.

الصحافة اليوم 11-8-2023

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 11-8-2023 سلسلة من الملفات المحلية والإقليمية والدولية.

البناء:

تفاهم بين واشنطن وطهران على تبادل خمسة معتقلين لكل من الطرفين… والإفراج عن أموال إيرانية الأسد: هناك محادثات جدية مع الأمم المتحدة حول عودة النازحين… ولا أمل من الحوار مع الأميركي الكتائب قادت الحملة في الكحالة ولحقتها القوات فأحرج التيار… وعون رسم السقف محذراً من الفتنة

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية ” أعلنت واشنطن عن التوصل مع طهران إلى اتفاق على الإفراج عن خمسة أميركيين معتقلين في إيران، بينما كشفت طهران عن أن الاتفاق يتضمن الإفراج عن خمسة معتقلين لدى كل من الطرفين، بالإضافة إلى الإفراج عن أموال إيرانية محتجزة في كوريا الجنوبية واليابان والعراق، بفعل العقوبات الأميركية، والاتفاق الذي جرى الحديث عنه خلال شهور ماضية، وكان التوصل إليه يصطدم بمفردات الخلاف حول الملف النووي. ويبدو وفق مصادر تتابع عن كثب مجريات مفاوضات مسقط التي لعبت دور الوسيط في هذا الاتفاق، وتستضيف المفاوضات الجارية حول الملف النووي، أن التوصل الى هذا الاتفاق يتم على إيقاع تقدم كبير في مفاوضات الملف النووي يقوم على قاعدة تخفيض إيران لنسبة تخصيب اليورانيوم، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عن المصارف والشركات الإيرانية.
في المشهد الإقليمي أيضاً، كلام للرئيس السوري الدكتور بشار الأسد لقناة سكاي نيوز عربية التي تتخذ من أبو ظبي مقراً لها، قال فيه إن سورية لا تتدخل في الشؤون اللبنانية، ولا تؤيد ولا تعارض مرشحاً معيناً للرئاسة. وعن المفاوضات مع الجانب الأميركي قال الأسد إن لا أمل يرتجى منها رغم امتدادها بصورة متقطعة لسنوات، لأن الأميركي يريد أن يأخذ دون أن يعطي، وقال الأسد إن لا جدوى من أي حديث عن فرضية تفاوض مع كيان الاحتلال، طالما أن الكيان غير جاهز لإعادة الأراضي المحتلة، مضيفاً أن سورية تجاوزت آثار عقوبات قانون قيصر، لكن العقبة التي تعترض عودة النازحين ونهضة الاقتصاد تتمثل بتدمير الإرهابيين للبنية التحتية، كاشفاً عن بحث مع الأمم المتحدة يتناول قضية عودة النازحين والشروط المطلوبة لضمان نجاح هذه العودة وفاعليتها، خصوصاً أن الذين عادوا وهم أقل من نصف مليون سوري نازح بقليل، شهادة على صحة التزام سورية بقوانين العفو، وفتح الطريق لطيّ صفحة الماضي، وطي صفحة الماضي هو ما كرّره الأسد في النظرة نحو العلاقات السورية بالدول العربية، مع اعتقاده بأن هذه العلاقات العربية العربية عموماً تعاني من بقائها شكلية بعيدة عن القدرة على معالجة الأزمات ومواجهة التحديات، وطي صفحة الماضي هو عنوان إعادة العلاقة مع حركة حماس، طالما هي حركة مقاومة، رغم اعتبار الموقف السابق لقيادتها تجاه ما جرى في سورية، مزيجاً من النفاق والغدر، مجدداً موقفه بأن الإرهاب صناعة تركية، وأن لا لقاء مع الرئيس التركي رجب اردوغان دون انسحاب الاحتلال التركي من سورية، لأن اللقاء دون ذلك شرعنة لهذا الاحتلال.
