اقلامكسروان

في ذكرى عيد الاضحى : عن نحر الاهواء والحصول على ما نشاء نتحدث

الشيخ توفيق علوية : كاتب وباحث اسلامي له العديد من الكتب التي تناولت نمط الحياة السلوكية من منظار ديني، اضافة الى مشاركته التلفزيونية ببرامج هادفة تعزز الحوار الديني بين الاديان،


في ذكرى عيد الاضحى : عن نحر الاهواء والحصول على ما نشاء نتحدث
بقلم الشيخ توفيق حسن علوية
كاتب وباحث من لبنان

الانسان مؤلف من روح وبدن وبرزخ بينهما ، وله ثلاثة اعداء هم شيطان الجن وشيطان الانس وشيطان هوى النفس ، اما شيطان الجن فلا سيطرة له على الانسان وغاية ما يفعله التزيين والتخييل وهذا يزول بأدنى طاقة روحية وبأقل ذكر الهي ، فالمشكلة الاصلية تنحصر بهذين الشيطانين اعني شيطان الانس وشيطان هوى النفس ، وحديثنا هنا في ذكرى عيد الاضحى عن شيطان هوى النفس الذي هو اقوى الشياطين على الاطلاق ، ونحن لا نتحدث عن الاهواء المشروعة التي تتصل بتحقيق المباهح المحللة وبعمارة الحياة وخدمة الانسانية ، وحب الاهل والعائلة والاخر والوطن ، وعيش الفرح والسلام ، وانما حديثنا عن الاهواء الباطلة المتقومة بالشرور والانانية الضيقة والطمع والاذى والسرقة والغيبة والنميمة والكذب والخداع وطلب الراحة والكسل على حساب الجد والنشاط وما اشبه ، فإن محورية محاربة الاهواء المزيفة هو الذي يضمن تحقيق الاهواء الحقيقية .
يقول الله المتعال : “{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ • فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ}.
ايها المؤمنون اتقوا الله حق تقاته وليحصل كل واحد منكم من الله المتعال على مايشاء من خلال محاربة الاهواء !! فإن عيد الاضحى المبارك هو تذكار لفعل النبي ابراهيم عليه السلام الذي قتل هواه حينما اراد فعليا ذبح ولده اسماعيل امتثالا لامر مولاه عزوجل ، فلم يحرمه الله المتعال من ولده فعليا ببركة قتله لهواه فافتدى ولده بكبش حنيذ !!
فالعبرة من الدرس الابراهيمي هو قتل الهوى لنحصل على ما نشاء !! فصارت الاضحية رمزا للتضحية بالهوى النفسي البغيض !! ولهذا قال امامنا الصادق عليه السلام في بيان اداب افعال الحج :” واذبح حنجرتي الهوى والطمع عند الذبيحة ” . نعم هذه هي رسالة عيد الاضحى ! انها تقول لنا : حاربوا الاهواء الباطلة!! حاربوا انانياتكم !! حاربوا اطماعكم!! وبعدها تحصلون على كل ما تهدفون اليه !!
الناس تظن ان تقديم طاعة الله المتعال وتأخير طاعة الاهواء إنما هو لاجل حرمان النفس من السعادة ، ولكن الحقيقة تشهد بأن تقديم طاعة الله المتعال انما هو لاجل قتل الاهواء المزيفة وتحقيق الاهواء الحقيقية التي تكمن فيها السعادة الحقيقية الكاملة .
ان الاتقياء يتعجلون مخالفة الاهواء الممنوعة التي تضرهم من اجل نيل السعادة الحقيقية يوم القيامة وفاقا لقول الامام الباقر عليه السلام لجابر الجعفي : “واعلم يا جابر أن أهل التقوى هم الأغنياء ، أغناهم القليل من الدنيا ،فمؤونتهم يسيرة .. أخروا شهواتهم ولذاتهم خلفهم وقدموا طاعة ربهم أمامهم …”. صدق ولي الله .
ان امير المؤمنين عليه السلام كان يروض نفسه ويمنعها عن هواها طلبا للامان وللسعادة الكاملة ، ولهذا قال : ” إنما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتثبت على جوانب المزلق “. وقال عليه السلام :” خدمة النفس صيانتها عن اللذات والمقتنيات ” .
ومن هذا المنطلق كانت سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام تعيش تلك المعيشة القاسية ؟؟ لماذا ؟؟ لكي تتعجل مرارة الدنيا بحلاوة الاخرة كما خاطبها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بذلك حينما رآها على هذه الحالة المعيشية القاسية والصعبة !! ومن هنا قال علي عليه السلام : “ان اسعد الناس في الدنيا من عدل عما يعرف ضره ، وان اشقاهم من اتبع هواه ” . فبمخالفة الهوى تحصل على سعادة قادمة كما قال صلى الله عليه واله وسلم :” طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود لم يره ” .
ان كل هوى زائل بغير رضى الله المتعال يضلك عن طريق الراحة ويحرمك الجنة كما ورد عن الامام الصادق عليه السلام الذي سئل : اين طريق الراحة ؟ فاجاب : في خلاف الهوى . قيل : فمتى يجد عبد الراحة ؟ قال : عند اول يوم يصير في الجنة ” . ولهذا قال علي عليه السلام : ” كم من شهوة ساعة اورثت حزنا طوبلا ” . وبالمقابل كم من صبر على مخالفة هوى يورثك فرحا طويلا !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى