.

يجب أن يرحلوا ولكن هذا لا يكفي

فادي عبود – الجمهورية

إنّ تغيير اسم شخص في موقع ما او رحيله عن السلطة، ومجيء رئيس جديد، او تعيين حاكم مركزي، لن يحوّلنا إلى جنة اقتصادية استثمارية بكبسة زر، ولن يُعالج مشاكلنا المتراكمة بسحر ساحر. هذا مع العلم انّ من أثبت فشله من الضروري ان يرحل حالاً ويُحاسب، مع تأكيدنا على موقفنا الدائم بضرورة تحقيق المداورة في المناصب وعدم امتهان المركز.

إنّ الخروج من شللنا الاقتصادي المدمّر نحو اقتصاد منتج يعمّم البحبوحة والازدهار، يستلزم خريطة طريق أساسية، تبدأ بالشفافية، ثم بالقوانين المفيدة وغير الحقيرة وبعدها بالإجراءات الادارية التي تعزّز الفعالية.

هذه خارطة طريق أساسية لا غنى عنها إذا كان هدفنا حقاً الخروج من التعتير نحو الإنتاجية والريادة.

وهناك العديد من الأمثلة كيف يمكن ان ننتقل إلى اقتصاد أكثر إنتاجية، واعذروني أن اعطي مثلاً صغيراً عن عملي في وزارة السياحة. في العام 2011 حين كنت وزيراً للسياحة، قمنا بتقديم اقتراح لقانون لبيوت الضيافة في لبنان وتمّ اقراره، ينظّم عملها ويمنح أصحابها رخصةً قانونية، وبخاصة اننا كنا لاحظنا صعوداً غير مسبوق لبيوت الضيافة عالمياً، مع انطلاق موقع Airbnb في العام 2008، واليوم بعد مرور 12 عاماً ازدهر هذا القطاع وأصبح أساسياً في استقطاب السياح وفي تعزيز السياحة الداخلية والخارجية والإضاءة على بلدات ومناطق لبنانية ووضعها على الخارطة السياحية وأصبح جزءاً من القطاع الفندقي.

ليس القانون وحده بالطبع المسؤول عن الازدهار، انما قام القانون بتنظيم وحماية الحقوق، وهذا هدف القانون بشكل عام، بعكس القوانين الحقيرة التي تقوم بتهريب المستثمر وتخدم مصالح فاسدة.

هذا مثل صغير جداً لإعطاء فكرة عمّا نحتاجه، فيلزمنا قوانين اخرى من هذا النوع تعزّز الإنتاجية والاستثمار، كما إلغاء القوانين الحقيرة كما سمّيناها، التي تعرقل البيئة الإنتاجية والاستثمارية .
وبالطبع عندنا الكثير من الخبرات والطاقات القانونية القادرة على وضع قوانين تهدف الى زيادة النمو وتحفيز الاستثمار، كما ندعو كل القطاعات المختلفة الى الاتحاد والتعاون لوضع اقتراحات قوانين تساهم في تطوير قطاعاتها، ويجب ان يتجمّع المخلصون لخلق بيئة استثمارية مناسبة لأنّ البلد يحتاج الى نهضة.

في لبنان، نملك كثيراً من الـKnow how والحِرَفية، ونحتاج طرقاً فعّالة لإيصال خدماتنا وبضائعنا الى العالم.

هناك العديد من الإجراءات والقوانين والأفكار التي تطوّر البلد وتخلق فرص أعمال أساسية منتجة، ولكن من دون شفافية مطلقة لا يُمكن للمواطن متابعة القوانين ومراسيمها التنفيذية التي من الممكن ان تعطّل القوانين، كما لا يمكنه التحقّق من صحة تنفيذ القوانين عامة، ولن يعرف مَن المسؤول عن إقرار اي قانون ، كما لن يعرف مَن الفاسد ومَن الآدمي لأنّه يفتقر للمعلومات. كما يجب ان ننظّم أنفسنا قبل أية استدانة جديدة، واعتماد الشفافية المطلقة كي لا يحصل نهب وسرقة كما حصل في الماضي.

ولسخرية القدر ما زلنا ننتظر تقرير التدقيق الجنائي لشركة «الفاريز ومارسال» والذي ما زال متوارياً عن الأنظار بالرغم من مطالبات الشعب والاعلام وبعض النواب الجدّيين، وما زلنا ننتظر التقارير المدقّقة لمصرف لبنان على مدى 25 عاماً والتي طالبنا بها مراراً وتكراراً ولم نصل إلى نتيجة. هذا أوضح دليل على انّ السلطة تهدف إلى التعتيم لأهداف لا بدّ ان تكون غير بريئة، ولا يوجد علاج لذلك غير إقرار قانون للشفافية المطلقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى