.

التبرّع بالأعضاء.. ثقافة حياة وصدقة جارية

لطيفة الحسيني

على قاعدة “وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً” يخطّ العطاء كلماته. وصيّةُ جود يقرّر من آمن بثقافة الحياة أن يكتبها قبل انتقاله الى الملكوت الأعلى. يهب ما لديه لمن يحتاج، فيبعث الروح في جسد أنهكه المرض.

حكاية الشاب الجوّال في كشافة الإمام المهدي (ع) علي شرف الدين ووهبه جزءًا من أعضائه بعد مماته أعادت الضوء الى قضية إنسانية جوهرها التضحية والسخاء في سبيل إنقاذ من ينتظر أملًا بالشفاء.

نائب رئيس الهيئة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية التابعة لوزارة الصحة ورئيس جمعية “من أحياها” الدكتور عماد  شمص تحدّث لموقع “العهد” الإخباري عن آلية التبرّع بالأعضاء، فأوضح أنها تنقسم الى شقّين: الأول الوهب بين الأحياء بدءًا من عمر الـ21 عامًا، والثاني الوهب ما بعد الموت الذي يبدأ بعمر الـ18 عامًا ويصل الى الـ70 عامًا، مشيرًا الى أن العملية تجري داخل مركز في قسم القلب في مستشفى الرسول الأعظم (ص) حيث الحصول على الاستمارة متوفّر.

بحسب شمص، وهب الأعضاء ينجح في حالة الموت دماغيًا حصرًا، لأن الموت القلبي يمنع الاستفادة من كل الأعضاء التي تتوقّف حُكمًا عن العمل مع الوفاة، فيما تظلّ تعمل حتى عند الميّت سريريًا.

وبيّن شمص أن الميّت دماغيًا يستطيع وهب قلبه ورئتيْه وكبده وكليتيْه وبنكرياسه ليستفيد نحو 8 أشخاص من هذه الأعضاء، أمّا الإنسان الحيّ فقادر على التبرّع بكلية وجزء من الكبد ونقيّ العظم، لافتًا الى أن بإمكان جسم الانسان الحيّ تقديم أكثر من 240 عضوًا ونسيجًا (الأوعية الدموية – الصمامات – ا لعضلات – العظم – الجلد).

وأوضح شمص أن لا وجود لبنك أعضاء في العالم، على اعتبار أن لا إمكانية للاحتفاظ بأيّ عضو لأن مدّته الزمنية قصيرة جدًا ما يستوجب الإسراع في زراعته فور استئصاله من جسد الميّت، بينما هناك بنك أنسجة بكلّ سهولة لأنها تعيش فترة طويلة.
 
الإقبال على خطوة وهب الأعضاء وتسجيل الاستمارة وفق شمص وصل عبر جمعية “من أحياها” الى 10000 متبرّع، غير أن الشخص يبقى واهبًا بالنيّة ولا تتحقّق وصيّته إلّا في حالة الموت الدماغي، وهذا لا يحصل دائمًا.

وهنا نبّه شمص الى أنه “اذا لم يكن هناك اعتناءٌ بالميّت دماغيًا للمحافظة على أعضائه لزرعها لاحقًا فالعملية لن تنجح وقد يموت دون الاستفادة منه”، وقال “من أصل مليون شخص في لبنان يموت من 2 الى 3 أشخاص دماغيًا، وهذا يعني أن 10 أشخاص يموتون دماغيًا كلّ سنة وتحصل من خلالهم عمليات تبرّع”.

وأكد شمص أن “الأزمة المالية الحالية والتدهور الاقتصادي المستمرّ ومشاكل المستشفيات أرخت بظلالها على عمليات وهب الأعضاء، إذ إن المسألة مُكلفة وتحتاج الى موازنة خاصة”، مضيفًا “وزارة الصحة سابقًا بصفتها المرجعية الأساسية لهذه العمليات كانت تغطّي الأتعاب المالية التي يصرفها المستشفى على الميّت دماغيًا في العناية الفائقة، لكن الأطباء والفريق التمريضي اليوم باتوا يُحجمون عن هذا الأمر في ظلّ غياب التغطية المالية”.

وعن حالة الشاب الكشفي علي شرف الدين، أشار شمص الى أن عملية التبرّع حصلت في مستشفى الرسول الإعظم (ص)، حيث جرت الاستفادة بشكل مباشر من كبده وكليتيْه.

ماذا تقول المرجعية الدينية عن وهب الأعضاء؟

آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي:
لا بأس في الاستفادة من بعض أعضاء جسد الميت لترقيعها ببدن شخص آخر لانقاذ حياته أو لعلاج مرضه، ولا مانع من الوصية بذلك باستثناء الأعضاء التي يصدق على فصلها عن جسد الميت عنوان المثلة، أو يوجب قطعها منه هتك حرمة الميت عرفًا.

آية الله العظمى السيد علي السيستاني:
تبرّع الحي ببعض أجزاء جسمه لإلحاقه ببدن غيره لا بأس به إذا لم يكن يلحق به ضررًا بليغًا، كما في التبرّع بالكلية لمن لديه كلية أخرى سليمة.
أمّا قطع عضو من الميّت بوصيّة منه لإلحاقه ببدن الحي فلا بأس به إذا لم يكن الميّت مسلمًا أو من بحكمه أو كان ممّا يتوقف عليه إنقاذ حياة مسلم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى