ورد الان

الصحافة اليوم 26-4-2024

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة  26-4-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

الاخبار:

مفاوضات «ربع الساعة الأخير»: العدوّ يعرض التبادل

مقترحات جديدة لإحياء المفاوضات | العدو للمقاومة: التبادل مقابل وقف هجوم رفح

في محاولة تبدو «الأخيرة» قبل الشروع في تنفيذ عملية عسكرية في رفح جنوبي قطاع غزة، يسعى العدو الإسرائيلي، والوسطاء، وخصوصاً المصريين، إلى مقايضة الامتناع عن تلك العملية، بصفقة تبادل واتفاق هدنة مؤقّتة مع المقاومة الفلسطينية. وإذ يبدو الطريق نحو مهاجمة رفح، بالنسبة إلى إسرائيل، سالكاً، ولا يحتاج العدو لقطعه سوى إلى أيام قليلة، فإن الأخير يستغلّ هذه الوضعية العسكرية لممارسة أكبر ضغط ممكن على حركة «حماس»، لدفعها نحو التنازل. وعلى ما يبدو، فإن إسرائيل، وكما كانت تفضّل منذ البداية، تسعى هذه المرّة أيضاً، وفقاً لموقع «واينت»، إلى تنحية قطر جانباً، والتركيز على الجانب المصري كقائد لهذه المفاوضات؛ إذ إن الدوحة، وفق ما تتهمها به تل أبيب، «لم تمارس الضغط المطلوب على حماس، ولم تغلق حسابات قادة الحركة ولم تنفِ الأخيرين المقيمين لديها مع عائلاتهم». كما أن إسرائيل ترغب في إعطاء مصر ثقلاً أكبر، بسبب العملية العسكرية التي تخطط لها في رفح، بالقرب من الحدود المصرية.وبحث «كابينت الحرب»، أمس، في خطّة الاجتياح، والتي عُرضت كذلك على المجلس الوزاري المصغّر. وكرّرت وسائل الإعلام العبرية، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، «سمفونية» أن اجتياح رفح ضروري في إطار الضغوط العسكرية الممارسة على «حماس» لتليين موقفها في المفاوضات، وهو ما قيل كذلك قبل العملية العسكرية التي بدأتها إسرائيل في خانيونس قبل أشهر، والتي أفضت في النهاية إلى سحب قوات الجيش من المدينة من دون أن تليّن «حماس» موقفها. وأتت الاجتماعات الإسرائيلية، غداة لقاء جمع رئيسَي أركان الجيش، هرتسي هليفي، و«الشاباك»، رونين بار، مع مدير المخابرات المصرية، عباس كامل، بهدف «تنسيق العملية العسكرية في رفح»، لكي تضمن مصر ألا يؤدي ذلك إلى تدفق الفلسطينيين النازحين في المدينة في اتجاه أراضيها. وفيما نشرت وسائل إعلام عبرية صوراً التقطتها الأقمار الاصطناعية تُظهر إنشاء «مدينة خيام» بالقرب من خانيونس لإيواء النازحين المنوي إخلاؤهم من رفح، أفادت «القناة 12» بأن إخلاء النازحين قد يستغرق حتى شهراً، علماً أن اجتماعاً افتراضياً بتقنيّة الفيديو عُقد أخيراً بين وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، ومستشار الأمن القومي، تساحي هنغبي، ومسؤولين في الإدارة الأميركية لبحث خطة الاجتياح، وفيه تبيّن أن «إسرائيل تطرح خطة على مراحل، حيث تخطط لاقتحام حيٍّ تلو آخر».

من المقرّر أن يُعقد اجتماع اليوم، بين مسؤولين عسكريين وأمنيين من مصر والكيان، لبحث مسار التهدئة الجديد

من جهتها، وعلى وقع اقتراب موعد عملية رفح، جدّدت مصر مساعيها لبلورة مسار جديد للمفاوضات، وقامت بالاتصالات اللازمة لذلك، وخصوصاً مع الأميركيين خلال اليومين الماضيين. ورغم عدم تعويل القاهرة بشكل كبير على المسار الجديد، إلا أنها تراه ضرورياً في الوقت الحالي لـ«وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته»، وفق مصادر مصرية تحدّثت إلى «الأخبار». وفيما أطلَع المسؤولون الإسرائيليون نظراءهم المصريّين على تصوّرهم لخطة اقتحام رفح، طلبت القاهرة «إرجاء الخطوة بعض الوقت من أجل بلورة تصوّر جديد للتهدئة»، فيما أكّد الإسرائيليون الحاجة إلى تحديد «جدول زمني» لذلك. ومن المقرّر أن يُعقد اجتماع اليوم، بين مسؤولين عسكريين وأمنيين من مصر والكيان، لبحث مسار التهدئة الجديد وآليات التعامل معه.

وفي جلسة «كابينت الحرب» أمس، وافق المستوى السياسي على اجتماع فريقَي التفاوض الإسرائيلي والمصري، بعدما عرض الأول على أعضاء «الكابينت»، مقترحات تجعل إسرائيل «أكثر مرونة» في مسار المفاوضات. وبحسب تقرير أعدّه مراسل موقع «واللا» العبري، باراك رافيد، فإن «إسرائيل باتت مستعدّة للنظر في استعادة حوالي 20 أسيراً إسرائيلياً فقط، كجزء من صفقة مع حماس، وليس 40 كما كانت قد طالبت في الماضي»، علماً «أن فريق التفاوض أوضح لأعضاء مجلس وزراء الحرب أن حماس تحدّد نحو 20 أسيراً فقط ضمن فئة إنسانية تشمل النساء والرجال فوق 50 عاماً، والأسرى في حالة صحية خطيرة». واختلفت التقارير الصحافية العبرية حول محتوى المقترح الجديد، الذي قالت «القناة 12» إنه «يتضمّن عودة النازحين من جنوب قطاع غزة إلى شماله، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من محور نتساريم، لكن لن يتمّ الالتزام بوقف كامل للحرب»، فيما فصّلته «القناة 13» على النحو الآتي:

1- الإفراج عن 20 أسيراً إسرائيلياً من النساء والرجال فوق 50 عاماً والأسرى في حالة صحية خطيرة.
2- وقف إطلاق النار لعدة أسابيع.
3- انسحاب الجيش الإسرائيلي من ممرّ نتساريم وهو ما كانت إسرائيل ترفضه سابقاً.
4- الإفراج عن أسرى فلسطينيين محكومين بالمؤبّد وفق أُسس يتم الاتفاق عليها.
5- عودة الفلسطينيين النازحين من جنوب قطاع غزة إلى شماله.

من جهتها، تُبدي حركة «حماس» تمسّكها بوساطة قطر ومصر، لكن مع تأكيد عدم قبولها «بما يتعارض مع مصالح شعبنا»، بحسب نائب رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الذي أضاف، في تصريحات إلى قناة «الجزيرة» القطرية، أن الحركة تخوض «مفاوضات جادّة من أجل وقف دائم لإطلاق النار وصفقة تبادل جادّة وحقيقية». وأكّد الحية «(أننا) لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى، وجادّون في الإفراج عنهم ضمن توافق ومفاوضات جادّة»، مشيراً الى أن «عدم تقدّم المفاوضات يرجع إلى التعنّت الإسرائيلي». وبيّن أن «الإشكال الحقيقي هو عدم قبول الاحتلال وقف إطلاق النار والانسحاب من قطاع غزة»، لافتاً إلى أن «الاحتلال رفض مقترحاً لمبادلة مجنّدة إسرائيلية بـ50 من أسرانا، بينهم 30 من ذوي الأحكام المؤبّدة».

وحول البيان الذي أصدرته الولايات المتحدة مع 17 دولة أخرى، أمس، وطالبت فيه حركة «حماس»، بالموافقة على «الاتفاق المطروح» (من دون تحديد ماهيّته)، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من المرضى والجرحى وكبار السنّ، بما «يحقّق وقفاً فورياً ومطوّلاً لإطلاق النار ويؤدّي إلى نهاية موثوقة للأعمال العدائية»، بحسب نص البيان، رحّب الحيّة بالتصريحات الأميركية، موضحاً أنها «جاءت قبل تسلّمنا أي ردّ على موقفنا من إسرائيل أو الوسطاء».

شكوك تحيط بالاختبارات ومآخذ تقنية تثير شبهات: هل كذبت «توتال»؟

يؤكد خبراء «ملف الموارد والحدود» في حزب الله أن وراء قرار شركة «توتال» وقف أعمال الحفر والتنقيب في حقل «قانا» لـ«عدم الوصول إلى غاز» أخطاء تقنية ومواقف سياسية مشبوهة. وأظهرت التفاصيل التقنية التي خلص إليها خبراء ملف «الموارد والحدود» في حزب الله أن أداء «توتال» لم يكن حرفياً، وأن الشركة لم تستكمل المطلوب من عملية الحفر، بل أوقفتها لأسباب لم تشرحها ولم تُعلن عنها. وما لم تُعلن عنه الشركة الفرنسية، التي صارت واشنطن صاحبة قرار في جمعيتها العمومية، كشفته دراسة استقصائية مفصّلة أعدّها خبراء هذا الملف في حزب الله

أكّدت دراسة استقصائية أعدّها خبراء «ملف الموارد والحدود» في حزب الله وجود مآخذ وشبهات، مستندة إلى «أدلة ووقائع ومعطيات»، حول عمل «الكونسورتيوم» الذي تترأّسه «توتال». واطّلعت «الأخبار» على الدراسة التي أعادت النظر في التحليلات التي أجرتها «توتال» وشركات الخدمات المشاركة في عمليات جمع البيانات، من أجل تقييم وتحديد سبب عدم توصل عمليات الحفر إلى وجود اكتشاف، بحسب إعلان الشركة، وذلك بناءً على تحليل عوامل عدة، كاتصال المكمن بعضه ببعض والتكوين الهيكلي للطبقات. كما دقّقت في بيانات المسح الزلزالي وسجلّات الآبار والبيانات الجيولوجية والجيوميكانيكية وبيانات اختبار الآبار.وكانت «توتال» أوقفت العمل في حفر البئر «QANA-1» في 13 تشرين الأول 2023، بعد أقل من أسبوع من عملية «طوفان الأقصى»، على عمق 3905 أمتار تحت سطح البحر، وادّعت أنه بعد اختراق التكوين الجيولوجي «Tamar-C» وجزء من تكوين «Tamar-D» تمّ الوصول إلى المياه ولم يعثر على اكتشاف أو دليل على وجود خزانات.

مؤشر قابلية الكسر أقل من 0.5 يشير إلى وجود خزان محتمل

وأظهرت دراسة «توتال» للطبقات التي تمّ اختراقها في بئر قانا فرقاً كبيراً بين الطبقات المتوقّعة والطبقات المخترقة فعليّاً، إذ إنّ معظمها لم يكن كما كان متوقّعاً قبل الحفر. وفي مقارنة بين بئر قانا وبئر كاريش، يتبيّن أن طبقة رمال «Tamar-C» في بئر قانا هي عبارة عن نموذج قناة جيولوجية منحدرة، تتراصف حبيبات الرمل فيها صعوداً من الأكبر حجماً إلى الأصغر (كلّما اتجهنا في الطبقات إلى الأعمق تُصبح حبيبات الرمل أكبر حجماً)، بينما طبقة رمال «Tamar-C» في بئر كاريش الأساسي هي عبارة عن طبقة مترسّبة على شكل سهل رملي (Basin) وبتراصف لحبيبات الرمل صعوداً من الأصغر حجماً إلى الأكبر (أي كلّما اتجهنا في الطبقات إلى الأعمق تُصبح حبيبات الرمل أصغر)، ما يشير إلى أن «توتال» لم تخترق تكوينات «Tamar-C&D» في بئر قانا، والتي يبدو أنها أعمق مقارنة بالتحاليل في بئر كاريش.

وأظهرت المقارنة التي قامت بها «توتال» بين بئرَي قانا وكاريش إلى أن الرمال مختلفة، كما تشير إلى أن الشركة لم تخترق طبقة «Tamar-C» في بئر قانا، التي تتكون من أنواع مختلفة، فيما يتميز قسم «Basin Floor fan» بترسّب الرواسب السيليسيكلاستية التي تنحدر عبر الوديان لتغذية الحوض. أما النتائج الجيولوجية (نسبة عزل الفالق)، فقد ظهر بوضوح، من خلال الرسم البياني والفحص الإحصائي، أن غالبية نسبة مؤشر الصخور الطينية (SGR) في بئر قانا تراوح بين 35% و55%. واستناداً إلى المعايير المثبتة من قبل (Yielding et al.1997)، فإنه لدى وجود نسبة SGR تراوح بين 20% و40%، يُعتبر أن الفالق يتمتع بخصائص احتجاز ضعيفة، فيما يدل مؤشر %40-60% إلى إمكانية احتجاز معتدلة. ونظراً إلى أن غالبية قيم مؤشر SGR الخاصة ببئر قانا تراوح بين 35% و55%، فإن ذلك يدل على أن قدرة احتجاز الفالق الموجود في المنطقة تراوح بين الضعيفة والمعتدلة.

وأظهرت النتائج الديناميكية حصول تطابق ممتاز في الرسوم اللوغاريتمية وشبه اللوغاريتمية التي تم تحليلها، إذ تمّت ملاحظة استقرار سريع جداً في البيانات، ما يشير إلى أن الصخور في الطبقات المختبرة ذات جودة جيّدة، بشكل رئيسي عند عمق 3675.21 متراً و3761.50 متراً. ولم تتم ملاحظة أي حدود واضحة لامتدادات الخزان ذات النفاذية والمسامية الجيدة. وظهر تضرر واضح بسبب تلف الطبقات الصخرية خلال الحفر والاختراق العميق، إذ بلغت أقصى نسبة للنفاذية الفعّالة (Kse) في المنطقة المتضررة حوالي 40.5 (ملي دارسي mD) عند عمق 3675.21 متراً، وحوالي 19.2 (ملي دارسي mD) عند 3761.5 متراً. ورغم أن فترة الاختبار (build-up period) كانت قصيرة، إلّا أنّ الحجم المختبر هو 465 ملي دارسي في القدم (mD.ft).
أما في ما يتعلق بأخذ عينات من البئر على عمق 3651.49 متراً (التشكيل العلوي) مثلاً، فقد أظهر جدول البيانات العديد من عمليات بدء وتوقف التشغيل خلال فترة ضخ العينات، وهذا الأمر يثير القلق بشأن صحة وموثوقية العيّنات التي تمّ جمعها من البئر، إذ تتطلب هذه العملية وجود معدل ثابت لضخ العينات للحصول على عينة ممثّلة لسوائل الخزان. كذلك لوحظ وجود تسرّب من أداة الاختبار، الأمر الذي دفع للشكّ أيضاً في صحّة هذه الاختبارات.

وبيّنت العينات عند عمقَي 3651.49 متراً و3645.30 متراً احتواءً على نسبة 61.80% و35.10% من النفط على التوالي، وقد يكون مصدر هذا النفط الطين المستخدم في الحفر (oil based mud) أو سائلاً نفطياً من الخزان (reservoir oil fluid). إلا أن الفترة القصوى لضخ العينات هي 2:03 ساعة / 9.62 ليترات عند عمق 3642.30 متراً، والحجم الأقصى للضخ هو 13.03 ليتراً / 1.94 ساعة، ما يرفع التوقع بأن تكون جميع العينات غير تمثيلية ومختلطة مع سوائل الحفر، وليست عينات فعلية من الخزان. في حين أنه في حال استخدام تقنية Straddle packer، فمن المتوقع أن تكون جميع العينات خالية من أي تلوث أو اختلاط بسائل الحفر، وبالتالي الحصول على عينات تمثيلية عن الخزان الحقيقي.

ويشير مؤشر قابلية الكسر / وحدة المتانة (أقل من 0.5) إلى وجود خزان محتمل، كما تؤكد قيمة قوة المرونة الصلبة (أكبر من 0.5) وجود خزان طبقي متناوب، علماً أنه تمّت مطابقة مؤشرات قابلية الكسر وقوة المرونة الصلبة من مناهج مختلفة.

خلاصات

بعد تفنيد التحليلات والنتائج التي توصّلت إليها «توتال»، وضعت الدراسة الاستقصائية مجموعة خلاصات أكّدت أن «توتال» لم تخترق تكوينات «Tamar-C&D» في بئر «QANA-1»، والتي يبدو أنها أعمق مقارنة بالتحاليل في بئر «كاريش-1». ولم تحقق «توتال» الهدف من البئر من خلال حفر واختبار الثقب بقطر 8½ بوصة حتى 4440 متراً، كما كان متوقّعاً. في حين اختلفت وجوه الصخور وأنواعها في «Tamar-C&D» في بئر «كاريش-1» عن «قانا-1». فتكوين «Tamar-C» في بئر «كاريش-1» هو رمل حوض القاع ولم يتم التعرف إليه في بئر «قانا-1» الذي يعتبر جزءاً من القناة الانحدارية النموذجية وتمّت ملاحظته عبر تحليل بيانات الحفر «GR». وسُجّل ظهور فرق كبير بين الطبقات المتوقّعة والطبقات المخترقة فعليّاً، بحيث إنّ معظمها لم يكن كما كان متوقّعاً قبل الحفر. كذلك أظهرت التكوينات المخترقة في الثقب بقطر 8½ بوصة مواصفات وخصائص جيّدة لخزّان الهيدروكربونات. وأظهر تحليل البيانات الديناميكية كذلك استقراراً سريعاً جداً في جميع المناطق المختبرة، ما يؤكد بوضوح وجود تكوينات ذات جودة صخرية جيدة.

لم تستخدم الشركة الأدوات المناسبة لتنفيذ الاختبارات، ما يزيد الشكوك في ظل تأكيد دراسات الجيولوجيا الهندسية وجود خزّان محتمل

وتمّت ملاحظة نظامين للضغط ليسا في توازن هيدروستاتيكي، بفارق ضغط بمقدار «205 psi/ft» بين الطبقتين العلوية والسفلية. كما تمّت ملاحظة تكوين جيّد في قاع الطبقة العلوية وفي أعلى الطبقة السفلية مع نسبة قصوى للتحرك (mobility) (559 mD/cP ونفاذية 310 mD) و(328 mD/cP ونفاذية 182 mD) عند عمقي 3675.21 متراً و3761.50 متراً.

ومن الخلاصات التي سجّلتها الدراسة أن عملية جمع السوائل التي قامت بها «توتال» لم تكن ناجحة بسبب عدم استخدام الأدوات المناسبة. كما أن الشركة لم تنفذ اختبار «mini DST» مع «Dual packers» كما كان مخطّطاً له، والتي كان يمكن أن تؤكد وجود المواد الهيدروكربونية، وتقلل من نسبة الشك وعدم اليقين، وتوفر معلومات كافية لتوصيف الخزان بشكل أفضل. فيما تؤكد الرسومات الهندسية للجيولوجيا الهندسية والتحليل وجود خزان محتمل.

وقد وُجدت التكوينات المخترقة ناعمة للغاية، ومرنة، مع حجم عال من الطمي الرطب (wet clays)، ومكتملة، ما أثّر بالتالي على خصائص الصخور، وبشكل رئيسي على المسامية.
وعليه، لم تكن شركة «توتال إنيرجيز» سوية في التعامل مع الإدارة اللبنانية؛ إذ إنها اتخذت معظم القرارات بمفردها وأوقفت عمليات الحفر قبل الوصول إلى عمق الحفر المخطّط إليه عند 4440 متراً. وأظهرت بالمحصّلة أداءً غير مُرضٍ وفشلت في تحقيق الأهداف المطلوبة.

نواف الموسوي: تحرير الثروة النفطية أهمّ من تحرير 2000

أكّد مسؤول ملف «الموارد والحدود» في حزب الله النائب السابق نوّاف الموسوي أنه تلقّى تأكيدات من خبراء كانوا يتابعون عمليات الحفر والاستكشاف التي قامت بها «توتال» في حقل «قانا» أنه سُجّلت أثناء عمليات الحفر «ركلة غاز»، وهو مصطلح تقني يُستخدم للدلالة على حدوث ضغط يدلّ على وجود الغاز. وقال الموسوي لـ«الأخبار» إنه أبلغ الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله ورئيس مجلس النواب نبيه بري بالأمر. «لكن، حدث شيء ما، بين الأخطاء التقنية والمواقف السياسية المشبوهة، جعل الأمور تقف»، مستدركاً بـ«أننا لن نسمح بوقف هذا المسار ونحن ملتزمون به. وكما حرّرنا ما كان مُحتلاً يجب أن نُحرر ما هو مُحاصر الآن». وأضاف: «بالنسبة إلى حزب الله، كان التحرير عام 2000 إنجازاً كبيراً، لكنّ الإنجاز الأكبر هو استخراج البترول. لذلك، يتابع الحزب هذا الملف بدقّة منذ اللحظة الأولى».

وأكّد الموسوي أن لا مبررات تقنية لوقف «توتال» أعمال الحفر، و«العينات التي أُخذت لتبرير التوقف لم تكن صحيحة. لذلك لا يجب أن نُصغي للحملة الإعلامية التي تُريد أصلاً حرمان لبنان من ثروته»، لأن «أصحاب هذه الحملة يريدون أن يبقى لبنان تحت الحصار الأميركي، ويتمنون أن يكون لبنان تحت عدوان إسرائيلي يُعيد لهم تجربة 1982. وهؤلاء يجب أن يعرفوا أننا في عام 1982 كنا أضعف بكثير حين منعنا تجربتكم، واليوم نحن أقوى بكثير، وإذا أردتم أن تكرروا هذه التجربة فستدفعون ثمن هذه الحماقة غالياً».

أخطاء تقنية ومواقف سياسية مشبوهة رافقت إعلان «توتال» عدم وجود غاز 

وإذ لفت الموسوي إلى أن إسرائيل بدأت بالتنقيب عن النفط قبل أن يقر لبنان قانون الموارد البترولية عام 2010، وهي تعمل وفق مسار لم تعوّقه مجموعات سياسية داخلية متواطئة ولا حصار أميركي، إلا أنه «لا يمكننا أن نتفرج على العدو يستخرج البترول، ومثلما كان حزب الله جدياً في تحرير 865 كلم مربّعاً من المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان، هو جدّي، وحتى النهاية، في موضوع الاستخراج». وأوضح: «تقديرنا أن هناك شبهات بوجود إعاقات سياسية متعمّدة حالت دون استكمال عملية التنقيب وصولاً إلى الاستخراج، والولايات المتحدة هي عادة من يعرقل هذه العمليات، وقد اتّخذت سابقاً قراراً بفرض حصار اقتصادي على لبنان».

وعن الدور الفرنسي، أجاب الموسوي: «إلى الآن، لا نزال نعتقد أن الجانب الفرنسي يُفترض أنه يتصرّف من واقع صداقته مع لبنان، وبالتالي يُفترض أن لا يكون جزءاً من الحصار الأميركي»، لكنه لم يستبعد ذلك لأسباب متعلقة بـ«توتال» نفسها، والتي أصبح اسمها «توتال إنيرجيز» بعدما اشترى صندوق التقاعد الأميركي جزءاً من أسهمها وأصبح الأميركيون مؤثّرين في جمعيتها العمومية. وأشار إلى أن هناك مسارين لمواجهة الأمر الواقِع الحالي، أحدهما في السياسة والآخر في القانون، و«التجارب أظهرت أن القوانين في لبنان، إضافة إلى صياغة بعض العقود، لم تساعد في السيطرة على الموقف. من هنا، يجب البحث في نوعية التعديلات التي يجب أن تُجرى على قانون التنقيب والاستخراج، وعلى صيَغ التعاقد مع الشركات المشغّلة». أما في الجانب السياسي، فـ«يجب أن تكون هناك وقفة للمواجهة، عبر العملية الدبلوماسية بالدرجة الأولى، لانتزاع الحقوق». ولفت إلى أن «التجربة علّمتنا أنه كلما كانت الدبلوماسية اللبنانية مؤزّرة بموقف من المقاومة، تكون قادرة على الإنجاز، ويجري درس الموقف المناسب الذي يجب أن تأخذه المقاومة، سياسياً وعملانياً، بما يدعم الدبلوماسية اللبنانية لتصل إلى أهدافها».

وتحدّث الموسوي عن جانب ثالث يتعلق بإحدى نقاط الضعف في الموقف اللبناني، إذ إن «القانون والقرار السياسي معاً لا يسمحان إلا لشركات غربية عموماً أو عربية غالباً ما تخضع للتأثير السياسي الأميركي بالعمل في لبنان، وهذا الأمر بحاجة إلى اختراق، ومَن قال إن ما تفعله توتال لا تستطيع فعله شركات إيرانية أو صينية أو روسية»، معتبراً أن الصين اليوم «مهتمّة بالأمر بوصفها المستورد الأكبر من الشرق الأوسط وهي تستفيد من خلال الاستثمار في لبنان ليكون لها مطلّ على البحر الأبيض المتوسط الذي هو جزء من مبادرة الحزام والطريق للوصول إلى أوروبا».

هذا الأمر «يتطلب موقفاً من الحكومة اللبنانية، وأن تكون مستعدّة لأن تنوّع خياراتها في اعتماد الشركات التي ستتعاقد معها، وألا تقتصر على نوع معين من الشركات». كما اعتبر أن الرأي العام اللبناني يجب أن يكون «جزءاً أساسياً من معركة تنويع الخيارات في التعاقد مع شركات التنقيب، في وجه القوى المصرّة على الارتباط بالأميركي والغربي وترفض أي مبادرة أخرى، لأن عائدات الثروة اللبنانية في البحر ستعود بالخير على جميع اللبنانيين»، مشيراً إلى ضرورة «صنع معركة رأي عام» في المرحلة المقبلة للدفع باتجاه كسر الموانع التي تضعها بعض القوى والتي تعرقل الاستفادة من الثروات اللبنانية. واعتبر أن «لدى اللبنانيين وعياً، باستثناء قلّة قليلة لا علاقة لها بالمصالح الوطنية».

السلطة تمدّد للبلديات: دبّروا راسكم!

بـ«تواطؤ» واضح بين كل الأطراف السياسية، بما فيها من يسمون «معارضة»، أُقر أمس التمديد للبلديات المفلسة لسنة واحدة، من دون إقرار اي اقتراح يمكنها من زيادة مداخيلها أو اجتراح حلول لتلك المنحلّة منها.بمادة واحدة تنص على «تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025»، صوتت الكتل النيابية التي حضرت جلسة مجلس النواب أمس (حزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر والمردة ومستقلون) مع اقتراح القانون الذي قدّمه النائب جهاد الصمد، لتدخل البلديات عامها التاسع منهكة ومفلسة.
في المقابل، امتنع عن التصويت كل من «كتلة الاعتدال الوطني» وكتلة «لبنان الجديد» والنائبة حليمة قعقور، التي لفتت إلى أن «قرار المجلس الدستوري واضح بعدم السماح للمشترع بترك التحديد لتاريخ إجراء الانتخابات النيابية أو البلدية للسلطة الإدارية (الحكومة) لتكون بمنأى عن سوء استعمال السلطة»، وإلى أن ذلك قد يعرّض القانون للطعن.

وسبق التصويتَ سقوطُ اقتراحي قانونين مقدمين من النائبين جميل السيد وهادي أبو الحسن، يطرح الأول تكليف الحكومة إجراء الانتخابات في أي تاريخ تراه مناسباً بعد هدوء الأوضاع في الجنوب «بين اليوم و31/5/2025»، فيما اقترح الثاني تمديداً لا يتعدى تاريخ 30 أيلول 2024.

وبسبب الإفلاس الذي تواجهه البلديات، تعددت الاقتراحات لزيادة بعض الرسوم. فعرض النائب طوني فرنجية إضافة بندين على القانون، يتعلق الأول بإضافة رسم نفايات مقطوع على الشقق السكنية تبعاً لحجمها، والثاني بإضافة رسم مقطوع (مليون ليرة) للبلديات على كل من يتجاوز عمره الـ18 عاماً من الأجانب الذين يقيمون في نطاقها.

النائب جبران باسيل أثنى على الاقتراح الثاني، كما طرح فرض رسوم تحتسب وفقاً للقيمة التأجيرية، ووافق النائب علي حسن خليل على منح البلديات صلاحية الفرض لرسم نفايات، ولكنه عارض اقتراح باسيل القيمة التأجيرية مشيراً إلى ضرورة درس الموضوع بما أنه سبق لهذه المادة أن عُدّلت في قانون الموازنة. وعقد فرنجية وباسيل وخليل خلوة مصغرة، انكب بعدها خليل على كتابة التعديلات المتفق عليها بمباركة من رئيس المجلس نبيه بري. وبعد مداخلة للنائب حسن فضل الله أشار فيها إلى «أننا ككتلة نريد درس التعديلات، خصوصاً أن الأمر يتعلق بفرض رسوم إضافية، لذلك نتمنى الالتزام بما تم التوافق عليه في لجنة الدفاع والبلديات عبر إقرار اقتراح القانون المقدّم».

عندها أسقط بري اقتراح التعديلات من التصويت. وأمام إصرار باسيل، عاد إلى طرحها على التصويت وأعلن سقوطها، وسط اعتراض رئيس التيار الوطني الحر على عدم عدّ الأصوات.

وفي ما يتعلق بالبلديات المنحلة، اقترح باسيل عودة تلك البلديات إلى العمل في حال عاد أكثر من نصف أعضائها عن استقالاتهم، وفي المقابل السماح للمجالس التي يرغب أكثر من نصف أعضائها أو رئيسها في الرحيل، إجراء جلسة انتخاب بين 1 و15 حزيران.

واقترح خليل نصاً يقضي بالإجازة لأعضاء المجلس البلدي المستقيلين الرجوع عن الاستقالة حتى بعد صدور قرار نهائي بقبولها، طارحاً التوافق على آلية للرجوع عنها لدى القائمقام والمحافظ. أما في حال كان المجلس منحلاً، دائماً بحسب خليل، فيعاد تكوينه إذا ما زاد عدد الأعضاء الراغبين في العودة عن النصف وفقاً لقرار يصدره وزير الداخلية.

وأشار إلى ضرورة إقرار نص مقترح من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لإعفاء الرؤساء الممددة ولاياتهم من الخضوع للتصريح عن الذمة المالية. طروحات باسيل وخليل لاقت اعتراضاً من الاشتراكي، فحذّر النائب أكرم شهيب من «خطأ كبير في حال إعادة المستقيلين لأسباب متنوعة، بعضها يتعلق بخلافات داخلية مع الرئيس وبعضها بقضايا فساد. وبالتالي تصبح إعادتهم إلى مناصبهم بمنزلة تعيين، فضلاً عمّا سيثيره ذلك من مشكلات في القرى والبلدات». ولفت النائب فيصل كرامي إلى أن التعديلات المقدمة غير مدروسة، طارحاً أسئلة حول آلية الرجوع عن الاستقالة، وهل تكون مع الرئيس أم لا.

لم يقر مجلس النواب أي اقتراح لزيادة مداخيل البلديات المفلسة ولا حلول لـ«المنحلّة»

ونبّه من أن هناك «مطبخاً يعمل على تغيير القانون بطريقة غير قانونية»، أمام هذا الانقسام وعدم وجود آلية جدية لحلّ مشكلة البلديات المنحلة، سقطت الاقتراحات تلقائياً.

وكان كرامي قد صرّح قبل الجلسة بأن «التمديد للمجالس الاختيارية والبلدية هو من إخراج ميقاتي، وسيناريو وتمثيل وزير الداخلية والحكومة مجتمعة».
فيما التزم الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي الصمت رغم الانتقادات التي وُجّهت إليهما بعدم الجدية في إنجاز الاستحقاق الانتخابي. إذ لم ينفك وزير الداخلية منذ أشهر عن إعلان جهوزية وزارته لإنجاز الاستحقاق البلدي، ملقياً بالمسؤولية على «القرار السياسي».

غير أن كل المؤشرات كانت تشير إلى انعدام هذه الجهوزية، وعدم قيامه بأي من الإجراءات الواجب اتباعها. فباستثناء دعوة الهيئات الناخبة وتوزيع أقلام الاقتراع في المحافظات والأقضية التي أنجزت قبل 2 نيسان الماضي (أي قبيل إحالة مدير عام الأحوال الشخصية الياس الخوري إلى التقاعد)، لم ينجز مولوي أيّاً من الإجراءات البديهية الأخرى. إذ كان، مثلاً، يفترض قبل دعوة الهيئات الناخبة تأمين سلف مالية للمحافظين والقائمقامين ليتحضروا لقبول طلبات الترشيح، فيما اكتفى الوزير بإعداد المراسلات للاستحصال على السلف من دون أن يرسلها إلى وزارة الداخلية، ولم تطبع الداخلية لوائح الشطب أو تراسل الوزارات لإبلاغ رؤساء الأقلام بمكان مباشرة عملهم ومواعيدها.

كذلك لم يزود المولوي المحافظين بتعليمات حول العملية الانتخابية، ولم يأتِ مجلس الأمن المركزي في الاجتماعات الثلاثة الأخيرة التي عقدها برئاسة وزير الداخلية على ذكر الانتخابات.
وأدّى إلى اقتصار الترشيحات على ثلاثة فقط في جبل لبنان قبل 3 أيام من تاريخ إقفال باب الترشيحات، فيما لم يُسجّل للأحزاب والقوى المعارضة للتمديد أي نشاط انتخابي ولا ترشيح مناصرين لها، ما يشير إلى أن مزاعم معارضة التمديد ليست سوى كلام شعبوي.

إلى ذلك، صوّت المجلس على قانون معجل مكرر يرمي إلى تحديد القانون الواجب التطبيق على المتطوعين المثبتين في الدفاع المدني باعتبارهم موظفين في الملاك الإداري العام، ما يسمح باستفادتهم من الرواتب والتعويضات والمنافع الاجتماعية، خصوصاً أنهم لم يتقاضوا رواتب منذ 8 أشهر.
وصوّت المجلس على القانون من دون نقاش بعد تعديل اقترحه النائب جميل السيد بإلغاء كلمتي «فرد» و«رتيب» من الفقرة الأولى والوحيدة.

حركة فرنسية باهتة في الوقت الضائع أميركياً

قد يستغرق الأمر وقتاً للاقتناع بأن الحراك الفرنسي في المنطقة ولبنان لن يقدّم أو يؤخّر، ولا سيما في الوقت الضائع أميركياً مع تعليق الولايات المتحدة اسراتيجيتها في المنطقة قبل انتخاباتها الرئاسية

الفارق بين جولتي وزيري الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (والتطبيع السعودي مع إسرائيل جزء أساسي فيها) والفرنسي ستيفان سيجورنيه في المنطقة، هو أن الغلبة لبلد الأول كطرف مؤثّر في مستقبل الاقليم بعد 7 تشرين الأول، وبإحاطته برؤية ما بعد الحرب في ما يتعلق بلبنان.زيارة الوزير المكلف بتنفيذ توجيهات رئيسه ايمانويل ماكرون بعيداً عن تأثيرات الدولة العميقة في الخارجية الفرنسية، تأتي بعد أيام قليلة على لقاء جمع ماكرون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في الاليزيه، ما يعني أنها، حتى في الشكل، لا ينتظر أن تحمل جديداً. وفي وقت كثرت التكهنات باحتمال عودة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، وهو الأمر الذي لم يكن متوقعاً بروتوكولياً على الأقل بعد الحراك الأخير لممثلي اللجنة الخماسية في بيروت، غاب كل كلام عن اجتماع لأعضاء الخماسية بعد التحولات التي شهدتها المنطقة منذ الرد الإيراني على قصف إسرائيل للقنصلية الايرانية في دمشق.

هناك موعدان فاصلان بالنسبة إلى الدبلوماسية الأميركية العاملة في المنطقة: عملية حماس والرد الإيراني. ولكليهما انعكاس مباشر على السياسة الأميركية في المنطقة ولبنان. ورغم أن واشنطن حاضرة بقوة في المنطقة التي لا ينفك بلينكن عن زيارة دولها (باستثناء لبنان بطبيعة الحال)، إلا أن الواقعية تقضي بعدم توقع استراتيجيات طويلة الأمد، في مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية. إذ لن تغامر أي دولة عربية أو إقليمية بالتماهي مع خريطة طريق أميركية موسّعة ومستقبلية للمنطقة، قبل أشهر قليلة من حسم هوية الرئيس المقبل، وقبل تمكّن الإدارة الجديدة من رسم معالم سياستها الخارجية.

علماً أن ما يميز الانتخابات، هذه المرة، أن سياستي كلا المرشحين الرئيسيين، جو بايدن ودونالد ترامب، معروفة سلفاً، بعدما أمضى كلاهما ولاية رئاسية في البيت الأبيض، ولكل منهما استراتيجيته تجاه إسرائيل أو الدول العربية التي تتريّث في إظهار ما سبق أن حسمته ولا سيما في ملف التطبيع. لذا، في هذا الوقت الضائع ينحصر الكلام بتسويات ظرفية لا تتعدى حل مشكلات قائمة من دون توقعات كبيرة في ما يتعلق بالقضايا المصيرية.

الحركة الفرنسية مجرد إطار دبلوماسي لا يقدّم ولا يؤخّر في انتظار نتائج الانتخابات الاميركية

والأمر نفسه ينطبق على أوروبا وعلاقتها بالانتخابات الأميركية. إذ إن لترامب حسابات مختلفة معها، وهو سبق أن ارتدّ عليها حين أصبح رئيساً لوقوف الأورووبيين وراء المرشحة هيلاري كلينتون ومعارضتهم عناوين برنامجه الانتخابي، والأمر نفسه سيتكرر في حال نجاحه.

من هنا، واستباقاً لدخول واشنطن في معركة الرئاسة، مع ما سيترتب على ذلك من تجميد لملفات المنطقة، تحاول دول أوروبية، في الأشهر القليلة الفاصلة عن الانتخابات، الحلول محل واشنطن برسم سياسة جديدة أو تقديم حلول ولو مجتزأة، تارة تحت ستار إنساني وأخرى تحت ستار أمن المنطقة وأوروبا وعدم توسيع رقعة الحرب.

لكن رغم الضغط الأوروبي، ومحاولة فرنسا للحضور بقوة في الحراك الإقليمي، يستمر وهج هذه السياسة خافتاً. فدول المنطقة أساساً تعوّل على الدور الأميركي دون سواه، إن لجهة حرب غزة أو تحديد أطر الحرب والسلم والتدخل لإنهاء الحرب، حيث لها الكلمة الفصل على إيقاع الضغطين الإسرائيلي والإيراني.

كما أن تل أبيب وطهران تتعاملان مع فرنسا من منظار آنيّ لا استراتيجي، ما يترك السنياريوهات الأوروبية معلّقة. والأمر نفسه بالنسبة إلى لبنان، حيث تتواصل المحاولات الفرنسية للبقاء على خط الوساطة بين إسرائيل وحزب الله، من دون أي ملامح نجاح فعلي. في المقابل، يصرّ الأميركيون على تظهير موقفهم بوضع حدّ معين لتحرك فرنسا.
لذلك لا يعود مجدياً الكلام عن ورقة فرنسية، مختصرة أو موسّعة، أو توقّع نجاحها، مهما كانت علاقة فرنسا قوية مع حزب الله وإيران.

علماً أن الطرفين اللذين يحرصان على إبقاء خطوط التواصل معها قائمة، يدركان أن واشنطن هي صاحبة الاختصاص في حسم أي ترتيبات معهما في ما يتعلق بلبنان، وهي باتت اليوم أكثر حضوراً فيه من المرحلة السابقة.

لذا مرة أخرى تصبح الحركة الفرنسية مجرد إطار دبلوماسي لا يقدّم ولا يؤخّر. تماماً كما الحال التي وصلت إليها مبادرات فرنسا الرئاسية المتتالية.

اللواء

طي صفحة البلديات يفتح صفحة المفاوضات الساخنة حول الجنوب بعد رفح

عودة التجاذب بين سليم وعون.. ورسالة تقارب من حزب الله إلى جنبلاط

على طريقة لم يكن بالإمكان أفضل مما كان، وأن لا خيار عملي، سوى ما فعله المجلس النيابي بالتصويت على اقتراح قانون يقضي بالتمديد للمجالس والاختياري الى 31 ايار 2025، او اجراء الانتخابات عندما تسمح الظروف بذلك.

وحسبما اكد مصدر نيابي غير معارض لـ «اللواء» فإن ما صدق عليه المجلس انهى مشكلة كانت مائلة للتفاقم، ولم يكن ثمة حل افضل مما جرى، برأي غالبية النواب، ومنهم من لم يكن مؤيداً للتمديد، علماً أن وزير الداخلية بسام المولوي أكد ل “اللواء” إنجاز وزارته كل الإجراءات اللازمة لإجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في أيار المقبل.

في المقلب الدبلوماسي والعسكري جنوباً، اتجهت الانظار الي المفاوضات الساخنة حول اعادة ملف تبادل الاسرى بين اسرائيل وحماس، في ضوء وضع ملف رفح على الطاولة، والانشداد الجاري باتجاه ما يتعين فعله، سواء حصلت عملية رفح ام لم تحصل.

ويستعد الجانب اللبناني لتقديم الرد اللازم على الورقة الفرنسية التي سيحملها معه الى المنطقة وبيروت وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه.

حكومياً، يعقد مجلس الوزراء جلسة عند الرابعة من بعد ظهر اليوم. اضيف الى جدول اعمالها بند التمديد للبلديات، ومن المتوقع ان يتطرق البحث الى توصيات اللقاء التشاوري الذي عقد في السراي حول النزوح السوري.

الجلسة

نيابياً، وعلى وقع المقاطعة النيابية لكتل الجمهورية القوية والكتائب وتجدد وبعض المستقلين، ومع استمرار الشغور الرئاسي وانقسام النواب سياسيا على مبدأ المشاركة من عدمها، عقد مجلس النواب الجلسة التشريعية والمخصصة لدرس الاقتراح المعجل المكرر الرامي الى تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية حتى تاريخ اقصاه 31 – 5 ايار – 2025 المقدم من النائب جهاد الصمد, وإقتراح قانون معجل مكرر يرمي الى تحديد القانون الواجب التطبيق على المتطوعين المثبتين في الدفاع المدني سنداً لإحكام القانون رقم 2014 على 289 والقانون 2017 على 59 المقدم من النواب جهاد الصمد، علي حسن خليل، ابراهيم كنعان، امين شري، طوني فرنجيه وحسن مراد. وقد تم اقرارهما بغالبية النواب الحاضرين.
وفيما امتنع نواب كتلتي الاعتدال الوطني ولبنان الجديد عن التصويت وإن امنوا النصاب القانوني تحت عنوان عدم تعطيل الجلسات، انقسم النواب التغييريون بين من حضر الجلسة ثم انسحب كالنواب نجاة صليبا، بولا يعقوبيان، ياسين ياسين، ابراهيم منيمنة، فراس حمدان وملحم خلف، معتبرين أنها غير دستورية، او من بقي داخل الجلسة معترضاً من الداخل على التمديد، كالنائبتين سينتيا زرازير وحليمة قعقور.

وصوت نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ضد قانون التمديد بشكله الحالي انسجاما مع ما قدمه من اقتراح العام الماضي لتمديد تقني فقط لثلاثة اشهر. وجميل السيد وجان طالوزيان ضد قانون التمديد.

اما نواب «التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة» والمردة والوفاق الوطني ومستقلين فقد ساهموا في تأمين تمرير التمديد، وفي المحصلة جاء التصديق على القانون كما هو بدون اي تعديلات بأكثرية الحضور، وليس بالتصويت او بالمناداة، بنصاب 72 نائبا.

وكان تخلل الجلسة عدة طروحات لتعديل اقتراح التمديد تسابق النواب على تقديمها، تتمحور حول عودة المجالس البلدية المستقيلة عن استقالتها او المجالس المنحلة عودة المستقيلين وانتخاب رئيس بقرار من وزير الداخلية، تقدم بها النائب علي حسن خليل، بالإضافة الى اقتراحات حول تمديد تقني لنهاية ايلول تقدم به النائب هادي ابو الحسن، في حين اقترح النائب جميل السيد وضع الكرة في ملعب الحكومة لجهة تمديد اقصاه 2025 على ان تجري الحكومة الانتخابات عندما تكون الظروف الامنية مناسبة او عند انتهاء الحرب، او اقرار الرسوم التاجيرية ورسوم على النفايات لتأمين التمويل، وسقطت جميعها وبقي الاقتراح على حاله، في حين اعترض النائب فضل الله على اي من التعديلات لان وضع الرسوم يحتاج الى تريث ومناقشته في اللجان.

ولم تغب عن الجلسة عناوين عدة في السياسة، حول تشريع الضرورة الذي تذرع به النائب باسيل ونواب آخرون، فكان تأكيد المؤكد من قبل الرئيس بري بالقول:«المجلس سيد نفسه ويحق له التشريع في كل الحالات والاوقات، اما من غمز من قناة حصر جدول الاعمال وعدم ادراج اقتراحات مهمة اخرى، فكان رد رئيس المجلس «ما عم يخلونا نشرع»، وتقصد البعض وضع كرة التقصير في التمديد الثالث على الحكومة ورفض تحميل المجلس المسؤولية، لان الجهوزية غير مؤمنة حكوميا لاجراء الانتخابات وإن دعا اليها وزير الداخلية، اما الجنوب فكان العنوان الجامع بين الجميع، المعارض او المؤيد، وان من وجهة نظر مختلفة، بين من يرفض الفصل بين الجنوب وبقية المناطق، ومن يريد تقسيم الانتخابات لتامين انتظام العمل المؤسساتي، والاهم اجراء الانتخابات الرئاسية لحل كل هذه المعضلات.

وسجل نواب التيار الوطني الحر عتباً لجهة عدم الأخذ بتعديلات على اقتراح القانون الذي قضى بالتمديد، من زاوية تفعيل العمل البلدي في مرحلة التمديد.

وبعد الجلسة، قال رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل من مجلس النواب: «كنا أمام خيارين إما الفراغ وإما الذهاب إلى انتخابات لن تحصل».

أضاف: «لا نستطيع أن نحمِّل وزير الداخلية المسؤولية كاملة لانه يعتبر أن لا جو سياسيًا في البلد يسمح بإجراء الانتخابات».

تابع:«تأكدنا أنه على المستوى المالي لم تصرف السلف وعلى الصعيد اللوجستي لم توزع لوائح الشطب ولم يجهز أي عمل مركزي لإنجاز الانتخابات». وختم :«كنّا ذاهبين إلى الفراغ وأي كلام عكس ذلك يعني التهرب من المسؤولية».

لكن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع اعتبر أن «ما حصل طعنة من جديد يوجهها محور الممانعة و«التيار الوطني الحر» للديموقراطية في لبنان، ولحقّ الناس في اختيار ممثليهم، ولقيام المؤسسات العامة وحسن سير العمل في هذه المؤسسا». وكتب عبر منصة «إكس»: «إن الحجة الواهية التي ساقها هؤلاء لإقرار التمديد الثالث للمجالس البلدية والاختيارية لا تستقيم، فقد تحججوا بوجود عمليات عسكرية في بعض مناطق الجنوب من أجل تأجيلها في لبنان كله، فيما وزارة التربية أقرّت الامتحانات في لبنان كله واستثنت المناطق التي تشهد عمليات عسكرية، وهذا الاستثناء ليس جديدا، وأبلغ دليل ما حصل في الانتخابات نفسها في العام 1998 لجهة استثناء الجنوب وبعض القرى التي لم تحصل العودة فيها».

وقال وزير الدخلية القاضي بسام مولوي لـ«اللواء»، أن وزارته أعدت كل الترتيبات اللازمة لإجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في موعدها في أيار المقبل، ولكن التوافق بين الأفرقاء السياسيين أدى إلى تأجيل هذه الإنتخابات، بسبب الأوضاع الأمنية في الجنوب، وتداعياتها على الوضع العام في البلد.

ولفت الوزير مولوي ل»اللــواء» إنه في الوقت الذي أنهت وزارة الداخلية كل الإجراءات المطلوبة، بما فيها حجز مبلغ مئة مليار ليرة في الموازنة، لتأمين النفقات الإنتخابية المختلفة، فإن أياً من الأطراف السياسية، خاصة المؤيدين لإجراءات الإنتخابات في موعدها والمعارضين للتمديد، لم يُبادر إلى تقديم طلبات ترشيح لمرشحيهم للإنتخابات البلدية أو الإختيارية في مختلف المحافظات، ولم يصل إلى الدوائر المعنية في الداخلية، سوى ثلاثة طلبات ترشيح فقط في دائرة الضبية، في محافظة جبل لبنان.

وسجل مراقبون عدم تقدم احد للترشح في قضاء الكورة، حسب النائب أديب عبد المسيح، اما في جبل لبنان، فاقتصرت الترشيحات على ثلاثة فقط.

جولة كتلة الاعتدال

وسط ذلك، جالت كتلة الاعتدال الوطني على الرئيس نبيه بري في مكتبه في مجلس النواب بعد انتهاء الجلسة التشريعية حيث جرى عرض للاوضاع العامة والمستجدات السياسية لا سيما الملف الرئاسي، الكتلة وضعت رئيس المجلس في اجواء اللقاءات التي اجرتها مع الكتل النيابية في اطار مبادرتها حول ملف رئاسة الجمهورية.

وبعد اللقاء، تحدث الخير مشيرا الى ان «الكتلة وضعت رئيس المجلس في اجواء اللقاءات مع الكتلة النيابية حول مبادرة كتلة الاعتدال في موضوع الملف الرئاسي وهي مبادرة تقوم على ١٠ نقاط تم تذليل ثماني نقاط فيما بقي هناك نقطتان عالقتان نسعى نحن والرئيس بري الى تذليلهما هما شكل الحوار والدعوة التي ستوجه من الامانة العامة ومن يترأس الحوار.

وكانت الكتلة زارت رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في السرايا، وضمت النواب :أحمد الخير ووليد البعريني ومحمد سليمان وسجيع عطية وعبد العزيز الصمد وأحمد رستم.

بعد الاجتماع، تحدث باسم الكتلة النائب سجيع عطية فقال:«تناول الاجتماع مواضيع عدة. ووضعنا دولته في أجواء المبادرة ونتائج جولاتنا وكان داعما ومشجعا وأكد أهمية المتابعة بها بزخم لأنها مسؤولية وطنية، ولا يزال «الاعتدال» حاضرا في كل امكاناته، ولامسنا كل العقد الموجودة وسيساعدنا دولته بالتعاون مع الرئيس نبيه بري ومع باقي الاقطاب».

وفد حزب الله في كليمنصو

وفي زيارة لافتة، زار وفد من حزب الله مساء الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو وضم كُلًّا من المعاون السياسي لأمين عام حزب الله حسين الخليل ومسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق وفيق صفا، بحضور النائبين وائل أبو فاعور وهادي أبو الحسن. وقد جرى خلال اللقاء البحث في آخر المستجدات السياسية المحلية والإقليمية، لا سيما التطورات الميدانية في الجنوب واستمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان كما تم البحث في أزمة النزوح السوري وكيفية الوصول إلى موقف لبناني موحد من هذه الأزمة، وكانت مناسبة لإطلاع وفد الحزب على الورقة التي أعدّها الحزب التقدمي الإشتراكي بهذا الخصوص والتي تتضمن أفكاراً عملية محددة ستعرض على مختلف القوى السياسية اعتباراً من الأسبوع المقبل.

التجاذب بين سليم وعون

وفي سياق التجاذب بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزاف عون بعد امتناع سليم عن ارسال الكتاب المتعلق بالاستراتيجية البحرية والممول اوروبيا (7 ملايين يورو) الى المجلس الوزراء، بعث العماد عون بالكتاب الى المجلس لحفظ حق الجيش بالسبعة ملايين يورو.

الوضع الميداني

ميدانياً، توسع القصف الاسرائيلي من الجنوب باتجاه البقاع. وفي التفاصيل، استهدفت غارة اسرائيلية من طائرة مسيّرة صباح أمس، شاحنة لنقل المحروقات في سهل بلدة دورس قرب بعلبك، ما أدى إلى إصابة السائق بجروح، وإلحاق أضرار بالشاحنة والصهريج، فيما سقط الصاروخ في ساتر ترابي بمحاذاة الطريق.

كما قصفت مدفعية العدو بشكل متقطع اطراف بلدات الناقورة وعلما الشعب وطيرحرفا والضهيرة. كما شن الطيران  الحربي غارة استهدفت المنطقة الواقعة ما  بين بلدتي علما الشعب والناقورة. ونفذ الطيران ايضا غارة على حي الحميض شرق بلدة علما الشعب، واستهدف منزل عبدالله فرح  ودمره بالكامل. وقد تسببت الغارة بوقوع أضرار جسيمة في الحي حيث هرعت سيارات الإسعاف والدفاع المدني إلى المكان المستهدف لرفع الأنقاض.

واعلن حزب الله استهداف جنود العدو في موقع الضهيرة، كما استهدفت المقاومة الاسلامية موقع ‏رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابوه إصابة مباشرة.‏

البناء:

الفاشية الصهيونية عابرة للحزبين في أميركا والجامعات تواجه توحشاً مثل غزة

نتنياهو يقرّر السير بالتوازي بخطة معركة رفح دون توقيت وعرض تفاوضي جديد

بكين لحوار فلسطيني… واليمن يجدّد تهديده بالمحيط الهندي ويستهدف أمّ الرشراش

 كتب المحرر السياسي

تبدو الساحة الأميركية ميدان تحوّلات وتغييرات، على وقع حرب غزة من جهة وتطورات المواجهة غير المطمئنة مع روسيا والصين من جهة مقابلة، بحيث تظهر وحدة النخب الحاكمة في الحزبين من خارج السياق التنافسي الانتخابي الذي كان يقسم الأميركيين الى صفين متقابلين قبل أسابيع، وظهرت ملامح صعود فاشية متوحّشة في التعامل مع الحركة الطلابية تجمع قيادات الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وتموّل حروب الهيمنة الأميركية بقانون يلقى إجماع نواب الحزبين، يخصص مئة مليار دولار لكلّ من تايوان وأوكرانيا وكيان الاحتلال، وظهور هذه الفاشية الصهيونية العبارة للحزبين، لا يمنع أنّ الصراعات التي تقسم المجتمع الأميركي على أساس عنصري وعرقي، وكذلك التنافس الانتخابي سوف تختفي، لكن الواضح انّ هناك مسعى لضبطها تحت سقف وحدة على ثوابت مشروع الهيمنة، وتحييد مقتضيات هذا المشروع الفاشي من دوائر التنافس والانقسام.

رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو كمستفيد من هذا الصعود الفاشي في أميركا مثله مثل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بدأ يعيد ترتيب أوراقه على أساس هذا المتغيّر، وبالأمس كان على نتنياهو أن يأخذ بحسابه وجود شارع ضاغط في ملف الأسرى بعد الفيديو المسجل لأحد الأسرى لدى المقاومة في غزة والذي ترك تداعيات كبيرة وتفاعلات واسعة في الرأي العام داخل الكيان، وفي المقابل ان يستثمر على المناخ الأميركي الجديد، ولذلك بادر إلى جمع مجلس الحرب لبحث العنوانين معاً، معركة رفح وصفقة تبادل الأسرى، وانتهى الاجتماع بعرض تفاوضي يعدّل بعض الشروط بمحاولة للإيحاء بالإيجابية لكنه لا يتحدث عن نهاية الحرب ولا عن فك الحصار، ووفقاً للقناة 13 فإنّ العرض الجديد يقدّم بعض التسهيلات تجاه سحب قوات الاحتلال من منطقة نتساريم وسط الكيان وشروط عودة النازحين الى شمال غزة، بينما قالت وسائل الإعلام في الكيان أنّ مجلس الحرب أقرّ خطة معركة رفح لكنه لم يحدّد لها توقيتاً.

في المشهد الاقليمي أيضاً صعّد اليمن استهدافاته للسفن الأميركية و»الإسرائيلية» وقصف ميناء أمّ الرشراش (إيلات) بالطائرات المُسيّرة، بينما قال وزير خارجية الصين إنّ الأزمة في البحر الأحمر هي جزء من انعكاسات الحرب على غزة فيما وجّهت بكين الدعوة للفصائل الفلسطينية إلى حوار شامل في بكين.

وتوزع المشهد الداخلي بين الجبهة الجنوبية التي تزداد سخونة على وقع التهديدات الخارجية بمزيد من التصعيد الإسرائيلي ضد لبنان، وبين ساحة النجمة التي شهدت جلسة نيابية للمجلس النيابي أقرّت قانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية لعام واحد، وما بينهما ملف النازحين السوريين الذي بات يشكل تهديداً للأمن والاقتصاد اللبناني في ظل استمرار القوى الغربية على سياساتها بعرقلة مساعي إعادة النازحين الى سورية والسعي لتوطينهم في لبنان تحت دواعٍ وعناوين متعددة كدمجهم في الاقتصاد والمجتمع اللبناني.

ميدانياً، وسّع العدو الإسرائيلي عدوانه من الجنوب باتجاه البقاع مجدداً، حيث استهدفت غارة إسرائيلية من طائرة مسيّرة شاحنة لنقل المحروقات في سهل بلدة دورس قرب بعلبك، ما أدى إلى إصابة السائق بجروح، وإلحاق أضرار بالشاحنة والصهريج، فيما سقط الصاروخ في ساتر ترابي بمحاذاة الطريق. أما في الجنوب فسجل قصف مدفعي متقطع على أطراف بلدات الناقورة وعلما الشعب وطيرحرفا والضهيرة. كما شن الطيران الحربي غارة استهدفت المنطقة الواقعة ما بين بلدتي علما الشعب والناقورة. ونفذ الطيران أيضاً غارة على حي الحميض شرق بلدة علما الشعب واستهدف منزل عبدالله فرح ودمر بالكامل. وقد تسببت الغارة بوقوع أضرار جسيمة في الحي وهرعت سيارات الإسعاف والدفاع المدني إلى المكان المستهدف لرفع الأنقاض.

ونجا عدد من عناصر فرق الاطفاء وفوج إطفاء اتحاد بلديات بنت جبيل بعد استهدافهم من قبل مدفعية جيش الاحتلال خلال عملهم على إطفاء النيران التي اشعلها العدو في حرج يارون نتيجة استخدامه قذائف فوسفورية وضوئية، متعمداً إحراق الحرش، كما اطلق عدة قدائف مدفعية لترهيب عناصر الإطفاء من ممارسة مهامهم في إطفاء الحريق.

في المقابل، واصل حزب الله تنفيذ العمليات النوعية ضد مواقع جيش العدو وتجمعاته، وشن هجوماً جوياً بمسيرة انقضاضية على مقر عين مرغليوت للمدفعية وأصابت ‏هدفها، كما قصفت ‏انتشاراً لجنود العدو الإسرائيلي في محيط موقع الضهيرة، وثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية.

ويرى خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية أن الوضع الميداني في الجنوب يتجه نحو مزيد من التصعيد، مع تعميق المأزق الذي يواجه حكومة الحرب في «إسرائيل» أكان في غزة أو في الضفة أو على الجبهة الشمالية مع لبنان، حيث إن حزب الله منع الجيش الإسرائيلي من تغيير قواعد الاشتباك وكسر معادلة الردع وتحويل جبهة الجنوب الى ساحة لتسجيل انتصارات ميدانية إعلامية ومعنوية ولترميم جبهة الردع الإسرائيلية، بل حافظ حزب الله على قواعد اشتباك معينة تتحرك وفق التطورات العسكرية ودينامية الميدان، وحمى قوة الردع التي تمثلها المقاومة، واستمر بإسناد غزة وتشتيت فرق وأولوية الجيش الإسرائيلي وجره الى حرب استنزاف طويلة تشكل ضغطاً كبيراً على الجيش والجبهة الداخلية في الكيان الاسرائيلي».

ويشير الخبراء لـ»البناء» الى أنه وعلى الرغم من مضي 7 أشهر على الحرب، إلا أن سياق عمليات حزب الله تصاعدي، إذ استطاع الحزب خلق مسار تصاعدي في عملياته النوعية الردعية والتحذيرية، من خلال استخدام أسلحة وتنقيات جديدة ومتنوعة، من زرع عبوات على الحدود وتفجيرها بدوريات اسرائيلية، ومسيرات انقضاضية، وصواريخ بركان، وضرب القبب الحديدية واستهداف قواعد عسكرية واستخبارية استراتيجية، وصولاً الى اسقاط مسيرات متطورة مثل هرمز 450، ما يعني أن حزب الله يملك صواريخ وتقنيات متطورة لمواجهة المسيرات والطائرات الإسرائيلية، وبالتالي إفقاد جيش الإحتلال التفوق وحرية الحركة في الجو، ما يشكل مرحلة جديدة في المواجهة الجوية بين المقاومة و»إسرائيل» وبالتالي تحولاً في معادلة الردع وميزان القوى. ولاحظ الخبراء أن حزب الله يستخدم تكتيك التعامل بالمثل، فهو يوسع النطاق الجغرافي لضرباته بقدر ما يوسع جيش الإحتلال الإسرائيلي عدوانه على لبنان، لذلك قصف صفد وعكا وربما يصل الى أهداف أكثر عمقاً اي الى حيفا.

ولفت مصدر معني لـ»البناء» إلى أن لبنان أبدى تحفظه على المقترح الفرنسي لجهة الطلب من حزب الله وقف العمليات العسكرية مقابل وقف «إسرائيل» عدوانها على لبنان، على أن يصار الى تأجيل البحث في الملف الحدودي الى ما بعد الحرب في غزة، لا سيما الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي المحتلة وخصوصاً من النقاط الـ13 والغجر ومزارع شبعا، بموازاة رفض حزب الله وقف العمليات وتهدئة الجبهة قبل توقف العدوان على غزة.

وفي سياق ذلك، أشار رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النّائب محمد رعد خلال احتفال تأبيني، الى أنّ «المواجهة تاريخيّة، لذلك النّصر في هذه المواجهة سيكون نصرًا استراتيجيًّا عظيمًا، وسيترك آثاره على كلّ حياة ومعادلات المنطقة، وستهوي دول وتتساقط أنظمة بعد هذه الحرب»، مركّزًا على أنّ «الكيان الصهيوني يعرف أنه لم يعُد قادراً على خوض حربٍ ضدّ مقاومةٍ في هذه المنطقة، وهو يحاول أن يُظهر بعض أنفاسه وعضلاته». وقال: «لذلك عندما يضيق ذرعاً بضغوط المقاومة يستهدف سيارة في عدلون، أو موقعاً خارج مناطق الاشتباك، ولكن يجد أن المقاومة عندما تُستهدف في عدلون تستهدفه في عكا، وحين يوسّع دائرة الاشتباك تكون له المقاومة بالمرصاد؛ لا تنسحب من أمامه ولا تنهزم أمام تمدد عدوانه إنما تتصدى بكلّ شجاعة».

وشدّد رعد على أنّ «على المستوى الاستراتيجي انتهت هذه الحرب، والإسرائيلي يُعلن فشله يوماً تلو الآخر، وعندما يستقيل في وسط الحرب رئيس استخبارات عسكرية للعدو، هذا يعني أنّ العدوّ قد هُزم، وعندما يتظاهر الإسرائيليون لأنهم لم يجدوا بعد أيّ أسير قد تحرر من بين أيدي المقاومين، هذا يعني أنّ العدوّ قد فشل في تحقيق الأهداف التي أطلقها ليشنّ عدوانه على غزة». وتابع: «دفعنا تضحيات من أجل أن نصل إلى هذه النتيجة التي فيها الفشل الذريع للعدو عن تحقيق أهدافه، لكننا كما نألم يألم عدوّنا ونحن نعرف ماذا نريد وكيف نواجه، والعدو يتخبّط في عدوانه ولا يعرف كيف يخرج من المأزق ووحل الفشل الذي أوقع نفسه فيه».

وشدد رعد على أنّ «خيارنا المقاوم هو الخيار الذي يحفظ بلدنا وعزّتنا، وهو الذي يمنع العدوّ على مدى أجيال ومسافات زمنية طويلة من أن يستسهل العدوان على بلدنا، لأنه سيلقى الردّ القويّ الذي يُفشل عدوانه ويُحبِط آماله ويدفعه إلى الانكفاء والتقوقع وانهيار كيانه إن شاء الله».

على المستوى الرسمي، استقبل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي سفير فرنسا لدى لبنان هيرفيه ماغرو، وتم البحث في التحضيرات لزيارة وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه الى لبنان والمحادثات التي سيجريها مع رئيس الحكومة الأحد المقبل، كما تم البحث في الاقتراحات الفرنسية لمعالجة الوضع في جنوب لبنان والملف الرئاسي.

سياسياً، استقبل الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في كليمنصو، وفداً من «حزب الله» ضم كلاً من المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل ومسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق وفيق صفا، بحضور النائبين وائل أبو فاعور وهادي أبو الحسن.

وتم البحث خلال اللقاء، في «آخر المستجدات السياسية المحلية والإقليمية، لا سيما التطورات الميدانية في الجنوب واستمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان». كما تم البحث في «أزمة النزوح السوري وكيفية الوصول إلى موقف لبناني موحد من هذه الأزمة». وكانت مناسبة لإطلاع وفد الحزب على «الورقة التي أعدّها الحزب التقدمي الاشتراكي في هذا الخصوص وتتضمن أفكاراً عملية محددة ستعرض على مختلف القوى السياسية، اعتباراً من الأسبوع المقبل».

على صعيد آخر، عقد مجلس النواب جلسة عامة تشريعية برئاسة رئيس المجلس نبيه بري خصصت لدراسة اقتراحي القانونين المعجلين المكررين – اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025 المقدم من النائب جهاد الصمد.- اقتراح قانون معجل مكرر يرمي الى تحديد القانون الواجب التطبيق على المتطوعين المثبتين في الدفاع المدني سنداً لإحكام القانون رقم 2014 على 289 والقانون 2017 على 59 المقدم من النواب جهاد الصمد، علي حسن خليل، ابراهيم كنعان، امين شري، طوني فرنجيه وحسن مراد.

وقد تم إقرارهما بغالبية النواب الحاضرين.

وأعلن النواب نجاة صليبا، بولا يعقوبيان، ياسين ياسين، ابراهيم منيمنة، فراس حمدان وملحم خلف، انسحابهم من الجلسة التشريعية، معتبرين أنها غير دستورية. وصوّت نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ضد قانون التمديد بشكله الحالي انسجاماً مع ما قدمه من اقتراح العام الماضي لتمديد تقني فقط لثلاثة أشهر. كما صوّتت النائبة سينتيا زرازير والنائبة حليمة قعقور وتكتل «لبنان الجديد» وجميل السيد ضد قانون التمديد. أما تكتل الاعتدال فامتنع عن التصويت على قانون التمديد.

وقال رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل من مجلس النواب: «كنا أمام خيارين إما الفراغ وإما الذهاب إلى انتخابات لن تحصل». أضاف «لا نستطيع أن نحمل وزير الداخلية المسؤولية كاملة لأنه يعتبر أن لا جو سياسيًا في البلد يسمح بإجراء الانتخابات». تابع: «تأكدنا أنه على المستوى المالي لم تصرف السلف وعلى الصعيد اللوجستي لم توزع لوائح الشطب ولم يجهز أي عمل مركزي لإنجاز الانتخابات». وختم: «كنّا ذاهبين إلى الفراغ وأي كلام عكس ذلك يعني التهرب من المسؤولية». في المقابل اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن «طعنة من جديد يوجهها محور الممانعة و»التيار الوطني الحر» للديموقراطية في لبنان، ولحقّ الناس في اختيار ممثليهم، ولقيام المؤسسات العامة وحسن سير العمل في هذه المؤسسات».

وإثر الجلسة التي أقرت القانونين، أعلن الامين لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية اضافة بند جديد الى جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد عصر اليوم، في السرايا الحكومية، يرمي الى اصدار القانونين اللذين أقرهما مجلس النواب في جلسته التشريعية، وذلك وكالة عن رئيس الجمهورية.

رئاسياً، استقبل الرئيس بري في مكتبه في مجلس النواب بعد انتهاء الجلسة التشريعية كتلة الاعتدال الوطني، حيث جرى عرض للاوضاع العامة والمستجدات السياسية لا سيما الملف الرئاسي. الكتلة وضعت رئيس المجلس في اجواء اللقاءات التي اجرتها مع الكتل النيابية في اطار مبادرتها حول ملف رئاسة الجمهورية. وبعد اللقاء، أشار النائب أحمد الخير الى ان «الكتلة وضعت رئيس المجلس في اجواء اللقاءات مع الكتلة النيابية حول مبادرة كتلة الاعتدال في موضوع الملف الرئاسي وهي مبادرة تقوم على ١٠ نقاط تم تذليل ثماني نقاط فيما بقيت نقطتان عالقتان نسعى نحن والرئيس بري الى تذليلهما».

ولفتت مصادر نيابية لـ»البناء» الى أن الملف الرئاسي يشهد محاولة جدية لصناعة تسوية محلية لانتخاب الرئيس، وتتمحور جهود كتلة الاعتدال المنسقة مع اللجنة الخماسية وبالتشاور مع الرئيس بري على إيجاد قواسم مشتركة بين الكتل النيابية تمهيداً للاتفاق على خريطة طريق لإنهاء الفراغ الرئاسي، وذلك بإجراء حوار أو نقاش نيابي موسع، والاتفاق على 3 أسماء أو اسم واحد والدعوة الى جلسة للانتخاب لانتخاب أحد المرشحين، مع تعهد الجميع بالحضور وتأمين النصاب وعدم تطيير الجلسة، وأما إذا لم يتم التوصل الى مرشحين توافقيين، يصار الى عقد جلسات مفتوحة حتى انتخاب الرئيس. لكن المصادر استبعدت نجاح هذه المساعي بالمدى المنظور، لكن بذل المساعي والحوار أفضل من الجمود والمراوحة واللاحوار، لكن الظروف الداخلية والإقليمية والدولية غير مؤاتية لانتخاب الرئيس، لا سيما الأوضاع الخطيرة في الجنوب وغزة والمنطقة التي ترخي بتداعياتها على لبنان، مع ارتباط الملف الرئاسي بالجبهة الجنوبية المرتبطة بدورها بتطورات الوضع في غزة، على الرغم من المحاولات الداخلية والفرنسية لفصل الملفات.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى