.

الدولار قاب قوسين أو أدنى من عاصفة الجنون

خاص الرقيب – لبنى عويضة

راهن الجميع على موسم السياحة الواعد الذي شهده لبنان، وما رافقه من ضخ للدولارات، سواء من قبل المغتربين أو حتى السائحين، ولعل هذا الرهان كان رابحاً؛ فمنذ بداية صيف 2023 يشهد دولار السوق الموازية استقراراً، إذ لم يتجاوز عتبة الــ 90.000 ليرة لبنانية بعد أن كان قد تخطى فيما سبق عتبة الــ100.000 ل.ل.

وانصبّ الخوف الأكبر بعد غياب حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة عن ساحة الاقتصاد اللبناني وانتهاء ولايته، إذ اعتقد كثير من اللبنانيين أن استقرار الدولار مرهون ببقاء سلامة في سدة حكم مصرف لبنان، وأنه قابض على الأسواق المالية اللبنانية بيدِ من حديد، ومع غيابه سيسار بالدولار إلى أرقام قياسية لم نشهدها سابقاً.

لكن الاستقرار في السوق الموازية لم يكن مرتبطاً بالاصلاحات، فما أمر الاستقرار إلا مؤشر سلبي في ظل غياب الإصلاح والتفاهم السياسي، كذلك كون موسم السياحة شارف على الانتهاء، مما يعني عودة الأمور لطبيعتها في لبنان، ومواجهة المصير المحتّم بالفشل على ما يبدو، فالمؤسسات مشلولة والإصلاحات معدمة، وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري رافضاً بشكل قاطع إقراض الحكومة اللبنانية.
وبالتالي فما الركود الحالي إلا هدوء ما قبل العاصفة، ومختلف الاحتمالات مفتوحة، والأزمة لا تزال في أوجّها في ظل استمرار أسبابها، والانفجار لا زال يلوح بالأفق.

كما أن التناتش السياسي لأجل كسب الشعبية مستمر، وعاد إلى الواجهة بين الأفرقاء السياسيين عبر المطالبة بالحصول على أموال المودعين كلٍ وفقاً لمصالحه وتلبيةً للشعبية التي يطمح لها، ضاربين بعرض الحائط مصالح المواطنين والأموال التي اغتُصبت في المصارف.

أما بالنسبة للتدقيق الجنائي في المصرف المركزي، يُلاحظ أن حاكم المصرف يتحمل مسؤولية الفجوة المالية، والتي تبلغ قيمتها 300 مليون دولار، إلا أن الفجوة الكبرى تقع مسؤوليتها على عاتق الحكومة التي استولت على الأموال بسبب المناورات السياسية؛ وعلى الرغم من الأموال المُستدانة، إلا أن وضع الدولة اللبنانية غير مستقر، والحكومة لا تزال عاجزة عن وضع خطة انقاذية لتفادي السقوط في الدرك الأسفل، كما فشلت في وضع استراتيجيات لتقديم الحد الأدنى من الخدمات للمواطن الذي أنهكه العيش في مثل هذا البلد.

وبناءً على ما سبق، لا بد من مواجهة المشاكل عبر إجراء إصلاحات جذرية لتفعيل القدرات المحلية، فالاستقرار الوهمي الحالي ذات كلفة باهظة، والأموال المتبقية في المصارف تُهدر وتذرف وتستنفد، وبالتالي المرحلة المقبلة خطيرة جداً وتنذر بارتفاع غير مسبوق بسعر صرف الدولار الذي لن يكون من الممكن كبح جماحه، مما يعني انهيار ما تبقى من الدولة بمختلف مؤسساتها وقطاعاتها واقتصادها…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى