اخبار ومتفرقات

جوهر الحزن عند الموت

حتى الذين لم نكن على وئام معهم عندما يتوفاهم الله نحزن لهم،نتحسّر،نترحّم عليهم.
ليس كل الذين ماتوا كانوا خفيفي الظلّ و من اهل الخير إنما و رغم ذلك نكذب عند حضرة الموت ونقول”اللهم لا نعرف عنهم الا خيرا”رغم اننا نعرف اموراً كثيرة عن احتيالهم و عن مكرهم وعن مسؤوليتهم المباشرة وغير المباشرة عن بعض الجرائم.
لا نكذب على الرب في صلاة الميت او في الجنّاز ولا نخدعه كمخبرين إنما نحاول رشوة انفسنا كتعويض لمعاناتنا مع المرحوم لنسامحه معتبرين تمدده في النعش جامداً رجاء و اعتذارا لطيفا منه لنا.
اعتذارا افتراضيا استحال في الحياة.
و رغم ذلك نحزن لهم وفي الحقيقة نحن نحزن لاننا نجد.فجأة ان ما كنّا نختلف معهم وعليه ليس ذا قيمة أمام حدث النهاية.
أمام الغياب الحقيقي.
أمام الاختفاء غير المقصود.
أمام ترك كل الأمور في الدنيا والرحيل إلى الغيب.
لا خلاف يعلو فوق الموت .
لا نحزن على الميّت نفسه إنما نحزن على أنفسنا اننا اعرنا اهتمامات بانفعالات كبيرة لاختلافات ظنناها أبدية ومصيرية و عند الموت اتضحت لنا الامور انها كانت تافهة.
عابرة.

الا ان هناك اناس محبّين للخير وحضورهم ممتع ويموتون ايضا .
هنا الحزن يكون مضاعفاً لأنه حزن لهجرة شخص كان جزءاً من سعادتنا ومن استقرارنا النفسي ومن وقتنا الذهبيّ.
كل من يثأر لحقد مشكوك أمر إيمانه و سيموت بحقده.
صحيح ان الحزن واحد وفي كلتا الحالتين مؤلم الا ان للحزن شكلان.
في الحالة الأولى هو تأسف وحسرة وندم على خلافات مع الميت ما كانت تستحق النزاعات.
وفي الحالة الثانية هو افتقاد وخسارة لجزء من ذكرياتنا الجميلة،انكسار للانا المتهيبة للحظة قدوم.دور موتها في مسرح الحياة.
اهمّ ما في الموت اننا نموت جميعاً.
هو الحزن واحد إنما مختلف الجوهر والاتجاهات والتفرّعات.
الشامتين عند الموت اناس من شريحة الأشرار والحاقدين التعساء والذين ينقلون نزاعاتهم مع خصومهم.حتى إلى جهنّم.
عند.الموت تصبح العلاقة مباشرة بين الميت والسماء.
عند الموت تنتهي الحكايات المريرة بالضربة القاضية عند.تلقي النبأ او قبل دفن الجسد الجثة او عند العزاء او عند المواساة او حتى عند العودة إلى المنزل بعد انتهاء مراسم التشييع.
من هنا ومن تحت شجرة تين محررة في حاروف وجالسا على تنكة نيدو صدئة ومطعوجة ارسم.الحزن لوحة جميلة على التراب.
والله اعلم.
#د_احمد_عياش.

المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس رأي موقع سانا نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى