الدور الأمريكي في عمليات الاغتيال والتصعيد الإقليمي
د اكرم شمص
تشهد منطقة الشرق الأوسط توترات متزايدة نتيجة سلسلة من عمليات الاغتيال التي طالت قيادات بارزة في المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية. خرق العدو الإسرائيلي قواعد اللعبة المعتمدة من 7 أكتوبر، بضربه للضاحية الجنوبية في عملية اغتيال القائد العسكري الكبير في حزب الله، السيد فؤاد شكر (السيد محسن)، وتخطى الخطوط الحمر بضربه في إيران رئيس المكتب السياسي في حركة حماس، إسماعيل هنية. إلى جانب ذلك، شنت القوات الأمريكية هجمات على مقرات تابعة للحشد الشعبي في العراق وقصفت مناطق في اليمن، آخرها قصف الحديدة من قبل العدو الإسرائيلي. تلعب الولايات المتحدة دورًا محوريًا في هذه العمليات، مما يزيد من احتمال تصاعد التوترات إلى حرب إقليمية شاملة. سنقوم في هذا التحليل بمناقشة الدور الأمريكي في هذه العمليات، وذلك بعد المعلومات التي اوردها مستشار الامن القومي الامريكي عن قرب امتلاك الجمهورية الاسلامية الايرانية القدرة النووية وتحليل الأهداف وراء هذه التصعيدات، وربطها بزيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى استعراض سيناريوهات الرد المحتملة من قبل المقاومة في لبنان، فلسطين، العراق، اليمن، وإيران.
الدور الأمريكي في عمليات الاغتيال
1- اغتيال فؤاد شكر: فؤاد شكر، القائد العسكري البارز في حزب الله، استهدف بالأمس في غارة جوية إسرائيلية على بيروت. تلقت إسرائيل دعمًا تقنيًا واستخباراتيًا من الولايات المتحدة لتنفيذ هذه العملية. اغتيال شكر كان يهدف إلى توجيه رسالة قوية لحزب الله وإيران بأن إسرائيل مستعدة لاستخدام القوة العسكرية ضد أي تهديدات مباشرة.
2- اغتيال إسماعيل هنية: استشهد صباح اليوم إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في غارة جوية إسرائيلية في طهران. تمت هذه العملية بدعم لوجستي واستخباراتي من الولايات المتحدة، مما يعكس مدى التنسيق الوثيق بين إسرائيل والولايات المتحدة في مواجهة قيادات المقاومة الفلسطينية.
3- استهداف الحشد الشعبي في العراق: استهدفت غارات جوية أمريكية بالأمس مقرات للحشد الشعبي في منطقة جرف النصر في محافظة بابل، مما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى. الهدف من هذه الهجمات هو تقويض نفوذ الفصائل المدعومة من إيران في العراق وتعطيل عملياتها.
4- قصف الحديدة في اليمن: نفذت إسرائيل في 20 يوليو 2024 غارات جوية على مواقع في الحديدة تابعة للحوثيين، ردًا على ضرب تل أبيب في 19/7/2024 بطائرة مسيرة. تعتبر إسرائيل أن هذه العملية تهدف إلى تأمين المصالح الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة وحماية أمن إسرائيل والملاحة الدولية.
تحليل الهدف من الصاروخ على ملعب الأطفال في عين شمس
أدى الصاروخ الذي أطلق في 28/7/2024 على ملعب الأطفال في عين شمس إلى مقتل 12 طفلاً، مما أثار ردود فعل غاضبة على الصعيد الدولي. تشير التحليلات إلى أن الهدف من هذا الصاروخ كان خلق ذريعة لإسرائيل لتصعيد عسكري ضد حزب الله، خاصة أنه أتى خلال زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية. يعتبر هذا الحادث جزءًا من استراتيجية إسرائيلية لاستفزاز المقاومة اللبنانية وجرها إلى مواجهة أوسع.
زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة وتوريطها في حرب إقليمية
زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة في يوليو 2024 ولقاءاته مع الرئيس جو بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس، بالإضافة إلى اجتماعه مع الرئيس السابق دونالد ترامب، تهدف إلى تحقيق عدة أهداف:
1- تعزيز الدعم الأمريكي لإسرائيل: يسعى نتنياهو إلى تأكيد الدعم الأمريكي القوي لإسرائيل في مواجهة التهديدات الإقليمية، ويأتي ذلك في وقت يحتاج الحزبين الديمقراطي والجمهوري إلى تأييد اللوبي الصهيوني في الانتخابات الرئاسية القادمة.
2- توريط الولايات المتحدة في حرب إقليمية: يحاول نتنياهو جر الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع إيران وحلفائها في المنطقة من خلال تصعيد التوترات واستفزاز محور المقاومة وإيهام أمريكا بأن إسرائيل ستقتل من تلوثت يده بدم المارينز الأمريكيين في بيروت. هذا التصعيد يخدم أهداف نتنياهو الداخلية في تثبيت حكومته وتعزيز موقفه السياسي.
سيناريوهات الرد من المقاومة
1- حزب الله في لبنان: من المتوقع أن يقوم حزب الله بشن هجمات صاروخية مكثفة على شمال إسرائيل، وتطبيق معادلة أمينه العام السيد حسن نصرالله “الضاحية مقابل تل أبيب”، واستهداف مواقع عسكرية واستراتيجية إسرائيلية. يمكن أن يشمل هذا التصعيد عمليات نوعية مثل هجمات بالطائرات المسيرة أو الكوماندوز البري والبحري.
2- حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين: من المتوقع أن تقوم حماس والجهاد الإسلامي بشن هجمات صاروخية على المدن الإسرائيلية، وتصعيد العمليات العسكرية في قطاع غزة والضفة الغربية. يمكن أن تشمل هذه العمليات اختراقات نوعية واستخدام تكتيكات جديدة لإلحاق أكبر قدر من الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي.
3- الحشد الشعبي في العراق: ستقوم فصائل الحشد الشعبي بشن هجمات على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، واستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية لاستهداف المصالح الأمريكية في المنطقة، وكذلك ضرب أم الرشراش في فلسطين المحتلة. تهدف هذه العمليات إلى الرد على الاستهداف المباشر لمقاتلي الحشد الشعبي وتقويض الوجود الأمريكي في العراق.
4- الحوثيون في اليمن: من المتوقع أن يقوم الحوثيون بشن هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر واستهداف القواعد والبوارج الأمريكية والبريطانية بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة. قد يعاود الحوثيون إرسال طائرات مسيرة إلى تل أبيب.
5- الجمهورية الاسلامية الايرانية: موقف إيران الأصعب، حيث استشهد إسماعيل هنية على أراضيها، مما يُعتبر اعتداءً على السيادة الوطنية الإيرانية. من المتوقع أن ترد إيران بعمليات نوعية ضد إسرائيل، كما فعلت في الهجوم المباشر على إسرائيل في 13/4/2024، باستخدام المسيرات والصواريخ رداً على هجوم صاروخي إسرائيلي على قنصليتها في دمشق.
الخلاصة
لقد حذر مستشار الأمن القومي الأمريكي سوليفان مؤخراً من أن إيران على وشك الحصول على القدرة النووية، مشيراً إلى أنها تحتاج أسبوعين فقط لتحقيق ذلك. بالتنسيق مع الولايات المتحدة، يهدد الكيان الإسرائيلي بتدمير حزب الله والبنية التحتية اللبنانية إذا استمرت الحكومة اللبنانية بدعم المقاومة. هذا دفع المحور إلى التحذير بأن أي هجوم على لبنان سيواجه برد جماعي من بيروت إلى طهران. التهديد بحرب إقليمية كبرى يهدف لردع إسرائيل، ولكن يبدو أن الولايات المتحدة وإسرائيل تهدفان لاستدراج إيران لمواجهة مباشرة. في الوقت نفسه، تتجهز القوات الأمريكية وقواعدها في المنطقة لعمليات جوية. بعد تهديدات حزب الله وإيران، شنت إسرائيل ضربات في لبنان والعراق واليمن، واغتالت إسماعيل هنية في طهران. التحضيرات جارية لضربة جوية واسعة النطاق، حيث ستشارك أمريكا والناتو في قصف المفاعلات النووية الإيرانية. هذا التحرك يعتبر جزءاً من استراتيجية أوسع لشل نفوذ إيران الإقليمي.
وهذا ما يشير الى الدور الأمريكي في عمليات الاغتيال الأخيرة ويعكس استراتيجية مشتركة مع إسرائيل لتقويض نفوذ المقاومة في المنطقة وإثارة تصعيد عسكري قد يؤدي إلى حرب إقليمية شاملة. وبذلك تكون زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة حققت بعض من اهدافها بإنتظار التنفيذ . وهكذا يكوننتنياهو قد جر الولايات المتحدة إلى مقصلة الشرق الأوسط.