لبنانياً، تجاوز لبنان الكوع الذي تربّص عنده الذين أرادوا أخذ لبنان إلى الفتنة تحت شعار أولوية حسم مصير سلاح المقاومة، من بوابة انقلاب شاحنة السلاح والذخائر التابعة لحزب الله والتي انقلبت أول أمس عند كوع بلدة الكحالة، وبعدما نجح الجيش والقوة الأمنية بالسيطرة على الوضع وفتح الطريق، وتوضحت الصورة، قالت مصادر سياسية تابعت الأحداث إن حزب الكتائب هو من قام بالتحضير لدفع عدد من شباب وشابات بلدة الكحالة الى الصدام مع الشباب المرافقين للشاحنة، وإن مرور ساعتين بين انقلاب الشاحنة وبدء التعدي على الشباب المرافقين، ينفي رواية الغضب والانفعال ورد الفعل، وإن شعار نريد أن نعرف ماهية الحمولة ونكشف عنها كان مريباً ولا يزال، وقد تردد من عدد من هؤلاء الشباب كذريعة للتهجم على المرافقة، وردّده مسؤولون كتائبيون بينهم نواب. وقالت المصادر إن القوات اللبنانية لحقت بالكتائب، وإن التيار الوطني الحر تحرك متضامناً تحت ضغط الإحراج كما قال تصريح النائب سيزار أبي خليل، بخلاف مواقف عاقلة لكوادر التيار في الكحالة، إلى حين خرج موقف الرئيس العماد ميشال عون محذراً من خطر الفتنة واضعاً الأولوية للتهدئة، متحدثاً عن خطر سقوط الهيكل على الجميع، فوضعت الأمور في نصابها، أكثر مما فعلت بيانات التيار.
وفيما تجاوز لبنان قطوع فتنة الكحالة التي حاولت بعض الجهات السياسية والميليشياوية أخذ البلد إليها من خلال الحملات السياسية والإعلامية الممنهجة والموجّهة، شهدت مسلسل الأحداث الأمنية حدثاً جديداً أمس، تمثل بتعرّض سيارة وزير الدفاع موريس سليم لإطلاق نار في جسر الباشا، لم تحدّد الجهات الأمنية مصدره وما إذا كان محاولة اغتيال كما تردّد بداية، أم رصاص طائش.
وأثناء انتقال موكب وزير الدفاع من مكتبه في وزارة الدفاع، ولدى وصوله إلى منطقة جسر الباشا، تعرّضت السيارة التي تُقله لرصاصة بالزجاج الأيسر الأمامي. لم يُصَب الوزير بأي أذى ولا أي من العسكريين المرافقين. وفق بيان مكتب وزير الدفاع الذي لفت الى أن الشرطة العسكرية والأجهزة الأمنية تقوم بإجراء التحقيق اللازم والكشف على السيارة ومكان الحادث، بالتنسيق مع القضاء العسكري المختص.
وكشف وزير الدفاع في حديث تلفزيوني أن «هناك سيارة كانت تلاحقنا حسبما لاحظت المرافقة، فكانت على نفس مسارنا وعلى نفس السرعة وتبين أنها من دون لوحات»، وشدّد على «أنني لم أقل أنها محاولة اغتيال بل السيارة تعرضت لإصابة بالرصاص».
وفي غضون ذلك، لا تزال البلاد تحت تأثير التداعيات الأليمة لحادثة الكحالة، حيث تكشف المزيد من المعلومات والحقائق من مقاطع الفيديوات المسرّبة والتي التقطت من بعض المواطنين في مكان الحادثة، وسط استمرار حملات التحريض والاستغلال السياسي من قبل حزبي القوات والكتائب، فيما تتكثف الاتصالات السياسية لاحتواء الاحتقان والتوتر الطائفي في المنطقة ويبذل رئيس مجلس النواب نبيه بري جهوداً حثيثة عبر سلسلة اتصالات أجراها بالمراجع السياسية والأمنية والعسكرية لتطويق ذيول الحادثة وعدم الانجرار الى الفتنة، وفق ما علمت «البناء».
ونقل نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب عن الرئيس بري قوله إن «الأحداث الأمنية الخطيرة التي تحصل والتي نرفضها ونستنكرها قد تأخذ البلد الى مكان لا نتمنى أن نراه فيه».
