لماذا عاشوراء ؟
بقلم
الشيخ توفيق حسن علوية
كاتب وباحث من لبنان
هناك اسئلة كثيرة تطرح حول كربلاء وعاشوراء نذكر منها ثلاثة اسئلة مركزية حول كربلاء وعاشوراء والنهضة الحسينية وكل ما يرتبط بها وهي :
اولا : ما هو منطلق عاشوراء ؟؟!! ما هو الدافع الذي دفع بالحسين عليه السلام ليقوم بهذه النهضة المباركة في شهر محرم الحرام ؟؟ والجواب الاجمالي مع وجود تفصيلات عدة بالشكل البسبط والسهل غير المعقد هو : طاعة الله المتعال ورضاه .
فالحسين عليه السلام بكل ما فعله كان يقوم بوظيفة الطاعة لله المتعال طلبا لرضاه . فخلفيات النهضة الحسينية ودوافعها ومنطلقاتها ومحفزاتها فقط وفقط ” طاعة الله المتعال وطلب رضاه ” . وهذا درس عظيم لنا كي تكون كل همومنا وكل جهودنا وكل طاقاتنا وقدراتنا منصبة في امر واحد وشيء فارد وهو ” طاعة الله المتعال ” . فلا نهتم الا بالوظائف الشرعية والتكاليف المرعية الاصلية والفرعية الملقاة على عاتقنا من قبل الله المتعال .
فانت افعل ما هو مطلوب منك الهيا وشرعيا ، صلاتك ! صومك ! حلمك ! صدقك ! نظافتك ! امانتك ! احترامك للوقت ! وعدك ! عهدك ! اداء الحقوق ! جهادك في سبيل الله ! امرك بالمعروف ونهيك عن المنكر ! عدم الغيبة ! عدم النميمة ! عدم الغش ! عدم الكذب ! عدم السرقة ! وغير ذلك ، بعض الناس يذهبون للمجلس الحسيني فياخذون منه كل الخيرات والمواعظ والعواطف والرقة ، وهذا مهم ، الا انهم عليهم ان يرجعوا بهذا الذي اخذوه الى بيوتهم وشوارعهم ومدارسهم ومعاهدهم وكلياتهم واماكن عملهم ليترجموا كل ما استفادوه في المجلس سلوكا طيبا لا ان يتم تفريغ كل ذلك في نفس المجلس والرجوع الى ساحات الحياة بلا هذا المخزون العاشورائي الهائل ! والحسين عليه السلام يريد لك ان تاخذ من مجلسه درس رضى الله فتحرص على رضى الله في كل اماكن تواجدك ! في بيتك ومكان عملك ودرسك ! في الشارع وفي كل مكان تتواجد فيه ! وهكذا في دروس الصدق والصفح والايثار والوفاء بالوعد وصيانة العهد والصلاة والاشفاق على من دونك والتواضع والمواساة والجهاد في سبيل الله وقراءة القران وعموم ذكر الله المتعال وغير ذلك !! هذا هو المطلوب لا ان تاخذ كل الدروس في مجلس العزاء ثم تخرج خالي الوفاض وتعود الى اماكن تواجدك بخفي حنين كانك تقول : ان كل بركات المجلس الحسيني لا تصلح الا في وقت المجلس ولا دور لها خارج المجلس ! فلا تصلح لتكون عنوانا لاستقامتنا في الحياة ! هذا خطير جدا !
من يرمي ورقة في الشارع هنا او زجاجة فارغة هناك او يشتم احدا او يغتاب او يكون قادرا على اداء الحقوق ولم يعطها او لم يصل او صلى صلاة متسرعة او كذب او لم يحترم موعدا او اهان زوجته او احدا من اهل بيته او او … ثم دخل الى مجلس عزاء الحسين عليه السلام او خرج من مجلس عزاء الحسين عليه السلام ثم فعل كل ذلك فليعلم انه افرغ المجلس الحسيني من محتواه ونقض كل اهدافه ومراميه ومغازيه !!
ثانيا : لماذا عاشوراء ؟؟ ولماذا كربلاء ؟؟ ولماذا النهضة الحسينية ؟؟ لماذا حصل هذا الحدث المفصلي التاريخي ؟؟ ايضا الجواب واضح : انه الحفاظ على الدين الاسلامي الاصلي الحنيف . انه الاسلام الذي هو تأسيس رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وتكريس امير المؤمنين علي والزهراء والحسن عليهم السلام ! انه الدين الذي كان يحتاج الى تثبيت وحفظ من ابي عبدالله الحسين عليه السلام ، ولولا كربلاء والنهضة الحسينية لما وصل الينا الا دين منسوب لال امية الذين ما برحوا ولا انفكوا عن هدم الاسلام الاصيل بكل معاول الهدم ! نعم كنا الان ندين بدين ال امية الذين هم الشجرة الملعونة بالقران ! فكانت كل حياتنا خمرية وزنائية وغناء ورقصا وفجورا وجورا وفسادا وشرها بالسلطة والمال ومناوئة لكل فضيلة ومناصرة لكل رذيلة ! لحفظ الاسلام كانت كربلاء !! لنبقى جميعا من اهل التوحيد والقران والولاية والصلاة والصوم والحج والعبادات والفضائل والقيم وما اشبه ذلك وما ناظر وما شاكل وما ماثل ! ولهذا عندما سأل احدهم الامام السجاد عليه السلام عن سر كربلاء وعن مغزى كل هذه الحركة الحسينية النهضوية ؛ كان جواب الامام عليه السلام انه عندما يؤذن المؤذن تعرف من الغالب في هذه المواجهة !! اي ان كربلاء لاجل حفظ الاسلام تماما كالقول المعروف : الاسلام محمدي الوجود حسيني البقاء.
ثالثا : لماذا استمرار عاشوراء ؟ لماذا نحن نصر على احياء مراسم عاشوراء بكل هذه التفاصيل ؟ سواد ! لطم ! بكاء ! مسيرات ! مجالس عزاء ! نشر الرايات ! وضع المضافات على الطريق ! مواعظ ! خطابة ! مسرحيات ! افلام ! مقالات وكتابات ! رسم وادب وشعر ! لماذا كل هذا ؟؟ الجواب سهل وواضح وهو ربط عاشوراء بحكومة العدل العالمية ، براية الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف التي هي بحقيقتها راية حسينية ! فكل ما يفعله الناس في احياء مراسم عاشوراء ندبنا اليه اهل البيت عليهم السلام وبالتفصيل ! وكل ما يحصل كان يحصل امام مراى ومسمع علماء الطائفة المحقة والمذهب الحق من دون اي تبرم منهم ! فاهل البيت عليهم السلام اصروا على ان يكون عنوان الحسين عليه السلام داخلا في كل مظاهر الحياة لتتم عملية الربط بالراية المهدوية وحينها ينتقم الله من الظالمين على يدي الاخذ بثأر الحسين عليه السلام الامام المنصور المهدي المتتظر عجل الله فرجه ! ومن هنا نفهم مغزى وسر جعل كل المناسبات الدينية افراحا واحزانا حتى في العيدين السعيدين مشحونة ومجبولة بذكر الحسين عليه السلام وباستحباب زيارته !
