ان المتابع و المهتم بالشأن التربوي في لبنان يستطيع و بسهولة عالية جداً ان يلاحظ و يكتشف معاناة جميع القطاعات التربوية الرسمية و الخاصة، و في مختلف الميادين، العام منها و العالي.
ولما كان التعليم العالي له دلالته و مؤشراته عن الأوضاع الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية داخل البلد لارتباطه المباشر بسوق العمل و الحركة التجارية و السياسية و الاجتماعية للجمهور و بالتالي لرصد مؤشر التطور و التراجع و الركود، كان لابد لنا من طرق هذا الباب و من باب رصد اهم العناصر و المتغيرات التي تساهم الى حد كبير في تطور هذا القطاع، اي التعليم العالي. و مما لا شك فيه ان جودة التعليم والاختصاصات الجامعية هي اهم العناصر الواجب توافرها لدى الباحث أو القارئ او المتتبع لتطور التعليم العالي الرسمي، يضاف إليهما الاقساط و الرسوم الجامعية في القطاع الخاص. فالجامعة اللبنانية التي انشئت في العام ١٩٥١ كجامعة وطنية تُعنى بتخريج افراد و متعلمين يتمتعون بالمعرفة و الاختصاص و الانتماء الى الوطن، ذاك الذي يحتاج اليهم للتطور و التقدم و الازدهار.
و مما لا شك فيه ان الجامعة اللبنانية استطاعت و في احلك الظروف و أكثرها صعوبة، و خلال السبعين عاماً، ان تحافظ على جودة عالية جداً جعلتها في مصاف الجامعات العالمية و وضعتها في مواجهة شرسة مع الجامعات الخاصة ذات الصيت الذائع و التاريخ المحترم، فكان التنافس سيد الموقف.
و من باب الجودة و الاختصاصات المختلفة التصنيف، كانت و ما زالت تحرص الجامعة الوطنية و بعض الجامعات الخاصة على تحسينها و تطويرها و ربطها بالواقع و سوق العمل و التطور الرقمي الذي اجتاح مختلف ميادين الحياة، مع أفضلية للجامعة اللبنانية لا و هي الاقساط و الرسوم، فطالب الجامعة الوطنية كان و ما زال و سيبقى غير آبه بالكلفة المالية للدخول و الإنجاز في صروح الجامعة اللبنانية و ذلك بعكس الطالب في الجامعة الخاصة التي ترهق كاهله و كاهل ذويه بالأقساط المرتفعة.
و نحن على اعتاب عام جامعي جديد و مع صدور نتائج الامتحانات الرسمية الأكاديمية و المهنية و بنسب تفوّق و نجاح عالية جداً، نرى و نلاحظ العديد من الطلاب الناجحين في حيرة من امرهم مع ذويهم بخصوص الاختصاص و الكليّة و الجامعة التي سيرتادونها، الّا من رحم ربي من الطلاب الذين حددوا الهدف و المقصد و بناءاً عليه فإننا ندعم و نشجع الطلاب على ارتياد الجامعة الوطنية و كلياتها التي ما زالت تتمتع بالجودة و المستوى اللائق و العالي خصوصاً في ظل اوضاع اقتصادية و مالية صعبة جداً تؤرق الأهل و الطلاب.
و بالمقابل المطلوب من الجامعة اللبنانية الوطنية و كلياتها المختلفة دراسة واقع الحال و سوق العمل و حاجة المؤسسات على اختلاف مسمياتها، حتى لا تكون ممن يخرجون عاطلين عن العمل خصوصاً ان المتوقع هذا العام ان يكون عدد الطلاب في الجامعة اللبنانية ما يفوق السبعين الف طالب.