ولفتت أوساط سياسية الى ترابط وثيق بين الأحداث الأمنية التي بدأت مع إشعال المعارك في مخيم عين الحلوة، لافتة لـ»البناء» الى أنه يبدو أن بيان السفارة السعودية استند الى تقارير استخبارية أميركية ما يؤشر الى قرار أميركي لتصعيد الوضع الأمني في لبنان للضغط السياسي باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية وفق الرؤية الأميركية لخدمة المصالح والمشاريع الأميركية الإسرائيلية في المنطقة. واتهمت الأوساط قوى سياسية وحزبية ووسائل إعلامية بـ»التحرك وفق التعليمات والتوجيهات الأميركية»، متوقعة المزيد من التوترات والأحداث الأمنية المتنقلة لا سيما تلك التي تقع على خطوط تماس طائفية ومذهبية. كما تربط الأوساط بين أحداث لبنان وبين التطورات على الساحة الإقليمية والدولية من التصعيد الإسرائيلي والإرهابي في سورية الى التصعيد في البحر الأحمر ضد إيران الى تسعير الحرب في أوكرانيا ضد روسيا. معتبرة أن واشنطن تريد تحريك كل أدواتها وأوراقها الأمنية والعسكرية والاقتصادية في المنطقة لتحسين موقعها في المفاوضات غير المباشرة الدائرة مع سورية وإيران وحزب الله على ملفات استراتيجية وكبرى في المنطقة.
وبدأ مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي التحقيق في حادث الكحالة. وأفيد بحسب تقرير الطبيب الشرعي أن فادي بجاني قضى بثلاث طلقات وأحمد علي قصاص بسبع طلقات.
وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن «الشاحنة لم تكن تحمل أسلحة ولا صواريخ كما أشيع، بل ذخائر وعتاد تحتاجه المقاومة في أعمالها العسكرية في الجنوب ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي يهدد ويتوعد لبنان بالحرب كل يوم ويعزز ترسانته العسكرية بشكل دائم». وأكدت المصادر أن «الشاحنة انقلبت بشكل عرضي وطبيعي بسبب الكوع الضيق في المنطقة، لكن فور علم جهات حزبية في المنطقة بأن الشاحنة تعود لحزب الله قامت بتحريض بعض الأهالي لرمي الحجارة عليها، كما تلقت هذه الجهات الحزبية أمر عمليات للاستنفار بالسلاح وإطلاق النار على عناصر حماية الشاحنة الذين ردوا بالمثل للدفاع عن أنفسهم، وبالتالي إطلاق النار بدأ من عناصر القوات والكتائب وليس من عناصر الحماية. وهذا ما تكشفه الفيديوهات وستكشفه التحقيقات الأمنية لاحقاً». كما كشفت المصادر تعرّض الجيش اللبناني الى وابل من الحجارة والشتم ودعوات للطرد من قبل عناصر حزبية.
وأعلنت قيادة الجيش أنه «لدى انقلاب شاحنة تحمل ذخائر على طريق عام الكحالة، حصل إشكال بين مرافقي الشاحنة والأهالي ما أدّى إلى سقوط قتيلين. وقد حضرت قوة من الجيش إلى المكان وعملت على تطويق الإشكال، وتم نقل حمولة الشاحنة إلى أحد المراكز العسكرية، وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص. بتاريخ 10 / 8 /2023 عند الساعة الرابعة فجرًا، قامت القوة برفع الشاحنة وفتح الطريق بالاتجاهين، فيما يواصل الجيش متابعة الوضع واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة».
ولم يرق البيان للنائب نديم الجميع الذي شنّ هجوماً عنيفاً على الجيش اللبناني متهماً اياه بالتخاذل في حادثة الكحالة.
وتواصلت المواقف السياسية الداعية الى درء الفتنة والتحذير من محاولة أخذ لبنان الى آتون الفوضى والحرب.
وأدانت كتلة الوفاء للمقاومة بشدّة «التوتير المبرمج والظهور الميليشاوي المسلح الذي شهدته بلدة الكحالة عقب انقلاب شاحنة عند أحد منعطفاتها، وتعرض أفرادها للاعتداء في محاولة للسيطرة عليها وإطلاق النار الموجّه الذي أدّى إلى استشهاد أحد الإخوة، وإعاقة تدخّل الجيش اللبناني ومحاولة منعه من ضبط الاستفزاز».
ورأت الكتلة أنّ «ذلك هو نتاج التحريض والتعبئة الغبيّة والحاقدة التي تشكّل مادّة فتنويّة يعمد إلى توظيفها قاصرو النظر أو المتورطون في المشاريع المعادية لمصالح لبنان واللبنانيين. معتبرة أنّ «هذا التوتير وما نجم عنه هو بعهدة التحقيقات الجارية لتأكيد الوقائع وكشف المتورطين والمحرّضين وسوقهم الى العدالة. وتوجهت الكتلة بأحرّ التعازي والتبريكات لذوي الشهيد المغدور المجاهد أحمد علي قصاص المتميّز برباطة جأشه ومناقبيّته وشجاعته، راجيةً له من الله عظيم الأجر والثواب وعلو الدرجات في جنان الخلد والنعيم الدائم ولأهله جميل الصبر والسلوان».
وكان حزب الله شيع الشهيد قصاص الى مثواه الأخير في مأتم مهيب في روضة الشهيدين في الضاحية الجنوبية.
بدوره، استغرب الحزب السوري القومي الاجتماعي التحريض الذي أعقب انقلاب شاحنة عند كوع بلدة الكحالة، ويرى أن استنفار الغرائز واستحضار محطات فتنوية، إنما ينطوي على تهديد للسلم الأهلي والوحدة الوطنية، وهذا أمر مستغرب ومرفوض، ولا تبرير له على الاطلاق.
ولفت الى أن «حمولة الشاحنة، ليست شأن أي مواطن، بل هي مسؤولية الدولة اللبنانية، ومؤسسة الجيش اللبناني وسائر الأجهزة الأمنية القضائية، والتي تبت في هذا الأمر، وليس من حق أيّ أحد أن يصدر أحكاماً حول قانونيتها أو عدمها، فالمقاومة شرعية وقانونية شاء من شاء وأبى من أبى».
كما استغرب الحزب حجم الاستفزاز الذي طاول ضباط وعناصر الجيش اللبناني، والذي بدا وكأنه أمر عمليات يستهدف هذه المؤسسة التي تشكل ضمانة وحدة لبنان واستقراره وسلمه الأهلي، واننا في هذا الصدد نحيي الجيش اللبناني قائداً وقيادة وضباطاً وأفراداً على ما تحلوا به من حكمة ومسؤولية، وندعو الى فتح تحقيق لمعرفة الأسباب الكامنة وراء استفزاز الجيش اللبناني، ومعاقبة المتورطين.
وأكد الحزب القومي ثقته بمؤسسة الجيش اللبناني وبكل إجراء تقوم به حيال ما حصل، مع التأكيد على حكمة حزب الله الذي نأى بنفسه عن الانجرار وراء ما يسعى له البعض ووضع الأمر في عهدة الجيش اللبناني، وذلك على الرغم مما تعرّض له من إطلاق رصاص وحملات التحريض، لا تفسّر إلا في سياق ما يتهدّد لبنان من مخاطر وتحديات.
وأشار وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد وسام المرتضى، إلى أنّ «سلاح المقاومة يفرضه وجود إسرائيل عدوة لبنان وكل اللبنانيين. هو حصراً لردع غدرها ومواجهة أطماعها لأنها لن ترتاح الا برؤية وطننا يسقط او يشتعل بحرب اهلية». وقال: «لماذا التحريض على هذا السلاح؟ ومن غير «إسرائيل» يرضيه ويفرحه ان يسقط مقاوم ومواطن؟ من الذي ينفخ في بوق الفتنة؟ ومن يسعى لجعل المسيحيين وقوداً لمواجهة مع المقاومة نيابة عن «إسرائيل» لأن الأخيرة لا تستطيع خوضها؟».
وقال رئيس الجمهورية السابق ميشال عون: «شاء القضاء والقدر أن تقع حادثة الأمس في الكحالة، وتطوّرت تداعياتها، وكاد التحريض والاستثمار أن يجعلا منها مدخلاً لفتنة نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف تنتهي. لقد دفع لبنان مجدداً من دماء شبابه، فالرحمة لروح الضحايا والعزاء لعائلاتهم».
وشدّد في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنّ «المطلوب اليوم هو التهدئة بدل التحريض، ومدّ جسور الثقة بدل بثّ سموم الكراهية، وانتظار نتائج التحقيق. الهيكل إذا سقط فلن يسلم أحد، خصوصًا في الظروف التي تحيط بنا، وما من منقذ في الأزمات سوى الوحدة الوطنية فتمسّكوا بها».
وأعلنت لجنة الإعلام والتواصل في «التيار الوطني الحر»، «رفض كلّ انفعال واستغلال للحادثة المؤلمة بهدف توتير الأجواء والتسبب بفتنة يسعى اليها كثيرون في الداخل والخارج»، مشيرة الى ان «أي استغلال للأحداث، طارئة كانت أو مفتعلة، يدعونا كلبنانيين إلى الإسراع في حلّ مشاكلنا، فقط بالحوار البنّاء والهادف، لأن أي فتنة هي بمثابة انتحار جماعي سيعمل التيار مع العقلاء على منعها».
على صعيد آخر، سلّمت الأمانة العامة لمجلس الوزراء أمس، النسخة النهائية للتقرير الاولي للتدقيق الجنائي وعلى الفور وبناء لطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أبلغت الأمانة العامة لمجلس الوزراء هذه النسخة الى الوزراء، والى الأمانة العامة لمجلس النواب والمديرية العامة لرئاسة الجمهورية.
وكان وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل تسلم النسخة النهائية الرسمية من التقرير الذي أعدّته شركة «ألفاريز أند مارسال» المتعلق بالتدقيق الجنائي بحسابات مصرف لبنان، لصالح الدولة اللبنانية بموجب عقد موقع بين الطرفين، وقد رفعه الوزير الخليل مباشرة ووفق الأصول وشروط العقد الى مقام رئاسة مجلس الوزراء.
بموازاة ذلك، تقدّمت الدولة اللبنانية ممثلة برئيسة هيئة القضايا القاضية هيلانة اسكندر بطلب ضد الدولة اللبنانية، طالبة مداعاة الدولة طعناً بتصرّفات قاضي التحقيق الاول في بيروت القاضي شربل ابو سمرا، لا سيما لناحية القرار الصادر عنه بتاريخ 2-8-2023، ما سيؤدي عمليّا وفعليّا إلى تجميد ملف التحقيق مع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة برمّته، في ظل غياب اكتمال الهيئة العامة لمحكمة التمييز بسبب عدم صدور التشكيلات القضائية.
على مقلب آخر، رأس الرئيس بري في عين التينة اجتماعاً لهيئة مكتب مجلس النواب. وناقش اقتراح قانون إنشاء صندوق سيادي مخصص لعائدات النفط والغاز الذي أُقرّ في اللجان. وبعد الاجتماع، دعا بري إلى جلسة تشريعية الخميس في 17 من آب الحالي.
وكان بري استقبل رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الايراني وحيد جلال زادة والوفد المرافق، في حضور السفير الإيراني مجتبى اماني، وزار الوفد أيضاً وزير الخارجية عبدالله بو حبيب”.

الأخبار:

الكتائب تنبش تاريخها الأسود في الكحالة

وتحت هذا العنوان كتبت الأخبار “لم يتعلّم حزب الكتائب من الماضي. حزب الحرب الأهلية وانتهاز الفرص لافتعال القلاقل والفتن، أصرّ أول من أمس على تذكير اللبنانيين بالقتل على الهويّة. اختار الكتائبيون الكحّالة، بكوعها ورمزيته، حيث قُتل مئات الأبرياء قنصاً وإعداماً، واختفى غيرهم، على بعد أمتار من مكتبهم الشهير، ليعيدوا تمثيل المشهد.

لا يكاد يمرّ يوم، إلّا وتسقط شاحنة على كوع الكحّالة. إلا هذه الشاحنة وهويتها، استدعتا استنفاراً في مكتب الكتائب وحملة تحريض في الضيعة.
الرواية الأمنية غير الرسمية، تؤكّد التالي: كان الأمر عاديّاً قبل معرفة هويّة الشاحنة. نصف الساعة الأولى بعد الحادث الذي أكّد سائق الشاحنة أن سببه خلل في المكابح، مرّ بسلام. اطمأن الجيران إلى حال السائق ومرافقه أحمد قصاص، واستمرت دورة الحياة الطبيعية في الحيّ، حتى بعد وصول مجموعة الحماية التي ترافق الشاحنة. في هذه الأثناء، كان حزب الله قد أبلغ الجيش اللبناني بالحادث، وطلبت المخابرات من عناصرها التوجّه إلى المكان. بعد وقت قصير، يُسرّب أحد ما خبر انقلاب شاحنة تابعة للمقاومة على كوع الكحّالة إلى قناة «أم. تي. في»، التي تقدّم الخبر كـ«عاجل». وما هي إلّا دقائق حتى بدأ الكتائبيون بالتوافد إلى مكان انقلاب الشاحنة نزولاً من مكتبهم الذي صودف أنهم كانوا يعقدون اجتماعاً فيه، فيما بدأ آخرون بالتجمهر على الطريق قرب كنيسة البلدة. خرج من بين الحشد من تحمّس ليطالب بمصادرة الشاحنة وفتح الصناديق الموجودة فيها، وهذا ما لم يسمح به رجال المقاومة المكلّفون بمواكبة الشاحنة حتى الرمق الأخير وانتظار سحبها ومحتوياتها من قبل الجيش اللبناني. سرعان ما تطوّر التلاسن إلى رمي الحجارة بكثافة من المجموعة الكتائبية، إلّا أن مجموعة الحماية حافظت على رباطة جأشها، بينما أبلغ حزب الله الجيش اللبناني عبر خطوط الاتصال بنيّة الكتائب سرقة محتويات الشاحنة. على الطريق، لم ينصع الكتائبيون للمطالبات بالابتعاد عن الشاحنة ووقف رمي الحجارة، وبدأ عدد منهم بالقفز فوق القاطع الإسمنتي والاندفاع نحوها، فبدأ المقاومون بالتراجع. مع وصول بعض المتحمّسين إلى الشاحنة، أشهر أحد المقاومين مسدّسه مطلقاً الرصاص في الهواء في محاولة لتفريقهم. على يمين الكنيسة، كان خمسة إلى سبعة مسلحين بينهم فادي بجاني، بدأوا إطلاق النار وأصابوا قصاص الذي سقط أرضاً، فلم يكن من مجموعة الحماية إلا أن ردّت سريعاً على مصادر النيران وأصابت بجاني. والأخير، بحسب الرواية ذاتها، لم يكن يعرف أصلاً ما يحصل، لكنّ هناك من توجّه إلى منزله من جيرانه الكتائبيين وطلب منه إحضار بندقيته لـ«الدفاع عن المنطقة»!

تسلسل أحداث كلاسيكي إذا ما قورن بعمليات حزب الكتائب السابقة، خصوصاً في هذه المنطقة. في 2 كانون الأول 1975، أوقفت مجموعة كتائبية على مقربة من كوع الكحّالة شاحنة تحمل لوحةً كويتية محمّلة بنسخٍ من القرآن في طريقها إلى السعودية، وأحرقتها، لا لشيء، سوى لتسعير الحرب الأهلية والصراع بين المسلمين والمسيحيين. وللمفارقة، حصلت تلك الحادثة قبل أيام من جريمة اختطاف وقتل أربعة شبّان كتائبيين، والتي استغلّها حزب الكتائب لارتكاب مجزرة السبت الأسود.
