.

قطبة مخفية في طرح هوكشتاين؟

 

كتب طوني عيسى في” الجمهورية”: لم يكن أحد يتوقع أن يقوم الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين باستحضار مسألة ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، فيما الأنظار مشدودة إمّا إلى عمق البلوك 9، وإما إلى تعديلات قرار التجديد لـ»اليونيفيل»، وإما إلى عروض القوة الجارية على الحدود. لكن اللافت هو استعجال هوكشتاين، في غمرة الانشغالات بالأمن والحدود والطاقة، انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وهذه إشارة لها مغزاها.

على الأرجح، يريد هوكشتاين وضع مسألة الترسيم على النار، في كواليس الاتصالات بين الولايات المتحدة والقوى النافذة في لبنان، على أن يجري تتويجها لاحقاً بمفاوضات واتفاقات رسمية، عندما تحين لحظة الانتخابات واكتمال المؤسسات.

فهو يدرك جيداً، نتيجة تجربته في التوصّل إلى اتفاق ترسيم حول الحدود البحرية، أن المفاوضات دارت في العمق، لفترة طويلة، وفي شكل غير مباشر، مع «حزب الله» لا سواه. وعندما تمّت الصفقة معه، أعطي المجال لمؤسسات السلطة كي تقوم بإجراءات التنفيذ رسمياً، والأصح بروتوكولياً.

فهل هناك قطبة مخفية، هي الترابط الضمني بين منح لبنان الضوء الأخضر لاستخراج موارده من الغاز وقبوله بإجراء عملية ترسيم في البر أيضاً؟ وفي عبارة أخرى، هل يتضمن اتفاق الترسيم بحراً تفاهماً ضمنياً على الترسيم براً؟ وهل يكون شرط تمكين لبنان من استثمار موارده مرهوناً بموافقته على خطوات أخرى؟

إذا كانت هذه التساؤلات في محلها، فذلك يعني أن شركة «توتال» الفرنسية ليست مُطلقة اليد في عملية التنقيب، ثم في مفاوضة إسرائيل على حصتها من الأرباح، ثم في عملية الاستخراج. كما أنّ الحكومة اللبنانية ليست مطلقة اليد في استثمار مواردها من الغاز، وأن هناك شروطاً على الجميع مراعاتها في هذا الملف.

استطراداً، يذهب بعض أصحاب الشكوك إلى حد التساؤل: هل فعلاً تبيّن لشركة «توتال»، في وقت سابق، أن لا كميات من الغاز كافية للاستثمار التجاري في البلوك 4 أم إنّ ضغوطاً سياسية كانت تقف وراء هذه المسألة، وهو ما ألمح إليه كثيرون آنذاك، ومنهم رئيس الجمهورية السابق ميشال عون؟

لا تريد طهران أن تتخلى عن بقعة بالغة الأهمية استراتيجياً على شاطئ المتوسط الشرقي، هي لبنان وسوريا، بميزاتها الجيوسياسية ومواردها الهائلة، الملاصقة لإسرائيل والمواجهة لأوروبا. وتمارس واشنطن أقصى الضغوط على إيران لا لإقصائها بالمطلق، بل لدفعها إلى الاقتناع بصفقة «معقولة». ويريد حلفاء الولايات المتحدة الإقليميون، الإسرائيليون والعرب، أن يحصلوا على أفضل ما يمكن في هذه الصفقة.

أما لبنان، فيبدو رهين لعبة الأمم، قريبها وبعيدها، ومكتوب عليه أن يُواظِب على الانتظار الثقيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى