.

لبنان يُطالب الأمم المتحدة بوقف القضم «الإسرائيلي» للغجر… وبـ«تثبيت» خط الحدود البريّة!!

كتبت دوللي بشعلاني في جريدة “الديار”

يبدو أنّ التمديد لمهام قوّات «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان، عند انتهاء ولايتها في 31 آب من كلّ عام، عملاً روتينياً. غير أنّ الحقيقة هي عكس ذلك تماماً. ففي كلّ مرّة، تُعقد جلسة في مجلس الأمن لتمديد ولاية القوة المؤقّتة في لبنان لسنة أخرى، تُحاول الولايات المتحدة الأميركية الإستفادة من هذه الفرصة بهدف توسيع مهام هذه القوّات، وتقليص دور حزب الله في جنوب لبنان. أمّا الهدف من ذلك، فهو إراحة حليفتها في المنطقة وتأمين كلّ ما يُسهّل مصالحها فيها.

في العام الماضي، على ما تقول مصادر ديبلوماسية مطّلعة، تمكّنت الولايات المتحدة في القرار 2650 (2022)، الذي جرى بموجبه التمديد للقوة الدولية لعام آخر، الإبقاء على ما انتزعته في العام الأسبق في القرار 2591 (2021)، إذ طلب مجلس الأمن من «اليونيفيل» اتخاذ «تدابير مؤقّتة وخاصّة « لمساعدة القوّات المسلّحة اللبنانية في الغذاء والوقود والأدوية والدعم اللوجيستي». وقد جرى تمديد هذا الدعم لمدّة ستة اشهر أخرى فقط في العام الفائت. وكان الهدف من ذلك توسيع دائرة عمل هذه القوة، لكي تتمكّن من الدخول الى كلّ المناطق والأماكن من دون أي موانع. وكان كرّر المجلس أنّ «اليونيفيل» لا تحتاج الى إذنٍ مسبق أو إذن من أي شخص للإضطلاع بالمهام الموكلة اليها، وأنّه يُسمح لها بإجراء عملياتها بشكل مستقلّ، داعياً الأطراف الى ضمان حرية حركة «اليونيفيل»، بما في ذلك السماح لها بتسيير الدوريات المُعلن وغير المُعلن عنها.

وتقول المصادر بأنّ قرار التمديد دعا في العام الماضي، القوّات المسلّحة اللبنانية والأمين العام للأمم المتحدة الى «تحديد معايير محدّدة وجداول زمنية للنشر الفعّال والدائم لهذه القوات في جنوب لبنان وفي المياه الإقليمية التابعة له»، مشجّعاً عناصر الجيش اللبناني على «نشر فوج نموذجي منها في منطقة العمليات». وكلّ ذلك بهدف الحدّ من تأثير عناصر حزب الله في المنطقة الجنوبية الحدودية مع «إسرائيل» (فلسطين المحتلّة).

ولكن اليوم مع المناقشة الدورية لتقرير الأمين العام للامم المتحدة حول تطبيق القرار 1701 (2006)، التي ستجري في 20 تمّوز الجاري، واقتراب موعد التمديد للقوة الدولية لسنة إضافية في أواخر آب المقبل، على لبنان الإستفادة من هاتين الفرصتين واستكمال مساعيه الديبلوماسية والطلب من الأمم المتحدة وقف خرق الخط الأزرق من العدو الإسرائيلي والسيادة اللبنانية. وأوضحت المصادر نفسها بأنّ لبنان بعد ما حصل أخيراً في بلدتي كفرشوبا والغجر المحتلّتين من قبل القوّات «الإسرائيلية»، فإنّه سيتقدّم بشكوى الى مجلس الأمن الدولي لوقف عملية قضم الأراضي اللبنانية في الجزء الشمالي من بلدة الغجر الحدودية الممتد الى بلدة الماري، وسيُطالب بانسحاب «إسرائيل» من المنطقة المحتلّة تطبيقاً للقرار 1701.

وكان طلب وزير الخارجية عبد الله بو حبيب من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة يوانّا فرونتسكا، ومن السفيرة الأميركية دوروثي شيا اللتين التقاهما في الوزارة، المساعدة لمعالجة هذا الخرق الذي يُضاف الى الخروقات اليومية الكثيرة والمستمرّة، التي تُهدّد أمن واستقرار جنوب لبنان والمنطقة. كما سيُطالب لبنان بإزالة الفقرة التي تضمّنها قرار التجديد لليونيفيل العام الماضي حول توسيع حركتها في الجنوب، ويؤكّد أنّ الجيش اللبناني مستعدّ لمواكبة القوّة الدولية في تحرّكاتها، على أن يجري تأمين المحروقات والبنزين له.

ويبدو أنّ العدو الإسرائيلي شَرَع في ضمّ الجزء الشمالي من بلدة الغجر الى الأسلاك المعدنية التي أنشأها في المنطقة، والذي انسحب منه في العام 2000، بهدف حثّ حكومة تصريف الاعمال على الطلب من حزب الله إزالة الخيمتين من كفرشوبا الحدودية، رغم أنّهما نُصبتا في الأراضي اللبنانية، ما يعني أنّه يودّ المقايضة بوساطة قيادة «اليونيفيل». في حين أنّ لبنان قد يطرح أيضاً مسألة ترسيم الحدود الدولية النهائية بين لبنان وفلسطين المحتلّة، لا سيما في النقاط المتنازع عليها عند الخط الأزرق.

وجدّدت المصادر نفسها التأكيد على أنّ الخط الازرق ليس خط حدود لبنان النهائية، وإلّا لما كان هناك نقاط متنازع عليها بين الجانبين، ويقوم «الإسرائيليون» بخرقها باستمرار، ما يؤدّي الى تقديم شكاوى الى الأمم المتحدة بشأنها. علماً بأنّ قرار التمديد لليونيفيل في العام الماضي، كان حثّ الاطراف على تسريع الجهود لتحديد الخط الأزرق بشكل واضح، والمضي قُدماً في حلّ النقاط الخلافية. وهذا الخط الذي هو خط الإنسحاب بين لبنان و»إسرائيل»، لا يزال بدون علامات على نصف طوله، الأمر الذي يؤدّي الى توتّرات بسبب بعض حالات العبور.

وأشارت المصادر الى أن لا مانع لدى لبنان باستكمال عملية ترسيم الحدود البحرية، بعملية «تثبيت» الحدود البريّة، والبحث في كيفية معالجة النقاط الخلافية المتحفّظ عليها، من خلال الإجتماعات الثلاثية غير المباشرة التي تقودها قيادة «اليونيفيل» العاملة في الجنوب، بهدف استعادة لبنان لحقوقه وتعزيز الهدوء والإستقرار في المنطقة الجنوبية، وتطبيقاً للقرارات الدولية ذات الصلة. ولكن حتى الآن، لا يُعرف موقف العدو الإسرائيلي الذي يُمعن في «تثبيت» احتلاله للأراضي اللبنانية المحتلّة، أي تلال كفرشوبا والنخيلة ومزارع شبعا والجزء الشمالي من بلدة الغجر، بدلاً من الإنسحاب منها بما يتوافق مع القرارات الأممية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى