من مقدّمة رسالة الماجستير التي ناقشها أحد أبنائي: محمد ناصر فرّان في العام ٢٠١٨
” تسود مجتمعنا العربي المعاصر نظريّة تقول :” إنّ الأديب لا يستسيغ الرّياضيّات ، والرّياضيّ لا يتذوّق الأدب ” . وللأسف فإنّ البعض وخصوصًا من المثّقّفين ، يروّجون – إن عن قصد أو غير قصد – لفكرة هامشيّة الأدب و تحديدًا اللّغة العربيّة في مقابل العلوم الأخرى كالرّياضيات والطّب والفيزياء و غيرها ، يحسبون أنّ عصرنا هو عصر العلم والتّطور ، وأنّ اللّغة العربيّة أضحت من التّراث البائد . في ظل هذا الواقع نلاحظ أنّ هذه الأفكار بدأت تتجذّر عند مختلف طبقات المتعلّمين من الطّلاب والجامعيّين ومثقّفي المجتمع ، حيث نرى أنّ اللّغة العربيّة أصبحت تشكّل عبئًا عليهم حتى أنّ لغتهم العامّية محكيّة أو مكتوبة غدت مزيجًا من الحروف و الألفاظ اللّاتينيّة ، وبعد وقت ليس ببعيد قد نحتاج الى معاجم جديدة لشرح بعض الكلمات العربيّة التّي أصبحت مهدّدة بالاندثار.
لذلك ومن خلال دراستي الجامعيّة ،التّي جمعت بين اختصاصٍ أدبيّ وآخر علميّ ، ونتيجة لاطّلاعي، فقد وجدت تمازجًا وتفاعلاً واضحًا بين الأدب والعلم ، وهذا ما يثبته التّاريخ ، فأكثريّة علماء العرب ونوابغهم في العصور الذهبيّة للحضارة العربيّة كالخوارزمي وابن سينا وابن الهيثم ..، قد جمعوا بين الأدب و العلوم ، وهذا ما تؤكّده الكتب العلميّة الموروثة ، التّي وضعت بأسلوبٍ راقٍ لا ركاكة فيه ولا تعقيد ، ينمّ عن أدبٍ رفيع وإحاطة كليّة بدقائق اللّغة، هذا بالاضافة الى القصائد الشّعرية التّي نُظمت من وحي هذه العلوم …”