أقام “مشروع وطن الإنسان” في جبيل افطاراً رمضانيّاً، للسنة الثانية على التوالي، بحضور النائبين نعمة افرام وجميل عبود، ومشاركة المفتي الجعفريّ لجبيل وكسروان للطائفة الشيعيّة الشيخ عبد الأمير شمس الدين، مفتي جبيل للطائفة السنيّة الشيخ غسان اللقيس، راعي أبرشيّة جبيل المارونية المطران ميشال عون، رئيس ديوان بطريركية الأرمن الاورثوذكس الأرشمندريت اردافاست شارويان، محافظ جبل لبنان محمد مكاوي، قائمقام جبيل نتالي مرعي، الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد الخير، رئيس بلدية جبيل وسام زعرور، مدير عام وزارة الشؤون الاجتماعية عبد الله أحمد، رئيس رابطة المخاتير ميشال جبران، رئيس مجلس الأمناء في “مشروع وطن الإنسان” السيد حسن الحسيني، مع ممثلين عن أحزاب المنطقة، والسادة أمير المقداد ونوفل نوفل وعبدو أبي خليل، الدكتورة علوية حيدر فرحات، الدكتور محمد حيدر والدكتور رياح أبي حيدر، الدكتور ناجي امهز، إضافة إلى رؤساء للبلديات والمخاتير في كسروان وجبيل وشخصيات عامة وسياسيّة ودينيّة وفعاليات جبيليّة وإعلاميين.
بداية، ألقى رئيس مجلس الأمناء في “مشروع وطن الإنسان” السيد حسن الحسيني كلمة جاء فيها: “بِالرَّغْمِ مِنْ اَلْجُوعِ اَلْقَاتِلِ فِي غَزَّةَ وَالْأَوْضَاعِ اَلْمَعِيشِيَّةِ اَلْمُؤْلِمَةِ فِي لُبْنَانَ، أَصَرَّ اَلْإِخْوَةُ فِي “مَشْرُوعِ وَطَنِ اَلْإِنْسَانِ” عَلَى إِقَامَةِ هَذَا اَلْإِفْطَارِ لِلتَّأْكِيدِ عَلَى مَعْنَى اَلْخُبْزِ وَالْمِلْحِ اَلَّذِي أَلَّفَ بَيْنَ اَللُّبْنَانِيِّينَ عَبْرَ اَلتَّارِيخِ وَحَتَّى يَوْمِنَا هَذَا” .
واعتبر انّ “اَلصَّوْمُ فِي دِيَانَتَيْنَا اَلْمَسِيحِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ لَيْسَ لِلْعِبَادَةِ وَالتَّقْوَى وَعَمَلِ اَلْخَيْرِ فَقَطْ بَلْ لِلتَّأَمُّلِ خُصُوصًا. لِنَتَأَمَّلْ فِي اَلْمَصَائِبِ اَلَّتِي عَصَفَتْ بِاللُّبْنَانِيِّينَ كُلَّ اَللُّبْنَانِيِّينَ …وهَذَا ظُلْمٌ. لِنَتَأَمَّلَ فِي اِنْهِيَارِ مُؤَسَّسَاتِ اَلدَّوْلَةِ …وفي اَلْفَسَادِ اَلَّذِي كَانَ مُمَارَسَةً مَحْدُودَةً وَمَعِيبَةً وَأَصْبَحَ ثَقَافَةً يُتَبَاهَى بِهَا، وفي َالِانْتِهَاكَاتِ اَلْيَوْمِيَّةِ لِسِيَادَةِ لُبْنَانَ …،وفي هذا العدد الهائل من الإخوة اللاجئين السوريين الذي يفوق قدرة لبنان بعشرات المرات دون مقابل وبدون ضمانات عودتهم، وهذا ظلم. ولِنَتَأَمَّلَ فِي أُولَى وَاجِبَاتِنَا أَلَّا وَهُوَ نُصْرَةُ اَلْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَالْمُسَاوَاةِ وَمُحَارَبَةِ اَلظُّلْمِ وَالْجَوْرِ”.
أضاف: “اَلْحِمْلُ كَبِيرٌ وَالْحَلُّ يَبْدُو مُسْتَحِيلاً وَلَكِنْ لَيْسَ إِذَا وَحَّدْنَا قُدُرَاتَ اَللُّبْنَانِيِّينَ وَكَفَاءَاتِهِمْ. وَالْمُسَاوَاةُ لَيْسَتْ فِي اَلْحُقُوقِ فَقَطْ بَلْ بِالْوَاجِبَاتِ أَيْضًا. لِنَتَوَحَّدْ بِاسْمِ اَللَّهِ، بِاسْمِ لُبْنَانَ وَبِاسْمِ اَلْحَقِّ وَالْمُسَاوَاةِ. لِنَدْفِنَ كُلَّ أَسْبَابِ شُرُورِ اَلْمَاضِي. لِنُحَقِّقَ اَلِاسْتِقْرَارَ…ولِنَتَشَبَّهْ بِلُبْنَانِنَا ورجالات تاريخه فَنُشْبِه حينها بَعْضنَا اَلْبَعْضِ… وكَفَى أَنَانِيَّاتٍ، كَفَى نِفَاقٌ وَكَفَى تَشَاطُر وَتَذَاكِي، وَلِنُنْتَخَب رَئِيسًا قَادِرًا، نعم قادراً، اَلْيَوْمِ قَبْلَ اَلْغَدِ”. وختم: “نَحْنُ فِي مَشْرُوعِ وَطَنِ اَلْإِنْسَانِ أَقْسَمْنَا عَلَى نُصْرَةِ اَلْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَالْمُسَاوَاةِ وَالسَّعْيِ لِتَأْمِينِ سَعَادَةِ الإنسان ومحاربة الظلم. فباسْمِ صِيَامِنَا، مَسِيحِيِّينَ وَمُسْلِمِينَ، نَسْأَلُ اَللَّهُ اَلرَّحْمَةَ لَنَا، لِأَهْلِنَا فِي فِلَسْطِينَ، لِأَهْلِنَا فِي اَلدُّوَلِ اَلْعَرَبِيَّةِ وَلِكُلِّ إِنْسان”.
من ناحيته، شدّد راعي ابرشية جبيل للموارنة المطران ميشال عون في كلمة له ألقاها الأب فادي خوري، على أن لبنان في خطر داهم ومصيرنا على كف عفريت ومؤسّسات الدولة تتهاوى، ولم يزل من بيدهم زمام الأمور يتلهّون أو يتعامون وهم يشاهدون بل يساهمون في قطع هامة لبنان بعدم انتخاب رئيس للجمهورية يلتفّون حوله لا عليه، وينهضون بالوطن معاً زوداً عن كرامتهم وحياتهم، فتستقيم الحياة الدستورية في لبنان ليعود وينهض من جديد.
أمّا مفتي جبيل وكسروان للشيعة الشيخ عبد الأمير شمس الدين، فحذر من جهته من خطر مخطط العدو الإسرائيلي الذي يسعى دائماً إلى زرع الفتن والتفريق، معتمداً لغة التخويف والحروب، ما يؤدي إلى افراغ الدولة من طاقاتها وشبابها فيتم التحكم بها وبمصيرها.
وتوجّه إلى الاخوة المسيحيين في الوطن بالقول: “نحن قريبون منكم ليس قرباً سياسيٍاً فقط، إنما في قرب روحي يعزّز أواصر العيش المشترك على أمل أن نصل إلى لبنان الحلم”.
وشدّد مفتي جبيل للسنة الشيخ غسان اللقيس من جهته، على التمسّك بالتفاؤل رغم الظروف الصعبة والضياع والتفكك، لافتاً إلى أن لبنان لا يقوم الا بالمحبة والإلفة والدعم وما تهدّم يعود. وقال: بلدنا لا يحتاج إلى التقسيمات والدوائر بحسب النصوص فقط، إنما لبنان يحتاج إلى تحرير النفوس قبل النصوص، متسائلا مما كان يشكو ميثاق ال ٤٣ أو اتفاق الطائف؟ وختم مطالباً بنفوس طيبة تؤمن بلبنان وقلوب موقوفة لهذا الوطن إذ بتنا نعتقد أن النواب في حالة أسر يذهبون إلى المجلس ويعودون من دون انتخاب رئيس.
ختاماً، ارتجل رئيس المجلس التنفيذيّ ل”مشروع وطن الإنسان” نائب جبيل وكسروان نعمة افرام كلمة، توجّه خلالها إلى المشاركين في الإفطار الرمضاني قائلاً: نجتمع اليوم للسنة الثانية على التوالي في هذا الافطار الكريم، واللافت هذا العام تزامن صيام المسيحيين والمسلمين وكأن الله أراد أن يقول لنا: على جميع اللبنانيين الصيام هذا العام لأنه عام خطر، الوجع كبير ويتطلّب تدخلا ورحمة من الله.
أضاف: نحن المشتركون اليوم في هذا الافطار، نحن المؤمنون بلبنان الواحد بوطن الانسان، بالاخوّة الانسانيّة، نحن المشاركون اليوم نشعر في داخلنا بكميّة الضغط التي تمارس على النموذج اللبناني، وتفاقم التحديات التي تواجهه. ونحن في “مشروع وطن” اخترنا الصراحة بين الاخوة، واخترنا العقل في التعاطي والهندسة في السياسية، لذلك أقول لكم بكل صراحة هناك ضغط كبير على نموذج العيش المشترك في لبنان. وهناك أمر يجب أن نتحدث فيه بصراحة لتتم المعالجة والإنقاذ قبل فوات الأوان. وتابع افرام: نحن اليوم نعيش مع بعض النموذج اللبناني الفريد من نوعه والذي نتمسك به بكل ما للكلمة من معنى، وأبرز مثال قضاء جبيل. لذا ليس من باب الصدفة أن نلتقي اليوم هنا في هذه الأيام الصعبة والحرب على الأبواب اذا لم نكن في قلبها، وفي قلب الوجع الذي نلمسه في جنوبنا وفي غزة .وأنا مؤمن اننا سنعمل بكل ما نستطيع من أجل كل مظلوم لكن ليس أكثر مما نستطيع، فنحن مسؤولون عن لبنان وعن أبناء لبنان ومستقبل لبنان الوطن النموذج للاخوّة الإنسانية – وهذه هي الخبرة الناجحة .أما كيف تكون الخبرة ناجحة… فبالنموذج الناجح، وكيف يكون النموذج ناجحاً… فبالنموّ، وبالابداع، والأهم بالصراحة وبالحياة الافضل والسعادة للإنسان.
افرام شدّد على ان هذا النموذج ينجح اذا الأخ في لبنان يستمع لرأي أخيه ويعمل به فيذهبان معاً إلى الجنة طواعية لا بالقوة وإنما بالحرية. والله سبحانه وتعالى أنعم على الانسان بالحرية، لا بل فعل الخلق سببه الحب الالهي وحق الانسان بحرية الخيار، وعلى هذا الأساس يُحاسب في الجنة أو جهنم، فلولا الحرية لما كان هناك حساب، ونحن في لبنان العيش المشترك يجب أن تكون هناك صراحة ومشاركة فعلية بالطريق التي نريد أن نسلكها والا سيزداد الضغط على النموذج لاسيما عندما ينعدم فهم وجهة النظر عند الاخوة: فعرق جبين الفرد مقدس، من هنا على الأخ أن يحترم عرق جبين أخيه فلا أحد يضرّ بالآخر.
وشرح افرام قائلاً: اقتصاد اللبناني يجب أن يكون اقتصاداً يحفّز الشفافية والشرعيّة، فالمضاربة غير الشرعية خيانة أمام الله والضمير، لذا علينا تحفيز العمل لا الإتكالية، الابداع لا السرقة، علينا توضيح النقاط في الاتفاق على النموذج اللبناني وتقويته قبل الدخول إلى الزمن الجديد، علينا التصارح في التعامل مع الواقع: انهيار، افلاس، إندثار لمؤسسات الدولة، واليوم بعد ٣ سنوات لم نعترف بعد بما حدث، لم نسمِّ المشاكل، لم نستخلص العبر، لم نقرر التغيير ولم نتعلم أي شيء. كل هذا لأننا لم نواجه الحقيقة كما يلزم ولأن الطائفية كثرت في لبنان وقلّ الإيمان، نتلطّى بالطائفية ولا نعمل بحسب الإيمان، وأبناء النور يعلمون هذا جيداً.
وختم بالقول: نحن المشاركون اليوم الذين تجمعنا المبادئ المشتركة، يجب أن نصرخ أمام الجميع، جميع السياسيين وكل الطبقات: اوقفوا المتاجرة بالطائفية في لبنان، دعونا نتحدث باسم تعاليم الله فهي أسمى وأعلى من الطائفية. علينا أن نحترم بعضنا البعض بالعمق والحقيقة وليس بالكلام، فإذا كان اخي في الوطن غير مقتنع بمشروع فلا يمكنني تبنّيه إذا كنت احترم حريته، وفي الوقت عينه مفهوم لبنان للنجاح والمبادئ والقيم يجب أن يكون مفهوم مشتركاً بين جميع اللبنانيين وعلى هذا الأساس نخفف الضغط، نحمي ونحصّن النموذج اللبناني.
نحن مجتمعون اليوم باسم النموذج اللبناني الذي نريد إنقاذه، نقول للجميع أخي اللبناني قبل كل اعتبار، مصلحة أولادي من مختلف الطوائف فوق كل اعتبار. انا أحب جميع الناس والتزم كل القضايا العادلة ولكن التزم أولا بأبناء لبنان.
اجتماعنا اليوم ليس صدفة بل لأننا مدعوون لبناء مجتمع وطن الانسان، كلّ الانسان وكلّ إنسان. كلّ الإنسان: روح وفكر وجسد أي تطوير، مستوى حياة وقيم، وكلّ إنسان أي جميع الطوائف اللبنانية لأننا أخوة ولبنان مسؤول عنهم جميعاً. يجب أن نصل إلى مرحلة في لبنان، إذا كان هناك طائفة أو فريق قويّ، فعليه تقع مسؤولية حماية الجميع وتأمين حقوق الجميع لأنه قويّ، هكذا نتأكد اننا اصبحنا فعلا أخوة .وعلى هذا الأساس نعايد بعضنا البعض اليوم متمنين أن تحلّ علينا الروح الجامعة روح الله، كوننا في هذا الشهر الفضيل نتقدّس كلّ يوم لأننا نصوم من الصباح إلى المساء حتى نكون جاهزين للاستماع إلى إلهامات الروح التي نتمنى أن تجمعنا وتقرّب بيننا.