsp;وأصبحت بيروت مدرسة كلّ لبنان والمنطقة،nbsp;بالإضافة إلى مرافقها العلمية والصحية والتّقنية والطباعية والحريات الإعلامية حيث شيّدت منارات الحرية والتّنوير والإنفتاحnbsp;واحتضنت بيروت المدينة كلّ الباحثين عن مستقبل آمن ومستقر للاجيالquot;.

وقالت: quot;لا أخفي سراًnbsp;بأنّني أتهيّب كثيرا الوقوف أمامكمnbsp;لأتحدث عن كبير من كبار quot;لبنان الكبيرquot;،nbsp;هذا الوطن الحبيب والجريحnbsp;الذي استطاع أبناؤه الكبار أن يجعلوه قدوةومثالاً ونموذجاًnbsp;للشراكة الوطنية،nbsp;يوم آمنوا بالعلمnbsp;والمعرفةnbsp;والشراكة سبيلاً لصناعة النهوضnbsp;والتقدمnbsp;والاستقرارnbsp;ونجحوا وتفوّقوا على كلّ التّحدياتnbsp;واعتمدوا القواعد الصّلبة في بناء المؤسساتnbsp;والتي كانت الغاية منها سلامة الأجيالnbsp;وتحقيق العدالة والمساواةnbsp;في العلم والمعرفةnbsp;وتكافؤ الفرص بين كلّ أبناء لبنانquot;.

أضافت: quot;اليوم وبعد مئة عام نلتقي معاً في بيروتnbsp;عاصمة لبنان المعرفةnbsp;والأخوّةnbsp;والشّراكة الوطنية الحقيقيةnbsp;لنحتفل بمرور مئوية من النّجاح القاطعnbsp;والواضحnbsp;والكبيرnbsp;الذي حقّقته الجمعية الخيرية الإسلامية العامليةnbsp;بفضل تمسك إداراتها المتعاقبة بقيم وأهداف المؤسسة،nbsp;وفي مقدمتهم الأخ الكبير والصديق السيد يوسف محمد بيضونnbsp;الذي آمن بأهداف الجمعية العاملية السّاميةnbsp;في تعزيز إرادة الخير العامnbsp;وتشجيع العلمnbsp;ومحاربة الجهلnbsp;لتكون إمتدادا للإرادة الوطنية العاملية الجنوبيةnbsp;التي حملت حلم لبنان الكبير مع كبار لبنان،nbsp;رحم الله الراحل الكبير رشيد بيضونquot;.nbsp;nbsp; nbsp; nbsp;nbsp;

عبود

وكانت كلمة للمحافظ عبود قال فيها: quot;من ثماره تعرفونه،nbsp;قول حكيم جسّده روحاً وعملاً وجهادًا رشيد يوسف بيضون الذي يعتبر من رموز الاستقلال التاريخيين ممن وقعوا العلم اللبناني الأول. زرع الرشيد ثماره بالعطاء والاِيمان والعلم والمعرفة، رواها بماء الصبر فاستمرت نضرة فواحة، انتجت وما زالت تنتج أجيالا من علماء ومثقفين ومهنيين في المجالات nbsp;كافة. كانت ثمرة الرشيد الأم اَنشاء الكلية العاملية في العام ١٩٢٣ في بيروت، والتي يحتفل لبنان الرسمي والشعبي في الثالث والعشرين من حزيران الحالي بمئويتها الأولى لتكر بعدها صروح العلم والتربية والتعليم من مدارس ومعاهد وكليات على امتداد لبنانquot;.

أضاف: quot;انجازات تعجز مجتمعات عن تحقيقها، خصوصا وأن اِنشاءها حصل في مراحل صعبة من تاريخ لبنان الحديث، وحين كانت الجامعتان الأميركية والفرنسية تتصدران المشهد العلمي والثقافي في بلاد الأرز. لكن الرشيد المؤمن والمتنوّر على أيدي بعض علماء جبل عامل ومثقفيه الكبار، الصابر والغيور على بلاده وأبنائها، والعروبي الصادق، اقدم ونجح حين لم يجرؤ غيره من الزعامات السياسية والقيادات الوطنيةquot;.

وتابع: quot;ليس لدي nbsp;أدنى شك أن لبنان الرسمي على امتداد رؤسائه وحكوماته، تأخر كثيرا في تكريم الرشيد على مبادراته المعطأة nbsp;واِنجازاته الكبيرة في مجالات العلم والتربية والسياسة، اِنما خير أن يأتي التكريم متأخرا من ألّا يأتي ابداً. والخير الأكبر أن تتعرف الأجيال الشابة على مسيرة رجل عاملي التنشئة والتربية والثقافة، أمضى حياته في العطاء بغير حساب، والتضحية بغير مكابرة ولا ضجيج إعلامي، عمل بسكون حتى بعد دخوله المجال السياسي مدعوما من شريحة كبرى من المواطنين، وقد شاركهم احلامهم وطموحاتهم كما احزانهم وأفراحهم، مما اهّله ليكون لسان حالهم تحت قبة البرلمان يرافقه ضمير حي يعي واجباته الوطنية والإنسانية بكفين نظيفين، لم يلوثها بوحول السياسةquot;.

وقال: quot;ايمان الرشيد بالعلم nbsp;جعله رسولا للمعرفة والاِستزادة منها، واعتبرها وصية يجب العمل بها nbsp;كما وتمريرها جيلا بعد جيل، دون أي تمييز بين فقير وغني، أو بين مذهب وآخر، ولا حتى بين مختلف المناطق اللبنانية. لم يكتف الرشيد بالقراءة بل حوّل قراءاته إلى إنجازات، على سبيل المثال لا الحصر، لم يكن أحد ليصدّق أن الرشيد ابن بيروت وجبل عامل وعائلة بيضون الأصيلة في وطنيتها وعروبتها وعلمائها ومثقفيها، أن يقدم أحد أبنائها المعروفين بالنبل والفروسية، على مبادرة استثنائية تستمر حتى اليوم مثالا في الجرأة والفرادةquot;.

واضاف: quot;اقدم الرشيد بعد جولة مطوّلة في شوارع بيروت وأحيائها الشعبية على عملية rdquo;خطفrdquo; لم تشهد البلاد مثيلا لها- ولن تشهد أغلب الظن- خطف الأولاد الفقراء والمعدمين من باعة العلكة وأكياس الورق وماسحي الأحذية الى دارته، ثم طالب باِحضار ذويهم ليقول لهم بالحرف الواحد rdquo;هؤلاء أولادي وليسوا اولادكمrdquo;.. وتعهّد لهم بتقديم كل مساعدة مالية وتسهيلات تربوية ليلتحقوا بمدارسهم، تماما كما حال أولاد الأغنياءquot;.

وختم: quot;لابد لي من أن أشكر كل من حافظ على إرث الرشيد، هذا الإرث الذي يغني العاصمة بيروت بالعلم والعطاء، و يبلسم جراح الفقراء والمعوزينquot;.

وكانت قصيدة شعرية للنحات رودي رحمة، ثم ازيحnbsp;الستار عن تمثال الراحلnbsp;رشيد يوسف بيضون.

nbsp;

nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp;============ر.إ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى