.

جنين ومُخيّمها يكسران بعد المقاومة في لبنان “الجيش الذي لا يُقهر… “سقوط نظريّة “السلام مُقابل الأرض” ليتقدّم “السلاح لاستعادة الأرض”

كتب كمال ذبيان في جريدة “الديار”

اتجهت الانظار الى جنين ومخيمها، التي خطفت الاضواء، في محاولة من العدو الصهيوني لكسر ارادة المقاومة فيها، ففشل بعد حوالى اسبوع من عمليته العسكرية، التي استخدم فيها قواته البرية والجوية والنخبة في جيشه، لكنه واجه قتالاً شرساً خاض فيها المقاتلون الفلسطينيون من ابناء جنين ومخيمها حرب شوارع حقيقية، واستعملوا عدا الاسلحة الرشاشة، القذائف الصاروخية والعبوات الناسفة، فسجل هؤلاء معارك بطولية، حيث تم كسر هيبة “الجيش الذي لا يُقهر”.

وكان للاحتلال الاسرائيلي معارك سابقة ضد جنين ومخيمها في العام 2002 واعوام اخرى، ولم يتمكن من دخول المنطقة التي استعصت عليه، فمثل مخيم جنين النموذج للمقاومة التي لا تُقهر، اذ حاول رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، حل ازمته الداخلية مع المعارضة المتصاعدة ضده، والتي تتهمه بالفساد بانه يهرب من ازمته، فزج بالجيش في جنين ومخيمها وخرج مهزوما، وطلب الانسحاب منهما دون تحقيق اهداف عدوانه، وهذا ما صعّد من المعارضة “الاسرائيلية” ضده، والتي تدعوه الى الاستقالة ومحاكمته.

فجنين ومخيمها، هما نموذج يحتذى في الضفة الغربية كلها، في نابلس وطولكرم ورام الله وغيرها من المدن والبلدات، التي قررت استرجاع الارض بالسلاح، حيث فشل ما سُمي “اتفاق اوسلو” باستعادة الارض، التي لا يعترف اليهود بانها فلسطينية، بل “ارض اسرائيل” المسماة “يهوذا والسامرة”، فخرج وزراء من الاحزاب الدينية الصهيونية في حكومة نتنياهو، يعلنون عدم وجود فلسطين او شعب فلسطيني، ويدعون الى قتلهم وتهجيرهم وتدمير مقدساتهم التي بنوها فوق “هيكل سليمان”، كما يعلن المتطرفون عن تشييد المسجد الاقصى، ويعملون على هدمه.

هذا في جنين ومخيمها، حيث تزداد المقاومة في الضفة الغربية، وتستمر في غزة التي انسحبت قوات الاحتلال منها في العام 2004، وفكك وزير الدفاع الاسبق ارييل شارون 21 مستوطنة صهيونية في محيطها، حيث استفاد الفلسطينيون من المقاومة في لبنان التي دحرت الاحتلال الاسرائيلي وعملائه في 25 ايار 2000، وقد حاول العدو الاسرائيلي الثأر من هزيمته في لبنان بعدوان عليه صيف 2006، فتلقى صدمة بصمود المقاومة واطلاق نحو 100 صاروخ يوميا على المواقع العسكرية والمستوطنات لمدة 33 يوما، حيث فشل جيش العدو في تحقيق اهدافه بضرب قوة الردع للمقاومة، او تدمير صواريخها.

وبفشل العدو الصهيوني في تحقيق اهدافه في جنين ومخيمها، كما في مناطق اخرى من الضفة الغربية، فان الصراع معه تحوّل وجودياً، مع سقوط ما سمي بـ “السلام” مع الكيان الصهيوني او التطبيع معه، كما يقرأ محلل استراتيجي ما جرى في جنين ومخيمها، وتصاعد عمليات المقاومة، التي انتقلت من انتفاضة سلمية الى عسكرية، حيث انقلب الميدان لصالح المقاومة التي نظمت صفوفها في كتائب وفصائل ومنها “كتيبة جنين”، وانشاء غرفة عمليات مشتركة مكونة من كل الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة “فتح” التي وقعت “اتفاق سلام” مع العدو الاسرائيلي الذي اسقطه ولم ينفذه، مما وضع السلطة الفلسطينية في موقع حرج امام الشعب الفلسطيني، الذي سلك خيار المقاومة بعد ان اظهر فشل “اتفاق اوسلو”.

وتراجع خطاب ما كان يسمى “السلام” الذي تبنته “منظمة التحرير الفلسطينية”، التي حاول رئيسها محمود عباس (ابو مازن) ان يدافع عن “نهج السلام”، لكنه جوبه بان العدو لم يوقف بناء المستوطنات، واستمر بضم الاراضي ولن يعيد القدس عاصمة لدولة فلسطين، ولم يعترف بحق العودة للفلسطينيين، لا بل ان من وقع “اتفاق السلام” اسحق رابين اغتاله مستوطن صهيوني متطرف، الذي غذاه نتنياهو بكتابه “امة تحت الشمس”، لا يعترف فيه بوجود فلسطين، اضافة الى ان اميركا راعية “اتفاق اوسلو” انسحبت منه ولم تعمل لتنفيذه، وكان آخر سقوط له مع الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، الذي اعلن عن “صفقة القرن” التي تلغي كل اتفاقات “السلام”، وتدعو الى “اتفاق ابراهاما” الذي يجمع “الاديان الابراهيمية”، وينهي الصراع على الارض، التي هي فلسطين الموعودة من “اله اليهود” الذين هم “شعب المختار”.

فكل صيغ السلام لم تنجح، الا بما يؤمّن مصالح “اسرائيل”، لذلك قرر الفلسطينيون ان “يأخذوا بالقوة ما اخذ منهم بالقوة”، فكان السلاح مقابل الارض، وليس شعار “السلام مقابل الارض”، وفق ما يؤكد قادة فصائل المقاومة الذين لن يتراجعوا عن القتال، وان الهدنات التي تحصل ما هي الا لبناء مزيد من القوة والردع، حيث تزداد عمليات البناء العسكري المنظم، بوجود مصانع اسلحة لدى المقاومة التي ارتفعت نوعيتها، وبات المستوطنون يشعرون بان المقاومين يخوضون معهم حرب البقاء، وهذا ما شجع على الهجرة المعاكسة من الكيان الصهيوني، الذي اتى اليه يهود من العالم لاقامة اسرائيل “الكبرى”، لتنفيذ وعد اليهم بالاستيطان “بارض التوراة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى