.

جمعية “التعليم الديني الإسلامي” أحيت اليوم الثالث من عاشوراء الخطيب: كرامتنا تتحقق عندما نبني دولة حقيقية لا هيكل دولة مزورة في داخلها

nbsp;

وطنية – أحيت جمعية quot;التعليم الديني الإسلاميquot;nbsp;مراسم اليوم الثالث من أيام عاشوراء في قاعة الجنان – ثانوية البتول – غرب جادة الإمام الخميني، بحضور نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب والمدير العام للجمعية محمد سماحة، فاعليات دينية واجتماعية وعدد من أعضاء المجالس البلدية، إلى جانب العاملين في دوائر الجمعية المختلفة.
nbsp;
افتتح المجلس بآيات بينات من القرآن الكريم، مع القارئ محمد عدنان غملوش، فيما قدم برنامج المراسم الدكتور حسين عبد الساتر، ثم ألقى الشيخ الخطيب محاضرة تحت عنوان quot; دوافع الثورة الحسينيةquot; قال فيها: quot;لمناسبة ذكرى سيد الشهداء وثورته المباركة رأيت من المناسب الحديث عن الثورات الدوافع التي تقف وراءها والخصائص التي تميز الثورة الحسينية عن غيرها، فمن الواضح أن الثورات ليست أمرا مزاجيا يحصل لمجرد الثورة التي هي حركة للمجتمع باتجاه تغيير إجتماعي لواقع ما، لم يعد يحقق مصالحه أو يقف حجر عثرة أمام تطلعاته وآماله، لأن المجتمع دائما هو في حالة متحركة وغير جامدة تنتج مشاكلها وحاجاتها الجديدة يقصر واقعه التنظيمي عن إيجاد الحلول المناسبة لها بسبب التعقيدات الاجتماعية الناشئة عن تشكل طبقات اجتماعية تمسك بمراكز القوى الاقتصادية والسياسية والعسكرية وتنشىء مراكز ثقافية وإعلامية لحمايتها والدفاع عنها، ومن الطبيعي أن يحصل الخلل الاجتماعي بتمركز الثروة لدى طبقة صغيرة من المجتمع تتحكم بالحركة الاقتصادية وتؤدي الى وجود فوارق طبقية هائلة لا تحتمل تؤدي الى الاخلال بالاستقرار تصل بالنهاية الى حد الانفجار وقد أشار أمير المؤمنين علي الى هذه المسألة عندما حذر من الفقر بقوله: quot;احذروا صولة الكريم إذا جاع، وأشر اللئيم إذا شبعquot;، والتحذير منه موجه إلى المجتمع واعتباره مسؤولا عن النتائج الوخيمة التي يؤدي إليها الخلل الاقتصادي الذي يخل بالعقد الاجتماعي وافقاده الاستقرار وهذا ما يبرر التحذير، وإلا اذا كان الخلل بسيطا ولا يؤدي إلى الاضطرابات والفوضى ولم يشكل خطرا على الانتظام العام لم يكن أمير المؤمنين ليحذر منه وقد شخص أسباب الخطر بعاملين: الفقر والغنى الفاحش الذي يدفع صاحبه إلى البطر يعني إلى الإسراف والتبذير وبتعبير معاصر إلى الفساد والتصرف بالمال من دون ضوابط في الرغبات والشهوات والملذات من غير حساب، الذي يدفع الفئات المتضررة إلى الاعتراض والمطالبة بالتصحيح والعدالة التي لن تجد آذانا صاغية من الطبقة المستفيدة من الوضع القائم الذي ستدافع عن مصالحها بأي وسيلة حتى لو تطلب الامر استخدام العنف والتضييق على الحريات وخنقه الاصوات المعارضة مما يضيف تعقيدات جديدة على المشهد وتوسع ساحة الاعتراض وتصاعدها وبالنتيجة إلى نجاح المعارضة في إسقاط الواقع القائم وتغييره إن لم يتم الاستجابة للمطالب المحقةquot;.
nbsp;
أضاف: quot;والذي أفهمه من كلام أمير المؤمنين المتقدم هو بيان الأسباب التي تؤدي الى الاضطرابات الاجتماعية فهو حينما يقول: quot;احذروا صولة الكريم إذا جاعquot;، يعطي الحق والمبرر له وربما يفهم انه يدفع باتجاه الحركة الاعتراضية حينما ينتقي ويختار التعبير quot;بالكريمquot; الذي يتعدى القصد به من ينفق المال على الاخرين دون انتظار للمقابل فينفق ماله على الاخرين ولا يضن به، فإن هذا هو المعنى المتبادر منه ولكنه قد يراد به المعنى الأوسع من الكرم المادي إلى كرم السجايا، فإن الكرم المادي مسبب عن الأخلاق الكريمة والشعور بالكرامة الإنسانية الذي يعني ان السكوت عن ممارسة سياسة التجويع رضى بها وامتهانا لكرامته الانسانية التي تدفعه الى التعبير عن الاعتراض والدفع نحو التغيير.nbsp;
فالكرامة الانسانية يجب أن تصان ولو بالثورة واللئيم هو الذي يضن بماله ويبخل به على الاخرين مع حاجتهم اليه، وهو سلوك يعبر عن الاستهانة بهذا المبدأ المتمظهر بالبطر وعدم الانضباط في التصرف بالمال والاستئثار حسب أهوائه، والكرم والبطر يمكن أن نطلق عليها بهذا المعنى انها أخلاقيات اقتصادية مع انها ليست وليدة لها بمعنى أن هاتين الصفتين الاخلاقيتين مخبوأتان لدى كل واحد منهما ولكن الظروف الاقتصادية اظهرتهما وكشفت عنهما، لنخرج باستنتاج أن السبب الحقيقي الذي يقف وراء الخلل الاقتصادي في مجتمع ما يعود إلى وجود الخلل في طبيعة النظام الاجتماعي والقاعدة التي استند اليها كالأعراف القبلية في المجتمع القبلي القائمة على الغلبة والقوة أو الرؤية الفكرية كما في النظام الرأسمالي او الاشتراكي حيث استند كل منهما الى رؤية فكرية وفلسفية مادية محددة، التي تبين بالممارسة وبالنتائج التطبيقية فشلها في الوصول إلى أهدافها الذي يرجع الى أن الخطأ إنما هو في الرؤية الفلسفية والفكرية المادية التي قام عليها، وهو ما بدا واضحا من حيث التطبيق والنتائج أيضا ما سينتهي اليه النظام الرأسمالي بغض النظر عن ان الخطأ أساسا إنما هو في المنهج الفكري الفلسفي المادي. كما يمكن الاستنتاج ان الثورة كفعل تغييري أو ظاهرة في الاجتماع الإنساني أمر حتمي وقد حث عليه الإسلام بصيغ متعددة منها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قول رسول الله: quot;من رأى منكم منكرا فلينكره بيده فإن لم يستطع فلينكره بلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وهو أضعف الإيمانquot; ومن أعظم المنكرات الفساد حين يتسرب الى السلطة الممسكة بحياة الناسquot;.
nbsp;
وتابع الخطيب: quot;إن شرط الاستقرار الاجتماعي هو بناء النظام الاجتماعي على أساس القيم الاخلاقية والايمانية التي أرشد إليها الوحي الالهي وتضمنته رسالة الاسلام إلى العالم. لقد أحدث الإسلام ثورة هائلة على صعيد المفاهيم والنظرة إلى الكون والحياة وعلى صعيد النظم والتشريعات واحكم الربط بينها وسيلة لتحقيق الكرامة الانسانية والقيم الاخلاقية التي يعتمدها الاسلام معيارا أساسيا في تقييمه للأمور والحكم عليها سلبا أو إيجابا، قبولا أو رفضا، صلاحا أو فسادا، ولهذا نرى التركيز القرآني في استخدام مصطلح الصلاح والفساد الذي يختلف عنه في الاستخدام في الثقافة المادية الذي يعني لديها مدى تحقيقه للغرض المادي وخدمته للهدف بغض النظر عن أخلاقيتهquot;.
nbsp;
وأردف: quot;لقد شكلت المعايير الاخلاقية والانسانية جوهر الاديان بشكل عام والاسلام كمبدأ وعقيدة أولا وكنظام اجتماعي وثقافي وسياسي ثانيا بشكل خاص التي تعرضت للخطر بعد الانقلاب الذي تم عليه خصوصا بعد تسلم بني أمية الحكم والذي شكل بالأساس هدفا لهم في مواجهتهم الاولى مع الرسول في بداية الوحي الذي انتهى إلى الفشل والهزيمة العسكرية والاستسلام الذي فرضته موازين القوى وانتقال المواجهة إلى مواجهة غير علنية اتخذوا فيها من النفاق غطاء لحرية الحركة والتآمر والتأليب والتشكيك وإثارة القلاقل الداخلية والفتن وتحريك الاطماع لدى البعض بانتظار وفاة النبي لتهيئة للأرض للانقلاب ولاستعادة السيطرة والنفوذ الذي فقدوه، ساعدهم على ذلك طبيعة المجتمع العربي القائم على القبلية وقد قدمت لهم السقيفة هدية لا تقدر بثمن مما مكنهم من السيطرة على زمام الأمور في فترة لم تتجاوز عقدا من الزمن الا قليلا وأدت الى تغيير في الأهداف والاهتمامات لمسؤولي الدولة وللغالبية من المتنفذين والقسم الاغلب من الناس الذين شغلوا عن أهداف الاسلام بالصراعات على المغانم والتقرب من أحزاب السلطة والنزاعات القبلية التي أثارها حكام السلطة لإشغال الناس عن انحرافاتها بالصراعات القبلية، حتى كاد الناس أن ينسوا الدين كما قال بعض الصحابة ما معناه: إنا بتنا لا نعرف اي شيء حتى ان الصلاة كدنا الا نعرفها حتى صلى فينا علي، وقد عبر الامام الحسين في خطبة الاعلان عن الثورة المباركة بقوله: quot;ألا ترون إلى الحق لا يعمل به والى الباطل لا يتناهى عنهquot;.
nbsp;
وفي خطبة أخرى: quot;أما بعد فقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قال في حياته: quot;من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ثم لم يغير بقول ولا فعل، كان حقيقا على الله أن يدخله مدخلهquot; وقد علمتم أن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتولوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرامه وحرموا حلاله.nbsp;
لقد استهدف الامويون بنية الدين ومفاهيمه الاساسية بالتحريف والتشويه فقد ورد في خطبته أيضا وهو يبين هويتهم، اتخذوا مال الله دولا وعباده خولا.
لقد قام بنو أمية بعملية تغيير شاملة كادت أن تقضي على الاسلام دون أن يتجرأ أحد من الناس على التصدي لهم سوى الحسين، هذا الدين بما هو نظام اجتماعي سياسي وثقافي وتربوي يقوم على أساس القيم الانسانية والاخلاقية وهو مشروع كامل شامل يحمل في رسالته خلاص البشرية الدنيوي والاخروي، رأى الامام الحسين في الدفاع عنه دفاعا عن المفاهيم الحقة والموازين العدل يستحق التضحية والشهادة في سبيلهquot;.
nbsp;
أضاف: quot;إن الكرامة الانسانية تمثل جوهر حركة الامام الحسين في مواجهة باطل النظام الاموي الذي امتهنها حينما حول عباد الله خولا اي عبيدا ولاحق الاخيار والاحرار وقتلهم وأخرس الالسنة واستخدم الأموال لشراء الضمائرquot;.
nbsp;
وتابع الخطيب: quot;هنا تبرز أهمية إحياء عاشوراء لأنها تشكل إحياء لهذه القيم والمبادئ المتصلة بحياة البشر والانسان وبقضيته الدائمة في البحث عن العدالة والكرامة الانسانية وعن المعايير الاخلاقية في الحكم على أحقية اي قضية من القضايا التي تحتاجها في مسيرتها لتحقيق الكرامة والعدالة وهي التي حكمت موقفنا من قضية الصراع مع العدو الاسرائيلي أو من طبيعة النظام القائم في لبنان الذي يعود عجزه عن مواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية الى افتقاده لهذه المعايير الاخلاقية الذي يعجز عن اتخاذ موقف من العدو الاسرائيلي ومن إقامة دولة حقيقية تدافع عن سيادتها وعن إيجاد رؤية لوظيفة النظام يوحد الشعب اللبناني حولهاquot;.
nbsp;
وأضاف: quot;النظام الطائفي الذي فقد مبرر وجوده فأدخل الطوائف اللبنانية في صراعات داخلية، النظام الطائفي الذي عجز عن الحفاظ على كرامة أبنائه في الحياة الكريمة وفي الدفاع عن سيادته في مواجهة عدوانية العدو الطامع في أرضه وثرواته، النظام الطائفي الذي أوصل اللبنانيين الى الإفلاس واختلاس أموال المودعين والجوع والحاجة إلى المستشفى وحبة الدواء وأذلهم أمام العالم الذي يتصدق عليهم ببعض الفتات التي تقدم بإسمهم لبعض الاطراف السياسية وتوظف لخدمة مصالحهم في الصراع السياسي الداخلي، فأي كرامة بقيت للشعب اللبناني وللبنان؟quot;.
nbsp;
وقال: quot;ان كرامة لبنان وشعبه والطوائف اللبنانية تتحقق عندما نبني دولة حقيقية لا هيكل دولة مزورة في داخلها، دول لزعامات طائفية وليس للطوائف حتى، لأن أبناء الطوائف لا ينالهم سوى دفع فواتير أزمة النظام التي تتكرر بعد مرور فترة زمنية على التسوية، فما أن تخرج الازمة من الشباك حتى تعود من الباب الواسع. إن الشعب اللبناني هو القادر فقط على الذهاب الى الحل الذي يحفظ كرامته بأن يقتنع أولا ثم يقرر ثانيا قيام دولة المواطنة على أساس كرامة الانسان اللبناني، فالدولة كفيلة بحفظ كرامة اللبنانيين وطوائفهم جميعاquot;.
nbsp;
وختم الخطيب: quot;ان تكرار الإساءة للمسلمين ورموزهم في الغرب بشكل عام ومن السويد بشكل خاص مظهر آخر من مظاهر الانحطاط الأخلاقي للغرب وسياساته التي لا تتورع عن استخدام أقذر الأساليب لتحقيق أهدافها ومنها إثارة الأحقاد واستخدام التشويه والتحريض الإثني والديني والدفع نحو الكراهية بين الشعوب، وهو ما كان ليحصل لولا ضعف العالم العربي والإسلامي. إن مواجهة هذه الحرب القذرة التي تستهدف أقدس مقدسات المسلمين ومنها تدنيس العدو الإسرائيلي للمقدسات في فلسطين المحتلة وتكرار حرق المصحف الشريف في السويد تستدعي من دول العالم العربي والإسلامي توحيد الموقف وإرسال رسالة قوية تدفع بالغرب بشكل عام والسويد الى التراجع والاعتذار تبدأ بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أي دولة تنتهك حرمة المسلمين ومقدساتهمquot;.

nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp; nbsp;============ر.إ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى