.

لبنان الأول تأثراً بسلبيات المنطقة والأخير للاستفادة من الايجابيات: خياران أمام القوى السياسيّة

كتب محمد علوش في جريدة “الديار”

لطالما كان السياسيون ماهرين في تحديد التواريخ الفاصلة والمهمة، ولطالما أيضاً ربطوا الاستحقاقات الداخلية بأحداث خارجية، لكن هذه النظرية أثبتت فشلها في كل مرة يُربط فيها مصير الوطن بملفات خارجية، وبعد سقوط هذه الرهانات تكبر المسؤولية على القوى السياسية الداخلية.

منذ تاريخ الإعلان عن الإتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية حتى اليوم، هناك معادلة ينبغي أن تؤخذ بعين الإعتبار عند النظر إلى الملف اللبناني بشكل أساسي، تقوم على أساس أن مؤشرات التقارب، في المرحلة السابقة، أظهرت أن هذا الملف ليس على رأس قائمة الأولويات، حيث هناك العديد من الملفات الأخرى التي يعطيها الجانبان أهمية أكبر، وهو ما كان يترجم من خلال الحديث عن أن الإنعكاسات ستأتي بعد ملفات اليمن والعراق وسوريا.

في المقابل، أظهرت مؤشرات التباعد، التي كانت قد ظهرت في الأيام الماضية، أن لبنان قد يكون هو الساحة الأقرب إلى الإنفجار في حال عاد الجانبان إلى مرحلة الإشتباك السابقة، الأمر الذي لا يمكن فصله أيضاً عن تعقيدات المشهد الداخلي المرتبطة بالعديد من الأمور الأخرى، منها ما هو محلي ومنها ما هو خارجي.

ما تقدم، يقود إلى رمي المسؤولية على عاتق الأفرقاء الداخليين، حيث قد يكون عليهم البحث عن خيارات أخرى بدل الإستمرار في سياسة إنتظار ما قد يأتي من الخارج من تحولات، نظراً إلى أن فترة الإنتظار قد تطول كثيراً، وبالتالي هم قد يكونوا بين خيارين أساسيين: الأول هو الذهاب إلى تسوية محلية، في حال كانت الظروف تسمح بذلك، وهو الخيار الذي قد يكون بعيداً عن الواقع، بسبب إرتباطات هؤلاء الأفرقاء بالجهات الخارجية، وصعوبة السير بتسوية لا تحظى بغطاء إقليمي ودولي، مع العلم أن التوافق الداخلي على الحل لا بد أن ينعكس بطريقة أو بأخرى على الخارج، ولو أن الخارج هذا يتعامل مع الساحة اللبنانية كساحة مواجهة وتبادل للرسائل السياسية وغير السياسية.

أما الخيار الثاني، فهو الإتفاق على الحد من التداعيات السلبية، من خلال التوافق على التسليم بالعجز والحاجة إلى إنتظار الخارج من أجل الوصول إلى تسوية، عبر آلية تسمح بإدارة هادئة للفترة الفاصلة، ما يحول دون الإنهيار الشامل أو إنفجار الأوضاع في حال برزت المزيد من التعقيدات على المستوى الإقليمي.

وهنا يصبح بحسب مصادر سياسية متابعة من الضروري النظر الى حجم الفراغ في الدولة اللبنانية وتحديداً في المراكز الحساسة، ومقاربة هذا الفراغ قبل حصوله في قيادة الجيش على سبيل المثال، لأن مثل هذا الفراغ سيؤدي الى تدهور أكبر في لبنان، والشق الأمني هو الشق الأساسي الذي لا يزال صامداً الى حدّ ما رغم كل الصعوبات التي يمر بها البلد.

خلال هذ الشهر كان يُفترض بأن ترتفع أسهم نجاح الحوار في أيلول، لكن ما يجري هو العكس، حيث تتجه المنطقة الى مواجهات جديدة بين محور المقاومة وأميركا، خاصة بعد نجاح الأخيرة ولو جزئياً بما كنا نحذر منه سابقاً وهو التشويش على الاتفاق السعودي الإيراني، وفرملة الاندفاعة العربية باتجاه سوريا، فهل يتمكن السياسيون من تحييد لبنان عن هذه التداعيات، لفترة معينة على الأقل؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى