اقلام

ضوء الهداية، بقلم الاعلامية ريما فارس

*ضوء الهداية*

بهم أضاء الله الكون ليكتمل جماله، ومن وجههما سطع الضياء للعالمين. نور من الجنة ونور من الكعبة اجتمعا تحت راية النبوة فأنجبا موروث الإمامة. زواج الإمام علي (ع) والسيدة فاطمة (ع) وقع في المدينة المنورة بعد هجرة النبي محمد (ص)، وكان المجتمع الإسلامي في تلك الفترة يشهد تأسيس دولة إسلامية جديدة تحت قيادة النبي (ص)، وكان يسعى لترسيخ قيم الإسلام وتوطيد العلاقات الاجتماعية بين المسلمين.

تقدم الإمام علي (ع) لخطبة السيدة فاطمة (ع) بعد استشارة النبي محمد (ص)، ووافقت السيدة فاطمة بعد موافقة النبي (ص). وقد جرى عقد الزواج ببساطة بحضور الصحابة، وقدم الإمام علي (ع) مهراً متواضعاً يُذكر أنه كان درعاً. وتشير الروايات إلى أن حفل الزواج كان بسيطاً ومتواضعاً. أقام النبي محمد (ص) وليمة للعروسين دعا إليها الصحابة وشارك فيها العديد من المسلمين. وكان الحفل مناسبة لتعزيز روح الألفة والمحبة بينهم. ولهذا الزواج أهمية كبيرة برزت في البساطة والزهد، والتركيز على القيم الأخلاقية والروحية بدلاً من المظاهر المادية، واعتمد فيه على دور التوافق الفكري والديني بينهما.

ومن قول الله تعالى: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً” الله عز وجل أعطى مثالاً يحتذى به في التفاهم والتعاون، والتضحية، حيث فرض في الزواج المحبة والاحترام المتبادل. وقد تجلت حياة الإمام علي (ع) والسيدة فاطمة (ع) في القيم والإيثار والتكافل الاجتماعي، وكانا يدعمان بعضهما في كافة الأمور، سواء الدينية أو الدنيوية.

ويُعتقد أن الآية القرآنية في سورة النور: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ…} تشير في بعض التفاسير إلى نور هذا الزواج المبارك. وقد سمي بزواج النورين. في هذه الذكرى نستوقف أنفسنا لنرى معاني المحبة والمودة والرحمة التي أشار إليها القرآن الكريم، ونستمد منها العبر والدروس في حياتنا الزوجية والاجتماعية. زواج النورين هو رمز للوحدة والتآلف والرحمة، لشخصيات عظيمة أنارت لنا الطريق بنورها.

اليوم أتقدم بالتهاني والتبريكات في هذه المناسبة العظيمة، وأقول لبعض الأشخاص الذين تغيرت مفاهيم الزواج عندهم وأصبح المهر أمراً مرتهناً عليه العقد، ونسوا أن القيّم والأخلاق والمحبة هي التي تحفظ العلاقة، واستبدلوها في إقامة حفلات الزفاف الباهظة، لتصبح المظاهر المادية رمز التفاخر فيما بينهم، ويتحول الزواج إلى عقد تجارة، بدلاً من عقد مودة ورحمة، كما قال الرسول (ص): “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”. فالخلق والدين يولدان المحبة والرحمة وعليهما تُبنى أعمدة الزواج الناجح، فالاختيار يجب أن يرتكز على صلاح الدين وصلاح الأخلاق، فعند توفر ذلك، يقينا سيكون الزواج صالحاً ومستقراً.

ريما فارس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى