إلى شيعة لبنان: يجب الاستماع جيدًا، والاصغاء بعمق، والا نحن بخطر.
ناجي أمّهز
أولاً، إلى كل من يسأل لماذا لم تدخل إيران الحرب حتى الآن إلى جانب المقاومة، يجب أن يعلم أن دخول إيران الحرب يعني نهاية الدور الشيعي في المنطقة. طالما أن إيران قوية ومتماسكة وبعيدة عن الحرب، فإن الشيعة لا يمكن هزيمتهم، لأنهم يملكون أنبوب الأوكسجين الذين يتنفسون منه، كما يملكون خطوط الدعم بكافة أشكالها، ومنها السياسية والدولية. كما حصل بالأمس عندما قامت إيران بإرسال الطواقم الطبية ونقل المصابين للعلاج.
ثانيًا، كل شعوب الأرض مرت بحروب وأوقات عصيبة كادت أن تنهي وجودها، ولكن في النهاية الشعوب الصابرة الواعية القوية استطاعت تجاوز الصعاب واستكمال طريقها نحو النصر والمجد.
حتى في لبنان، مرّ الموارنة بظروف أصعب بكثير مما يمر به حزب الله والطائفة الشيعية اليوم. ورغم قلة عددهم، وانعدام السلاح بأيديهم، واعتقال زعمائهم، ونفي البعض منهم وهجرة جيل بأكمله، إلا أنه لم يستطع أحد إلغاء وجودهم بفضل النخب السياسية والإعلامية.
واذا كان شيعة لبنان اليوم يقاومون اسرائيل فان الموارنة بالامس قاموا بمقاومة امريكا التي ارسلت البواخر لاخراجهم من لبنان.
لذلك لا احد اقوى من الشعب اللبناني، المهم الايمان بخيارنا والابتعاد عن الفوضى والعبثية.
بالمقابل، حزب البعث العراقي الذي كان يمتلك الدولة بكل ما فيها، ووضع يده على ثورة البلاد وكمية هائلة من الأموال، لم يستطع الصمود أمام حرب بسيطة جدًا. فقد تحوّل حزب البعث العراقي بين ليلة وضحاها من حزب يحكم الدولة الى حزب مطارد في مجارير الصرف الصحية وبلا مأوى، وتم اعتقال قادته ونوابه ووزرائه، ونبذ الآخرين وإقصاؤهم عن الحكم.
مشكلة حزب البعث العراقي لم تكن في ضعف القوة او قلة العدد وشح الامكانيات المادية، بل كانت في كونه حزبًا أسس جمهورًا خطابيًا، من “الكلمنجية”، أصوات بلا عقول، وإعلام تافه، وسياسيين أتفه. هذه الأخطاء أدت في النهاية إلى ما شهدناه في العراق.
بالمقابل، حزب البعث في سوريا، رغم الحرب الكونية عليه وهجوم مليون إرهابي، والقصف الأمريكي، والاعتداءات الإسرائيلية، والاحتلال التركي، وظهور المعارضة، وسقوط 80% من الأراضي في يد أعداء سوريا، استطاع في النهاية استعادة زمام الأمور والسيطرة.
سبب انتصار حزب البعث في سوريا هو القيادة الموحدة. وانعدام الابواق إعلامية أو وجود سياسيون فاشلون. الإعلام السوري، رغم حاجته، لم يتحمل الإعلاميين اللبنانيين لأنهم يثرثرون أكثر مما يقدمون، وفي سوريا مسموح أن تخطئ مرتين، لكن في الثالثة تُمنع من الظهور الإعلامي.
وصدقا ان سبب انتصار تموز عام 2006 هو غياب هذه الموجة من التفاهة والثرثرة الاعلامية والتضخم الهائل بالمحللين السياسيين الذين كل نصف ساعة يبدلون ارائهم وتحليلاتهم، ولا يقدمون سوى الصراخ واثارة الخلافات التي نحن بغنى عن كثير منها خاصة في هذه الظروف المصيرية.
المشكلة ليست بهؤلاء، الذين استطاعوا خداع الشعب، أو ربما أعجبت الناس بأشكالهم واسالبيهم لأنهم مجرد فكاهيين لملء الفراغ. لكننا الآن في حالة حرب وجودية، أمام خيارات مصيرية قد تؤدي إلى إبادتنا أو إنهاء دورنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
لذلك يجب أن نطبق المعادلة الذهبية: إن كان الكلام من فضة، فإن السكوت من ذهب، بل من ياقوت وألماس. علينا الصمت، الهدوء، والتوقف عن النشر، وتغيير برامجنا السياسية.
ما يحدث في البيئة الشيعية يشير إلى فوضى مطلقة. هناك اليوم أكثر من مائة ألف مصاب، لان كل جريح وكل شهيد أصيبت عائلته كما اصيب احبابه واصدقائه.
كما ان ما حصل ليس زلزالًا لنتعامل معه بهذه الخفة، بل هناك عدو يسعى لإبادة هذه الطائفة.
نحن في خطر حقيقي، ليس لاننا اخطأنا بل لان الشيعة، حاربوا الإرهاب، الذي تسعى اليوم فلوله للانتقام منهم. وما تسمعونه من أن ما يحدث هو بسبب دعم غزة غير صحيح. الإسرائيلي يستهدف الطائفة الشيعية لإبادتها كما يبيد اليوم الشعب الفلسطيني، لأنه يعتقد أن الشيعة لا يحق لهم الدفاع عن أرضهم وتحرير الجنوب.
كل ما تسمعونه من شماتة عبر الإعلام والسوشيال ميديا تجاه جرحى حزب الله، والتحريض على الشيعة، يأتي من التكفيريين وبعض العرب واللبنانيين الذين يكرهون حزب الله لأسباب عقائدية أو سياسية. الشيعة قاتلوا الإرهاب دفاعًا عن الأقليات وحتى عن الوسطيين في الطائفة السنية. إذا انتشر التطرف التكفيري في لبنان، فإن أولى معاركه ستكون مع المسيحيين والدروز، إضافة إلى الشيعة.
هناك فئة إسلامية تكفر الشيعة لأسباب عقائدية عمرها 1400 سنة والسبب العقائدي ان الشيعة فقط قاطعوا معاوية بسبب حديث رسول الله المذكور: – إذا رأيتُم معاويةَ على منبري فاقتلوه. ذكر في : الحسن البصري | المحدث : ابن الجوزي | المصدر : الموضوعات لابن الجوزي الصفحة أو الرقم : 2/266 | خلاصة حكم المحدث : موضوع | أحاديث مشابهة التخريج : أخرجه ابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (5/98) واللفظ له، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) (12/180)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (59/157)
يعني الفئة التي اليوم تحرض على الشيعة هي فئة قادمة من مجاهل التاريخ وهذه الفئة تكفر حتى المسلمين الذين يؤمنون بكروية الأرض.
امام الحديث عن اسناد غزة هو رفضنا أن يُقتل الأطفال والنساء بدم بارد، على يد المجرم الاسرائيلي الذي يقتل اليوم الاطفال في لبنان، وما نقوم فيه اليوم بالوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني قمنا فيه عندما وقفنا الى جانب المسيحيين والازيدين والاسماعيليين وغيرهم من الاقليات عندما قاتلنا الارهاب، بل منعناه من الوصول الى اوروبا.
وان كان العرب والمسلمون تخلوا عن نصرة الشعب الفلسطيني، وهذا خيارهم. لكن ليس من حقهم انتقاد الشيعة الذين يقفون في وجه الة الموت الإسرائيلية التي تدمر وتقتل كل كائن حي.
الى الطائفة الشيعية، المطلوب اليوم هو التوقف عن نشر أو قول أي شيء، والتقيد التام بما يصدر عن المقاومة.
يجب أن نتحول إلى بيئة تقاوم وتعمل وتنتج بصمت وهدوء كامل، ولدينا امثلة كثيرة منها التجربة اليابانية بعد هيروشيما وناغازاكي، وتجربة الشعب الألماني الذي بنى أعظم إمبراطورية اقتصادية، بعد ان فقدت المانيا 70% من الذكور فيها، حيث توجهت النساء الى البناء والتعليم وتأمين الامن والقيام بالزراعة وتشغيل المعامل الصناعية، واليوم المانيا خامس دولة على مستوى العالم.
ونحن لا نقل عزما وصلابة وطموحا عن هذه الشعوب، واليوم يجب ان نقوم بالافعال لا الاقوال، ولننطلق نحو النصر والمجد، وانا واثق من النصر ان شاء الله بحال تقيدنا بهذه الثوابت، لان الفوضى هي اعظم المصائب في العالم.
في علم النفس الخروج من الفوضى هو اعظم انتصار .