اخبار ومتفرقات

وطن يحتضن الجمر ويصنع النصر

أهالينا الأعزاء،

أعلم أن الأيام التي تمر على وطننا الحبيب قاسية ومؤلمة، وأن الأرض منهكة، والسماء سجينة، والتراب يذرف دموعًا من كثرة ما شهد من دماء. أشجار الزيتون المحترقة تقف شاهدة على الاستخدامات غير القانونية وغير الإنسانية للفسفور الأبيض المحرم دوليًا. أعمدة مدننا التي أصبحت أنقاضًا احتضنت أحبّاءها، وواجهت وحشية الغارات بشجاعة صامتة.

أعلم أن النزوح قد أرهقكم، وأنتم أصحاب الكرامة والعزة في أرضكم وبيوتكم. وأعلم أن أطفالكم يعيشون كل أنواع الحرمان من حقوقهم البسيطة، وقد اشتاقوا لمدارسهم، لمقاعدها، ولتلك الاحتفالات الصغيرة التي كانت تزرع البهجة في قلوبهم. كما أعلم أن أنفاسكم مثقلة، كجمرة تحت الرماد تنتظر خبر انتهاء الحرب بفارغ الصبر.

لكنني، يا أعزائي، أفخر بكم. أفخر بتكاتفكم وتضامنكم، ورفضكم لكل محاولات الفتنة الداخلية التي يسعى العدو إلى إشعالها بشتى الطرق. خاصةً أنتم، أهالينا الذين فتحتم أبوابكم، واقتسمتم رغيفكم ومؤونتكم وكل ما تملكون، لتخففوا عن ضيوفكم ألم النزوح، وتمنحوهم الشعور بالكرامة. كانت مبادراتكم الفردية أسمى أنواع العطاء، فقولنا وعملنا دائمًا من أجل الكمال: “كلنا للوطن، للعلى، للعلم.”

استمروا في احتضان بعضكم. فالوطن هو الأم، وأنتم العائلة التي تزينه. أنتم قلعة بعلبك ورأس الناقورة، وسهل البقاع وكرم طرابلس، وضيافة عكار. أنتم الجبل والأرض والسماء، أنتم بيروت العروس، وأغنيات فيروز التي تلهمنا جميعًا.

بصبركم، ومقاومتكم، وتكاتفكم، يُصنع النصر. لن يهزم شعب اجتمعت عليه الدنيا، فتحمّل حزنه بصبر وشموخ. الوطن بحاجة إليكم، فكونوا دائمًا أوفياء له.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى