.

نائب مجري: الهيمنة الغربية تتهاوى 

تطرّق النائب المجري والمدير السياسي لرئيس الوزراء المجري بالاز أوربان إلى تهاوي الهيمنة الغربية في العلاقات الدولية.

وفي مقالة نُشرت على موقع “National Interest”، قال الكاتب: “إن الهيمنة الغربية تستند الى ثلاثة أعمدة، الأول هو مكانة الغرب كالقوة الاقتصادية الأساس لمدة عقدين من الزمن، والثاني هو إنشاء كيانات مؤسساتية منحت الغرب القدرة على وضع قواعد العولمة. أما العامود الثالث فهو نظرية التعاون بين الولايات المتحدة وأوروبا من أجل ترويج النموذج الليبرالي الجديد السياسي والاقتصادي بهدف نشوء “عالم أكثر سلمًا””، وفقًا لأوربان.

وشدّد الكاتب على أنه بدأت تبرز مؤشرات تعكس تهاوي النفوذ في الأعمدة الثلاثة المذكورة، كما تحدث عن فشل ذريع في العامود الثالث على وجه التحديد، حيث قال: “إن فرض النموذج السياسي والاقتصادي النيوليبرالي لم يؤد إلى حالة نفور لدى بقية العالم بل إلى تعزيز التعاون بين الخصوم”.

كذلك تابع الكاتب “أن العامود الثالث يستند على أرضية هشة”، لافتًا إلى قيام المنافسين برسم اتفاقيات بديلة وتشكيل تحالفات وتشكيل منابر لمعالجة النزاعات. 

وأردف أن “لحظة التحويل تبدو حتمية حيث سيتخطى المنافسون الإطار المؤسساتي الذي وُضع خلال العقود القليلة الماضية من عصر العولمة، وذلك من خلال وضع أنظمة بديلة”.

وتابع الكاتب “أن النظرة المعمّقة في العامود الأول تكشف أيضًا عن احتمالات مثيرة للقلق”، مضيفًا أن “الخصومة الاقتصادية بين الغرب وبقية العالم تتجه نحو التوازن بعد مضي عقدين من الزمن”، لافتًا إلى التحول الحضاري المفصلي. 

واعتبر أنه يمكن ملاحظة هذه التحولات في خمسة مجالات وهي القوة الاقتصادية والوصول إلى الموارد الحيوية مثل المواد الخامة والطاقة، وكذلك التحولات الديمغرافية والتقدم التكنولوجي والقدرات العسكرية.

وأضاف الكاتب أن “الشرق شهد زيادة كبيرة في الإنتاج الاقتصادي على حساب الغرب”، مشيرًا إلى أن “الإنتاج الاقتصادي للغرب على مستوى العالم بلغ أكثر من خمسين في المئة عام 1990، بينما أصبح اليوم نسبته ثلاثين في المئة فقط”. وشدد على أن “النمط هذا سيستمر بينما ينتقل مركز الثقل الاقتصادي أكثر فأكثر تجاه الشرق”.

كذلك قال الكاتب: “إن الاتجاهات الديمغرافية أيضًا تسير عكس هوى الغرب”، مشيرًا إلى أن “سبعة مليار شخص يعيشون في دول تقع خارج المعسكر الغربي”، مضيفًا أن “المعطيات تعكس أزمة ديموغرافية في الغرب وفي أوروبا على وجه التحديد وذلك رغم مساعي دول مثل المجر من أجل تنفيذ السياسات بهدف رفع معدلات الإنجاب”.

كما تحدث أوربان أيضًا عن احتدام المنافسة في المجال التكنولوجي وعن استثمارات اللاعبين الناشئين في مجالات البحث والتنمية، مؤكدًا أن حجم هذه الاستثمارات يساوي تقريبًا ما تستثمره القوى العملاقة المعروفة بهذه المجالات.

واذ أكد الكاتب أن الغرب يتفوق على الشرق في القوة العسكرية، قال: “إن الإجماع السائد هنا يعكس عبثية استغلال هذا التفوق، اذ إن ذلك يحمل معه تداعيات عالمية خطيرة”.

واعتبر الكاتب أن “أوروبا الوسطى باتت أمام مشهد جديد على الصعيدين الجيوسياسي والجيواقتصادي، لافتًا إلى نشوء عالم متعدد الأقطاب يكون فيه الغرب أحد مراكز القوة فقط”.

كما تحدث الكاتب عن ضرورة تركيز المساعي على تعزيز الروابط مع طيف واسع من الدول واللاعبين. 

وأضاف أن “أوروبا وعلى مدار التاريخ ازدهرت من خلال دور الوسيط بين الشرق والغرب حيث شاركت بالتجارة المنصفة”، معتبرًا أن بإمكان أوروبا تخطي التحديات من خلال إعادة تبني هذه المبادئ. 

كذلك لفت الكاتب إلى أن “دول أوروبا الوسطى تشكل نسبة 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي، وباتت تشكل خامس أكبر كتلة اقتصادية في الاتحاد”، مردفًا أن “ذلك ترافق معه نمو سريع يتخطى النمو في أوروبا الغربية”. 

وعليه، شدد على أن مواقف دول أوروبا الوسطى يجب أن يأخذها الشركاء الغربيون في الحسبان، مؤكدًا ضرورة أن تؤسس أوروبا جيشها الخاص للدفاع عن نفسها وتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة، مضيفًا أن بإمكان أوروبا تولي  مسؤولية أكبر حيال دفاعها ومشاركة العبء مع الولايات المتحدة، مشيرًا إلى علاقة أكثر توازنًا بين أوروبا والولايات المتحدة.

وفي الختام، شدّد الكاتب على ضرورة أن تحافظ أوروبا على قيمها المسيحية ضمن إطارها السياسي، قائلًا: “إن شعوب دول أوروبا الوسطى تركز على ذلك كونهم يرون أن القيم والتعاليم المسيحية يمكن أن تترجم إلى مبادئ سياسية واقتصادية تساهم في تحسين الوضع في أوروبا”. 

كذلك قال: “إن هذه القيم تشكل أرضية ثقافية مشتركة يمكن أن تتعاون الدول الأوروبية من خلالها”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى