.

سيزيف كامو متواطىء و مستفيد من سقوط صخرته…

 

مهداة للصديق الشاعر ناصر علي عبدلله.

ما كان على سيزيف ان يدفع بالصخرة الى الأعلى قبل ان يبني سورا بسيطا او سداً عاديا عند التلة ،في القمة،ليحصّن نجاحه ،ليمنع السقوط وتدحرج صخرته من جديد.

قبل ان تناضل وان تجاهد حاول ان تفعل اي شيء لتحافظ على انجازات انتصارك قبل ان تعود للقتال من جديد متعبا اهلك وقاهرا نفسك بحجة ان الله شاء وما قدر فعل بل انت لم تحافظ على نجاحك،لم تحصنّه،لم تمنع سقوط صخرة جهدك وكفاحك ،لم تعرف كيف تصمد عند اعلى القمة .

خدعتك الدنيا.

عند القمة لم يدفعك احد نحو الهاوية ولم يركلك اي شيطان.

سئم الشيطان من صخرتنا ومن عذابات الصعود والنزول والارتقاء والسقوط ،صار الشيطان نفسه يريد لصخرتنا ان تثبت في اي مكان،عند الاعلى ،عند الاسفل لا يهمّ انما ان نتوقف من استغلال صعودنا وسقوطنا بحجة محاربته .

استسلم الشيطان معنا وطلب لنفسه الاعدام.

نحن من يرفض اعدامه.

لا يناسبنا موته.

من حق سيزيف ان يهدأ باله لا بل من حق الصخرة ان تثبت في مكان.

العبثية لا توصلك الى أي مكان بل تدمرك وتدفع بك الى الجنون بحجة العقلانية المفرطة وبحجة التفصيل في التفاصيل وبحجة تحليل المحلل وبحجة التوق الى ما هو مبهر اكثر مما ادهشك في كل مرّة ليس لشيء غير لميلك العبثي الذي يمنعك ان ترضى.

لا تريد ان توصل الصخرة الى قمة الجبل بل انت تريد ان توصلها الى السماء والسماء فراغ.

قمة الجبل امر واضح وملموس اما قمتك فوهم وافتراء وعبث إضافي بل تحد للعبثية بعبثية مفرطة الى حد الجنون.

كانت الصخرة عند قمة الجبل ومن اول مرة جميلة في مكانها،لم تتدحرج نحو الاسفل بفعل ثقلها و جاذبيتها نحو الا اعماق الارض ولم يتآمر عليك وعلى صخرتك احد انما انت لم تثبتها ولو بحجر كي لا تتدحرج ومن يدري لعلّك انت من دفعها الى الامام قليلا لتسقط.

اذا بقيت الصخرة عند الاعلى وصفق لك الجميع اليوم وقلّدوك وساما على انتصارك فما انت فاعل غداً ؟

هل تبقى مكافحا بلا عمل وبلا نضال؟

مجاهدا بلا مهمة؟

يناسبك تماما ان تسقط الصخرة في كل مرة لتعود لترفعها ليصفق لك الجمهور من جديد وانت الاعلم انك وبحجر صغير قادر ان تسندصخرتك في الاعلى لتمنع سقوطها.

الا ان الجمهور ايضا متواطىء معك.

يبدو ان الجمهور مستفيد من السقوط ومن النهوض.

جمهورك يقف على حجارة كثيرة قادرة ان تسند صخرتك على القمة الا انهم يريدون مثلك لصخرتك ان تهوي بقوة مخيفة نحو الهاوية ليندهشوا من شدة المأساة والارتطام ليخافوا.

ليحصدوا الحسنات.

يبدو في الخوف المفرط متعة رائعة تكسب الجمهور جرعةاضافية من الايمان ،جرعة كافية لرشوة الرب ليعيدوا الصخرة معا الى القمة ليفرحوا ولينالوا الجنة ولو للحظات…

صحيح ففي الخوف المفرط الهائل لذة اقوى.

سيزيف البير كامو كاذب.

قراء اسطورة سيزيف متآمرون،لا يريدون للصخرة ان تنجو.

كان بامكان كامو ان يضع حجرا في جيب سيزيف ليسندالصخرة على اعلى القمة كي لا تسقط.مرة ثانية.

حجر اسمه الرضا.

حجر اسمه القناعة.

حجر اسمه التواضع.

حجر مضاد للعنجهية.

حجر مضاد للوهم.

حجر اسمه احترام عقول الناس…

من هنا ومن تحت شجرة زيتون محررة في بلدة حاروف وجالسا على تنكة البقرة الحلوب الصدئة والمطعوجة اعلن ان سيزيف نفسه مَن يركل صخرته عند القمة برجله وان لا احد يتآمر عليه…

#د_احمد_عياش.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى