*تأملات مشرقة*
في عالمٍ يتغلغل فيه الضجيج والصخب، وتعلوه الحروب، نسعى دائمًا إلى العثور على لحظات من السعادة تمنحنا السلام الداخلي والهدوء. وفي هذه الأوقات التي نعيش فيها، حيث نشهد حربًا على الجنوب مع إسرائيل، ونمر بظروف صعبة تتمثل في تدهور الوضع الاقتصادي، وارتفاع غلاء المعيشة، والفقر، والأزمات المالية، يبقى بحثنا عن السلام والاستقرار هدفنا الأسمى. إن هذا السلام لا يتحقق إلا إذا كنا أقوياء في الدفاع عن أنفسنا وأرضنا، فلكل شيء ثمن وثمن الحرية الدماء. عبر التاريخ، لم نشهد ما شهدته غزة اليوم من صمود وإباء. بالرغم من نزفها، إلا أنها لا تخضع بل تثق أن الله معها وستنتصر بإذن الله.
واللبناني، شريكها في الحرب، لا يعرف اليأس أو الانكسار، بل يتمسك بتأملاته المشرقة التي تثبت عزيمته. منذ ولادته وهو يناضل من أجل الحرية، مقاومًا الاحتلالات من العهد العثماني إلى الاستعمار الفرنسي وصولاً إلى الاحتلال الإسرائيلي. رغم أن بلادنا تعرضت للدمار مرارًا، إلا أنها كلما سقطت، انتفضت بعزيمة أكبر وثبات أقوى مما كانت عليه. نحن نعيش تحت عناية إلهية فائقة، لا نعلم كيف يمضي يومنا في مواجهة التحديات الاقتصادية
حالنا مبكي ومضحك. مبكي بما نشهده من ابتلاءات بالفقر، ومضحك أننا رغم آلامنا واستهداف العدو لنا، لا نكل عن المزاح والضحك وكأننا لا نبالي. ربما يعود ذلك إلى كثرة ما جرى علينا ولأن هناك سيد شامخ بصفات الصدق والشجاعة، يقاوم بثبات أمام الضغوطات، حتى أن أعداءه يثقون فيه.
هو ابن المدرسة الكربلائية التي تتميز بتفاني أفرادها في بذل دمائهم، سعيًا للوصول إلى الله، ونيلهم لقب الشهادة للفوز بلقب “أمراء الجنة”. ومع فقداننا لأبنائنا، فإننا نشكر الله دائمًا على هذه الفرصة التي منحها لهم لتحقيق هذا التفوق الروحي. لكن في وطننا، هناك أشخاص لا يشبهوننا، ينظرون إلى الشهادة على أنها نهاية للحياة الجميلة، مؤمنين بأن الإنسان وُجد ليعيش بهجة الدنيا فقط. نعم، لا يوجد شك في أن الجميع يتمنى الحياة السعيدة، ولكن من اختار السعي على طريق القدس، فإنه يتمتع برؤية أكثر جمالية إذ ندرك أن الحياة تحمل في طياتها التحديات والمحن، وأن الموت لا بد أن يأتي. فلنتقدم نحو الجنة لنكون شفعاءً لأحبتنا. إن الذين اختاروا السير على درب القدس، فقد أضاءوا لنا طريق النصر والعزة.
ريما فارس