.

محللون أميركيون: عقبات صعبة تحول دون انضمام أوكرانيا إلى الناتو

أكد محللون وكتّاب أميركيون وجود عقبات صعبة تحول دون انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”، لأسباب سياسية وإستراتيجية وعملية، منتقدين الإعلام الأميركي الذي يتجاهل سياسة التوسع المستمر التي يتبعها الحلف باتجاه الحدود الروسية، لافتين إلى ضرورة أن تركز السياسة الأميركية على إنهاء الحرب في أوكرانيا بأسرع وقت.

في هذا السياق رأى المحلل والكاتب الأميركي إيفان آيلاند، أن الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن ارتكب خطأً كارثيًّا عام ٢٠٠٨ بتقديم تعهدات لأوكرانيا وجورجيا بالانضمام لاحقًا إلى حلف الناتو، معتبرًا أن إدارة الرئيس جو بايدن فاقمت هذا الخطأ من خلال إعادة التأكيد على هذه التعهدات لأوكرانيا، وذلك “بعد فترة طويلة من المماطلة الأميركية من أجل عدم استفزاز موسكو”.

وتحدث آيلاند في مقالة نشرت على موقع مجلة “ريسبونسبل ستيت كرافت” الأميركية عن فقدان الذاكرة التاريخية لوسائل الإعلام الأميركية، حيث قال: “إن وسائل الإعلام هذه تركز على “الطبيعة الشريرة” للرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أساس أن ذلك هو السبب الوحيد “للاجتياح” الروسي لأوكرانيا”. مشيرًا إلى أنه لا يتم ذكر توسع حلف الناتو المستمر إلى الحدود الروسية، وما يثار عن توسع الحلف إلى المناطق التي تعتبرها روسيا إستراتيجية بالنسبة لها.

كما تحدث الكاتب عن مخاوف أمنية روسية مشروعة، مشيرًا إلى التضاريس المسطحة في المناطق الغربية الروسية، والتي تسببت بالعديد من الغزوات لجيوش أوروبية، ذاكرًا بالتحديد غزو الجيش النازي الألماني في الحرب العالمية الثانية، وكيف أن ذلك أدى إلى مقتل ما بين ٢٥ و٣٠ مليون مواطن سوفياتي. 

عقب ذلك شدّد الكاتب على ضرورة عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو، لافتًا إلى أن أوكرانيا تمثل أهمية إستراتيجية لروسيا أكثر بكثير مما تمثله للناتو، وخاصة للولايات المتحدة. 

كذلك أكد الكاتب على ضرورة أن تحمّل الولايات المتحدة العبء المالي للحرب في أوكرانيا “للأوروبيين الأثرياء”، وأن تقوم بالمثل في ما يخص الدفاع عن أوروبا عمومًا.

وفي السياق كتب كرستوفر بريبل و جيمس سيبنس، مقالة نشرت على موقع ناشيونال إنترست تحدثا فيها عن أسباب سياسية وإستراتيجية وعملية وغيرها ستمنع من انضمام أوكرانيا إلى الناتو.

ونبّه الكاتبان من أن الحديث عن انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي يبعد الأنظار والاهتمام عن الضرورة الملحة بوقف النزاع في أوكرانيا، بما في ذلك من خلال المفاوضات التي يمكن أن تؤدي إلى وقف لإطلاق النار. كما أضافا بأن النقاش العبثي عن أهلية أوكرانيا للانضمام إلى الناتو يجعل أوكرانيا أقل أمنًا من خلال الانشغال عن مناقشة الخطوات المطلوبة على الأمدين المتوسط والبعيد لوقف النزاع.

وشدّد الكاتبان على أن أوكرانيا لا يمكن أن تنضم إلى الناتو، جازمَين أنها لن تحظى بالأصوات المطلوبة لذلك. كما قالا إن الدول الأعضاء في الحلف لن تدعم بالإجماع عضوية كييف.

كذلك تابع الكاتبان بأن الفرضيات عن قبول روسيا انضمام أوكرانيا إلى الحلف ثبت أنها في غير محلها في ظل العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا. أما التوقعات الأكثر واقعية حول رفض روسيا لتوسيع الناتو فقالا إنه ثبت صحتها.

وأشار الكاتبان إلى أن الهواجس السابقة من أهلية أوكرانيا للانضمام إلى الناتو كانت تنبع من المشاكل التي تواجهها البلاد مع أمور مثل الفساد والحكم الرشيد والخلافات مع “الانفصاليين الروس الأوكرانيين”، وفشل تسوية هذه الخلافات عبر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وتابعا بأن استمرار النزاع حول مناطق أوكرانيا حيث تتغير خطوط السيطرة والحدود المتنازع عليها إنما يثير شكوكًا حقيقية بشأن انضمام أوكرانيا إلى الناتو.

كذلك أشار الكاتبان إلى أنه وبينما تدعم العديد من دول الناتو أوكرانيا ماديًّا، فإن أية دولة لم ترسل قواتها إلى أوكرانيا بشكل معلن لمساعدة الأخيرة. كما أضافا بأن دول الناتو تتجنب الانخراط في نشاطات تجرها نحو المواجهة المباشرة مع القوات الروسية. ولفتا إلى أن كل دول أعضاء الحلف رفضت إقامة منطقة حظر طيران حتى فوق أوكرانيا، وذلك على الرغم من أن هذا لا يشمل وجود قوات على الأرض.

وشدّد الكاتبان على ضرورة أن تركز السياسة الأميركية على إنهاء الحرب في أسرع وقت، مضيفَين بأن النقاش حول عضوية أوكرانيا في الناتو يعني استمرار أحد الدوافع الروسية “لشن حربها العدوانية” (وفق تعبير الكاتبين)، ويقوض وحدة الصفوف داخل الحلف.

وفي الختام أكد الكاتبان أنه حان الوقت كي يكفَّ قادة الناتو عن تضليل الحكومة الأوكرانية والشارع الأميركي حيال فرص كييف للانضمام إلى الناتو. كما شددا على ضرورة وقف النزاع كخطوة أولى نحو هدف الناتو بتعزيز الاستقرار والأمن لكل الأطراف الأوروبية الأطلسية. وتحدثا عن ضرورة عدم تقديم الناتو أية ضمانات أمنية في إطار أية مفاوضات نهائية.
 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى