اقلام

الخاسر الأكبر هو الوزير باسيل، ولبنان أمام، أما فرنجية رئيس، أو تطبيق الطائف وإلغاء الطائفية السياسية.

الخاسر الأكبر هو الوزير باسيل، ولبنان أمام، أما فرنجية رئيس، أو تطبيق الطائف وإلغاء الطائفية السياسية.

بقلم ناجي أمهز

ما اكتبه الآن ليس سرا، بل أشرت إليه في مقال قبل بداية العام الحالي، وعادة أنا لا أكتب لأكتب فقط، بل انشر سيناريو متكامل ضمن توصيف لتطور معين ومتغيرات، تشير الى تغير المشهد عامة، ويبدو أنني أصبحت أجيد ربط الأمور ببعضها بسبب الكميات الكبيرة من المعطيات التي تصلني بشفافية ودون رتوش، وأنجح برسم وتوضحيح ما يحصل في الداخل والخارج.

حتما الخاسر الأكبر من كل يجري اليوم هو الوزير باسيل، فأنا لو كنت مكانه لسعيت بكل قوتي لانتخاب الوزير فرنجية رئيسا للجمهورية، وحصلت على أكبر حصة مسيحية وزارية تضمن لي خدماتيا إعادة انتخاب أكبر كتلة برلمانية مسيحية، وضمنت بعد انتهاء ولاية فرنجية، أن تبقى الرئاسة مع وضمن التيار لنصف قرن من الزمن، وهذا الطرح كنت سافعله حتى لو كنت خارج التحالف مع الحزب وحلفائه، فهي فرصة سياسية لا تعوض عند مفترق كبير خاصة بعد التقارب الايراني السعودي السوري.

وقد ينظر بعض الطارئين على السياسة أن الوزير باسيل يعود أقوى بحال أعاد ترتيب تموضعه مع الأمريكيين واندمج في البيئة المسيحية المعارضة لحزب الله وحلفائه.

وهذا التوصيف خاطئ للغاية فالامريكيين عاجزين عن الغاء دور حزب الله كما انهم لا يريدون استفزازه، وكما الامريكيين مهتمين بأن تكون بين ايديهم اوراق تساهم بالتفاوض مع حزب الله، بالمقابل حزب الله لا يرفض ان يكون هناك في لبنان من يعارضه سياسيا، لان وجود المعارضة هو دليل عافية في العمل السياسي.

والحزب غير مزعوج ابدا من معارضه القوات اللبنانية له، اصلا هما مختلفان عن بعضهما تماما، من هنا تجد القوات نفسها مندمجة وعلى تقاطع تام وطبيعي مع الامريكيين، وايضا الامريكيين يجدون في القوات التي هي على خلاف طبيعي في البنية مع الحزب الاقرب الى سياستهم في لبنان، وهذا التقارب المتبادل بين القوات اللبنانية والامريكيين يجعل القوات اللبنانية هي التي تتقدم كافة القوى السياسية اللبنانية عند الامريكيين.

لذلك كل الذين اعتقدوا ان التقارب الايراني السعودي سيؤثر على سياسة القوات اللبنانية، كانوا على خطأ فالقوات تقاربت مع السعودية كون السعودية قريبة من الامريكيين، وعندما تعارضت السياسة السعودية مع الامريكيين بقيت القوات اللبنانية مع السياسة الامريكية في المنطقة، لذلك مهما فعل جبران ومهما قدم للامريكيين، وبحال رضي عنه الامريكيين لن يكون في الصفوف الاولى،  وانا استبعد ان يحصل اي تقارب او رضى امريكي على الوزير باسيل بسبب اسلوب وسلوك الوزير باسيل السياسي ومحاولة التذاكي على الامريكيين الذي اخرجه نهائيا من الدائرة السياسية الامريكية.

اذا الوزير باسيل خسر الحزب، وايضا لن ينجح بالتقرب من الامريكي.

وهناك من يعتقد ان الوزير باسيل بمحاولة ترشيحه الوزير جهاد ازعور، قد يعوض بعض خسائره التي ذهب فيها بعيدا، كون الوزير ازعور مرشح الكتلة المسيحية المعارضة للحزب وهو حتما مرضي عنه امريكيا بسبب وظيفته في البنك الدولي، وايضا الكتلة العربية في مجلس التعاون الخليجي وتحديدا القطريين لا يعارضون ترشيحه، مما يكسب الوزير باسيل مقعد وان كان في الصف الثاني مسيحيا، بانتظار ان يتغير شيء بالمشهد الاقليمي والدولي، خاصة ان الوزير باسيل بدا يستشعر حجم المعارضة التي تكبر يوما بعد يوم بينه وبين بعض قيادات التيار الوطني الحر، وهو يعلم ان الذي يمنحه اليوم هذا الهامش الكبير هو دعم الجنرال عون له.

وعلى الرغم من  كل السيناريوهات التي تنتشر في لبنان، الا ان التوصيف الدولي وتحديدا الفرنسي يؤكد ان حظوظ الوزير ازعور ليست عالية ابدا، بسبب الازمة الروسية الاوكرانية التي تلزم نصف الكرة الارضية من جهة الشرق الاوسط ان تقف عند خاطر الحزب، لذلك يسعى الامريكيين بالضغط على الرئيس بري والتوليح بالعقوبات من اجل ان يقوم الرئيس بري بالتسويق لانتخاب الوزير ازعور كي لا يدخل العامل الدولي في تصادم مباشر مع الحزب، وهذا ما اكده الفرنسيين لشخصية دينية، بان اوروبا لا تريد خلق اي ازمة في شرق المتوسط، وموافقة حزب الله على اسم الرئيس هي حق طبيعي ووطني ويجب الاخذ بها، ومن هنا اكد السيد نصرالله امام موفد البطريرك المطران عبد الساتر ان مرشح الثنائي الوطني هو الوزير فرنجية، كما من حق الاخرين تسمية مرشحهم للرئاسة.

اذا خيار الوزير ازعور خارج سباق الرئاسة كما كان اسم النائب معوض منذ اللحظة الاولى خارج السباق الحقيقي للرئاسة، ويبقى الطرح الجدي محصورا بين اسم الوزير فرنجية من جهة واسم قائد الجيش الجنرال جوزف عون من جهة.

الوزير فرنجية متقدم الآن بسبب ثبات الثنائي الوطني بترشيحه اضافة ان كافة النواب العروبيين والقوميين والذين هم مع القضية الفلسطينية يجدون انفسهم منسجمين تماما مع ترشيح الوزير فرنجية مقابل الوزير ازعور المرشح والمدعوم من قبل القوات اللبنانية، وايضا الوزير فرنجية يتمتع بالمقبولية العربية خاصة بعد الانفتاح العربي العربي وعودة سوريا الى جامعة الدول العربية، والاتفاق الايراني السعودي.

وانا من وجهة نظري كل ما ينقص الوزير فرنجية الان هو فقط توضيح رؤيته للبنان داخليا ودوليا واين هو من الصراع، وبحال وفق بجمع هذا المشهد بصيغة وسطية بين الكل، سيكون الوزير فرنجية الرئيس الاكثر قوة بين رؤساء لبنان، وخاصة ان لبنان قادم على دور اقليمي كبير.

وبحال فشل الوزير فرنجية بتوضيح وتوصيف لبنان ضمن المعادلة الدولية واليات عمله الداخلية ومنها مكافحة الفساد، والمساهمة بنشوء تركيبة سياسية جديدة مقابل المنظومة السياسية التي ان الاوان لتقاعدها مع تقاعد حاكم البنك المركزي رياض سلامة، يكون هناك اسم قائد الجيش، والذي هو رئيس كامل المواصفات.

امام الجميع حتى نهاية الشهر السابع للتوافق على الرئيس على ان يكون لبنان مع بداية الشهر 11 قد انطلق اما نحو لبنان الجديد، او ستتمدد الازمة حتى عام 2025 حيث يكون لبنان امام تطبيق الطائف والغاء الطائفية السياسية، وهنا سيكون الخاسر الاكبر هو الطائفة المارونية التي تمنحها الاعراف الكثير من المكاسب على حساب بقية الطوائف.

مثلا لماذا ارفع واعلى منصب واضخم الراوتب والتعويضات المالية محصورة في الطائفة المارونية، راتب وامتيازات رئيس الجمهورية اكبر واضخم واكثر من رئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة، معاش حاكم البنك المركزي اضخم باضعاف من اي وظيف اخرى من الفئة الاولى، وقد تبين ان حاكم المركزي مطلق الصلاحيات في ادارة المالية العامة، ولا يوجد قانون لمحاسبته او معاقبته، مما يعني فعليا انه هو من يحكم الوطن.

وبحال الغاء الطائفية السياسية تطبيقا للطائف، لن يكون الحق هنا على الشيعة أو السنة أو المكون العروبي أو القومي وحتى بعض اليسار، الحق هنا على فريق ماروني هو الذي قام بالاتفاق والتعهد أنه بعد انتهاء ولاية رئاسته يتم انتخاب الوزير فرنجية رئيسا، وعلى هذا الأساس قامت الأحزاب (حزب الله والذي ضغط على حركة أمل- والقومي – والعروبيين- وحتى تيار المستقبل برئاسة الشيخ سعد الحريري الذي كان أكثر المتحمسين لانتخاب الوزير فرنجية بأكبر كتلة نيابية) بسحب اسم الوزير فرنجية من الانتخابات الرئاسية عام 2016، وانتخاب رئيس التيار الجنرال ميشال عون رئيسا للجمهورية اللبنانية، ثم قام حزب الله وحلفائه وعلى ذات الأساس بدعم التيار في الانتخابات النيابية 2018 و 2022، ثم قام التيار الوطني الحر بالانقلاب عليهم، كما انقلب على اتفاق معراب سابقا.

ويجب على الطائفة المارونية ان لا تستاء من قيام نظام جديد من خلال تطبيق الطائف حيث تنتهي الأعراف الطائفية وينتقل لبنان إلى الانتخابات الأكثرية، فقد مل الشعب هذه الازمة التي تولدها في كل مرة الصراعات المارونية المارونية على الرئاسة التي شكلت اكثر من مرة نقطة انعطاف ادت الى كوارث دمرت لبنان، منذ بشارة الخوري كميل شمعون حتى عام 1990 عندما اراد الجنرال عون ان يكون الرئيس، وما حصل بعد عام 2005 حيث تبين ان الموارنة لا يمكنهم الاتفاق داخليا، وعند كل استحقاق رئاسي تنزلق البلد الى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار يرافقها التعطيل والشلل التام، وكما لن تقبل الطائفة المارونية بأن يستغلها أحد أو ينقلب على تعهداته أمامها بسبب الاعراف الدستورية، يجب ألا تقبل أن يستغل فريق ماروني شريكه في الوطن لغايات انتخابية ورئاسية ثم ينقلب عليه، وأن تتقبل أنها مكون لبناني مثل بقية المكونات اللبنانية بعيدا عن الحجم والصلاحيات، وان ما لها هو لها وما للآخرين هو للآخرين، وقد انتهت مقولة ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم، ويجب على الجميع الالتزام بتعهداتهم من أجل بناء وطن، فالسياسة ليست لعبة قفز حبال، والذي يريد أن يلعب قفز حبال لا يحق له أن يكون جزءا من سياسة وطن، فالأوطان تبنى على الثوابت والالتزام بالعهود والمواثيق مهما كان الثمن.

والا ما قيمة قسم اليمين والالتزام بالدستور إن لم يكن التعهد بحد ذاته هو الالتزام امام الجميع ومن الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى