.

رسالة لودريان تعيد لبنان لزمن الاستعمار الفرنسي؟

خاص الرقيب – لبنى عويضة

على هيئة تلاميذ مدرسة، وتحت إشراف الإدارة الفرنسية، تلقّى النواب والكتل في البرلمان اللبناني رسالة على شكل ورقة امتحان من الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان، والتي تطلبت الإجابة الخطية عن سؤالين حول مواصفات رئيس الجمهورية وأولويات عهده الجديد؛ هذه الرسالة التي تسلمها 38 نائباً، أثارت امتعاضاً سياسياً واسعاً، فما هي إلا سابقة تتعارض مع مبدأ السيادة والدبلوماسية، ولا تحترم العلاقات الدولية؛ هذا وأعطيَ النواب فرصة حتى نهاية الشهر الجاري للإجابة على أسئلة الامتحان.

وتحت لواء “الضرورة الملحة للخروج من الطريق المسدود”، وقبل زيارته الثالثة إلى بيروت ولقاء الأفرقاء السياسيين، ضرب لوديان مبادئ السيادة التي يتمتع بها لبنان بعرض الحائط، وكأن الأخير لا يزال تحت وصاية الاستعمار الفرنسي، أو كأن الموفد الفرنسي يحمل بيده العصا السحرية التي ستخرج لبنان من أزمته عبر هذه الرسالة.

ويمكن القول أن خطوة لودريان الناقصة فاقمت الأمور بين القوى السياسية بدلاً من تيسيرها، فهذه الرسالة تعتبر “سابقة” في العلاقات الدولية، فيما لم يقم أي وسيط بالماضي بأخذ هكذا خطوة تشكّل إهانة للدبلوماسية اللبنانية و “قلّة قيمة” في التعامل مع كتل ونواب يتمتعون بحيثية سياسية وشعبية.

أما الجوهر اللافت في الرسالة، هو التحوّل الذي شهدته المبادرة الفرنسية، إذ انتقلت من البحث عن توافق لانتخاب رئيس للجمهورية، إلى ورقة امتحان مدرسية، ولعل الأسئلة المطروحة هي محاولة لتجاوز أحكام الدستور ومبادئه وفرض أعراف سياسية جديدة، وهذا ما يكرّس محاولة لتجاوز صلاحيات الحكومة ورئيسها ودوره التنفيذي، كما أن تقديم النواب لاقتراحات حول برنامج عمل الرئيس يعد تجاوزاً لصلاحيات الحكومة، مما يعزز تغييرات في الخارطة السياسية.

وانطلاقاً من ذلك، فإن رسالة لودريان معيبة بالشكل وخاطئة بالمضمون، فلبنان لم يعد “مستعمرة فرنسية” ويمكن اللعب به وفقاً للمشيئة الفرنسية هذا من جهة، ومن جهة أخرى، إن هذا الأمر ينذر بفشل قريب ستُمنى به المبادرة الفرنسية، مما يهدد بالسقوط الحتمي في دائرة الفراغ الرئاسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى