.

تجربة غنية

بقلم الشيخ ماهر حمود

استطيع أن أُطلق على العلاقة مع الراحل الكبير الشيخ عفيف النابلسي هذه الصفة، تجربة غنية، لأنها تحمل مستجدات على صعيد الثقافة والعلم والأداء والتنوع.

لقد بدأت العلاقة عندما بادر سماحته لزيارتي في منزل الاهل عام 1981 أو 1980، وقد كنت حديث عهد بارتداء العمامة والزي الديني، وهو يكبرني بحوالي اثني عشر عاماً، وكانت هذه الزيارة على اثر كلمة “نارية” في حارة صيدا في تأبين الشهيد محمد باقر الصدر، حسب ذاكرتي، أو تأبين الشهيد محمد السارجي الذي قضى باعتداء غاشم لم يكن له أي مبرر. ولقد اصطحب معه عددًا من ابنائه الصغار وقتها، وحدثني عن النجف، وطلب العلم، والمعاناة التي عانوها من الاجراءات الامنية المتخذة حيال طلبة العلم. ولقد توالت اللقاءات ثم اعطاها الاجتياح الاسرائيلي ودعم المقاومة بعدًا آخر.

لقد جمعتنا المقاومة وصهرتنا مع الكثيرين، ودفعتنا باتجاه تجاوز الخلافات على انواعها وخاصة المذهبية منها. ولقد شكلت العلاقة مع رموز المقاومة، وعلى رأسهم الشيخ راغب حرب، وقتها، بالنسبة إليّ وقوداً للخطابة وتحريض الشباب ودعوتهم للانخراط في هذه المقاومة الباسلة. ولقد افلحنا بعون الله تعالى، وكان الانتصار والانسحاب الاول في شباط 1985، وكنا وقتها مع العلامة الراحل شيئًا واحدا، في اللقاءات والزيارات والجولات، وفي ما سميناه وقتها الجبهة الاسلامية، الناطقة باسم المقاومة في صيدا والجوار.

نعم، لقد كانت دائمًا ثمة وجهات نظر مختلفة، بل متضاربة احيانًا، ولكن المقاومة كانت ولا تزال تدعونا لتوحيد الجهود ونبذ التنازع.

(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الانفال – 46)

وهذا ما ندعو اليه الامة دائماً وحتى التحرير الكامل بإذن الله، بل وما بعده.

لقد ترك العلامة الراحل صرحًا كبيرًا نجتمع فيه ونتداول ونطلق المواقف منه، كما ترك عددًا من الكتب وديوانًا من الشعر المعبر، كما ترك عددًا من الابناء يفخر بهم من يعرفهم، كلٌّ في موقعه يؤدي دورًا مميزًا، على نفس الخط الذي رسمه الراحل الكبير، وسار عليه خلف القيادة الرشيدة في طهران وخلف قائد المقاومة الامين على الدماء سماحة السيد حسن نصر الله حفظه المولى.

ايها الراحل الكبير، اقترب جني الثمار ان شاء الله. اقترب التحرير. اقترب الوعد الالهي. والى الغد القريب باذن الله.
 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى