جبرُ الخواطر وكسرها
بعض الأشخاص نتعامل معهم بالمعاملة الطيبة، ولا ننتظر من أحد منهم شيئا. وعندما يتمنى أحدُنا أن يبادلوه إبتسامة تسعد قلبه، يأتي تعاملهم جافا، كأنما وجب علينا إكرامهم، ووجب عليهم مبادلتنا بسوء المعاملة، نحن نعمد إلى جبر خواطرهم وهم يبادلوننا بكسر خواطرنا.
نحن في الحياة نحتاج دائماً النصيحة، كما نحتاج في لحظة الحزن من يخفف عنا ويمسح دمعتنا، ويشاطرنا حياتنا بما فيها من شجونٍ وشؤونِ وأحزان، لكن للإسف نرى في بعض الأوقات أناساً تستغل ضعفنا لتبرز الأنا المسيطرة او المغرورة ذات الأفكار السلبية، ويحاولون فرض الرأي علينا، حتى لو أدّى ذلك الى الجرح المعنوي والنفسي، وهذا ما يسمى كسر الخواطر.
وقد يعمد هؤلاء المغرورون إلى عدم الاستماع إلى رأيِك، لمجرد أنه يخالف رأيهم، وبالتالي يعمدون إلى صدِّكَ، وإلى عدم التفاعل في الحديث والنقاش، وهذا بحد ذاته نوع من كسر الخواطر. فنحنُ لسنا قطعا من جليد، نحن بشر نحتوي في أنفسنا من المشاعر والأحاسيس أكثر مما نحوي من ميزات مادية.
عندما تعمل بجد طوال شهور وأيام وتتحمل ضغوطات كثيرة وتواجه مشكلاتٍ عديدة، تنتظر انك ستجد ثمرة جهدك وتعبك، ولكن الأيام والساعات تمضيان وانت لا تتقدم خطوة واحدة، بفعل من يعاند ويصد، وكأن تعبك ضاع أدراج الرياح هنا أيضا ينكسر خاطرُك .
عندما تنظر الى شيء تحبه كثيراً وتتمنى الحصول عليه، وعندما تمد يدك اليه لتلتقطه يأتي من يصفعك على يدك بقوة ويصرخ في وجهك هذا ليس لك انت. انت لا تستحقه، هنا ايضاً يُكسَر خاطرُك.
إن أخطر ما يؤثر نفسيًا على الإنسان هو كسر خاطره، وقد تضمنت السنة النبوية عدة أحاديث عن جبر الخواطر والتحذير من كسر الخواطر، مع بيان قيمة جبر الخواطر وآثارها الإيجابية على المجتمع الإنساني
لقد خلق الله تعالى الإنسان ونفخ فيه من روحه، فهو أكرم مخلوق عليه، فكل من يكرم هذا المخلوق فهو ممن يحبهم الله. فقد جاء في الأثر: ” خير الناس أنفعهم للناس”.. ” والخلق كلهم عيال الله وأحب خلقه إليه أنفعهم لعياله”.
لذلك كل من يقوم بجبر خواطر هم ممن تادب باخلاق الانبياء والاولياء، فهو يقوم بفعل كبير له عظيمُ الثواب، كما أن له دورٌ في نشر الطاقة الإيجابية وزرع الخير في نفوس البشر، والعكس صحيح فإن كسر الخواطر يؤدي الى نشر السلبية وذهاب النعم.
إياك وكسر الخواطر فإن الأنفس البشرية ليست عظامًا تُكسَر وتُجبًر، بل هي أرواحٌ تقهر.
ريما فارس