.

الثنائيّ الشيعيّ يتّجه إلى التسوية؟

كتبت جوزفين ديب في “أساس ميديا”

شهر آب بات يُسمّى “شهر الفرصة السياسية” بالمعنيَين: “فرصة” العطلة الصيفية، باللهجة اللبنانية، بناءً على إجازة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الصيفية، و”الفرصة” الأخيرة دولياً قبل التصعيد السياسي المرتقب.
لكلّ هذا بات شهر آب حافلاً بمواقف أقلّ ما يقال فيها إنّها تشكّل منعطفات جديدة، أو على الأقلّ تطوّرات مختلفة، أبرزها موقف “الثنائي الشيعي” الذي اتّجه نحو “التسوية” التي كان قد مهّد لها رئيس مجلس النواب نبيه برّي منذ حوالي شهر، في حديثه أمام نقابة المحرّرين، يوم قال إنّه لا يمانع الذهاب إلى تسوية: “جوزف عون مش قاتل بيّي”.
اليوم يبدو أنّ الحزب قرّر أن يقوم بمنعطفه الرئاسي الذي عبّر عنه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في قوله أمس الأول إنّ الحزب “يقدّم تنازلات لكن ليس على حساب الوجود الحرّ، ومنفتحون على تسويات وحلول تحت هذا السقف”. في حين ذهب المفتي الجعفري الممتاز أمس إلى أنّ “محبّة الله تعني تسوية وطنية”.
هو مسار انعطافي في الملفّ الرئاسي يكتمل فيه الكلام مع اقتراب شهر عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في أيلول، وعلى وقع بيانات دول خليجية محذّرة لرعاياها من زيارة لبنان.

الحزب: “إذا مش سليمان جوزف”

بعد حديثه عن “تقديم تنازلات” و”منفتحون على تسويات وحلول”، قال النائب محمد رعد في الموقف الذي أعلنه يوم الأحد: “هناك كثير من الأشخاص لم نضع عليهم فيتو لأنّنا نريد تسويات لكن من دون أن يحشرنا أحد…”.

في معلومات حصل عليها “أساس”، ينقلها زوّار رعد نفسه، أنّ رئيس كتلة الحزب يعبّر صراحة عن أنّ حزبه “لا يطلب من جوزف عون في حال وصوله إلى الرئاسة اتفاقاً مكتوباً أو ضمانة، بل يكتفي بتفاهم شفهي لأنّ الثقة بين الطرفين موجودة”.
يتحدّث مسؤولون في الحزب عن “تكامل بين المقاومة والجيش ظهر في الأوقات الحسّاسة أمنيّاً”. وعليه تتحدّث مصادر مقرّبة من الحزب عن أن لا خيارات مفتوحة بعد “التنازلات” التي تحدّث عنها رعد أكثر مرونة من خيار قائد الجيش.
في المقابل ينقل زوّار رئيس مجلس النواب نبيه برّي عنه أنّه “ما بيحلا على الرصّ”، ردّاً على التحذيرات التي وصلته علناً من الكونغرس، وتتحدّث عن احتمال فرض عقوبات أميركية عليه. وينقلون عنه امتعاضه من حوار الحزب مع النائب جبران باسيل، لإدراكه أنّه لن يصل إلى مكان ولحرصه على عدم التصعيد والتهدئة بحسب الحاجة التي تتطلّبها لعبة المفاوضات الرئاسية.
لكن على الرغم من قول برّي إنّه يتمسّك بترشيح سليمان فرنجية، يحرص على القول أمام زوّاره إنّه سبق أن أرسل “إشارات التسوية ولم يتلقّفها يومها أحد”، وإنّه لا أرانب لديه بعدما قام بكلّ مبادرة ممكنة: “فإمّا التشاور والاتفاق على رئيس وإمّا البلد ذاهب إلى انهيار كبير”.
في المرّة الأخيرة التي أرسلت فيها مجموعة نواب أميركيين رسالة إلى الرئيس جوزف بايدن حذّرت فيها المسؤولين عن تعطيل عقد جلسات مجلس النواب اللبناني لانتخاب رئيس للجمهورية، تلقّف برّي الرسالة بعد زيارة قامت بها السفيرة الأميركية لعين التينة ودعا إلى جلسة الرابع عشر من حزيران.
اليوم، يبدو برّي حريصاً على إخراج لائق وردّ مباشر على خبر “امتداده للحزب” الذي ورد في ورقة الكونغرس الأخيرة. لكنّه في المقابل يعبّر في كلّ مناسبة عن رغبته بالتشاور والحوار والذهاب إلى تسوية رئاسية مستشهداً بكلامه أمام نقابة المحرّرين.

بيانات سياسيّة أكثر منها أمنيّة

بعد التوتّر الذي أثاره تصريح وزير الاقتصاد أمين سلام مع الكويت، لجهة قوله إنّ الصندوق الكويتي “فيه أموال” و”بشخطة قلم يمكن إعادة بناء أهراءات القمح في لبنان”، ومع أكثر من تحذير صدر عن دول الخليج لرعاياها في لبنان، بالتزامن مع أحداث عين الحلوة، وعلى الرغم من كلّ الارتباك اللبناني في التعامل معها ومعرفة سببها، تحدّثت المعلومات المرافقة لها عن أنّها نتيجة طبيعية للتصعيد و”الغنج” اللبناني في الذهاب إلى حلّ وانتخاب رئيس ينفّذ المهمّة الإصلاحية المفترضة.
قال السفير السعودي وليد البخاري إن دعوة رعايا السعودية لمغادرة لبنان أتى على خلفية أحداث مخيم عين الحلوة! ولكنه أضاف في لقاء مع وفد حركة “تجدد” سنكون أهم المشجعين للسياحة في لبنان وإنّ الفترة المقبلة ستثبت ذلك إن توصل اللبنانيون إلى حلّ أزمتهم”.
المصادر المتابعة للّجنة الخماسية، التي انعقدت أخيراً في الدوحة، وتضمّ دولاً خليجية، لا تحبّذ الحديث عن “حوار” حول طاولة مستديرة لأنّها تعتبر ذلك تعدّياً على اتفاق الطائف وتجد في كلام الكواليس والنقاش الدائر مضيعة للوقت، فيما الحلّ يكون بالذهاب مباشرة إلى الحلّ، وهو بمفهومها يبدأ بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة، وبعد ذلك يمكن مناقشة كلّ شي آخر.

العاشر من أيلول هو الموعد المبدئي لعودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان، بعد أن يتقدّم بخلاصة عمّا بحثه مع القوى المختلفة في لبنان من أوراق مكتوبة تتضمّن رؤيتها الرئاسية.
بينما يحكم البعض على مهمّة لودريان بالفشل، ستبقى العيون شاخصة إلى المهمّة القطرية التي تعمل بعيداً عن الإعلام وعدسات الكاميرا، وعلى متنها يُفترض أن يكون الحلّ الرئاسي… وإلّا فإنّ البلاد ذاهبة إلى انهيار كامل أعمق من كلّ ما شهدناه حتّى الآن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى