دولة حزب الله ودويلة لبنان ودور سوريا في اتفاق الطائف، ومحرمات يتم الحديث عنها لأول مرة.
بقلم ناجي أمهز
كنت الشيعي الوحيد المطارد من سوريا وكل حلفائها بسبب انتمائي العوني، عام 1997 اجتمعنا ثلاثة أشخاص في منزل أحد الأطباء المشهورين قرب مستديرة الحايك في سن الفيل.
ودار نقاش تحدثت فيه شخصية مارونية بكلام لم أصدقه إلا بعد سنوات طويلة، ومما قاله هذا الشخص؟، أنه أثناء جولته في أمريكا وفرنسا فهم وعرف من مراكز القرار، أن السوريين لم يكونوا موافقين على اتفاق الطائف، بل فرض عليهم فرضا، ولم يكن أمامهم خيار آخر، بل من جملة المناقشات مع الجانب السوري، أنه قيل، (نعلم بأن اتفاق الطائف سيكون له تداعيات على سوريا، وقد يطالب الشعب السوري مستقبلا، بنقل بعض صلاحيات الرئيس إلى رئيس الحكومة أسوة بالشعب اللبناني، ونعلم أن تبقى الصلاحيات مع الرئيس الماروني أفضل وأسهل عليكم (على السوريين) كون التعاطي مع رئيس ماروني أسهل بكثير من التعاطي مع رئيس حكومة له امتدادا يتجاوز ال 300 مليون إنسان، لكن نخاف عليكم (على السوريين) بحال رفضتم اتفاق الطائف أن يتم تجييش المسلمين ضدكم تحت مقولة أنكم تدعمون الانعزالية المارونية.
وتكمل الشخصية المارونية، نعم السوريين دافعوا عنا (الموارنة) ولا أعلم لماذا نقاتلهم، وكيف اقتنعنا بمقاتلتهم، السوريين ليسوا أعداءنا تصوروا لو السوريون طبقوا اتفاق الطائف ربما كان اليوم رئيس لبنان شخصية مسلمة، وكان بقية الموارنة غادروا لبنان، فالموارنة اقسام متشتتون، حتى أصبح نصفهم بالاغتراب والنصف الآخر بالاعتقال، أصلا من سيهتم بعدم انتخاب رئيس ماروني، وكل الصلاحيات بيد الحكومة، السوريين حافظوا على دور الرئاسة…
هذه المقدمة التي أكتب بعضها للمرة الأولى، هي للمقاربة بين ما حصل مع السوريين والموارنة بالأمس، وما يحصل اليوم مع الشيعة والموارنة.
فكروا قليلا بما بينته بالمقدمة، وستجدون أن أكثر ثلاثة متضررين من اتفاق الطائف هم
1 – أول المتضررين من اتفاق الطائف هم الموارنة فالطائف سلب الموارنة كامل الصلاحيات الدستورية، التي على أساسها قام لبنان.
2- السوريين متضررين من اتفاق الطائف الذي نص على انسحاب الجيش السوري نهائيا من بيروت وضواحيها إلى سهل البقاع المحاذي لسوريا بعد سنتين من إقرار الإصلاحات الدستورية التي تم تبنيها عام 1990. وهذا النص يؤكد أن الاتفاق فرض على السوريين، كونه اعتبرهم محتلين وطالبهم بالانسحاب، إذا السوريون ضحايا مثل الموارنة.
3 – الشيعة من الأساس لا حصة لهم في الدولة ولا في الطائف، ولولا تضحيات الشيعة التي حررت جنوب لبنان، ونفوذ الشيعة اليوم، لكان وضع الشيعة اليوم دستوريا أسوأ بكثير مما كانوا عليه قبل صيغة 1923، لذلك حتى هذه اللحظة الشيعة لم يحققوا أية مكاسب دستورية، ولحظة تلاشي قوة الشيعة، سيجد الشيعة أنفسهم، يبحثون عن وظائف درجة خامسة، مما يعني أن الشيعة والموارنة خاسران بسبب اتفاق الطائف.
