الذكرى ٤٨ لعين البنية:
الإمام الصدر صانع التاريخ!
خليل إسماعيل رَّمال
في الخامس من تموز ١٩٧٥ صُنِع التاريخ في لبنان والمنطقة، بل قبل ذلك عندما وطأت قدما سماحة الإمام القائد السيد موسى الصدر الطاهرة أرض أجداده المُقدَّسَة فأثمرت تحوّْلاً مِحورياً جذرياً، بشرياً واجتماعياً وسياسياً، وكانت لحظة التقاء استراتيجي بين القائد والزمان والمكان فقلبت وطننا من حال إلى حال.
في يوم شهيد أمل وفي عين البنية تبَلْوَر هذا التاريخ بالإعلان عن إنطلاقة مسيرة حركة المحرومين من أجل التحرُّر والعدالة من قبل سماحة الإمام، فدشَّنَتْ أفواج المقاومة اللبنانية لنا عصر المقاومة والإصلاح والهوية والإنتماء وحماية لبنان العيش المشترك وترسيخ حوار الحضارات لا تناحرها، وجعلت هذا الوطن الصغير، الذي فهمه سماحة الإمام أكثر من أي شخص آخر، نموذجاً للتسامح ومنارةً للعالم وجسراً بين الأديان رغم ابتلائه بحرب أهلية لم تبق ولم تذر.
إنها مُعجزة بحق أن يبقى ذكر الإمام القائد السيد موسى الصدر وتراثه على كل شفة ولسان رغم غيابه القسري لأربعة عقود ونيِّف وعدم معاصرة الجيل الشاب الجديد لهذا الوجه الساطع المُشرِق بإيمانه وفِكره. وهذه مفخرة ومكرمة عظيمة لسماحة الإمام الأب الحنون العطوف الذي أمدنا بظله المديد الشريف وتعاليمه النيِّرَة التي لا تُنسَى طيلة وجوده بيننا.
إن سيرة وحياة ومواقف وكلمات وتراث الإمام الصدر يحب أن تُدرَّس في المناهج المدرسيَّة الرسميَّة كأعظم قائد عرفه لبنان بل العالم منذ أن تشرفنا بقدومه حتى اطلاقه لحركة مقاومِة عظيمة وحتى إخفائه مع مساعده ويده اليمنى سماحة الشيخ محمد يعقوب والإعلامي الوطني عباس بدر الدين على يد المقبور الطاغية الزنيم مدمَّر القذافي، لأن الإمام خلق لنا حضارة جديدة عمادها التضحية والوفاء والإرتباط بالأرض، وقلب لنا صفحة التاريخ المشين واختط بيده الشريفة كتاب حاضر ومستقبل مْفعَم بالحياة والطموح ووَصْل الرسالة السماوية السمحة بالواقع المُعاش، عن طريق الإيمان بالله بمعناه الحقيقي لا بمفهومه التجريدي السطحي مما يتطلب خدمة البشر وتحقيق آمالهم وبهذا إرضاء للخالق العظيم.
في ذكرى عين البنية نؤكِّد إن كل ما أنعمه الله علينا اليوم هو من بركات هذا الإمام القائد لأنه بحد ذاته نعمة من الله جاءنا من أقصى التاريخ يسعى فكان البوصلة لنا والعنوان وبالتالي نحن مدينون له لأنه فاتح عهد المقاومة والتحرير وعصر الردع والانتصارات التي حققتها مقاومتنا النبيلة والتي وضع إرهاصاتها ومقدماتها وسبل استمرارها سماحة الإمام المبجَّل الأب القائد والمرجع حجة الإسلام والمسلمين السيِّد موسى الصدر.