أمس، وفيما كانت الاتصالات تتواصل لتطويق ذيول الحادثة، استكمل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل ما بدأه محازبوه ليل أول من أمس، معلناً أنه سيتخذ منحى جديداً وليس «نضالاً سياسيّاً تقليديّاً». وشكّل كلامه رسالة إلى من يعنيهم الأمر في الخارج بأنه يستطيع القيام بما يشتهيه أعداء المقاومة، بقطع طرق إمدادها حيث أمكن والتعدّي على رجالها وسلاحها وعتادها. إعلان الجميّل، وتصرّف الكتائبيين، فُسّرا أيضاً على أنهما قرارٌ اتُّخذ مسبقاً بالانتقال إلى لعب دور الأداة في خدمة «إقلاق راحة المقاومة»، ومحاولات تقسيم لبنان. ولم يُعجِب أداء الجيش اللبناني، الجميليّين، سامي ونديم، حتى إن الأخير ذهب بعيداً في تحريضه على الجيش، بالقول إن لبنان لا يحتمل مرّة جديدة «تخاذل» الجيش!

محاولات التعبئة اصطدمت بالمزاج العام للبلدة غير المؤيّد للقوات والكتائب، والتي تضم نخباً مؤثّرة لا تريد زجّها في تصفية حسابات سياسية لا علاقة لها بها من قريب أو بعيد، وهو ما تجلّى في بيان أصدرته عائلة بجاني، دعت فيه السياسيين والأهالي إلى توخّي الدّقة خلال إبداء الرأي، وأكّدت أن كل موقف يتعلّق بما حصل يصدر عنها فقط، وطلبت من وسائل الإعلام عدم أخذ أي تصاريح خلال مراسم تشييعه اليوم. فيما شيّع حزب الله أمس الشهيد قصاص في الضاحية الجنوبية بمشاركة حاشدة، ومن دون إلقاء كلمات سياسية.
من جهته، بذل التيار الوطني الحر، بمواكبة حثيثة من الرئيس ميشال عون، جهوداً لتطويق ذيول الحادث وتهدئة جمهوره واحتضان العائلة. وشدّد عون على أن «المطلوب اليوم هو التهدئة بدل التحريض، ومدّ جسور الثقة بدل بثّ سموم الكراهية، وانتظار نتائج التحقيق. والهيكل إذا سقط فلن يسلم أحد، خصوصاً في الظروف التي تحيط بنا، وما من منقذ في الأزمات سوى الوحدة الوطنية فتمسّكوا بها». كما حضر رئيس حزب الوعد جو حبيقة إلى الكحالة مع وفد كبير من أصدقاء البجاني الذي عمل مرافقاً له وسابقاً مرافقاً للوزير السابق إيلي حبيقة حتى إصابته بمرض السرطان وانقطاعه عن العمل.

الجيش من جهته، لا يزال يعمل على تجميع الأدلة الماديّة واستخراج المقاطع المصوّرة من الكاميرات المثبتة في المكان لتكوين رواية حقيقية لما حصل والأسباب التي أدّت إلى تفاقم الأمور ومن بدأ بإطلاق النار. فيما لم تتضح بعد ملابسات الحادثة لدى المخابرات. وبينما يتحفّظ الجيش على حمولة الشاحنة، فإنه لم يعمد بعد إلى توقيف أي شخص من أي جهة كانت، بانتظار أن يضع الأدلة التي يجمعها في عهدة القضاء، الذي سيطلب على الأرجح التوسّع في التحقيقات والمزيد من الأدلة والإفادات. علماً أن الجيش يتابع تحقيقاته بإشارة النيابة العامة التمييزية منذ أول من أمس، وليس بإشارة النيابة العامة العسكرية التي لم تتوجّه إلى المكان أصلاً لأسباب غير معلومة.
مصادر متابعة أشارت إلى مسرّب الخبر الى قناة «أم. تي. في.» تعمّد استثارة الفعل، بالتزامن مع حملة التحريض التي شنّها الكتائبيون في البلدة، وأن على القضاء التحقيق في هذه المسألة لفهم ملابسات الأمر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى