.

سلامة “ضائع”… ووفد ألمانيّ عند عويدات

كتبت سمر يموت في “أساس ميديا”

لم يمثُل حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة أمام الهيئة الاتّهامية المناوبة في بيروت، لتعذّر تبليغه بموعد جلسة كانت مقرّرة أمس الأربعاء لاستجوابه حول استئناف رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر قرار قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا واعتراضها على تركه رهن التحقيق من دون أن يستطلع (أبو سمرا) رأي النيابة العامّة الاستئنافية في بيروت وإبداء رأيها فيما إذا كانت ستطلب توقيفه أو تركه بسند إقامة.

تغيُّب سلامة مردّه إلى عدم تبلّغه أصولاً موعد الجلسة أمام الهيئة الاتهامية برئاسة القاضي سامي صدقي وعضوية المستشارين لمى أيوب ومحمد شهاب، وهذه المهمّة عجزت عن تنفيذها الوكيلة القانونية لهيئة القضايا التي لم تعثر على عنوانه الجديد، بعدما غيّر مكان إقامته في الرابية وبات خارج عمله في مصرف لبنان، حيث كانت مذكّرات التبليغ تُرسل إلى هناك، وهو ما حتّم على الهيئة تحديد موعد جديد في 29 آب الجاري وإعادة تبليغه أصولاً، وقرّر القاضي صدقي إعادة الملفّ إلى قاضي التحقيق الأوّل شربل أبو سمرا، الذي سيعقد جلسة خصّصها لاستجواب رجا سلامة وماريان الحويك اليوم الخميس، في ادّعاء النيابة العامّة عليهما بجرائم الاختلاس والتزوير وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع.

هيلانة إسكندر وتوقيف سلامة

لا غاية لرئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر التي واكبت جلسات التحقيق الثلاث التي عقدها القاضي شربل أبو سمرا مع حاكم المركزي السابق، إلا توقيف الأخير، وهذا مطلبها الأوّل منذ أن ادّعت في شهر نيسان الماضي باسم الدولة اللبنانية على رياض سلامة وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويّك، وفيما كانت القاضية إسكندر تترقّب مثل هذا القرار، قلّلت مصادر قضائية من إمكانية اتّخاذ الهيئة الاتّهامية قراراً بتوقيف سلامة، وقالت لـ “أساس” إنّ قبول الهيئة الاتّهامية مذكّرة الاستئناف شكلاً لا يعني قبولها في الأساس، ورأت أنّه “عندما تبدأ الهيئة بمناقشة أساس المذكّرة قد يكون لها رأي آخر، لا سيما أنّها ستتوقّف مليّاً عند واقعة أنّ قاضي التحقيق وإن ترك سلامة رهن التحقيق يوم الأربعاء الماضي فهذا لا يعني أنّه وصل إلى نهاية استجوابه ليعرض الأوراق على النيابة العامّة”.

ذكّرت المصادر بأنّ “المحامي العامّ الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش عندما ادّعى على الأخوين سلامة والحويّك وكلّ من يظهره التحقيق، بجرائم الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي، طلب من أبو سمرا استجوابهم، وعند انتهاء التحقيق معهم عرض المحاضر عليه لإبداء مطالبه، وهذا الأمر لم يتحقّق بعد، باعتبار أنّ أبو سمرا لم يُنه استجواب سلامة بعد وإن ترَكه رهن التحقيق، وهذا يعني أنّه قد يستدعيه إلى جلسة رابعة بعد استجواب رجا وماريان والشهود الذين وردت أسماؤهم في التحقيقات”.

وفد ألمانيّ عند عويدات

الملفّ اللبناني العائد لسلامة تأسّس في نهاية عام 2020، بناء على تبادل معلومات واستنابات ما بين النيابة العامّة التمييزية والقضاء الأوروبي في سويسرا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ، حيث إنّ التحقيقات الأوّلية التي تولّاها المحامي العامّ التمييزي القاضي جان طنّوس، أفضت إلى تكوين قناعة بتوفّر شبهات قويّة ضدّ سلامة، استدعت إحالة الملفّ على النيابة العامّة في بيروت وطلب الادّعاء عليه. حصل ذلك بموازاة استنابات قضائية أرسلها كلّ من القضاء الفرنسي والألماني واللوكسمبورغيّ، ثمّ البلجيكي، الذين أوفدوا محقّقين إلى لبنان واستجوبوا الحاكم السابق وشقيقه ومساعدته وموظّفين كباراً في مصرف لبنان وأصحاب مصارف خاصة ومديرين لها، بالإضافة إلى وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل بصفته موظّفاً سابقاً في مصرف لبنان وليس بصفته السياسية.
صحيح أنّ سلامة يواجه وضعاً قانونيّاً صعباً في لبنان، ويترقّب القرار الذي سيتّخذه قاضي التحقيق الأوّل في بيروت لجهة توقيفه أو تركه رهن التحقيق، إلا أنّ أكثر ما يُقلقه هو مذكّرتا التوقيف الغيابيّتان اللتان صدرتا عن القضاءين الفرنسي والألماني وعُمّمتا عبر النشرة الحمراء بواسطة الإنتربول الدولي، واللتان تجعلان سلامة عرضة للاعتقال في حال وطأت قدماه أرض أيّ دولة منضوية إلى اتفاقية الإنتربول.

على الرغم من أنّ مذكّرتي التوقيف الدوليّتين وُضعتا قيد التنفيذ وتعامل معهما لبنان كأمر واقع، إلا أنّ أيّاً من فرنسا وألمانيا لم تتقدّم بعد بطلب استرداد سلامة، ولم تُسلّم أيّ منهما ملفّه القضائي إلى النيابة العامّة التمييزية بناء على طلب الأخيرة. واللافت أنّ الطلبات الأوروبية لم تتوقّف بعد، وكشف مصدر قضائي لـ “أساس” أنّ وفداً من السفارة الألمانية زار النائب العامّ التمييزي القاضي غسان عويدات وسلّمه استنابات جديدة أحالها الأخير إلى أبو سمرا الذي يتولّى تنفيذ الاستنابات الأوروبية. وأفادت المصادر عينها أنّ “الفريق الألماني اطّلع على مستندات موجودة بملفّ التحقيق بعد موافقة الجانب اللبناني على ذلك والتثبّت من أنّ هذه المستندات لا تمسّ سرّيّة التحقيق اللبناني المستقلّ ولا تتعارض مع إجراءات القاضي أبو سمرا المفترض أن تبقى ملكه وحده إلى حين صدور القرار الظنّي وإعلان النتائج التي توصّل إليها”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى