اقلام

استهداف القنصلية الإيرانية ومأزق إسرائيل، بقلم الدكتور محمد هزيمة

استهداف القنصلية الإيرانية ومأزق إسرائيل
——————–
لم يكن أقدام العدو الإسرائيلي على جريمة قصف مبني داخل مجمع سكني يحظى بصفة وسط العاصمة السورية دمشق عمل طبيعي ضمن حرب مفتوحة منذ عقود، وجبهات ملتهبةمنذ اشهر خسرت اسرائيل منذ اللحظة الأولى بكل المعايير ، واستمرار المعارك وتوحد ساحات المواجهة عمق الازمة داخل الكيان تحولت مأزق لحكومة نتنياهو بعد ان اوصلت الكيان ومستوطنية لحالة كارثية خسرت فيها اسرائيل دورها المتقدم في منطقة الشرق الأوسط سقطت معها اسطورة الجيش الذي لا يقهر الذي غرق ببقعة خغرافية محاصرة، احترقت صورة الأجهزة الأمنية والاستخارية التي طالما اعتبرتها صانعة الحدث هزت عروش حكومات ، اهتزت امام عمل فصائل مقاومة تعيش محاصرة بمساحة محدودة تجرأت عليها ذات سبت في السابع من تشرين الأول تجاوزتها وطالت عمق الكيان اختارت الزمان المناسب والمكان الأنسب، ولو كان تحت الأرض، شبكة انفاق معقدة زادت المشهد تعقيدا على نتنياهو وحكومته، قتلت ثقة المجتمع الإسرائيلي ومستوطنية بالقيادة السياسية الامنية والجيش خسر فيها نتنياهو آخر فرصة له وهو الذي وصل لرئتسة الحكومة وسط أزمة سياسية حادة أجريت فيها انتخابات مبكرة اكثر من خمس مرات بغضون ثلاثة سنوات في سابقة اعطت صورة عن عمق الأزمة داخل كيان مركب وصل نتنياهو لموقع رئاسة الحكومة من جديد قبل اشهر على راس تحالف هجين جمعه مع شتات احزاب اقليات أوجدت له حصانة تحميه من ملاحقة قضائية بجرائم فساد مالي ، لا تزال السبب الرئيس في استمرار حربه الاجرامية على غزة ، برغم تيقن نتنياهو نفسه قبل جيشه ووزير دفاع حكومته من نتائج الحرب التي لن تكون لصالح كيانه ، وان جيشه يخسر وتخسر معه إسرائيل كل نقاط القوة وتظهر مكامن ضعفها، إلا أن نتنياهو فضل خسارتهم على نهاية سوداوية له تدخله السجن، وهذا اول اسبٌاب الخلاف داخل حكومتة وداخل الكابينت وأساس توتر العلاقة مع الإدارة الأميركية، التي لا ترغب بتوسعة الحرب ، وغير راضية على طريقة إدارتها، فالظروف السياسية داخل أميركا غير مؤاتية وهي على أبواب انتخابات نصفية على انتقاد انتخابات سابقة وغزوات شعبية طالت الكابيتول ومحاكمات لم تنتهي حتى اللحظة ، جعلت من الانتخابات الحالية الاصعب، وبحسب مراقبين الأخطر، فاستمرار الحرب في غزة وهول المجازر شكلوا حالة شعبية رافضة بدأت تتوسع داخل المجتمع الأميركي خاصة والغربي عموما، انعكس ضغوطا على الإدارة الأميركية التي رتبت اوراقها لولاية جديدة في البيت الأبيض، ترى ان حرب غزة أحد أبرز ناخبيها ، وسط غموض بنتائج استطلاعات الراى المعتمدة في بلاد العم سام ، والتي لا تزال تلحظ تقدماً طفيفاً وغير محسوم لصالح إدارة الرئيس بايدن، تقاطعت مع دول إقليمية فاعلة بهدف قطع طريق البيت الأبيض على المرشح ترامب باعتبار ان المرحلة الصعبة لا تحتمل شخصيته الاستفزازية، وتعاطيه الغليظ مع ملفات صعبة بعد حرب أوكرانيا
هذا الواقع كله ترك تململاٌ كبير بين الإدارة الأميركية من جهة والايباك ” اللوبي الصهيوني” من جهة ثانية برغم تأثيره الكبير بنتائج الانتخابات وقدرته على ترجيح الكفة، وهو حتى اللحظة لم يحسم قراره رغم تقاربه مع الرئيس بايدن وولا زال منقسم على نفسه، نتيجة تعنت نتنياهو وعجزه عن اتخاذ قرار وقف خسارة اسرائيل ، رد عليه بمنع وفود كيانه من الذهاب إلى امريكا قبل قبضه ثمنا كبيرا من الإدارة الأميركية عاجزة عنه حتى الساعة برغم حصدها تعاطف أكثرية أصوات اليهود لدعمها إسرائيل أولا وتقديرا لموقفها من استمرار دعم الكيان ثانيا واستخدام نفوذها السياسي وعلاقتها لضبط إيقاع الحرب ، التي يرى نتنياهو في نهايتها بهذه النتائج والظروف ماساوية تكتب نهايته الشخصية تقوده إلى السجن، وهذا تحول كابوس حكم كل تصرفاته بدءّ من رفع سقف أهداف الحرب، وصولا إلى استهداف القنصلية الإيرانية بقلب العاصمة دمشق، محاولا رسم صورة تعوض عن خسائر مؤلمة بالميدان، تعرض لها جيشه على عدة جبهات ، ترافقت مع ضغوط خارجية من الإدارة الأميركية تطلب وقف الخسارة الإسرائيلية لترتيب مخرج وايجاد فرصة يوقف غرق اسرائيل، يعتبرها نتنياهو انها على حسابه ولم يقبل بها تزامنت مع ضغوط داخلية اولها سياسية كبيرة من المعارضة، ومن داخل الحكومة ، ورئاسة أركان جيشه ، وثانيها شعبية بمقدمها أهالى الأسرى، المستوطنين المهجرين، اهالي العسكريينالقتلى والجرحى، الاقتصاديين الذين اقفلت مصانعهم وكبار رجال الأعمال الذين يخسروا كل يوم يغرق فيه الكيان بازمات يصعب حلها ، أمام صورة عجز جيشهم من تحقيق أي إنجاز سوى الغرق برمال غزة، وزيادة عدد قتلاه ،تضاف لنقمة شعبية عالمية أظهرت حقيقة إسرائيل بانها كيان مجرم يتجاوز القوانين الدولية، سقط فيها مشهد إسرائيل “واحة الديمقراطية” في الشرق، كما سقطت اسطورة جيشها الذي لا يقهر سقط معهم حلم إسرائيل الكبرى، ليسقط سعي نتنياهو جر إيران لحرب تدخلها بمواجهة مع الغرب بمقدمهم أميركا التي تعتبر حربها مع إيران تشغلها عن اولوية مواجة الصين وحربها القادمة مع المارد الذي غزا امريكا، اقتصاديا وماليا واستثمر بقوة كمنافس فعلي، والخشية من اي احتكاك عسكريا يوصل لحرب تنزع من أميركا ورقة تايوان بعد أن انتزع منها إسرائيل الدور القويبالشرق الاوسط وبقي لها إسرائيل الكيان

د.محمد هزيمة كاتب سياسي وباحث استراتيجي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى