الى الامة ام الى الازمة
ريتا بشارة
لفتني خلال قرائاتي للكتب التاريخية السياسية ان معظم البلدان اعادت بناء نفسها بنفسها بعد ان دارت رحى الحروب والمجازر داخلها . مثلا ، بعد الحرب العالمية الثانية، واجهت المانيا تحديات هائلة لاعادة بناء البلاد وتحقيق التنمية والاستقرار جراء اجراءات نفذتها الحكومة الالمانية كبرنامج التعمير واعادة بناء البنية التحتية المدمرة والتركيز على اعادة الصناعات والمدن والمنازل التي تضررت بسبب الحرب وايضا كالتحفيز الاقتصادي الذي من خلاله تبنت المانيا سياسات اقتصادية متعددة لتعزيز النمو والاستثمار وتشجيع الصناعات الرئيسية مثل الصناعات التحويلية والسيارات والتكنولوجيا لتعزيز الاقتصاد ووزيادة فرص العمل للشباب والشابات بالاضافة الى اعادة تحسين نظام التعليم وتطوير البرامج التعليمية واعادة بناء الثقة وتحقيق المصالحة بين الالمان والدول الدول الاخرى التي تاثرت بالحرب والتركيز على تعزيز الحوار والتفاهم والعمل المشترك ، هذه الاجراءات المذكورة ساهمت في نهضة المانيا واعادت بناء امتها . على غرار المثال ، اذا نظرنا الى اليابان التي استسلمت عام 1945 بعد قصف هيروشيما وناكازاكي بالقنبلة النووية ، قررت من بعدها استعادة البلاد الى عافيتها والاعتماد على اهلها وعقولهم ليعم الرخاء الياباني . علاوة على ذلك ،اسبانيا التي عاشت حرب اهلية وبدأت انذاك رحلتها الى التحديث والتطور الاقتصادي والعلمي الذي اهلها لتكون احدى اهم دول الاتحاد الاوروبي . كما الصينيون الذين تناحروا في الحرب الاهلية المؤدية الى ملايين القتلى والكثير من الدمار الا ان الصين خاضت رحلة من التغيير و التطور و الابتكار ومازالت تواصل اليوم طريق النمو . وايضا الصومال وسوريا والعراق والخ… التي اعادت اعمار بلادها رويدا رويدا بعدما حل عليها الخراب . اذا الشعوب حين تقرر النهوض تصنع المعجزة مهما طحنتها الحروب. قد لايزيد الوضع العربي الحالي وخاصة الوضع الميداني اللبناني الا تشاؤما بالمستقبل ، لكن واقع التاريخ يقول عكس ذلك فدول كثيرة خرجت من حروب طاحنة وانبعثت كطائر الفينيق لتبني مجدا وتحكم العالم . فنحن اللبنانييون ماذا ينقصنا من أجل النهوض والتخطيط والتنفيذ لاعادة بناء لبنان ؟ ماذا ينقصنا لكي نتكلم مع بعضنا ونتفاهم ؟ ماذا ينقصنا لاعادة اعمار الوطن اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا بالاستفادة من ثرواته وموارده الطبيعية والبشرية الغنية ومواهب شعبه الموجودة في كثير من المجالات المختلفة وتطويرها وتنميتها واستثمارها ؟ نحن نملك هذه الطاقة القوية الجديرة لاسترجاع لبنان امة وطنية قوية متماسكة سيادية فهل نحن ذاهبون الى امة ام الى ازمة اشد خطورة وحدة؟