.

لحود: بويز طلب ضرب المقاومة بالراجمات… ولست من “زِلْم سوريا” في لبنان!

الشرق الأوسط

شنّ الرئيس اللبناني السابق إميل لحود هجوماً عنيفاً على وزير الخارجية السابق فارس بويز، واتهمه بـ”مغالطات” في الحوار الذي أجرته معه “الشرق الأوسط” ونشرته في سلسلة من خمس حلقات بدءاً من الأحد الماضي. وأطلق لحود على بويز صفة “الوزير الحاقد”، رافضاً إدراجه ضمن “زلم سوريا” في لبنان، عادّاً أنه “حليف استراتيجيّ لها ونفتخر بذلك”.

وشرح رئيس الجمهورية السابق قضية الخلاف على إرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب عام 1993، قائلاً إن بويز طلب إرسال الجيش لمنع المقاومة من الرد على إسرائيل، لكنه رفض ذلك بصفته قائداً للجيش رغم أن تلك الخطوة كانت تحظى بدعم رئيس الحكومة آنذاك رفيق الحريري بالتنسيق مع نائب الرئيس السوري في ذلك الوقت عبد الحليم خدام.

وجاءت توضيحات لحود في رسالة إلى “الشرق الأوسط” رد فيها على كلام الوزير السابق فارس بويز. وبعدما قال: “إنّنا نحترم وجهات نظر الجميع في الشؤون السياسيّة، ولا يمكننا إلا أن نتوقّف عند مغالطات وردت على لسان بويز”.

وأوضح: “المغالطة الأهم هي روايته لما حصل سنة 1993 عند اعتداء العدو الإسرائيلي على لبنان، وكانت المرة الأولى التي يتصدّى فيها الجيش اللبناني لهذا الاعتداء، بأمر منّا. ولكن بدل أن تقوم الحكومة بدورها، اجتمع المجلس الأعلى للدفاع، بحضور بويز، لطلب إرسال الجيش إلى الجنوب لمنع المقاومة من الردّ. وقد ألمح بويز إلى أنّ هذا القرار لبّى رغبة الرئيس رفيق الحريري بالتنسيق مع نائب الرئيس السوري آنذاك عبد الحليم خدام ومسؤولين سوريّين آخرين، كانت المرة الأولى التي تُكرّس فيها معادلة جيش وشعب ومقاومة. وقد نسي بويز، أو تناسى، أنّه كان من اتصل وطلب منّا أن نتوجّه إلى الجنوب ونقصف من سمّاهم الإرهابيّين بالراجمات. فأجبته: من أنت لتطلب منّي ذلك وأين رئيس الجمهورية ووزير الدفاع؟ فتلعثم حينها وقال لي بشكلٍ مباشر: هذا ما يريده لبنان وسوريا. فقلت إنّ تنفيذ هذا القرار يتطلّب اجتماعاً لمجلس الوزراء لإقالتي وتعيين قائد جيش آخر”.

وأضاف لحود: “تبيّن فيما بعد أنّ التآمر لم يكن فقط في لبنان، بل بدأ في سوريا عبر خدام ومسؤولين أمنيّين سوريّين، وعندما علم الرئيس الراحل حافظ الأسد بذلك كانت زيارتنا الأولى إلى دمشق وسألَنا حينها السؤال التاريخي الشهير: لماذا لم تنفّذ قراراً لبنانيّاً وقيل لك إنّه سوريّ أيضاً؟ فأجبته ببساطة: إنّني ولدت في بيتٍ يرفض الظلم ويقف إلى جانب صاحب الأرض في الدفاع عن حقّه، مهما كان انتماؤه الطائفي أو المناطقي. ومن المؤكد أنّ هذا الموقف كرّس العلاقة الاستراتيجيّة بالرئيس الأسد، علماً أنّها كانت زيارتي الوحيدة ولم تتكرّر لسنوات، بينما يقول بويز إنّه زار سوريا أكثر من ثلاثين مرّة، فالتهى، على الأرجح، بإرضاء السوريّين وأهمل واجباته تجاه وطنه”.

وتابع لحود قائلاً: “ما يؤكد صوابيّة خيار سوريا الاستراتيجي بالتعاون معنا أنّه، عند اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قفز كثيرون، يُشبه تاريخهم المهني تاريخ بويز، من ضفّةٍ سياسيّة إلى أخرى، وأصدق تعبير عن ذلك كلام بويز عن توجّهه في السيارة نفسها مع النائب السابق وليد جنبلاط للاجتماع مع شخصيّاتٍ معارضة لسوريا وعددتم حينها أنّها اللحظة المناسبة لتنفيذ انقلابٍ عليّ، وقد طرحك حينها وليد جنبلاط بصفتك مرشّحا رئاسيا مقبولا في آنٍ واحد من اللواء رستم غزالة وممّا بات يُسمّى لاحقاً مجموعة 14 آذار”.

وكان بويز قد قال في الحوار مع “الشرق الأوسط”: إن جنبلاط قال في اجتماع بعد اغتيال الحريري عام 2005: “لنرسل هذه الجماهير الغاضبة ونستفيد من هذا الغضب ونرسلهم إلى التظاهر أمام قصر بعبدا مطالبين بإسقاط رئيس الجمهورية (لحود) لكونه المسؤول المعنوي عن الجهاز الأمني”. كما نقل عن جنبلاط قوله: “أجريت اتصالاً عبر غازي العريضي بالسيد حسن نصر الله، وبالسوريين عبر رستم غزالة الذي اتصل بقيادته وليس لديهم مانع. هم لن يقيلوا إميل لحود، ولكن ليس لديهم مانع، إذا ذهب تحت ضغط مظاهرات، أن يكون هناك رئيس وفاقي، شرط ألا يكون عدواً لا لهذا ولا لذاك. ويبدو أن اسمك، هو الاسم المقبول”.

وقال لحود أيضاً في رده: “من المغالطات، وهي أقلّ أهميّة بكثير، ما يتّصل بتوزير بويز في عهدنا، وهو جاء بناءً على اتصال من الرئيس الراحل إلياس الهراوي الذي صارحني بأنّ هذا الموضوع يشكّل مشكلة عائليّة مع زوجته وابنته، وقال إنّ هذا الطلب خاص من رئيس سابق للجمهوريّة. فوافقت من منطلق عاطفي، على الرغم من أنّ علاقتي لم تكن مرّةً جيّدة مع الهراوي. وأعطيت موافقتي واتصلت بالرئيس الحريري الذي عارض الموضوع وقال إنّه لا حاجة لبويز وهو يكرهني، فقلت إنّني أعطيت كلمتي للهراوي وسألتزم بها”.

وتابع: “عند التقاط الصورة التذكاريّة للحكومة، كان كلامٌ جانبيّ بين الحريري وبويز قال له الأول إنّه هو من رشّحه للتوزير، وطلب أن يكون وزيراً للخارجيّة، لكنّني رفضت ذلك وانتهى به الأمر وزيراً للبيئة. وعندما فاتحني بويز بالموضوع قلت له: اسأل الرئيس الهراوي، وكان على قيد الحياة، فهو يعرف الحقيقة كاملةً، أمّا بالنسبة إلى علاقتنا بسوريا، فقد كانت العلاقة دوماً استراتيجيّة وكانت اللقاءات قليلة في أثناء قيادتي للجيش وتولّي رئاسة الجمهوريّة، ولكن الالتقاء على النظرة الاستراتيجية والمصلحة المشتركة كان موجوداً من دون تنسيق، وهذا أمر نفتخر به. كذلك نفتخر بأنّنا كنّا في قيادة الجيش تقنيّين، كما سمّانا بويز، فلولا ذلك لما تمكّنا من دمج المؤسسة العسكريّة وقمنا بإعادة بنائها. نحن من بنينا الجيش على الرغم من محاولات سياسيّين كثيرين، ومنهم بويز، لتسييس التعيينات العسكريّة والزجّ بالجيش في أمور السياسة. ومن المؤكد أنّ المناقبيّة العسكريّة التي يعيّرنا بها بويز هي ما دفعنا إلى إقفال الخطّ في وجه وزيرة الخارجيّة مادلين أولبرايت التي كان يسعى كثيرون، ومنهم صاحب الاتهام، إلى التقاط الصور معها”.

وتابع لحود: “أيضاً من المغالطات في كلام بويز، إصراره على توصيفنا بـ(زلم سوريا)، بينما نؤكد أنّنا كنّا وما زلنا حلفاء استراتيجيّين لسوريا ونفتخر بذلك، بينما علاقة بويز معها قامت على المصلحة الشخصيّة، مثل استعانته بغازي كنعان لقطع الكهرباء في كسروان لكي يربح في الانتخابات بدل هنري صفير، يُقال كلامٌ كثير عن الحلقات التي نُشرت من حديث الوزير السابق فارس بويز، ولكن سنكتفي بهذا القدر خصوصاً أنّ اهتمامات اللبنانيّين في مكانٍ آخر وهم لا يأبهون، بالتأكيد، للروايات الخياليّة لوزيرٍ سابق حاقد لأنّه يظنّ أنّنا بلغنا موقعاً سلبناه منه”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى