اقلام

الورقة الفرنسية مقترحات غير قابلة للحياة، بقلم الدكتور محمد هزيمة

الورقة الفرنسية مقترحات غير قابلة للحياة
——————-
وصل الى بيروت امس وزير خارجية فرنسا سيجوزرنية، تقاطعت زيارته مع ورقة المقترحات الفرنسية التي تأخرت اكثر من مرة، واعلن عنها قبل يومين من تسليمها الى المرجعيات اللبنانية لدراستها والبناء عليها اذا ما شكلت مخرجا ينهي التوتر بين لبنان والعدو الاسرائيلي، الذي توسع واشتد بعد عملية طوفان الاقصى، وما سبقة اعتداءات خروقات يومية لا تحصى ، انتهاك السيادية الوطنية بحرا جوا ، واراض لبنانية لا زال جيش العدو يحتلها، شكلت قضية وطنية في مزارع شبعا وقرية الغجر، تضاف اليها ستة عشرة نقطة تشكل خلاف مع كيان اسرائيل، لم يحرك فيها المجتمع الدولي ساكنا رغم مئات الشكاوي التي قدمت الى الامم المتحدة ونامت في ادراجها، وغطت في سبات الدعم الغربي ضمن الحماية الاميركية لكيان غاصب ، لم يسلم منه الوطن ارضه وشعبه، الغام قنابل فوسفورية، حتى الماشية ورعاتهم يقتلهم، ويحتجزهم احيانا كثيرة تحت مرآى قوات اليونيفل، التي تحولت شاهد زور على ما يجري لمواطنين ما خلت ايامهم من قلق غارات جوية او استطلاع، اصوات مدافع لمناورات استعراضية على وقع لحن تهديد ووعيد تعزفه حكومة العدو بلسان قادتها سياسيين وعسكريين بدعم غربي مطلق ، وتبني اميركي وقح بهدف ضمان تفوق اسرائيل ومشروعها الاستعماري منذ نشات كيانها الغاصب، وتاريخها الحافل بالجرائم ومنهم لبنان، مجازر اجتياحات حروب احنلال، لم تتركه اسرائيل الا تحت ضربات المقاومة التي اخرجت جيشها ذليلا في ايار عام الفين بعد عقود من المقاومة وتصحيات جسام ، لكنها ابقت نقاط صمن احتلالها ، لتعيد الكرة من جديد باجتياح انتهى هزيمة حرب تموز ٢٠٠٦، واعتبر تحولا استراتيجيا في توازن الرعب كرس لبنان قويا بمقاومته بعد ان بقي لعقود اسير صيغة “لبنان فوي بضعفه”، ضمن تركيبة هجينة تركها الفرنسي وامن لها الرعاية ، وكانت سبب تقويض مشروع بناء “الدولة” بعد ان لطخت تاريخ وطن الارز بعار اتفاق استسلام، سقط تحت اقدام انتفاضة السادس من شباط شكلت اولى خطوات المقاومة التي ادخلت لبنان بوابة التاريخ، معادلة قوية في الشرق الاوسط ضمنت حقوق منزوعة حمت ثراواته في اعماق البحر، معادلة توجسها الاسرائيلي اربكت الاميركي ومعهم الفرنسي الذي بدا العمل من جديد على انتاج دور له من البوابة اللبنانية بعد ان ترهلت القارة العجوز، واضمحل نفوذ فرنسا وبدا استعمارها بالتهاوي من قلب افريقيا، وتحولت الى مقاول مياوم لدى السياسة الاميركية ، مجرد ناقل رسائل وليس صانع سياسة كما عرفه الشرق، او صاحبة نفوذ سياسي جزء من الاطلسي، يضاف لدورها الكبير في لبنان وتاثيرها على مكون عريض اعتبرها الام الحنون لوطن هي صاحبة دستور الامتيازات فيه، الذي تشكلت منه الدولة العميقة في السياسة والادارة، وسيطرت على مفاصل الاقتصاد، استثمرتها فرنسا لعقود في جمهورية الامتيازات، وانتهت بصربة التاريخ ولم تعد صالحة للجغرافيا، ولا تساوي اي معادلة حسابية سوى صدى اصوات تعيش خارج زمن الواقع الذي افرزته الحرب، وحدت ساحات المقاومة لم يقراها الفرنسي بورقته وحاول فصلها عن بعضها بمحاولة سلخ الجبهة اللبنانية عن محورها فغردت جمهورية ديغول بورقة لا تساوي ثمن حبرها، بعد ان كتبت بلغة اسرائيلية تحمي الجلاد من الضحية هدغها تكربس تفوق اسرائيل، بصبغة تضمن امن مستوطني اسرائيل، بنود كتبت في تل ابيب، عجز عن تحقيقها العدو الاسرائيلي بالميدان واخفقت اميركا بضغوطها واغراءاتها من تمريرها، واليوم سقطت الورقة الفرنسية الذي يمكن وصفها “بالفخ” الذي يبدو بحسب الفرنسيين انفسهم ان اسرائيل حتى اللحظة غير ملتزمة بنودها، وهذا يميط اللثام عن وجه فرنسا الاستعماري وانحيازها المطلق لاسرائيل، والاستماتة لدور يعيد لها مكانة تفقدها كل يوم، تحاول ان تستعيدها على حساب لبنان وتضحيات المقاومة التي انتصرت بالميدان والسياسة، ولن تسمح باعادة عقارب الزمن الى الوراء، لا مقترحات فرنسية ولا املاءات اميركية او تهديد صهيوني، تحول الى رصاص خلبي في معركة تحرر الشعوب وتحرير المنطقة، فلا يمكن فصل لبنان عن اي من الجبهات التي شكل توحدها قوة رسمت معادلة ذهبية افقدت العدو الاسرائيلي كل عوامل القوة، افرغت الدعم الغربي من مضمونه، سقطت معها هيبة الكيان كما سقطت ثقة المستوطن بحكومته وجيشه واجهزته الاستخبارية حتى باعلامه، ودخلت اسرائيل ازمة وجود تقود الى تفكك، بدات معالمها تتضح من اعداد الهجرة العسكية التي تجاوزت لاول مرة منذ نشات الكيان ماية وستون الف مستوطن منذ لحظة طوفان الاقصى حتى اليوم ليثبت حقيقة مطلقة ان اسرائيل كيان مؤقت الى زوال اوهن من بيت العنكبوت.

د.محمد هزيمة
كاتب سياسي باحث استراتيجي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى