.

أوساط ديبلوماسيّة: تنظيم الجيش للجولة الميدانيّة للديبلوماسيين على الخط الأزرق “ضربة معلّم”

كتبت دوللي بشعلاني في جريدة “الديار”

اكتست الجولة الميدانية التي نظّمتها قيادة الجيش الثلاثاء على طول الخط الأزرق لممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المعتمدين في لبنان، في حضور لافت لوسائل الإعلام اللبنانية والعربية والأجنبية، التي ترأسها منسّق الحكومة مع قوّات “اليونيفيل” العاملة في جنوب لبنان العميد الركن منير شحادة، وشارك فيها ضبّاط من الجيش، أهميّة بالغة جدّاً بالنسبة للدفاع عن حقوق لبنان عند حدوده الجنوبية البريّة. هذه الحدود التي يخرقها العدو يومياً من خلال عدم التزامه ببنود القرار الأممي 1701 الصادر في آب 2006، وتعدّيه بالتالي على السيادة اللبنانية، على ما فعل أخيراً من خلال إقامة السياج الشائك عند أطراف بلدة الغجر اللبنانية المحتلّة.

أوساط ديبلوماسية مواكبة لملف الحدود اللبنانية، رأت بأنّ الجولة التي نظّمتها قيادة الجيش على طول الخط الأزرق والتي تخلّلها تصحيح لبعض الأمور المتعلّقة بالخط الأزرق وبالنقاط الـ 13 التي يتحفّظ عليها لبنان عند الحدود الجنوبية، هي “ضربة معلّم”، إذ أكّدت للرأي العام اللبناني والعالمي 3 أمور أساسية:

1″- إنّ حدود لبنان النهائية مرسّمة منذ العام 1923 في اتفاقية “بوليه- نيوكومب”، وتمّ تكريسها في “إتفاقية الهدنة” في العام 1949. ولهذا فكلّ ما تُطالب به “إسرائيل” اليوم، أو تسعى إليه من “ترسيم للحدود البريّة” مع لبنان، على غرار “إتفاقية ترسيم الحدود البحرية” التي جرت بوساطة أميركية، لا يُمكن أن يتمّ لأنّ الحدود النهائية للبنان مرسّمة ومصدّق عليها في الأمم المتحدة. وبالتالي ليس هناك ما يُسمّى “ترسيم” للحدود البرّية بالنسبة للبنان، و”لا يعنيه ما يُحكى عن “ترسيم” برّي، فهذه الكلمة ليست موجودة في قاموسنا، كما أوضح العميد شحادة، كجيش لبناني وكحكومة لبنانية، إنّما هناك “تثبيت و”إظهار للحدود اللبنانية”.

2″- إنّ الخط الأزرق هو “خط إنسحاب”، أي انسحاب القوّات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية الجنوبية، وليس خطّ حدود لبنان النهائية، على ما يريد العدو “تثبيته” من خلال تعديّاته على الأراضي المحتلّة. وثمّة 13 نقطة عند الحدود الجنوبية يتحفّظ عليها لبنان أي أنّه يُطالب بعدم خرقها من قبل العدو كونها لبنانية. وهذه النقاط مسجّلة لدى الأمم المتحدة منذ أن رسم السفير الأميركي السابق فريديريك هوف الخط الأزرق الذي هو خط فاصل بين لبنان و”إسرائيل” من جهة، وبين لبنان وهضبة الجولان المحتلّة من جهة أخرى في 7 حزيران 2000، على أنّه “مؤقّت”، وذلك لتحديد خطوط الإنسحاب الإسرائيلي من الجنوب. ولا يُعتبر الخط الأزرق حدوداً دولية لكن تمّ إنشاؤه من قبل الأمم المتحدة بهدف وحيد هو “التحقّق من الإنسحاب الإسرائيلي من لبنان”. كما أنّه لا يتطابق مع الحدود الدولية، ولهذا جرت تسميته بـ “خط الإنسحاب”. ويسعى لبنان الى أن يُصبح هذا الخط متطابقاً مع الحدود الدولية من خلال إبعاد العدو عن النقاط التي يتحفّظ عليها.

3″- بالنسبة للقسم الشمالي من بلدة الغجر التي تُعتبر من ضمن الأراضي اللبنانية المحتلّة، فقد جرى توضيح أنّ الإحتلال قائم اليوم فيما يُسمّى “خراج الماري” وليس في شمالي الغجر. فهذا التعبير بات الجيش يعتمده كون الماري بلدة جنوبية لبنانية حدودية وتحتلّ “إسرائيل” جنوبها وليس الجزء الشمالي من الغجر. وهذا ما يجب اعتماده من الآن وصاعداً لا سيما لدى ذكر الأراضي اللبنانية المحتلّة التي هي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وخراج الماري بدلاً من شمال الغجر.

4″- رؤية الخروقات الإسرائيلية اليومية للسيادة اللبنانية بأمّ العين، لا سيما من خلال إختراق زورقين حربيين للعدو الإسرائيلي المياه الإقليمية اللبنانية على مرأى من الوفد الدولي، مسجّلاً خرقاً فاضحاً لنقطة رأس الناقورة، رغم علمه بهذه الجولة الميدانية للديبلوماسيين. فضلاً عن شرح بعض ضبّاط الجيش اللبناني في اللواء الخامس للديبلوماسيين الدوليين عن حجم الخروقات الإسرائيلية المستمرّة لسيادة لبنان برّاً وبحراً وجوّاً، وعن نقاط الخلاف الحدودية المتنازع عليها.

وتقول المصادر نفسها بأنّ دعوة الديبلوماسيين الأجانب والملحقين العسكريين الى هذه الجولة الميدانية على طول الخط الأزرق، هدفت الى تعميم التوضيحات أعلاه، فضلاً عن ضرورة أن يكون الديبلوماسيين على سعة إطلاع لدى الإستفسار من دولهم عمّا يحصل عند الخط الأزرق. كما أنّها أتاحت للديبلوماسيين التأكّد من معلومات الجيش اللبناني، وما تتضمّنه الشكاوى التي يُرسلها لبنان الى الأمم المتحدة بشأن حجم الخروقات الإسرائيلية اليومية لسيادته وللقرار 1701 والقرارات الأخرى ذات الصلة.

كما وجّه لبنان، على ما أضافت، رسالة الى الأمم المتحدة عبر وزارة الخارجية، يُطالبها فيها بعدم استعمال كلمة “ترسيم الحدود الجنوبية بين لبنان وفلسطين المحتلّة”. وذكّرها خلالها بأنّ الحدود مرسّمة ومصدّق عليها في الأمم المتحدة. ويُحاول الجيش اللبناني في هذه الأثناء، لا سيما مع تعدّي “إسرائيل” على حدوده الجنوبية المحافظة على كلّ حبّة تراب من أرضه، من خلال إظهار حقّه الواضح والمُعلن في كلّ شبر منها، لوقف تمادي العدو ووضع حدّ نهائي لتعديّاته على الأراضي اللبنانية بشتّى الوسائل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى