جنة الارض أمي
ليس هناك عيد للأم ، لأن الأم بحد ذاتها عيدٌ لأولادها.
منذ أن يتكوّن الجنين يتكوّن معه الحبل السري، ما يربط الجنين في رحم أمه، يحمل الأكسجّين والعناصر الغذائية من الأم إلى دم الطفل، ويأخذ من غذائها واهتمامها وحنانها.
وعندما يولد تولد معه الأمومة، التي تحمل معها كلمة الأم، هي صغيرة بحروفها لكنّها تحتوي على أكبر معاني الحبّ والعطاء والحنان والتّضحية.
هي أنهار لا تنضب ولا تجفّ ولا تتعب، متدفّقة دائماً بالكثير من العطف الذي لا ينتهي، وهي الصّدر الحنون الذي تُلقي عليه رأسك وتشكو إليها همومك ومتاعبك، وتعطيك ولا تنتظر أن تأخذ مقابل
عطائها.
إن معنى الأم الذي يجهله الناس , جمعه القرآن في أمر ونهي , فأمر بالإحسان إلى الوالدين , ونهى عن أبسط أنواع العقوق وإن كان بلفظ من حرفين ( أف ) .
وما أمرُ الله للإنسان بخفض جناح الذل للوالدين من الرحمة إلا بياناً من الله بأن عطاء الأم والأب الذي يجهله الأبناء لا ينبغي أمام عظمته إلا الإقبال عليهما بأعلى مراتب الرحمة وهي الذل, ليكون الولد في أوج قوته أمام الوالدين في كبرهما وضعفهما متواضعا ذليلاً، وهذا أفضل حالات الاعتراف بالفضل ، وأعظم ترجمة للبر ، هذه حالة لا يدرك أبعادها إلا الله سبحانه .
إن كانت الأم حباً فهي أجمله ،وإن كانت عطاءاً فهي أفضله ، وإن كانت احتواءاً فهي أكمله، الأم هي الثوب الذي تلبسه فيمنحك الحياة بكل معانيها .
إنها الكائن الضعيف الرقيق الذي يتحول إلى بركان ثائر ووحش كاسر إذا مس أولادها مكروه أو أرادهم أحد بسوء، عطاؤها لا يعرف قانوناً، ولا يرتكز على نظام ، ولا يركن إلى منطق ،عطاء يوقف إعمال العقل وأسبابه، فهي معك دائما .
عند الأم أنت دائما على صواب ،لا تفهم إلا أن تكون معك ولك ،تحب من يحبك وتبغض من يبغضك . هي صفوة الحب والعطاء والأمن والأمان والرحمة والاحتواء، ولا ترجو مقابل ذلك إلا أن تسعد أنت وترضى .
اللهم ارحم الأمهات التي فارقت الحياة وأجعل مثواهن الجنة، فالحياة مؤلمة حد البكاء دون ضحكة الأم. وأطال بعمر الأمهات الأحياء فهن الحياة والجنة .
ريما فارس