إذا المحصلة أن الموارنة بالأمس قاتلوا السوريين على شيء لا علاقة للسوريين به، مع أن السوريين قدموا للمارونية السياسية أكثر ما قدمته فرنسا الأم الحنون للموارنة، والسوريين دافعوا عن الوجود الماروني سياسيا واجتماعيا، واليوم الموارنة يقاتلون الشيعة على اتفاق هما الاثنان خاسران بسببه، مع أن الشيعة لا علاقة لهم بإقرار اتفاق الطائف، كما أن الشيعة دافعوا عن لبنان وعن الوجود المسيحي ولم يتجاوزوا الأعراف المارونية.
بل إن ما تسمعه من بعض الموارنة عن دويلة حزب الله داخل الدولة، وما يردده الغرب عن دولة حزب الله الذي حول لبنان إلى دويلة، تعرف أن المخطط هو لضرب الموارنة بالشيعة، كي ينتهي الاثنان ومع انتهائهما ينتهي لبنان، وتأتي أي فئة غير لبنانية لتستوطنه.
الجميع يعلم بأن حزب الله لا ينظر إلى نفسه على أنه دويلة ولا دولة، بل هو مقاومة، والدليل أن حزب الله بعد التحرير عام 2000 لم يرفع سقف مطالبه أو طالب بالحكم أسوة بالمقاومة الفرنسية التي بعد تحرير فرنسا استحوذت على الحكم، بل كتلة نواب حزب الله ما زالت كما هي منذ عام 1996، إضافة أن حزب الله هو الحزب الوحيد الذي لا يستفيد من خدمات ومخصصات ومقدرات الدولة اللبنانية أسوة ببقية الأحزاب التي توظف وتلتزم المشاريع وتستفيد من بنية الدولة، بل حزب الله هو الذي يدفع من رصيده المادي والمعنوي لدعم لبنان.
حزب الله هو الحزب الوحيد الذي لا يملك حق احتكار أي مادة، بينما بقية الأحزاب لديها عشرات الامتيازات والحقوق للاحتكارات منها احتكار المازوت والبنزين والغاز والدواء وغيره. وقد تفاجأ حزب الله عندما حاول إفراغ المازوت الإيراني، بأن غالبية الخزانات هي أم مؤجرة لأحزاب أو ملك لأحزاب.
إضافة أن حزب الله الذي قدم خيرة شبابه ليدافع عن الأقليات في سوريا ولبنان، وخاصة المسيحيين، لم يكن له غاية سياسية والدليل، أن حزب الله حتى هذه اللحظة لم ينشر مسلسلا أو ينتج عمل إعلامي يتحدث فيه عن هذه البطولات والتضحيات كي يستثمرها بالسياسة.
وكما يعلم الجميع فإن للموارنة في الموروث الشيعي مكانة واحترام كبيرين، ونادرا وربما من المحال أن تجد شيعي ينتقد أو يهاجم مارونيا، وبحال أراد أي شيعي ن ينتقد مارونيا تجده ينتقده بأدب جم، بالمقابل تجد بعض الموارنة لا حرج لديهم بالتهجم والتحريض على الشيعة، مثلا حزب السلاح، وكثير من الامور التي فيها تجني، المشكلة ليست عند الذي يتهجم فهو يقبض ثمن تهجمه على الحزب، المشكلة ان النخبة المارونية المثقفة والتي تعلم ان كلام هذا الشخص مقبوض ثمنه لا ترد عليه حفاظا على العيش الواحد.
بل هناك بعض الموارنة يرددون ان الشيعة لا يريدون تطبيق اتفاق الطائف، فجاة يخرج بعض الموارنة على الشيعة كيف لا تريدون تطبيق الطائف، مع العلم بأن تطبيق اتفاق الطائف هو يعني اندثار الدور السياسي الماروني، فعدد الموارنة اليوم لا يسمح لهم بالإتيان برئيس جمهورية ماروني بحال تم تطبيق الطائف، وإلغاء الطائفية السياسية.
وهكذا توجد تناقضات لا تعد ولا تحصى ادت الى انتهاء لبنان،
وأمام هذه التناقضات أعتقد بأنه يجب على النخبة المارونية بمكان ما، إعادة ترتيب أولوياتها ومراجعة حساباتها، للحفاظ علي ما بقي من لبنان، مع علمي المسبق بان لبنان الذي نعرفه انتهى.