.

حقائق يجب أن يعرفها الموارنة والشيعة قبل أن تتعطل لغة الكلام، بسبب مين أقوى من مين

بقلم ناجي أمهز

كثر يعرفون أنني بعد نفي الجنرال عون إلى فرنسا عشت مع النخبة اللبنانية العالمية التي منها من شارك مباشرة في وضع الأسس لكيان لبنان الكبير وخطوطه السياسية الداخلية والدولية، ومنها من كان قريبا وملازما لتلك النخبة السياسية في الفترة الذهبية التي عرف بها لبنان بسويسرا الشرق.

واليوم تجد الكثير من الرعيل الجديد ومنهم الشيعة يضعون لك صورا من الزمن الجميل ويترحمون على تلك الأيام الخوالي، مع العلم أن الشيعة لو بحبشوا وفتشوا لن يجدوا صورة واحدة لا على المسابح ولا في مطاعم ذاك الزمن لأنهم كانوا من المحرومين المعدمين، ولكن لا يمكننا أن نصف وضع الشيعة في تلك الحقبة كونه قد نزعج البعض الذي يوحي لك اليوم أن طربوش جده كان معلقا ببرج إيفل ويرطم بالفرنكفوني، كما بعض الشيعة الذين يريدون تزييف التاريخ ويقول لك “نحنا على أيام التركي كنا حاكمين”، لا أعرف كيف يقال إن الشيعة حاكمون وكان ممنوعا عليهم السير على اليمين وكان يقال للماروني والشيعي أشمل، بل كان يجب على الشيعي أن يرتدي زيا معينا يميزه عن غيره من الفئات.

وأيضا بالمقابل تجد الكثير يضعون لك صورا لملوك ونخبة العالم الفنية والثقافية والسياسية وهم في لبنان، ويرفقون الصور بالتنهيدة على ضياع لبنان السياحة والخدمات، وللأسف أن هؤلاء لا يعلمون أن سب ازدهار تلك الحقبة ليس بسبب أن سياسي لبنان هم ملوك وأباطرة وأصحاب حكمة سياسية، بل الساسة السابقين بغالبيتهم ليسوا أقل سوءا من المتواجدين اليوم.

لكن في تلك الحقبة كانت الكثير من الدول العربية تعيش جلاء الانتداب الفرنسي والإنجليزي، وبما أن غالبية شعوب الدول العربية وخاصة دول الخليج لم تكن في تلك الفترة تجيد الإنجليزية او الفرنسية، وأيضا ممنوع عليها الدخول إلى تركيا كون الشعب التركي يعتبرهم السبب بإسقاط السلطنة العثمانية، فلم يكن أمام هؤلاء إلا القدوم إلى لبنان هربا من حر وقيظ بلدانهم التي لم تكن تمتلك تقنية التكييف مثل اليوم، إضافة أن لبنان كان يستطيع أن يؤمن كماليات السياحة من مطربين وفنانين واستعراضات فنية.

أما زيارات غالبية السياسيين والاقتصاديين الإقليميين والدوليين إلى لبنان ومنهم ملك الأردن الملك حسين الذي زار لبنان أكثر من مرة لم تكن سياسية صرف، بل كانت من أجل نيله الدرجة 33 في الماسونية، حيث كان المحفل اللانجليزي يفرض على كل من يتبع الطقس الايكوسي أن يتم تكريسه في لبنان للحصول على الدرجات العليا، وكان يوجد في لبنان الأستاذ الأعظم وصاحب الشوكة القطب حنين جرجي قطيني المولود بدمشق (الذي كان لقبه الفطيني = الفطنة: الحذق والمهارة، حكمة، تبصر، بعد نظر) هو للذي كرس خال عبد الناصر وافتتح أكثر من محفل في مصر، حتى شاه إيران عندما قدم إلى لبنان كان من أجل إعادة تكريسه في الدرجة 33 وكان يريد نيل الدرجة 96 لكن لا يمكن منح الدرجة 96 إلا لأربعة أشخاص نسبة الى الجهات الاربع، وايضا هناك عشرات الفنانين العرب والغربيين لذات الامر.

هذه بعض الحقائق عن أسباب ازدهار لبنان الزمن الجميل، ولو دخلت في التفاصيل ووضحت لكم كيف كانت الطبقية سائدة، وحال غالبية الشعب اللبناني، لتبين لكم أن تلك الحقبة لم تكن إلا حقبة خنفشارية، والذي كان يظهر من لبنان هو فقط الطبقة المخملية أما ما تبقى يمكن مراجعة ألصور والكتب، ” ويقال كان الواحد يعيش بربع ليرة ليش مين كان معه ربع ليرة”.

الآن كلامي أوجهه للشيعة خاصة: بالأمس وصلني مقال كاتبه شخص يظهر من اسمه أنه مسيحي، وقد وصلني هذا المقال صدقا من أكثر من مائة شخص، ويكاد احدهم يتصور قرب المقال مع أنه مقال جدا عادي، يعني ماذا يقدم أن شخصا مسيحيا أو سنيا أو حتى أجنبي كتب مقالا عن الشيعة، ولماذا هذه الطقوس والزغردة والتكبيرات وأنه ظهر الحق، يجب أن نحترم أنفسنا ونتوقف عند هذا الحد، الزائد أخو الناقص، كما أن الطائفة الشيعية قدمت آلاف الشهداء والجرحى على محراب الوطن ودفاعا عن الكنائس في سوريا، لم نشاهد أحد حمل صورة شهيد أو وزع مقال لكاتب شيعي، يكفي هذا الاستهتار وعدم الثقة بقدراتنا ومحاولة التطبيل والتزمير والتبرع للآخرين، وان كنتم تنتظرون من أحد خارج الطائفة ليثبت أنكم على حق بقضيتكم، نكون أمام مصيبة لا يعلم بها الا الله.

الذي يكتب عن الشيعة من باب الوطنية أهلا وسهلا وهو عليه أن يوزع مقاله على بيئته، ليس علي أنا الشيعي ان اوزع مقاله على الشيعة، ماذا يفيدني أن خاطبني أنا، عليه أن يخاطب بيئته،
برحمة كل يلي استشهدوا وقفوا بقا توزعوا لأحد شي، مع احترامنا لكل من يكتب من حرصه، ومع الشكر الكبير، لكن صارت واسعة وكبيرة .

وبالختام كلمة إلى الموارنة:
الكلام على المكشوف، نحت الشيعة والموارنة لا نستطيع العيش من دون بعضنا، أو أن نفترق عن بعضنا، أحيانا الماروني يعمل شيعي أو الشيعي يعمل ماروني، لكن بالختام نحن فئة واحدة بالعادات والتقاليد، حتى الزجل.
كرمال هيك مؤلم المشهد أن الماروني والشيعي صاروا تاني مرة متصادمين وعم يسقط دما،
أنا جلست مطولا مع أهم المراجع المارونية، واعرف أدق التفاصيل وحرص هذه النخبة على لبنان وعلي علة أصل وجود لبنان، الذي هو بتنوعه وتعدد طوائفه، وميزة العيش الواحد.
أيها الساسة الموارنة لا يفيد أن يصبح الخلاف الشيعي الماروني بالعمق، لا يفيدكم، هناك أزمة مع حزب الله فلتكن بالسياسة، وممنوع أن تتجاوز السياسة ممنوع.
أنا أعرف ومن يعرف يعرف أنني أعرف وأتحدث بما اعرف.
أنتم أيها المسيحيون، الشرق بحاجة إليكم كما الغرب بحاجة إليكم،
الشرق بحاجة إليكم لأنكم بوابته إلى الغرب ولأنكم في هذا الشرق ثقافة وغنى وابداع وموسيقى وتطور وتنوع،
والغرب بحاجة إليكم لأنكم امتداده إلى الشرق، لكن حاجة الغرب إليكم تختلف عن حاجة الشرق،
الغرب يحيك ضدكم المؤامرات ليهجركم من لبنان والمشرق العربي، من أجل النظرية التي تقول، إن الموارنة بحال سكنوا الغرب عاد دور الكنيسة واستطاعوا مواجهة العلمانية، المارونية لم تتأثر في الحروب الإسلامية الصليبية، وحافظوا على تعاليم الكنيسة، وأيضا في الغرب لن تؤثر عليهم العلمانية.
لا تنسوا مقولة كيسنجر خطأ تاريخي وزيادة في الجغرافيا،
لا تنسوا كلام ترامب عندما قال لسنا معنيين إلا بحماية دولتين بموجب الدستور الأمريكي هما إسرائيل واليابان.
أيها الموارنة الشيعة ليسوا أعداءكم.

وبالختام أرجو من الأصدقاء المسيحيين لا أحد يكرر علي الخبرية نفسها، أنه ليش بعذب حالي والشيعة مش مهتمين بما أقوله،

أنا أقوم بواجبي وأنتم قوموا بواجبكم.
تحدثوا اليوم قبل الغد مع بعضكم، شيعة وموارنة وبصوت هادئ وأفكارا واضحة، بعيدا عن لغة التصادم وعن حوار الأديان والزيارات الرسمية، “خلوها هيك حوار طبيعي وفلاحي”، لأن إذا كنا لم نتعرف ونعرف بعضنا خلال ألف سنة حتما لن ننجح بحوار وان امتد لأشهر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى