اخبار ومتفرقات

من هو نواف سلام …وما لا تعرفوه عنه

بدأ رئيس الجمهورية المنتخب جوزاف عون، بعد انتخابه، سلسلة من الاستشارات النيابية مع الكتل السياسية لتسمية شخصية ستتولى مهمة تشكيل الحكومة الأولى للعهد الجديد. ومن المتوقع أن تكون هذه الحكومة محطّة فارقة في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي يواجهها لبنان. في هذا السياق، تتركز المنافسة بشكل رئيسي بين اثنين من الأسماء البارزة: الرئيس نجيب ميقاتي، الذي يتولى حاليًا حكومة تصريف الأعمال، والدبلوماسي المخضرم نواف سلام، الذي يتمتع بتاريخ طويل في العمل القانوني والدبلوماسي.

نواف سلام: من هو؟

نواف سلام وُلِد في 15 كانون الأول 1953 في بيروت من عائلة لبنانية عريقة، حيث كان والده عبدالله سلام أحد مؤسسي شركة طيران الشرق الأوسط ورجل أعمال معروف. نواف سلام متزوج من سحر بعاصيري، الصحافية والسفيرة السابقة للبنان لدى اليونسكو، ولهما ولدان.

يعود تاريخ عائلته السياسية إلى فترة العثمانيين حيث كان جده سليم علي سلام رئيسًا لبلدية بيروت ونائبًا في مجلس “المبعوثان” العثماني في إسطنبول، وشارك في الحركة الإصلاحية ضد السياسات التركية في المنطقة. أما عمه صائب سلام، فقد ترأس الحكومة اللبنانية أربع مرات في الفترة ما بين 1952 و1973، بينما ترأس ابن عمه تمام سلام الحكومة بين 2014 و2016.

التعليم والمسار الأكاديمي: أكمل نواف سلام مسيرته الأكاديمية في أبرز الجامعات العالمية، حيث حصل على دبلوم من مدرسة الدراسات العليا بالعلوم الاجتماعية في باريس عام 1974، ثم دكتوراه في التاريخ من جامعة السوربون عام 1979. كما حصل على ماجستير في القانون من جامعة هارفارد عام 1991، بالإضافة إلى دكتوراه في العلوم السياسية من معهد الدراسات السياسية في باريس عام 1992.

المسار المهني: بدأ نواف سلام مسيرته القانونية كمحامٍ في بيروت عام 1984 وكان عضوًا في نقابة المحامين في بيروت، حيث مثل العديد من الهيئات المحلية والدولية. كما عمل في مدينة بوسطن الأميركية ممثلًا قانونيًا للعديد من المؤسسات الدولية. في الوقت ذاته، كانت له مساهمات أكاديمية حيث قام بتدريس القانون في العديد من الجامعات المرموقة مثل جامعة السوربون، جامعة هارفارد، وجامعة كولومبيا.

في لبنان، عمل محاميًا في مكتب تكلا للمحاماة، ودرّس القانون الدولي في الجامعة الأميركية في بيروت، كما ترأس قسم الدراسات السياسية والإدارة العامة في نفس الجامعة بين 2005 و2007.

الإنجازات الدولية: يُعد نواف سلام أحد الوجوه البارزة على الساحة الدبلوماسية الدولية، حيث شغل منصب سفير لبنان وممثل دائم له لدى الأمم المتحدة بين 2007 و2017. كما كان ممثل لبنان في مجلس الأمن الدولي، وترأس مجلس الأمن في فترتين متتاليتين في عامي 2010 و2011.

وفي 2018، تم انتخابه عضواً في محكمة العدل الدولية في لاهاي، حيث أصبح في فبراير 2024 رئيسًا لهذه المحكمة، ليصبح بذلك ثاني عربي يتولى هذا المنصب منذ تأسيس المحكمة عام 1945. كما عمل في بعثات ميدانية لمجلس الأمن في العديد من الدول مثل إثيوبيا، السودان، وأفغانستان.

المؤلفات: نواف سلام هو مؤلف العديد من الكتب والمقالات التي تتناول مواضيع القانون الدولي، الإصلاح السياسي، والتاريخ اللبناني. من بين مؤلفاته: “الإصلاح الممكن والإصلاح المنشود”، “أبعد من الطائف”، و”لبنان بين الأمس والغد”. كما كتب مقالات نقدية حول الأزمات اللبنانية، من أبرزها “اتفاق الطائف: استعادة نقدية” و”خيارات للبنان”.

التحدي السياسي القادم: وسط هذا السجل الحافل، يتمتع نواف سلام بشعبية كبيرة بين الشباب اللبناني والتغييرين، خاصة في ظل الوضع السياسي الراهن الذي يعيشه لبنان. وبالرغم من المنافسة القوية مع نجيب ميقاتي، الذي يحظى بدعم كبير في الأوساط السياسية، فإن حظوظ سلام في الوصول إلى رئاسة الحكومة قد ارتفعت بشكل كبير بعد انسحاب النائب فؤاد مخزومي لصالحه.

ويتوقع أن تكون الاستشارات النيابية حاسمة في تحديد مسار الحكومة الجديدة، ويُنتظر أن يلعب تكتل “لبنان القوي” دورًا محوريًا في هذا السياق، خاصة بعد انقسام داخلي بين النواب حول دعم ميقاتي أو سلام. ما زال رئيس التكتل، النائب جبران باسيل، يستمهل اتخاذ القرار النهائي، مما يزيد من تعقيد الوضع السياسي في لبنان.

بينما تواصل الاستشارات النيابية في لبنان، يبقى السؤال قائمًا: هل سيكون نواف سلام قادرًا على تشكيل حكومة جديدة تأخذ لبنان إلى مرحلة مختلفة من الإصلاح السياسي والاقتصادي؟ أو سيستمر ميقاتي في منصبه ليواجه التحديات المقبلة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى