.

فيّاض: لإقرار التشريعات الضروريّة ووضع الأزمة على سكة المعالجة

رأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور علي فيّاض أنَّ: “التأخير في إنجاز الاستحقاق الرئاسي سيُورث البلد المزيد من المشاكل”. وقال: “صحيح أنّ القطاع الخاص قد تكيَّف مع الأزمة و”دولَرَ” أشغاله، ولكنّ وضع الدولة على أسوأ ما يكون في مؤسساتها الدستوريّة المتأثرة بالفراغ الرئاسي إلى الوزارات والمؤسسات التي تعمل بالحد ّالأدنى من طاقاتها وقدرتها على خدمة المواطنين إلى القدرات الماليّة، إلى رواتب القطاع العام”.

جاء كلام النائب، خلال احتفال تأبيني، أقامه حزب الله للفقيد الكشفي الشاب “علي شرف الديّن”، في حسينية بلدة الطيبة الجنوبية. وأشار النائب فيّاض إلى أنَّه: “على سبيل المثال، لم تدفع الدولة ما يتوجب عليها من مساعدة اجتماعيّة للقطاع العام، وهي تتعثر شهريًا في تأمين كتلة الرواتب التي تبلغ نصف الموازنة في الموازنة المقترحة للعام 2023”.  وقال: “أمام حجم المشكلة التي يُعانيها لبنان، يغرق البلد في مشكلة من ينوب عن الحاكم وكيف يمارس هذا الدور، ومشكلة إقراض الدولة من البنك المركزي بالعملة الصعبة، والمقصود الإجازة بالاستقراض من الاحتياط الإلزامي الذي هو أموال المودعين”.

ولفت النائب فيّاض إلى أنَّه :”في الوقت الذي تتعاظم فيه المشكلة الماليّة والاقتصاديّة، تتخبط الدولة في المعالجات الجزئية التفصيلية، أي في المسكّنات بدل اللجوء إلى إجراءات علاجيّة جذريّة. إذ إنّ الاحتياط الإلزامي يتآكل، حيث كان يزيد عن 15 مليار دولار وبات أقل من عشرة، وحقوق السّحب الخاص، كانت أكثر من مليار دولار وباتت أقل من 300 مليون دولار”.

وأضاف: “السّؤال المعضلة والسّؤال المرّ والسّؤال الذي هو مضبطة اتهاميّة بحقّ معظم القوى السياسيّة الممثلة بالبرلمان، لماذا لم تُقَر القوانين الإصلاحيّة الأساسيّة المطلوبة لمعالجة الأزمة؟ ولماذا هذا العزوف في هذه المرحلة عن متابعة مناقشة مشاريع القوانين هذه؟ ولماذا هذا الاستسلام لمسار الانحدار من دون أي معالجة ومن دون إظهار حسّ المسؤولية للتعاطي بصورة طارئة وعاجلة واستثنائية؟ ولماذا لا تُعلن حال الطوارئ على مستوى الحكومة والمجلس النيابي لإنجاز التشريعات الضروريّة كلّها وإقرارها لوضع الأزمة على سكة المعالجة؟”

كما رأى النائب فيّاض أنَّ: “تسويغ التلكؤ بالفراغ الرئاسي أمر غير مقنع وغير مسؤول، كما أنّ إطالة أمد الفراغ الرئاسي، في ظلّ ظروف البلد الضاغطة اقتصاديًا وسياسيًا أمر غير مفهوم، وثمّة حاجة وطنيّة ساطعة لا تحتمل الاجتهاد أو الالتباس أو التسويغ، لإقرار ثلاثة قوانين ضروريّة وملّحة وعاجلة واستثنائية لشقّ طريق الصلاح المالي والاقتصادي، وللحؤول دون بلوغ القعر أو ما يسمّى بالارتطام الكبير الذي هو إفلاس الدولة وعجزها عن دفع الرواتب وتسيير المرافق العامّة وهي: خطة استعادة الانتظام المالي، إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وإقرار الكابيتال كونترول”.

تابع فيّاض لافتًا إلى أنَّ :”هذه القوانين مطلوبة بذاتها للإنقاذ بمعزل عن كونها شروطًا للتفاهم مع صندوق النقد، والذي تحوَّل بدوره إلى شرط لتعاون الدول مع لبنان ومؤازرته في محنته. وربما يريد البعض نكاية بالمقاومة واستهدافًا لها أن ينهار هيكل الدولة على رأس الجميع، فهذا تفكير خطير وتآمري ومجنون، لكنّه للأسف موجود”. 

لم يفت النائب فيّاض تجديد الدعوة للجميع لوضع: “خلافاتنا جانبًا في الموضوع المالي والاقتصادي، وأن نضع حساباتنا الصغيرة جانبًا، أكانت حزبية أم طائفية أم فئوية في سبيل إقرار عاجل للقوانين ذات الصلة بالتعافي المالي والاقتصادي”.

أمّا عن الشاب الفقيد، فقد قال: “ممّا لا شكّ فيه أنّها فاجعة قاسية وابتلاء عظيم أن يفقد المرء ابنه في ريعان الصبا، وهو امتحان من أصعب الامتحانات، يُختبر به الإيمان، ويُختبر به الصبر، والصبر من الإيمان كمنزلة الرأس من الجسد، فكما أنّه لا جسد من دون رأس، فإنه لا إيمان من دون صبر”. وتابع: “على الإنسان في هذه الحال أن يحتسب ألمه وحزنه وأساه لله “عز وجل”، فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون، عملاً بالآية الكريمة:” بسم الله الرحمن الرحيم، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون”، وأمير المؤمنين علي (ع)، خاطب ابنه الإمام الحسن (ع)، في وصيته الشهيرة بالقول: “وجدتك بعضي؛ بل وجدتك كُلِّي، حتى كأن شيئًا لو أصابك أصابني”، وهو يقول أيضًا “من الوالد الفان المقرِّ للزمان المدبر العمر المستسلم للدهر، إلى الولد المؤمل ما لا يدرك السالك سبيل من قد هلك، غرض الأسقام ورميَّة المصائب وتاجر الغرور”.

وأعقب فيّاض موضّحًا: “في النص؛ الإمام يصف الإنسان من حيث مصيره المحتوم، ومن حيث سيره إلى الهلاك بمعنى الموت، ومن حيث تأمل الإنسان بأهداف كثيرة لن يتأنى له تحقيقها، والمؤدى هو التواضع ومعرفة الحدود، وتذكر المصير دائمًا”. وأضاف: “الفتى علي، قضى في حادث مؤسف هذه إرادة الله، ولكن موقف أهله وموافقتهم على أن تُوهب أعضاؤه الحيويّة لأشخاص في وضع صحي حرج، ففي الأمر شجاعة ونبل وتضحية وعطاء وعمل صالح يُشار له بالبنان. وهو موقف إنساني راقٍ بخلفية دينية راسخة، لأنّه من أحيا نفسًا كمن أحيا الناس جميعًا، وعليه، فإنّ بلدة الطيبة تفتخر وتعتز بهذا الموقف الذي كان محلّ تنويه واهتمام وطنيين على امتداد الوطن بأكمله”.

وشدّد النائب فيّاض على أنَّ: “هذا العمل هو عمل صالح سيُكتب في ميزان أعمال أهل الفقيد، فضلاً عن أنَّ هذا العمل هو صدقة بالجسد أثرها بالدنيا والآخرة، ونعتقد بأنها سُنَّة حسنة ستفتح باب وهب الأعضاء على مصراعيه، وستشجع آخرين كثيرين على أن يحذو حذو أهل علي شرف الديّن. وثمة شعور سيلازم أهل الفقيد، بأن بعضًا من علي هو حيّ في هذه الدنيا، يحيا به آخرون، وأي خدمة أو صدقة أو عطاء يفوق هذا العطاء، في الأمر وجه شبه بالشهادة، الشهيد يمنح جسده كاملًا كي تحيا أمته أو وطنه أو مجتمعه، ووهب الأعضاء هو أيضًا في سبيل أن يحيا أعضاء في المجتمع”.

وختم النائب فيّاض : “رحم الله فقيدنا، وأثاب الله أهله خير ثواب على ما قاموا به، عندما أذنوا بوهب أعضائه إلى مرضى في حال صحيّة مستعصية، فهم في ذلك مفخرة هذه البلدة إنسانيًا ودينيًا واجتماعيًا”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى