العظمة في الظل
“لم يسبق لي قراءة الكثير عن الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، فكنت أعتبره مثل أي رئيس آخر. ولكن بعد وفاته وعدة مقابلات، أصبح واضحًا أن رئيسي كان شخصية فريدة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وُلد السيد الرئيس رئيسي (رحمه الله)في 14 ديسمبر 1960 في مشهد، وكان معروفًا بتوجهاته المحافظة وقربه من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية،السيد “علي خامنئي”(حفظه الله). شغل عدة مناصب مهمة في السلطة القضائية الإيرانية، وتولى رئاسة السلطة القضائية من 2019 إلى 2021، بالإضافة إلى عضويته في مجلس الخبراء.
رئيسي لم يكن يترأس بلده فقط، بل كان يترأس نفسه أيضًا، محملاً قيمه ومبادئه بثبات. تخرّج من الحوزة العلمية في قم وحصل على درجة الدكتوراه في الفقه والقانون الإسلامي. كان له توجهات اقتصادية تدعو إلى تعزيز الاقتصاد المحلي وتقليل الاعتماد على الخارج.
قام بعدة إنجازات منذ توليه المنصب، منها تعزيز العلاقات مع دول الجوار والإقليمية، وتوسيع البرنامج النووي الإيراني وزيادة الإنتاج النفطي. نجح أيضًا في تعزيز التعاون مع الدول الأوروبية والصين وروسيا، وذلك عبر المشاركة في الاتفاق النووي وتعزيز التبادل التجاري. وقام بتعزيز الدور الإيراني في المنطقة من خلال دعم الأنظمة الحليفة وتعزيز التواجد العسكري في بعض الدول العربية.
رؤيته وأسلوبه في القيادة تركا أثرًا واضحًا على البلاد.
دائمًا ما لا نعرف الأشخاص حقيقتهم في حياتهم، بل نكتشف ذلك بعد وفاتهم. هؤلاء الذين لا يحبون الظهور ويفضلون العمل في الخفاء، يتركون بصمات لا تُنسى. إن إنجازاتهم وأثرهم يخلدهم التاريخ بعد رحيلهم، ويصبحون أمثالًا يُحتذى بها، حيث يسعون لتحقيق أهدافهم وتغيير الواقع بصمت وتواضع. ربما لا نلاحظ جهودهم في البداية، لكن مع مرور الزمن، تتضح قيمتها وأهميتها. إن تفانيهم وإخلاصهم يظهران بعد رحيلهم، فتصبح أعمالهم رمزًا ومثالًا للأجيال القادمة.
هؤلاء الأشخاص يُثبتون أن العظمة ليست في الشهرة والظهور، بل في العمل الصامت والتفاني الحقيقي. إنهم يعلموننا أن القوة الحقيقية تكمن في الأفعال، وأن الأثر الذي يتركه الإنسان في حياته هو الذي يبقى ويتحدث عنه الزمن.”
ريما فارس